"لحمية الأحبال الصوتية" هي السبب الحقيقي وراء اعتزالي للغناء لمدة 18 شهراً الأطباء طلبوا مني عدم التحدث نهائيا لمدة شهرين حتى نسيت صوتي كنت أصاب بحالة من العصبية حينما يقوم أحد بتشغيل إحدى الأغاني التي قدمتها الطبيب ألقى بالتحاليل حينما اكتشف سلامتي من سرطان الرحم! كنت خائفة من الغناء مع بهاء سلطان هي واحدة من أجمل الأصوات التي لحقت بالعصر الذهبي لجيل الكاسيت، شاءت الظروف أن تلعب مجموعة من الصدف دورا في حياتها للظهور كواحدة من أجمل الأصوات الواعدة على الساحة الغنائية، ولعبت الأقدار دورها في أن تختفي من حين لآخر بسبب ظروف صحية كادت آخرها أن تودي بصوتها لعدم الخروج من جديد، عام ونصف العام من المعاناة مع المرض صاحبها حالة من الانكسار والضعف والإحباط، انتهت بخضوعها لعملية جراحية أعادتها للساحة من جديد، كلامنا عن المطربة الشابة سوما التي كان لنا معها الحوار التالي.. خلال 13 سنة من الظهور والاختفاء، ماذا حدث بعد آخر ألبوماتك "ندمانة" الذي صدر عام 2016؟ بدأ عام 2016 بالنسبة لي بداية مشرقة، ولم أكن أتخيل أن هذا العام سوف يكون بداية لرحلة مفاجئة وصعبة مع المرض، حيث إنني في بدايات العام كنت قد طرحت الألبوم، وما أن تم طرحه وخلال الفترة التي كان من المنتظر فيها بداية إحياء الحفلات، بدأت أشعر بتعب شديد لدرجة أنني لم أكن أستطيع الوقوف على قدمي، واكتشفت أنني في حاجة لإجراء جراحة دقيقة لوجود مشكلة بالأوعية الدموية في منطقة الرحم. وماذا حدث بعد ذلك؟ ما أن انتهت هذه المشكلة بعد إجراء الجراحة ظهرت مشكلة في صوتي، والتي بدأت معي بظهور "بحة في الصوت" ومثل أي أحد اعتقدت في البداية أنني أعاني من نزلة برد، إلا أن المشكلة استمرت وبدأ الوضع يتدهور، حتى وصل الأمر أنني لم أعد أتكلم سوى همسا، ثم بدأت لا أستطيع التحدث نهائيا وكنت أتواصل بالمشاورة. إذن ماذا فعلت؟ ذهبت لثلاثة أطباء وقالوا لي إنني أعاني من مرض يدعى "لحمية الأحبال الصوتية" وأن هذه المشكلة تظهر لمعظم المطربين بسبب الإجهاد الصوتي أو استخدام الصوت بشكل خاطئ، وأنني لست بحاجة إلا للخضوع إلى العلاج، وكان العلاج بالكورتيزون له آثاره الجانبية بزيادة وزني بشكل ملحوظ، بخلاف أنني لم أكن أتحسن مما جعلني أتنقل بين طبيب وآخر خلال مدة وصلت إلى سنة ونصف السنة كان يطلب خلالها مني الأطباء عدم محاولة التحدث نهائيا لمدد وصلت إلى شهرين متواصلين. هل تحسنت حالتك بعد اتباع تلك التعليمات؟ لا، وبالطبع كانت حالتي النفسية متدهورة، لأنني شعرت بأنني لم أخسر صوتي فقط ومهددة بعدم رجوعه مثلما كان، ولكني شعرت بأنني فقدت هويتي كاملة، فلقد نسيت صوتي، وكنت أصاب بحالة من العصبية حينما يحاول أحد في المنزل تشغيل إحدى الأغاني التي كنت قدمتها، وكنت أحيانا حينما تسألني أمي حينما تجدني أبكي عن سبب بكائي فكنت أقول لها إن صوتي وحشني، فكنت أمنع بناتي من تشغيل أسطواناتي في السيارة، وكان ذلك لأنني كان لدي إحساس كبير بأنني لن أستطيع الغناء مرة أخرى. وكيف عاد صوتك مرة أخري؟ حينما قامت صديقتي المطربة مي فاروق بترشيح الطبيب الرابع منذ شهرين فقط، وحينما شخص حالتي قرر وجوب إجراء الجراحة، إلا أنني في البداية كنت رافضة للخضوع إلى العملية الجراحية، فكنت أخشى من فقدان الأمل على قدرتي للغناء مرة ثانية نهائيا، إلا أنني وجدت زوجي يقول لي إنه لا يستطيع الاستمرار في رؤيتي وأنا أتحطم أمامه بهذا الشكل، فوافقت على إجراء العملية ولكن قبل إجرائها قلت للطبيب إن هذه المنطقة هي أكثر منطقة حساسة بالنسبة لي وفكرة أنني أتركها بين يدي مخلوق أمر مستحيل، حيث إنني أعتبر صوتي هذا هو حياتي فأنا أغني في كل حالاتي سواء الفرح أو الحزن، وكنت بيني وبين نفسي أسأل الله كيف أن هذه السلاسة في الغناء التي وهبتني بها كيف لا أستطيع فعلها الآن. وماذا قال لك؟ وجدته يقول إنه لا مفر من إجراء العملية لأن ترك الحالة بهذه الطريقة قد يؤدي إلى فقداني القدرة حتى على الكلام، فإن أثرت العملية حتى على قدرتي على أن أغني مرة أخري فلن نضحي بكل شيء، خصوصا وأن منطقة اللحمية كانت تمنع حدوث إغلاق للأحبال الصوتية مما كان يجعل مرور الهواء بين الأحبال مستمرا. ما الذي جعلك توافقين أخيرا على إجراء العملية؟ كلام الطبيب، بجانب أنني فقدت الاندماج مع أسرتي خصوصا أن زوجي مصطفي حلمي أمين مايسترو في دار الأوبرا المصرية وابن نقيب الموسيقيين الأسبق حلمي أمين، وشقيقي مطرب، وكنت قد تعودت أن نغني ونجرب الطبقات الموسيقية معا، فكل هذا قد انتهي، كما أن ابنتي حينما كانت تسألني لماذا لم أعد أغني الأغاني الحلوة التي أغنيها لم أكن أستطيع أن أشرح لها ما حدث لي، فقررت عمل العملية أيا كانت النتيجة. هل عاد صوتك بمجرد خروجك من العمليات مباشرة؟ لا، فلقد خرجت من العملية بتعليمات من الطبيب أن أمتنع عن الكلام لمدة شهر ونصف، إلا أنني كنت أموت بسبب الفضول الذي كان يأكلني لتجربة صوتي، فحاولت التحدث بجملة بسيطة فراح صوتي وأنا أتحدث فأصبت بحالة من الانهيار، فكتبت لأسرتي وأنا منهارة أن صوتي لن يعود مرة أخرى، فاتصلوا بالطبيب وطلب منهم منعي من التحدث والتزمت في هذه المرة. متى كانت أول مرة تجربين فيها صوتك في الغناء من جديد؟ بعد مرور المدة المحددة ذهبت للطبيب وطلب مني تجربة صوتي وسألني إن كان هذا صوتي الطبيعي، فقلت له أنني نسيت صوتي فعليا، فطلب مني الغناء وكنت أشعر بالخوف من فعل ذلك حتى لا أصدم، فتمسك بطلبه، فغنيت ووقتها فقط أصبحت أخبط بقدمي على الأرض وأصفق مثل الأطفال من الفرحة أن صوتي قد عاد مثلما كان، وشكرت الطبيب بحرارة وقلت له أنت عالجتني نفسيا قبل أن تكون عالجت حنجرتي، وقال لي أنه فرحان لهذه الفرحة التي رآني فيها. بمناسبة أننا نحتفل هذا الشهر بعيد الأم.. كيف كانت أثر هذه التجربة على أطفالك؟ أولا كانت دائما ابنتي مريم تسألني لماذا لم أعد أغني مثلما كنت أفعل، فلم أكن أستطع أن أشرح لها السبب، بل أني كنت أمنعها من تشغيل أسطواناتي في السيارة حينما نذهب معا إلى أي مكان، وفي اليوم الذي عاد فيه صوتي من جديد وعلمت ذلك كانت كلما ترى أحدا من أقاربنا أو الجيران كانت تجري عليه لتقول له "ماما صوتها رجع" من الفرحة، وكانت تطلب مني أن أغني معها كثيرا وحينما كنت أقول لها إن الطبيب يمنعني كانت تقول لي سوف أتصل به لاستئذن منه. ماذا تعلمت من هذه التجربة المريرة؟ تعلمت من هذه التجربة أن الإنسان أحيانا يعيش دون إدراك أن حياته قد تسلب منه في لحظة، وأن تهاونه تجاه تعبه قد يؤدي به الوصول إلى نتائج لن تخطر له على بال يوما ما، فقسوة التجربة جعلتني أشعر بقيمة نعمة الصحة، خصوصا وأن هذه لم تكن أول مأساة صحية في حياتي، فأنا تقريبا كل سنة أخضع لإجراء عملية جراحية، ودائما أكون متأكدة بأن لدي شيئا خطيرا جدا، منهم مرة كنت أجريت تحليلات للتأكد من إذا كنت أعاني من مرض سرطان الرحم، والطبيب كان متأكدا من ذلك وكان قد بدأ في إعطائي التطعيمات اللازمة حيث كانت لدي خلايا شديدة التشوه تشبه الخلايا السرطانية. وكيف اكتشفت سلامتك من هذا المرض الخطير؟ حينما أتيت بالتحاليل وذهبت للدكتور وجدته يرمي التحاليل ويقول لي "امشي أنتي ربنا بدل لك نتيجة التحاليل".. وفي هذا التوقيت كنت قد أنجبت ابنتي الأولى مريم "6 سنوات"، وحدث ظروف أثناء حملي تمنعني من الحمل ثانية، ولكن الحمد لله أنجبت بعدها ابنتي كارما "3 سنوات"، وكل هذا كان يجعلني طوال الوقت الشعور بعدم الأمان، إلا أن أزمة صوتي هي التي كانت بمثابة كسرة ظهري لأن في كل أزماتي السابقة كان صوتي هو ما يهونها علي. حدثيني عن بداية حلمك بالغناء لأول مرة؟ حلم الغناء كان عند شقيقي أحمد سعيد، وهو حاليا مطرب في دار الأوبرا، وبدأت الحكاية حينما اكتشف شقيقي أن خامة صوتي جيدة، وفي مرة وجدته يقول لي إن لديه اختبارات في دار الأوبرا وأنه يريدني أن أذهب معه، وبالفعل ذهبت بصحبته ودخل للاختبار، وحينما خرج وقته يقول لأحد العاملين هناك إذا كانوا سيختبرونني بعد ملأ استمارة التقديم، فرد عليه بأنه سيختبرونني أولا. وماذا شعرت وقتها؟ طبعا شعرت بصدمة كبيرة حيث كان عمري 15 سنة تقريبا، وحينما دخلت وجدت نفسي اختبر أمام عمالقة مثل الدكتورة رتيبة الحفني والمايسترو سليم سحاب، وبعدما غنيت أعطوني امتياز في الاختبار واحتفوا بي، وانضممت لكورال الأطفال حتى وصلت للفرقة القومية، وكان من بين زملائي مي فاروق ومروة ناجي. وكيف كانت ظروف تقديمك لجمهور الكاسيت لأول مرة؟ حينما ذهبت إلي المنتج نصر محروس ووقعت العقد، ووجدته يقول لي: حضري نفسك لتسجيل أغنية مع بهاء سلطان، وبرغم عدم تصديقي إلا أنني لم أكن اتفق معه أن صوتي سيليق مع العظيم بهاء سلطان، فوجدته يقول لي: "شوفي الأغنية دي هتعمل إيه في العالم العربي"، وبالفعل سجلت معه أغنية "يعني اللي في قلبي" ضمن ألبوم "فري ميوزك" وكان وقتها ألبوم كوكتيل به أغنيتان لبهاء سلطان وأغنيتان لتامر حسني وأغنيتان لشيرين وأغنيتان لدنيا سمير غانم، ونجت الأغنية.