كتبت في نوفمبر 2009 مقال يحمل هذا الاسم ، و ها أنا أعيد كتابته الآن لتشابه الإرادة السياسية في استخدام الالتراس لدفع الأحداث لما يخدم مصالحهم العليا مع بعض الاختلافات ، في عام 2009 كان الهدف تغييب وتزييف وعي الشعبين عن المشاكل الحقيقية التي يمران بها وتدشين إرادة الشعوب العربية في غير مسارها الصحيح ،و اليوم وبنفس المنهج الذي ينتمي لنفس النظام يتكرر المشهد ، لكن هذه المره الجريمة واضحة بعد أن تكررت بنفس تفاصيلها، ليس تقصيراً أمنياً كما يزعم البعض ، ليس تخاذلاً في الإرادة السياسية ، بل هو تواطؤاً مع فلول النظام السابق ( مجلس تخريب الثورة ) الكائن في سجن طره والذي يحميه بقاء المشير طنطاوي الذي راهن عليهم فيما أهدر دم الجموع . ولقراءة أكثر عمقاً للمشهد بعيداً عن العواطف الجياشة والدماء النازفة في قلوب كل المصريين الآن وأنا منهم . 1-لماذا أقيمت هذه المباراة في توقيت أصغر أفراد أمن الشرطة استشعروا فيه بالخطر ؟! 2-والتحذيرات كانت مباشرة وواضحة قبل المباراة بأنها يكتنفها القلق والريبة منذ كتب الشباب على موقع فيسبوك ( المسافرون لبورسعيد يحملون أكفانهم ) فيما لا يمكن بعد ثورة يناير أن نغفل دور مواقع التواصل الاجتماعي كأداة من أدوات جس النبض لدى رجال الأمن . 3- حتى يوم الثلاثاء اليوم السابق للمباراة والذي تم فيه سرقة دفتر تذاكر بعدد 500 تذكرة سرقة بالإكراه باستخدام الأسلحة البيضاء ووصل أنباء ما حدث لأفراد الشرطة ومدير الأمن بالتبعية في بورسعيد . 4- تجمع عدد كبير من البلطجية في الأيام التي سبقت المباراة في مدينة صغيرة كبورسعيد يسهل كشف البلطجية فيها . كل هذه المؤشرات لم تكن بمثابة ناقوس خطرللواء عصام سمك مدير أمن بورسعيد السابق بأن يعتذر عن إقامة المباراة ، بل في هذه النقطة تحديداً أقول إن اختيار محافظة بورسعيد لهذا الحدث اختياراً مقصوداً بعد أن سبقه اختيار مدير أمن لا يستطيع الدفاع عن نفسه في محادثة هاتفية ، ويبدو بما لا يقبل الشك أنه كبش فداء لرأس أكبر ولم يكن أصلح من الأساس لإدارة تأمين مباراة ولا محافظة ، و الإطاحة به أو بوزارة الجنزوري كاملة لن يكون إلا رهاناً خاسراً ، لأن القاعدة تقول أن حدث كهذا في أي دولة كفيل بمثل هذا القرار، لكن في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها مصر فالوضع لا يحتمل تغيير وزارة تقوم بمهامها في ظل هذه الظروف الصعبة ، ما نحن في حاجة حقيقة له هو الوقوف على الحقيقة المجردة ، كل هؤلاء عرائس ماريونيت تحركها إرادة سياسية تشرع في قتل و سحل الثوار ليكونوا هدف الثورة المرتدة بلغة كرة القدم و التي تزعمها رأس النظام القرار الاستثنائي الذي نحتاجه الآن الإبقاء على الوزارة و الإطاحة برأس النظام . - نأتي ليوم المباراة دخول بلطجية مسلحون قبل موعد بدء المباراة بخمسة دقائق فيما اعتدنا أن لايدخل أحد ولا يخرج من المدرجات قبل بدء المباراة بنصف ساعة علامة استفهام جديدة؟! - وقت نزول اللاعبون أرض الملعب .. بدء إشعال الشماريخ بشكل مستفز ومنفر . - ثم تسير المباراة بكل قلقها ولم يلتفت الحكم لأن هناك حالة استنفار في المدرجات في الجهة الغربية تحتاج لصافرة لإنهاءها . تبدأ الطامة الكبرى بعد انتهاء المباراة التي لم