ما زالت المعالم العربية واضحة في العديد من المنازل والمباني في أحياء البقعة والطالبية والقطمون والحي اليوناني وحي الألمانية، وجميعها أحياء باتت الآن ضمن منطقة القدسالغربية. حتى عام 1948 كانت هذه أحياء فلسطينية وأصبح سكانها الآن لاجئين في أماكن متعددة من العالم، يسكن منازلهم يهود توسعوا في البنيان منذ ذلك الحين. وما زالت الأحياء هذه تحمل الأسماء ذاتها رغم محاولات إسرائيل الإيحاء وكأنها يهودية. وانقسمت القدس إلى شطرين عقب حرب 1948، شرقي وغربي؛ وفرضت إسرائيل كامل سلطاتها على الجزء الغربي الذي عُرف باسم القدسالغربية، فيما بقي الجزء الشرقي تحت إشراف الأردن حتى احتلاله عام 1967. وعقب حرب 1948 تم تهجير السكان الفلسطينيين، قسم كبير منهم من المسيحيين، من القدسالغربية، وتحولت إلى منازل أو مؤسسات يهودية بعد وضع الحارس على أملاك الغائبين الإسرائيلي اليد عليها وبيعها ليهود. ويقول خليل التفكجي، مدير دائرة الخراط في جمعية الدراسات العربية، لبوابة العين الإخبارية إن ما يزيد عن 80% من الأملاك في القدسالغربية كانت قبل العام 1948 لفلسطينيين أو أملاك كنسية. وبقيت بعض الأملاك الكنسية بيد الكنيسة، ولكن أملاك الفلسطينيين باتت يهودية رغم الشواهد العربية عليها. هاني العيساوي، الخبير في شؤون القدس، يشرح لبوابة العين الإخبارية أن "أملاك اليهود في القدسالغربية قبل عام 1948 كانت محدودة جدا ، وحتى الآن فإنك إذا ما تجولت في أحياء القدسالغربية العريقة بما فيها البقعة والقطمون ستجد أن الطابع العربي ما زال مسيطرا على العديد من المباني، والكثير منها ما زالت تعلوه كتابات عربية تدل على سنوات إقامتها".
المنطقة الحرام حتى الاحتلال الإسرائيلي للقدس الشرقية عام 1967 كان خط الهدنة الذي تم ترسيمه في 1949، أو ما يُعرف بالخط الأخضر هو الخط الفاصل بين شطري المدينة الشرقي والغربي. وأُطلق على هذا الخط اسم "المنطقة الحرام" حيث كان يحظر التنقل بين شطري المدينة، وتواجدت في المنطقة قوات تابعة للأمم المتحدة لا زال مقرها قائما على جزء مما كان "المنطقة الحرام" حتى الآن. وبحسب العيساوي فإن إسرائيل "سارعت بعد الاحتلال عام 1967 مباشرة إلى إزالة المنطقة الحرام؛ ففي صور باهر أقامت مستوطنة "رامات راحيل"، ويف الثوري أقامت حيا سكنيا وفي المكبر وصورباهر أقامت تلبيوت الشرقية وفي شعفاط أقامت مستوطنة وفي الشيخ جراح أقامت 3 فنادق إسرائيلية". وبذلك "مسحت إسرائيل الخط الأخضر الفاصل بين شطري المدينة بشكل كامل". وتقول دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية "قامت إسرائيل خلال حرب 1948 بفرض سيطرتها على الشطر الغربي من مدينة القدس كما طردت المواطنين من منازلهم وأراضيهم ووسّعت نطاق سيطرتها ليشمل مساحاتٍ شاسعةً من الأراضي التي كان من المقرَّر أن تتبع للدولة العربية في فلسطين بموجب قرار التقسيم الصادر عن هيئة الأممالمتحدة في العام 1947". ورغم ذلك "لا تعترف أي من دول العالم بأي جزءٍ من القدس كعاصمة لدولة إسرائيل". وكان اعتبار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القدس عاصمة لإسرائيل، نهاية العام الماضي، هو الأول من نوعه. وعرضت روسيا اعتبار القدسالغربية عاصمة لإسرائيل على أن تكون القدسالشرقية عاصمة لفلسطين. وفي المقابل، فإن دول الاتحاد الأوروبي تقول إن القدس يجب أن تكون عاصمة مشتركة للدولتين، ولم تعترف بالقدسالغربية عاصمة لإسرائيل. وتقول الدول العربية والإسلامية إنها تريد إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدسالشرقية على حدود 1967، ولكنها لا تعتبر القدسالغربية عاصمة لإسرائيل.
وقال العيساوي: "القدسالغربية هي منطقة فلسطينية ولا تقر أي من القرارات الدولية بالقدسالغربية على أنها عاصمة لإسرائيل وطالما أن الأخيرة لم تعترف بالقدسالشرقية عاصمة لفلسطين ولم تنفذ قرارات الشرعية الدولية بهذا الشأن فإن الفلسطينيين أولى بها؛ فهي منطقة فلسطينية تاريخية وستبقى كذلك". احتلال ثم ضم احتلت إسرائيل القدسالشرقية في عام 1967 وبدأت تطبيق القوانين الإسرائيلية عليها، وفي 1980 صدر قانون من الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) باعتبار القدس بشطريها عاصمة موحدة لإسرائيل. ولكن "اتفاق أوسلو الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل ترك القدس بكاملها لمفاوضات الحل النهائي بين الطرفين سوية مع قضايا أخرى مثل اللاجئين والحدود والمستوطنات والمياه والأمن"، بحسب العيساوي. التسوية الفلسطينية ومنذ مفاوضات كامب ديفيد في العام 2000 أصبح الفلسطينيون يقولون إنهم على استعداد للقبول بالقدسالغربية عاصمة لإسرائيل ولكن شريطة أن تعترف الأخيرة بالقدسالشرقية عاصمة لفلسطين. وكان هذا هو الموقف الفلسطيني الذي طُرح في مفاوضات السلام المتوقفة منذ عام 2014. في المقابل فإن إسرائيل سعت منذ احتلالها للقدس الشرقية 1967 إلى تحويل حياة الفلسطينيين فيها إلى مأساة تزداد صعوبتها مع مر السنين. فوفقا لمعطيات إسرائيلية شبه رسمية، يعيش في القدسالشرقية أكثر من 330 ألف فلسطيني ويشكلون 39% من نسبة عدد السكان في شطري المدينة. ورسميا تعتبر إسرائيل سكان القدسالشرقية مقيمين وليسوا مواطنين؛ ما سمح لها بشطب إقامات أكثر من 14500 فلسطيني منذ 1967. ولم تُبق إسرائيل لسكان القدسالشرقية سوى 13% من مساحتها للسكن، أما المتبقي فقد استخدمتها لبناء 15 مستوطنة يقيم فيها أكثر من 220 ألف مستوطن، فيما صنفت مساحات واسعة كمناطق خضراء يمنع البناء عليها. وكنتيجة لذلك، فإن المعطيات الفلسطينية تشير إلى أن أكثر من 20 ألف وحدة سكنية في مدينة القدسالشرقية مهددة بالهدم بداعي عدم الحصول على رخص بناء من بلدية القدسالغربية. ويقول مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة إن إسرائيل هدمت 142 منزلا في القدسالشرقية في عام 2017 ما أدى إلى تهجير 233 فلسطينيا مقارنة مع هدم 190 منزلا في المدينة خلال العام 2016 ما أدى إلى تهجير 254 شخصا.