«شوف بقى، إحنا مهر مبندفعش، شبكة مبنجبش، الفاتحة مش حافظينها»..عبر الراحل علاء ولي الدين بهذة الكلمات البسيطة وبطريقته الكوميدية، في أحد مشاهد فيلمه "عبود على الحدود"، عن طريقة زواج الشباب في مصر، والتي تعني أن الشاب يتحمل تكاليف تتخطى طاقته لكي يحظى بفرصة الزواج. «خليها تعنس».. حملة بدأت منذ حوالي 20 عام خلف الشاشة الصغيرة، على يد الراحل علاء ولي الدين، ولكن لم يلتفت لها الكثيرين، وتمر الأيام وتظهر على أرض الواقع بثوب جديد عام 2016، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، لمواجهة ارتفاع تكاليف الزواج، والحد من مبالغة الأهالي في تلك التكاليف. وفي بدايه الأمر، انطلقت تلك الحملة لمواجهة جشع الأهل الذين يطالبو الشباب بأموال تفوق طائتهم، مؤكدين أن سعادة الفتاة ليست في الشقة التمليك أو العربية، ولكن السعادة الحقيقية مع شخص يحافظ عليها ويصونها ويسعو في نهاية الأمر إلى تكوين أسرة، ولكنها تحولت إلى حرب على السوشيال ميديا بين الفتاة والشاب. «خليه يخلل – خليك جنب أمك».. انطلقو مؤخرًا للرد على الحملة الأولى، ويكأنها جاءت لصب الزيت على النار، وتعمق الظاهرة التي باتت تؤرق المجتمع المصري، وتصيب الأسر المصرية بالإحباط. وصُدم جهاز الإحصاء في مصر، الكثيرين، حينما كشف في أرقامه، عن تخطي 13 مليون فتاة الثلاثين من العمر، ولم يتزوجن بعد، إضافة إلى 2.5 مليون شاب تجاوزوا الثلاثين ولم يتزوجوا بعد، حسب آخر أرقام جهاز الإحصاء في مصر. مؤسس الحملة يضع النقط على الحروف: وكشف عمرو حيدر مؤسس حملة "خليها تعنس"، السبب الحقيقي وراء تلك الحملة، وهي انضمام الفتيات إلى الحملة لتيسير الزواج، فضلًا عن استهداف الأهالي، بسبب التعسف في طلباتهم التعجيزية، ومحاولة خفض أسعار أثاث أي بيت الذي أصبحت أسعاره مبالغ فيها، وأما عن الرافضين والمهاجمين للحملة فهذه أرائهم الشخصية لا أفرض أرائي وأفكاري على الغير". تضارب بين "خليك جنب أمك" و "خليها تعنس": قالت مروة فاروق، أن مصر لديها رجال لا تستطيع فتح بيوتها إلا بوجود أموال والد العروسة، ووالد العريس هو من يدفع الباقي، مشيرة إلا ان هناك البعض يشتري شبكة (صورية) وينصب على مراته بعد الفرح ويبيعها دهبها، ويقول بكل فخر ان (الدهب بتاعه) رجعله تاني، ومبيدفعش مهر، بيكتبه مؤخر وفاهم انه كدة سقط من عليه، وعند الطلاق يكسر رقبة مراته ويزهقها علشان تتنازل عنه ويبقى اتجوز ببلاش. وأضافت، لو مخلف عيال بيرميهم لأمهم تلف وراه في المحاكم علشان يدفعلهم نفقة شهرية أد اللي بيصرفه هو في قعدة على القهوة، وأهله يطالبو أهل الزوجة بمواسم وهدايا بعد الجواز بسنين، ولما البنت تولد أهلها ينقطوها، ولما تتعب تروح لأهلها يساعدوها، ولما تغضب تروح لأهلها يصرفو عليها وعلى عيالها، ولما جوزها يتزنق تروح تستلف من أهلها علشان