بسم الله الرحمن الرحيم. تكلمنا في (كيف نفهم القرآن-4) عن الكثير من المقدمات الفاسدة إجمالاً.ثم عن المنطق ،التعريف الصحيح للمنطق.سنكمل في مقالة لاحقة الكلام عن المنطق،المقدمة، النتيجة، لماذا لم يُفهم القرآن بالمنطق الإرسطي، ما هو منطق القرآن؟.في هذه المقالة والمقالة التالية سنتكلم عن الناسخ والمنسوخ. قد يقول قائل ..علاقة غير المنسوخ بالمنسوخ هو أن غير المنسوخ ينسخ المنسوخ فَ الآية غير المنسوخة تنسخ المنسوخة ..هذه هي العلاقة !!! .أقول ألم أقل لك أن هناك خلل منطقي ، خلل في ميزان اللغة . أنا لا أقول ما علاقة الآية الناسخة الناسخة الناسخة بالآية المنسوخة..و إنما أقول ما علاقة الآية غير المنسوخة ، غير المنسوخة ،غير المنسوخة ، بالآية المنسوخة . وفق مفهومك الآية الناسخة تنسخ تلغي تبطل المنسوخة ، فماذا عن باقي الآيات (غير المنسوخة) . الآيات محل النسخ في حكمٍ ما تكون على أقل تقدير آيتين ،طبعاً هذا وفق مفهوم المنتسخ، وربما تكون ثلاث أو أربع آيات كما في تحريم الخمر بالتدريج ،آية سورة البقرة-218-ثم آية سورة النساء-43- ثم آية سورة المائدة-90-،طبعاً هذا وفق مفهوم المنتسخة .آيتين متعلقتين ببعضهما البعض أو ثلاث آيات متعلقات ببعضهم البعض فماذا عن بقية الآيات غير الداخلة في تلك المسألة .هل تنقطع العلاقة بين 6233 آية لا علاقة لها بحكم تحريم الخمر بالثلاث آيات التي هي محل حكم تحريم الخمر ؟!!! . وفق مفهوم المنتسخة ، بضع كلمات تقال في معرِض الحديث عن تحريم الخمر و يتم عرض الآيات الثلاث ،و ربما تم عرض آية النحل-67- أيضاً ، ثم ماذا؟ ثم...كفى الله المؤمنين القتال و كان الله قوياً عزيزاً .أي بمنتهى البساطة انتهت علاقة الآيات الثلاث بباقي القرآن ، عزلنا 4 آيات عن 6232 آية ، وكفى الله المؤمنين القتال و كان الله قوياً عزيزاً .يقول قائل كيف هذا ؟ إن كتب التفسير تكون ملآى بالكلام المتعلق بتفسير الآيات الأربع ،بل ربما وجدنا في تفسير آية واحدة من هذه الثلاث صفحتين أو ثلاثة أو حتى أربعة..أقول كل ما يقولونه لا يعني شيئاً ،خلاصة كلامهم أن هذه الآيات متعلقة بتحريم الخمر ، وهي تدل على أنه كان هناك تدرج في تحريم الخمر وربما زادوا أنه كان هناك تحليل للخمر في بادئ الأمر في آية النحل-67- ثم ماذا؟ ثم انقطعت علاقة 6232 آية ب 4 آيات (كما أنزلنا على المقتسمين الذين جعلوا القرآن عضين) وهكذا نعزل 200أو 300 أو 500 آية في ثنائيات و ثلاثيات معزولة عن باقي القرآن. هل أنا بذلك أدعوا إلى الإكثار من الكلام في آيات القرآن ؟ هل أدعوا إلى ملء التفسير بالكلام و الحشو ؟ ...أقول...إذاً أنت لم تفهم حرفاً مما أقول مع أن كلامي واضح وضوح الشمس . أقول ...الإطناب في موطن الإطناب و الإيجاز في موطن الإيجاز..كل آية يجب أن توزن بميزان الذهب ، بل كل كلمة بل كل حرف..و القرآن كله وحدة واحدة...كل الآيات متعلقة ببعضها البعض.. بالنسبة للناسخ و المنسوخ أيضاً ...لماذا لم يأت التدرج في التشريع في آية واحدة ؟ بأن يقول هذا الأمر الفلاني ستتم إباحته لمدة كذا سنة ثم يحَرَّم..