يكن بها أي خلل كروي يدعو للشغب كانحياز الحكم لطرف على حساب الآخر ، أو شغب بين اللاعبين، أو تجاوز متعمد من الفريقين ، وصولاً لنهاية لاتثير أي حنق تعادل سلبي. وهذا ينفي فكرة أن ماحدث حماسة من مشجعين أو غيره. إغلاق باب مدرجات الخروج وترك أفراد الأمن مساحة شاغرة للبلطجية للعبور من مدرجات الجهة الغربية والتي تمركز فيها البلطجية للجهة الشرقية وبها التراس الأهلي ، لم يكن تقصيراً أمنياً ولا عنصر مفاجأة فقط ، بل كان تواطؤاً مقصوداً أسفر عن استشهاد 76 شهيداً و جرح1000 مصاب . من حاولوا الهروب عبر باب الخروج المغلق سقط عليهم الباب بقوة اندفاع الأعداد الغفيرة ومن صعد إليهم البلطجية في المدرجات أسقطوهم من أعلى و من نجى بالقفز من السور استقبلهم بعض البلطجية وأزهقوا أرواحهم بعنف بكوفيات كانت موضوعة على رقابهم . و أكرر السؤال هل يمكن أن يكون هذا سلوك مشجعين متعصبين ؟، كما خرجت تصريحات اللواء عصام سمك فيما اعتبره تصريح فاق حد الغباء السياسي بمراحل ، بل إن ما حدث أمراً خارجاً عن كونه غياب أمني مدفوع بغياب الإرادة السياسية في تأمين المباراة ويصل لحد الشروع في قتل وسفك دماء الأبرياء ؟! وهل تصريح المشير طنطاوي بأنه يجب على الشعب أن يستنفر ليحمي نفسه من صورته المشينة التي لوثها بيديه اعتبره كتصريحات مبارك السابقة ، أم إنه تعدى هذا بمراحل؟! ، الحقيقة أن الشعب المصري سيادة المشير سيستنفر كل قوته وجموعه ليسقط بقايا نظام المخلوع الذي مازلت مصراً على حمايته بسقوطك و سقوط كل من دنس الثورة البيضاء ، لنظهر لأنفسنا قبل أن نظهر للعالم أجمع من المسئول عن مرور عام على بداية إندلاع الثورة لتصل مصر لوضع أمني و اقتصادي أسوء عشر مرات مما كانت عليه أيام المخلوع ، من يريد أن يشوه صورة المصري الذي استنفر لكرامته في الخامس و العشرين من يناير ليطلب حقه في عيش كريم ولم يكترث لدمائه التي أزهقت وأعراضه التي انتهكت ، سنخرج لنسقط من التف على ثورة شعب ليحمي الظالمين والمفسدين ، من قدم محاكمات وهمية ليحمي نفسه من محاكمة حقيقية . لم تعد الشعوب العربية تلك العرائس التي لعب بها حكامها لسنوات طويلة حتى تكرر نفس اللعبة مرتان، الأولى في استاد القاهرة، و الثانية والكارثية في استاد بورسعيد ، هذه المرة من الصعب أن تلفق التهم كما فعلت مراراً بثوارنا الأحرار ، بأن كل من بات في التحرير مشاغب ويمنح الفرصة للبلطجة للتخريب ، بل أنت من امتلكت إرادة حقيقيةفي تأمين انتخابات مجلس الشعب اقادر على تأمين وعلى تخريب التجمعات وفق ما يتفق مع مصالحك العليا ، لعبة الطرف الثالث سقطت والتفرقة بين أفراد الشعب و المحتلون في التحرير لم تعد بمجدية ، من ماتوا لم يكونوا ثواراً ألقوا بأيديهم إلى التهلكة ، من ماتوا عزل ذهبوا في حماية ذئب لم يراعي حرمة الدم لأبناء شعب واحد ، ما أخرج الناس في 25 يناير هو نفسه ما أخرجهم اليوم ومن أسقط الطاغية حسني مبارك سيسقط كل طاغية سولت له نفسه العبث بمقدرات هذا الشعب وأمنه ، قضي الأمر سيدي المشير و أنتم من تكتبون في كل مرة لهذا الشعب بإيديكم شهادة وفاة، فتنقلب عليكم شهادة ميلاد لربيع لن تستطيعون محوه ، الحكام زائلون و الشعوب باقية علكم تفهمون ! إيمان الشافعي كاتبة و صحافية حرة