تساعده، ولما تشتغل يجبرها تدفع كل مرتبها في البيت وإلا مش هيتكرم ويعطف عليها ويسمحلها تتفسح في الشغل. واختتمت كلامها قائلة، الشعب متفجر الرجولة عظيم المسئولية دة، عامل حملة بهاشتاج #خليها_تعنس، خليها تعنس علشان مش عارف تتجوزها ببلاش، علشان مش عاوزة تدفع مهر وتجيبلك شبكة يا أرجل رجالة الكوكب، خليها تعنس علشان مش شبه الروسية بس انت تشبه شباب روسيا، خليها تعنس وانت قضيها مواقع وافلام وعلاقات في الحرام، واطلع برة مصر هتلاقي الجميلات بينهارو أدامك ويبوسو رجليك وعاملين حملات ع الفيس بوك بيترجو الحكومات يستوردو رجالة خطيرة من مصر أحسن حالتهم صعبه وهيموتو عليك. ومن ناحية أخرى قالت نور نصر الدين، إحدى الفتيات التي ترفض الحملة، أن الحملة تهاجم الفتاة لكونها فتاة، مشيرة إلى أن «العنوسة» لفظ مرفوض ومهين لأي فتاة، مضيفة إلى أنها ليست ضد الحملة، ولكنها تعترض بشكل أساسي على اسمها، مؤكدة أن تكاليف الزواج أصبحت كثيرة بشكل غير مقبول، وأن الأب والأم في بعض الأحيان يجعلون الفتاة سلعة. وفي المقابل، قال محمد عبدالغني، أنه لما تنتشر الحملات دى وتبقى الهاشتاجات دى واخده ترند يبقى لازم نقف وقفه صريحه بقى مع نفسنا، القصه مش شباب بيهزر ولا حد مخنوق بيطلع همه فى بوست، ناس كتيير فهمت الهاشتاج غلط فكره خليها تعنس بسبب ارتفاع تكاليف الزواج. ومن جانبها، تتمنى رضوى من جنوب الصعيد، أن تأتي تلك الحمله بثمارها، مشيرة إلى أنه مع الأسف في الصعيد مطلوب من العريس شقه سوبر لوكس، وتجهيز 3 غرف وشبكة من 100 جرام فما فوق و40 فما فوق بتاخدها العروسه للبس والبسكوت واللحمه والفرح والفستان والكوافير كمان ع العريس. علم النفس يكشف علاقة خليها تصدي بخليها تعنس: قال إيهاب معوض، خبير العلاقات الزوجية، إن حملة (خليها تعنس) أعطت ثقة لسيدات مصر، وحزين من الشباب الذين أطلقوا الحملة لأنهم أساءوا لأختهم وأقاربهم وفتيات مصر، مستاءً من الحملة، مشيرًا إلى إنها جاءت في توقيت حملة (خليها تصدي) للسيارات، ومنتهى السوء تشبيه السيارة بالمرأة، مؤكدًا أن «الرجل اللي كتب تناول مراته وأخته وبنته، معجبًا برد فعل البنات على السوشيال، ولو الستات أضربوا عن الزواج الرجل مش هيعرف يعيش، مضيفًا أن الحملة حركت مياه راكدة في مواجهة تكاليف الجواز الباهظة، وستجبر الأسر على إعادة حساباتها في تعطيل الزواج، مطالبًا بخفض تكاليف الزواج وتدخل المؤسسات الخيرية لدعم غير القادرين على تكاليفه، وزيادة التكافل الاجتماعي بين الأفراد بالمساهمة في تكاليف الزواج. علقت الدكتورة ندى الجميعى، الباحثة والمتخصصة فى شئون المرأة، على حملتى "خليها تعنس" و"خليك فى حضن أمك"، مؤكدة رفضها لهاتين الحملتين، ومشددة على ضرورة تحمل الشباب تكاليف الزواج وليس الآباء، حتى يشعر الزوج بقيمة العلاقة الزوجية، كما شددت على