و هكذا .. خاصة و أن الوحي القرآني كتب في مدة زمنية وجيزة من عمر الزمان و هي 23 سنة وفق ما أخبرونا به..و ليس كالكتاب المقدس كتب على مدار مآت السنين ما بين عهد قديم و عهد جديد، و العهد القديم ما بين توراة و أسفار شعرية و أسفار الأنبياء (كبار و صغار) فلو قيل بالنسخ في الكتاب المقدس لكان مقبولاً و مبرّراً.أما في القرآن فهو يتنافى مع طبيعة القرآن و ليس له ما يبرره . آيات تحريم الخمر : في بادئ الأمر كانت الخمر مباحة وفق كلام المنتسخة لكن كان هناك شبه تلميح إلى أنها شئ منكر ..هذا وفق كلامهم..كما في سورة النحل المكية-آية-67- التي تقول :( وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)-النحل-67-. فوفق كلامهم العطف يقتضي التغاير ،أي أنه وفق كلامهم السَّكَر غير الرزق الحسن لأن العطف يقتضي التغاير ،و بالتالي غير الرزق الحسن تعني غير رزق حسن بدون أل التعريف ..أي السَّكَر ليس برزق حسن.أقول ربما كان هذا المفهوم صحيحاً،لكن في منطق القرآن، وكما سنبين لاحقاً،العطف بالواو قد يقتضي التغاير وقد لا يقتضيه،أي قد يكون المعطوف هو هو المعطوف عليه...يعني إيه ؟يعني ماذا تقول في قول الله تعالى ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم و تزكيهم بها) التوبة-103-هل العطف هنا يقتضي التغاير؟!! ماذا تقول في قول الله تعالى (فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى ) طه-135- هل هنا العطف يقتضي التغاير ؟!! يعني الطهارة غير الزكاة ، و أصحاب الصراط السوي غير الذين اهتدوا؟!!. الآية الثانية : (يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) البقرة-218- هذه الآية جزءها الأول منسوخ ، إلى كلمة (نفعهما) وجزءها الثاني غير منسوخ ، طبعاً وفق كلامهم ، فما علاقة الجزء الأول من الآية بالثاني.....وفق كلامهم..لا علاقة!!!! (كما أنزلنا على المقتسمين الذين جعلوا القرآن عِضِين) . الآية الثالثة : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا) النساء-43-... الآية الرابعة : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) المائدة-90- هذه الآيات الأربع هي ما يأتي في معرض الحديث عن الخمر و تحريمها و التدرج في تحريمها ، ولا يدرون ما يقولون بشأن الآية الأولى آية سورة النحل. هل ينسخ جزءُ آيةٍ آيةً ؟ أو هل تنسخ آيةٌ جزءَ آيةٍ ؟!!! أفتونا أفادكم الله . ربما ظننا أن الحديث يتجه نحو سياق معين ثم نكتشف في نهاية الأمر أنه يتحدث عن سياق آخر ، سواء في آية أو جزء آية أو جملة أو كلمة أو حتى حرف. ربما نكنتشف أن آيات الخمر كلها أو بعضها لا تتحدث عن الخمر أصلاً !!!.إذاً الناظر في القرآن لا يتعجل و لا يتسرع حتى نفهم ماذا يريد الله أن يقول...بالتأكيد الخمر حرام ،كثيرها أو قليلها. لماذا؟ لماذا الخمر حرام لأنها ببساطة هي منبع السفاهة..فأنالا أعلم بعد كم كأس سأتسفه..لكني جئت بآيات الخمر كمثال ،يوضح الكثير في جزئية الناسخ و المنسوخ . أَخَذَنا الحديث عن جزئية النّسخ . نتكلم في المقالات التالية عن باقي عناصر الموضوع....المقدمة..النتيجة..المقدمة الفاسدة ..المقدمة الصحيحة..منطق القرآن . أرجو ألا أكون قد أطلت ....و شكراً.