وصل إلى القاهرة أمس النائب الأول لرئيس الجمهورية السودانية علي عثمان محمد طه حيث كان في استقباله بمطار القاهرة رئيس الوزراء المصري الدكتور عصام شرف، والتقى النائب الأول لرئيس الجمهورية والوفد المرافق له رئيس المجلس العسكري المصري المشير حسين طنطاوى، وتناول اللقاء بحث التطورات السياسية بالمنطقة ومناقشة عدد من الموضوعات ذات الإهتمام المشترك، وسبل تعزيز العلاقات السياسية والإقتصادية بين البلدين، ودعم حركة التجارة والإستثمارات المصرية السودانية، وتكثيف التنسيق والتشاور المتبادل بين البلدين فيما يتعلق بالعلاقات الدولية والقضايا والموضوعات المرتبطة بالقارة الإفريقية بما يعود بالنفع على شعبي البلدين، وحضر اللقاء الفريق سامى عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة نائب رئيس المجلس العسكري المصري، ووزيرا الخارجية والزراعة وعدد من أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وسفير السودان بالقاهرة . كما عقد الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء جلسة مباحثات أمس مع على عثمان طه تناولت سبل دعم العلاقات الثنائية بين البلدين فى كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ،مع التركيز على سبل زيادة حجم التجارة والتعاون فى المجال الزراعى والري، كما بحث الجانبان نتائج أعمال اللجنة العليا المصرية السودانية المشتركة وسبل تفعيل بنودها، وكذلك الإعداد لإجتماعات اللجنة الثلاثين المصرية السودانية الأثيوبية والتى ستبحث الآثار الفنية لسد النهضة "الألفية" المزمع إقامته فى أثيوبيا. وخيمت على المؤتمر الصحفي الذي عقب لقاء طه وشرف الأحداث الداخلية المصرية حيث أعلن رئيس الوزراء المصري أنه وكامل حكومته يضعون استقالتهم تحت تصرف المجلس العسكري، وقال إن الحكومة فى أى ظرف تتعرض له مصر، تضع استقالتها بكامل وزرائها تحت تصرف المجلس العسكرى. وردا على سؤال حول ما إذا كانت الثورة المصرية قد أنجبت نظاما حرا مستقلا، أكد رئيس مجلس الوزراء الدكتور عصام شرف أن الشفرة تكمن فى حق الشعوب فى الحكم، وأن تكون الشعوب هي المعادلة وليست جزءا من المعادلة وفق آلية الديمقراطية وآليات للمحاسبة ،وأوضح أن تداول السلطة قد يحدث به تشوه بدون وجود آلية محددة، قائلا "إننا فى مرحلة تهدف إلى تحول مصر إلى الديمقراطية التي تتيح التنمية فى كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية". وبشأن العلاقات بين مصر والسودان أكد الدكتور عصام شرف أنه يتم العمل مع الجانب السوداني لإقامة علاقة إستراتيجية وتكاملية بين مصر والسودان، منوها إلى أن مصلحة مصر من مصلحة السودان ومصلحة السودان من مصلحة مصر. ووصف الدكتور شرف - خلال المؤتمر الصحفي - علاقات مصر بالسودان بأنها "علاقات تاريخية وغالية" ، وقال "إن مصر والسودان لديهما قدرات هائلة نعمل على تحسين مفرداتها التي تشوهت في العهد السابق، وذلك من خلال فكر جديد يقوم على العمق والإستراتيجية". ووصف رئيس مجلس الوزراء الدكتور عصام شرف الزيارة الحالية لعلى عثمان طه النائب الأول للرئيس السوداني لمصر بأنها حلقة من حلقات الزيارات المتبادلة بين مسئولي البلدين، إلى جانب المرحلة الأخيرة التى تؤكد عمق العلاقات المصرية السودانية والرغبة فى تطويرها. وقال شرف "إن العلاقات بين البلدين عميقة، وأن التوافق السياسي بينهما رغم أنه على مستوى عال إلا أنه لم ينعكس بعد على أرض الواقع خاصة فى العلاقات الإستراتيجية مما يتطلب المزيد من المباحثات والنقاشات، وأن ذلك هو ما يحدث الآن من أجل استغلال كافة القدرات الكامنة في البلدين". وأوضح رئيس الوزراء أن مباحثاته مع الجانب