يعتبر الكيان الصهيوني من أكثر الكيانات السيِّاسية التي تعطي أهمية بالغة، وقصوى لمناهج التعليم الديني، وتهتم بتدريسها للنشء وفي سنين أعمارهم الأولى، وذلك لما له من قدرة كبيرة في التأثير على شخصية الطفل اليهودي، الذي سرعان ما يتحول مع مرور الوقت إلى شخص متزمت وكاره للآخرين، ومتعصب للمنظومة التوراتية اليهودية، وللمفاهيم القومية لهذا الكيان المجرم. فالمواد الدينية تعتبر من المواد الرئيسية في المناهج التعليمية الرسمية لإسرائيل، بل ولها معاملات مرتفعة بالمقارنة مع بقية المواد التعليمية، وحتى في رزنا مت التدريس فعلى الطالب اليهودي أن يدرس على الأقل 7 ساعات أسبوعياً، مواد تخص تاريخ الدين اليهودي، والشعائر والطقوس والعبادات. المرتبطة به.. الخ، ويحرس المدرسون داخل هذا الكيان الاستيطاني على تلقين الطلاب مبادئ وتعاليم التلمود، وكل ما يختص بالعقيدة اليهودية والحركة الصهيونية، التي تعتبر من صميم الفكر الديني التوراتي عند الكثير من النخب السيِّاسية والدينية والتعليمية الصهيونية، وهناك فرق دينية يهودية وخاصة تلك المرتبطة بأحزاب يمينية متطرفة، كحركة شاس، أو حزب المفدال، أو إسرائيل بيتنا أو غيرها، تقوم باختيار الطلاب النجباء وتدريسهم على نفقتها، حتى يكونوا في المستقبل قيادات سياسية ذات خلفية دينية متعصبة للأساطير والتعاليم التوراتية، وبالتالي فهم يرفضون أيَّ حل سلمي فضلاً عن إيمانهم بجدوى المفاوضات السيِّاسية، والشيء المتفق عليه في المنظومة التعليمية اليهودية بأن المدارس في فلسطينالمحتلة، سواء كانت تابعة للدولة. والتي يطلق عليها مدارس مملختي، أو مدارس دينية توراتية والتي تسمى مملختي داتي، بالإضافة إلى المدارس المستقلة حريديم، يجب عليها أن تجعل من تدريس التاريخ وأصول التوراة والثقافة الدينية للمجتمع، جزء رئيسياً من مناهجها، ولا يسمح لطلاب فيها حتىَّ وإن كانوا من المتفوقين في المواد الأربعة الرئيسية من أصل خمسة، وهي اللغة العبرية، والانجليزية، والرياضيات والتاريخ، الحصول على القبول في امتحان شهادة البجروت، والذي يعطيهم الحق في اجتياز امتحانات التعليم الثانوي النهائية ودخول امتحانات دورات نيل شهادة البكالوريا المختلفة، إلاَّ بعد أخذ العلامة الكاملة أو علامة مرتفعة على الأقل، في امتحانات مادة التوراة. التعليم الديني الذي يحض في معظمه على الكراهية ويحرص على غرس قيم مزيفة وتاريخ مفبرك في عقول ما يعرف بشبيبة إسرائيل، وهناك جامعات كبرى في الكيان المحتل، كجامعات القدس، أو ريشون ليتسيون أو أسدود أو عسقلان أو غيرها، تحرص على اختيار الطلاب الذين أثبتوا بأنهم متمسكين بالعقيدة اليهودية التوراتية، وحصلوا على معدلات عالية جداً في امتحانات شهادة البكالوريا فيها، لكي يكونوا من طلابها، فالتعليم الديني في فلسطين المحتل قد يمتد إلى وحدات الجيش الصهيوني. إذ يسمح للطلاب اليهود بإكمال دراستهم في إطار برنامج أتودا، ويقوم جيش الاحتلال، بدفع رسوم وتكاليف الدراسية لهؤلاء المجندين، أو تخفيض رسومها بالتنسيق مع الجامعات الصهيونية، مقابل التزامهم بتمديد عقدهم معه إلى فترة سنتين أو ثلاث سنوات، ويحبذ قيادات الجيش وخاصة المتدينين منهم، دعم الطلاب المتدينين أو الذين لهم إلمام بمناهج التوراة وعقائدها وتفاسيرها المختلفة. وبالرغم من كل ما تحمله كتب ومناهج التدريس الديني الإسرائيلي من حقد على العرب وإقصائها للأخر، المختلف هواياتياً أو ثقافياً أو عقائدياً أو طائفياً، ولكن هذه السيِّاسة التعليمية الإسرائيلية تحظى بدعم تام ومباركة من طرف كل الاتحادات والنقابات العمالية، أو الأحزاب اليمينية ومختلف جمعيات المجتمع المدني، وحتى المنظمات الدولية التي تغض الطرف عنها، وعن ما تحمله من تطرف أثني وعرقي وديني، وحتى الولاياتالمتحدةالأمريكية تبارك مناهج التعليم الديني الصهيوني، من خلال برامج تبادل الطلاب بين واشنطن، وتل أبيب، فيما سعت ولا تزال إلى التدخل في المناهج التعليمية العربية وتغيرها بدعوى أنها تحض على التطرف والإرهاب، وتحاول جاهدة نزع الهوية الإسلامية عنها، من خلال جعل المواد الدينية غير مهمة أو أساسية في تكوين الطالب في العالم العربي، ونزع آيات الجهاد، أو غيرها من الآيات والأحاديث النبوية التي ترى بأن الصهاينة أو من يحتلون أراضينا عبارة عن أعداء ومحتلين وجب قتالهم وطردهم منها بالقوة، تمهيداً لخلق أجيال تائهة ومنسلخة تماماً عن تاريخها ودينها وعقيدتها، لفرض الكيان الصهيوني عليهم بالقوة مستقبلًا ما دام أن كل ما درًّس لهم من مناهج تعليمية إسلامية دينية لهم لا يناقض وجوده أو يلغيه. عميرة أيسر-كاتب جزائري