اهتمت افتتاحية صحيفة (النيويورك تايمز) الأمريكية بالأزمة الاقتصادية التي تواجهها مصر بعد نحو عام من الإطاحة بالرئيس المخلوع حسني مبارك. وقالت الصحيفة: إن مصر واجهت العديد من التحديات؛ أهمها تعامل حكومة المجلس العسكري بوحشية مع المتظاهرين والمنظمات والجمعيات الداعمة للديمقراطية، ومقاومة العسكريِّين لتسليم السلطة إلى قادة مدنيِّين، بالإضافة إلى صعود الإسلاميين في أول انتخابات حرة تشهدها مصر. وأضافت أن تفاقم الأوضاع الاقتصادية يزيد من تحطيم وتخريب الآمال في مستقبل ديمقراطي، مشيرةً إلى انخفاض احتياطيات البلاد من العملة الأجنبية من 36 مليار دولار إلى 10 مليارات دولار، والتي من الممكن أن تنفد تمامًا في مارس القادم. وأشارت إلى أن الجنيه المصري يواجه ضغوطًا شديدةً، وأن أي انخفاضٍ حادٍّ في سعر الصرف من الممكن أن يؤدي إلى اضطرابات مؤلمة ومزيد من الاضطربات الاجتماعية، مضيفةً أن نسبة البطالة بين الشباب بلغت 25%، وهي نسبة خطيرة، خاصةً أن 60% من سكان مصر أعمارهم لم تتجاوز 30 عامًا. وقالت إن المصريين يريدون فرص عمل وتعليم، وأن يكون لهم رأي في حكم البلاد، مضيفةً أن العديد من المصريين غاضبون بسبب سيطرة العسكريين بشكل استبدادي على مقاليد الحكم، وسيزداد الغضب إذا تصاعدت الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، والتي لا تشغل بال المصريين وحدهم، وإنما المنطقة كلها وخارجها كذلك؛ لأن مصر رابع أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط، ونجاحها أو فشلها سيكون له تأثير كبير في المنطقة وخارجها. وأضافت أن حكام مصر العسكريِّين يدركون التهديد الذي يشكِّله انهيار الاقتصاد المصري، لكنهم- وبوضوح- لا يريدون أن يلومهم أحد؛ ففي مايو الماضي رفضوا الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي؛ بحجة أنه يشكِّل تعديًا على السيادة المصرية، رافضين شروط الصندوق المتمثلة في ضرورة اتخاذ خطوات تقشفية، مثل خفض دعم الغذاء والوقود، لكنهم الآن يرحِّبون بطلب الحصول على قرض من الصندوق، والذي لن يُتَّخذَ قرارٌ بشأنه حتى مارس القادم. وأشارت الافتتاحية إلى المقابلة التي أجرتها وكالة (رويترز) للأنباء مع أشرف بدر الدين، رئيس اللجنة الاقتصادية بجماعة الإخوان المسلمين، وتحدث فيها عن تحرك الإخوان المسلمين والأحزاب الرئيسية الأخرى نحو توافق في الآراء بشأن إدارة الاقتصاد المصري، وقالت الصحيفة إذا كان هذا صحيحًا فإنه مؤشر جيد. وأضافت أن الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي ودول الخليج وعدوا العام الماضي بتقديم مليارات الدولارات كمساعدات لمصر، لكن أغلب هذه الوعود لم تتحقق؛ لأنهم ينتظرون إشارات توحي بالاستقرار السياسي. وطالبت الافتتاحية هذه الدول بالتحرك السريع والالتزام بتعهداتها مع مصر إذا نجحت المفاوضات بشأن قرض صندوق النقد الدولي، كما طالبت هذه الدول بالتحرك وبدء محادثات تجارة حرة مع مصر. وأشارت إلى أن أمريكا وحلفاءها ليس لديهم نفوذ على الحكام العسكريين في مصر، ولا على القادة السياسيين المنتخبين حديثًا، وذلك على المدى القصير، لكنَّ لديهم إمكانية لبناء علاقات طويلة الأمد مع جميع شرائح المجتمع المدني، مضيفةً أن البعض يقول إن مصر من الممكن أن تصبح واحدةً من أكبر 10 دول اقتصادية في العالم، وذلك في غضون جيل واحد، وهذا هدف يستحق العمل من أجله.