المستشار د ناجى حمادة أصبحت تجارة الأسلحة الخفيفة غير المشروعة رائجة بسبب النزاعات في العالم، سواء بين دولة وأخرى أو داخل الدولة نفسها، نتيجة الديكتاتوريات الحاكمة والسياسات العنصرية والقومية والطائفية، بدءًا من أفغانستان إلى مقدونيا والبوسنة والصرب ورواندا والدول الأفريقية الأخرى، وصولاً إلى العراق والسودان واليمن، وباقي الدول التي تعاني ظاهرة الإرهاب. إن انتشار هذه الأسلحة التي تجاوز عددها ال200 مليون، وحصل عليها المتمّردون والميليشيات والعصابات المنظّمة كشبكات تهريب المخدرات أو الإرهابيين أو غيرهم، جلب الموت والدمار للعديد من المجتمعات، وهدّد الاستقرار في جميع أرجاء العالم. وفي أثناء العقد الأخير من القرن العشرين، قتل نحو 4 ملايين شخص، بينهم 90٪ من المدنيين و80٪ من النساء والأطفال، وتشرّد نحو 10 ملايين شخص في الصراعات التي استخدمت فيها الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة، بما في ذلك المسدّسات والبنادق ومدافع الهاون والقنابل اليدوية والأجهزة المحمولة لإطلاق المقذوفات في ظل هذا الواقع الذي يشكّل تهديدًا للسلم والأمن الدوليين، من جرّاء انتشار الأسلحة الخفيفة في البلدان والمناطق، ولكي نمنع الإرهابيين من الحصول على الأسلحة، لا بدّ من فرض مراقبة أشدّ صرامة على الأسلحة الصغيرة وذخيرتها، ووضع برامج أكثر فعالية في مجال نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج. ومن أجل وجود عدالة تتصف بالإنصاف والمسؤولية وأمن الإنسان، أكّد مؤتمر الأممالمتحدة العاشر لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين الذي انعقد في فيينا من 10 إلى 17 أبريل 2000، أنه يجب: "كبح صنع الأسلحة النارية وأجزائها ومكوّناتها والذخيرة التابعة لها، والاتجار بها بصورة غير مشروعة، وقرّر أن يكون العام 2005 هو العام المستهدف لتحقيق انخفاض ملحوظ في وقوع تلك الجرائم على نطاق العالم وفي إطار عمل الأممالمتحدة على تقليص التجارة غير المشروعة في هذه الأسلحة، وهي الأسلحة المفضّلة لدى الإرهابيين والمجرمين والقوات غير النظامية، وافقت الدول في مؤتمر الأممالمتحدة المعني بالاتجار غير المشروع بالأسلحة الخفيفة من جميع جوانبه في العام 2001، على التدابير الرامية إلى تعزيز التعاون الدولي والإقليمي لمنع الاتجار غير القانوني بالأسلحة. وتشمل هذه الإجراءات، فتح سجل في الأممالمتحدة للأسلحة التقليدية ونظام الإبلاغ الموحّد عن النفقات العسكرية، ما يشجّع زيادة الوضوح في الشؤون العسكرية، وتوسيع نطاق ذلك السجلّ ليشمل الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة كما واصلت هذه المنظّمة الدوليّة دعم الجهود التي تبذلها مجموعة كبيرة من العناصر الفاعلة والمبادرات الإقليمية والمجتمع المدني، من أجل تنفيذ برنامج العمل المتعلّق بمنع الاتجار بالأسلحة ومكافحتها والقضاء عليها. وفي هذا الصدد، قامت المنظّمة على وجه الخصوص بتقديم المساعدة إلى الدول الأعضاء في مجال إنشاء هيئات تنسيق وطنية، وتنمية القدرات الوطنية، وإدارة المخزونات أو تدميرها، وسنّ تشريعات وطنية. كما دعمت مراكز الأممالمتحدة الإقليمية عمليات نزع السلاح، التي تعتمد اعتمادًا كاملاً على التمويل الطوعي لتلك المبادرات، في المناطق التي تشهد صراعات داخلية وخصوصًا في القارة الأفريقية. إضافة إلى ذلك، تعمل أنشطة مكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدّرات والجريمة على تعزيز الدول ودعمها وتنفيذها وحثّها على التصديق على بروتوكول مكافحة صنع الأسلحة النارية وأجزائها ومكوّناتها والذخيرة والاتجار بها بصورة غير مشروعة، وهو البروتوكول المكمّل لاتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة المنظّمة