السيدة زينب حفيدة خير خلق الله .. ابنة الإمام علي أحب الخلق إلى الله .. وأمها فاطمة سيدة نساء أهل الجنة .. وأخويها سيدا شباب أهل الجنة .. ولدت عليها السلام بالمدينةالمنورة فى شهر شعبان من السنة الخامسة للهجرة الموافقة 626ميلادية .. وفي ولادتها هبط جبريل الأمين يقرؤه صلى الله عليه وعلى آله وسلم السلام من الله تعالى ويقول له كما روى إمام حديث أهل السنة والجماعة الإمام أحمد : سم هذه المولودة زينب .. ثم أخبره بما سيجرى عليها من الخطوب الجسام .. فبكى صلى الله عليه وسلم وقال : ( من بكى على مصاب هذه كان كمن بكى على أخويها الحسن والحسين ) .. مصائبها كانت جلل .. وخطوبها جائت جسام .. وفاة رسول الله أول المصائب والأحزان التى عاشتها في سن الخامسة .. لتتذوق بعدها بستة أشهرألم فراق أمها الحبيبة فاطمة سيدة نساء العالمين .. لتتربى في كنف أحب الخلق إلى الله علي عليه السلام .. تتنقل بأحزانها وبأشجانها وسط أيام حروبه في سبيل الله .. من حروب الردة إلى حروبه عليه السلام على تأويل كتاب الله في حربه الناكثين بموقعة الجمل .. إلى حربه القاسطين في صفين .. إلى حربه المارقين الخوارج في النهروان .. تعيش فزع الحرب بين توترات وبين خوف على أبيها وأخويها وأحبابها .. حتى كانت ضربات السيف على صدغيه ليسيلا دما خضبت به لحيته الشريفة ليقتل في ذلك عليه السلام .. فتعانقها مواجع جديدة .. ثم تحتويها شجون وفاة أخيها الحسن عليه السلام بعد أربعين يوما ظلت تعاين فيها تقيئه كبده الشريف بالدماء من أثر السم .. لترحل في سبيل الله مع أخيها الحسين عليه السلام بين ولديها وسط سبعة عشر من أبناء النبي إلى كربلاء .. لتبقى بينهم أياما في عطش منعت فيها المياه وسط حصار قليل من الصحابة وكثير من التابعين بدأ بأربعة آلاف وانتهى بأربعين ألفا .. لترى ابناها محمد وعون يقتلا أمام عينيها مع سبعة عشر من أبناء سيدة نساء المؤمنين فاطمة عليها السلام تنظرهم يلقون الشهادة بظمأهم واحدا تلو الآخر.. لتشاهد بفجعها ذبح أخيها الإمام الحسين .. فتلملم الدماء الذكية وترفع بصرها إلى السماء تقول: ( اللهم تقبل منا هذا القليل من القربان ) .. لينهبهم الجمع فيميلوا على خيلهم وإبلهم وينتزعوا حليهم ومتاعهم .. ويجردوا السيدة زينب وبنات رسول الله من ملابسهن انتزاعا.. حتى كانت الواحدة منهن تستميت في التمسك بثوبها وهو مخضب بالدماء قبل أن يذهب منها .. أو كما قال الطبري وابن الأثير: ( فإن كانت المراة لتنازع ثوبها عن ظهرها حتى تغلب عليه فيذهب به منها ) .. ينازعن أثوابهن وجسد الحسين يمثل به أمامهن ورأسه الشريف مرفوعة على الرماح كما ذكر الطبراني عن الشعبي: ( رأس الحسين رضي الله عنه أول رأس حمل في الإسلام ) .. لتصرخ متفجعة في هذا المشهد الدامي تنادي على رسول الله كما ذكر الطبري وابن الأثير: صرخت متفجعة تنادى على جدها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى تقول : ( يا محمداه .. يا محمداه .. صلى الله عليك وملائكة السماء هذا الحسين بالعراء مزمل بالدماء مقطع الاعضاء ... يا محمداه .. وبناتك سبايا .. وذريتك مقتلة .. تسفى عليها الصبا ) لينتقم هؤلاء الصحابة والتابعين من سيدتنا زينب وبنات رسول الله ويأخذوهن أسرى مقيدين بالسلاسل ينتقلوا بأجسادهن الشريفة مكشوفة دون ستر تتفحصهن أعين الناس من كربلاء إلى الكوفة ثم إلى دمشق ويدخلوهن هكذا مجردين على مجلس يزيد ابن معاوية ابن أبوسفيان كما في تاريخ الطبري وأيضا في الكامل لابن الأثير: ( دخل بهم زحر بن قيس وهو يقول ... فهاتيك أجسادهم مجردة .. وثيابهم مرملة .. وخدودهم معفرة ) ومن بعد هذه الخطوب الجسام تعود السيدة زينب مع بنات رسول الله إلى المدينةالمنورة .. لتعيش عليها السلام نكبة جديدة أتى بها أمر يزيد ابن معاوية ابن أبوسفيان إلى واليه بطرد السيدة زينب وبتشريد البقية الباقية من آل بيت رسول الله في الأقطار والأمصار .. لتتحقق بذلك نبوءة رسول الله التى أخرجها الحاكم والبيهقي وغيرهم كما بسنن ابن ماجة في قوله الشريف: ( إن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريدا وتطريدا ) .. ليتم في هذا البلاء العظيم تشريد آل البيت وتفرقتهم في الأمصار بين بقاع الأرض من بعد طردهم من المدينةالمنورة .. لتختار السيدة زينب مصر مقرا لها .. فيسألها عمرو بن سعيد والى المدينةالمنورة لماذا اخترت مصر ؟ فأجابته عليها السلام: ( لأكون وأنا فى برزخى بعد سنين ستمضى فى شرف استقبال رأس الحسين الذى سودتم تاريخكم بدمه الطاهر البريء ) .. وكان دخولها مصر فى أول شعبان سنة 61 هجرية ومعها بنات الحسين فاطمة وسكينة مع علي زين العابدين عليهم السلام .. وبالفرح والأناشيد استقبلها حشد غفير من أهل مصر في مدينة بلبيس وفيهم والى مصر مسلمة بن مخلد ومعهم رقية بنت عقبة بن نافع الفهري رضي الله عنها والتي قالت: ( كنت فيمن استقبل زينب بنت علي لما قدمت مصر بعد المصيبة ... ) .. ليظل أهل مصر على احتفالاتهم أياما في شرف قدومها .. لتدعو السيدة زينب لأهل مصر قائلة : ( يا أهل مصر: نصرتمونا نصركم الله .. وآويتمونا آواكم الله .. وأعنتمونا أعانكم الله .. جعل الله لكم من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا ) .. فتقيم عليها السلام بمصر مدة أحد عشر شهرا ونحو عشرة أيام وتدفن بها كما قالت هند بنت أبى رافع رضي الله عنها: ( توفيت زينب بنت علي عشية يوم الأحد لخمسة عشر يوماً مضت من رجب سنة 62 من الهجرة ، وشهدت جنازتها ودفنت بمخدعها بدار مسلمة المستجدة بالحمراء القصوى ، حيث بساتين عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهر ) .. وإلى ربنا نتوسل بدعاء سيدتنا زينب .. اللهم اجعل لأهل مصر من كل ضيق مخرجا .. ومن كل هم فرجا .. باحث إسلامي علاء أبوحقه ..