ضرورة أن يراعى أهل الزوجة الظروف المعيشة وأوضاع الشباب وعدم المغالاة في المهور والشبكات. وأضافت "علموا أولادكم كيفية الحفاظ على البيوت بعد تعميرها، علموهم سمات الحياة الأسرية وكيفية معاملة الشريك، فما فائدة بيوت تكلف بالآلاف والمئات وينفصلون بعد سنة أو اثنين؟". كما تطرقت لتجهيزات أهالى القرى للبنات، قائلة إن : "تجهيزات الأهل للعروسة تفوق الخيال وبنت الغفير زي بنت العمده كله واحد والجهاز واحد، ويوجد زيجات فشلت بسبب غسالة أطباق أو ميكرويف". وتعجبت من كم الرفاهيات بجهاز العروسة، مؤكدة أن الحل هو الوسط المعقول، ومراعاة الظروف والأوضاع الحالية التى يمر بها الشباب، فالأمور المادية ليست أساسًا لنجاح الحياة الأسرية. أهل الفن يواجهون تلك الحملة بطريقتهم الخاصة: قال المنتج محمد العدل، إن حملة «خليها تعنس» دعوة للفرقة والتفرقة، مشيرًا إلى أنها بعيدة عن فكرة التضامن التي حققتها حملة «خليها تصدي»، ووصفها بال«عيب». وأضاف «العدل» عبر صفحته ب«فيس بوك»: «حملة خليها تصدى هي حملة تضامن من المجتمع ضد جشع التجار، وأتمنى أن تتبعها حملات من هذا النوع ضد الغلاء للحوم والطيور والأسماك والخضروات، لكن حملة خليها تعنس، هي حملة للفرقة والتفرقة وتبعدنا عن فكرة التضامن، وكده عيب». وتابع: «على الأهالي أن يضعوا في فكرهم أن الزواج ليس بيعة وشروة، لكنها حياة يتم تكوينها.. اقفوا جنب بناتكم وولادكم وبلاش تعنت». ومن جانبه، قال المطرب والملحن محمد الطوخي أن أغنيته “وأنت بتكتب كتابك”، اقتربت من تحقيق 2 مليون مشاهدة على مواقع التواصل الاجتماعي، كما حققت نسبة مشاهدة جيدة على موقع “يوتيوب”. أغنية وأنت بتكتب كتابك أشار “الطوخي” إلى أنه يواجه حملة “خليها تعنس” على طريقته الخاصة، حيث طرح الأغنية ونجاحها في هذا التوقيت بالتحديد هو خير رد على تلك الحملة. حملتين على شكل نكات، جاءو من رحم تجارب مؤسفة للشباب العربي، تلك المجتمعات التي تعاني منذ الأزل من جملة ضوابط ذات طابع موروث تابع بشدة للعادات والتقاليد الاجتماعية والدينية بمختلف تشعباتها، وها هي الآن، تصل اليوم إلى مسألة أخرى غاية في الخطورة أشبه ما يمكن وصفها بعنق الزجاجة التي انحشرت فيها التقاليد والأعراف الواسعة جدا داخل هذا العنق، تلك المجتمعات أفضت في نهاية الأمر، إلى ظهور حملات تشبهت بشكل "نكات" تتداولها ألسن الشباب، ولكنها يبدو أنها تحولت خلال فترة سريعة إلى ما يشبه اختلاق مشكلة من العدم. وبمرور الأيام والأجيال، أصبحت مؤشر حقيقي على مستوى تدني وضحالة المجتمعات العربية في طريقة تفكيرها، والمسارات الجانبية السطحية التي يمكن أن تسلكها شريحة أساسية ومهمة في المجتمع ألا وهي فئة الشباب، الذين يسيرون في مرحلة مؤسفة لا تبشر بالخير لمستقبلهم، خاصة في هذه الفترة الحرجة من تاريخ المجتمعات العربية.