السوداني تطرقت إلى دعم آليات التعاون الاقتصادي بين البلدين، بالإضافة إلى تحقيق مزيد من التعاون الاقتصادي لبدء مرحلة خالية من أي مشاكل وإحداث التكامل المشترك. وردا على سؤال حول مدى تفعيل التعاون المصري السوداني في إطار البروتوكولات السابقة التي تم توقيعها، قال رئيس مجلس الوزراء الدكتور عصام شرف "إن التبادل التجاري بين البلدين قد تضاعف ثلاث مرات خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، منوها إلى أن استثمارات مصر فى السودان بلغت 5ر5 مليار دولار مما جعلها تأتى فى المرتبة الثانية عربيا والسابعة عالميا". وأضاف أننا نحاول تغيير الثقافة التجارية والاستثمارية، مشيرا فى الوقت ذاته إلى أن مصر تمر حاليا بمرحلة انتقالية تحاول فيها إرساء قواعد جديدة فى التعامل مع العالم الخارجي، وأنها ستبدأ فى هذا المجال بالتعاون مع السودان. ومن جانبه، قال على عثمان طه النائب الأول للرئيس السوداني "إن زيارته والوفد المرافق له لمصر في هذه المرحلة تعد تأكيدا لدعم السودان لمصر فى هذه المرحلة واستعدادها للوقوف إلى جانبها حتى تعبر هذه المرحلة الانتقالية". وأوضح أنه سيتم خلال الزيارة تناول مسار العلاقات الثنائية بين البلدين والمشروعات المشتركة الجاري تنفيذها، مشيرا إلى أنه تم الاتفاق على الانتقال فى العلاقات الثنائية إلى أفق استراتيجي واسع يتم فيها تغليب المصلحة المشتركة للبلدين. وأعرب طه عن تطلعه إلى أن تتمكن المشروعات المشتركة من تأمين حاجات شعبي البلدين في كافة المجالات، مؤكدا أن جهد الحكومات هو توفير المناخ الاستثماري المناسب على أن تكون المبادرة بعد ذلك في يد الشعب والقطاع الخاص والمؤسسات الأهلية. وأضاف "نتطلع إلى أن يكون الإعلام لإعادة تصحيح الصورة فى العلاقة بين البلدين والتي تعرضت للتشويه خلال الفترة الماضية، وذلك حتى نتجنب السلبيات ونؤسس علاقة جديدة كانت وستستمر تاريخية وأزلية". و أكد على عثمان طه النائب الأول للرئيس السوداني أنه جاء والوفد المرافق له إلى مصر لتأكيد دعم السودان لمصر ولتأييد استقرارها والتشاور حول كيفية توظيف القدرات في البلدين من منظور استراتيجي وفق المصلحة المشتركة، مشيرا إلى أن الجانبين قد عقدا العديد من الاجتماعات المشتركة منذ زيارة شرف الأخيرة للسودان حيث عقدت لجان ثنائية للتعاون في مجالات الطرق والنقل البرى. ولفت إلى أن هناك ترتيبات تجرى حاليا لافتتاح الطريق الشرقي بين البلدين خلال شهرين، بالإضافة إلى ترتيبات لاستكمال طريق آخر تمهيدا لافتتاحه منتصف العام المقبل. وفيما يتعلق بالتعاون في مجال الاستثمار الزراعي، أوضح طه أن هناك مشروعا استرشاديا بين الجانبين يتم تنفيذه بالتعاون مع الجانب الأسترالي على مساحة 18 ألف فدان فى السودان تمهيدا للتوسع فى هذه التجربة مستقبلا. وفيما يتعلق باستيراد اللحوم السودانية من جانب مصر، أكد على عثمان طه النائب الأول للرئيس السودانى أن هناك دراسات فى هذا الأمر قد تم استكمالها لإقامة شركة مشتركة بين الجانبين، مشيرا إلى أنه يجرى حاليا ترسية العطاء لإقامة المشروع فى منطقة مشتركة. وأوضح أن هناك مشروعات مشتركة يجرى تنفيذها فى هذا المجال بين رجال الأعمال بالبلدين فى ضوء تشجيع الحكومتين لرجال الأعمال على إقامة المشروعات المشتركة. وحول التنسيق الثلاثى المصرى السودانى الإثيوبى لدراسة آثار سد النهضة المزمع إقامته فى إثيوبيا، قال طه "إنه يجرى التشاور حاليا بين مصر والسودان للتنسيق واتخاذ موقف موحد نأمل فى أن يقود إلى تفاهم ثلاثى يراعي مصلحة الدول الثلاث". وأضاف أن المؤشرات الأولية توضح أن هناك أرضية مشتركة وصالحة بين كافة الأطراف فى هذا الأمر.