المراهقة المتأخرة.. لم تعد مجرد كلمة عابرة تجلب السخرية والنكتة، وإنما أصبحت سببا مباشرا للكثير من الجرائم والمشكلات الاجتماعية بدءا من جرائم التحرش والاغتصاب وانتهاء بدعاوى الطلاق والخلع .. يأتى هذا فى الوقت الذى تشير فيه بعض الدرسات النفسية إلى ارتفاع معدلات الإصابة بهذه المراهقة بين فئة الشباب والرجال (25 -40 سنة) لنسبة تقترب من 45% .. فماذا عن أعراض المراهقة المتأخرة ولماذا تصيب قطاعا عريضا من الشباب والرجال فى المجتمع المصرى؟ البداية من محكمة زنانيرى التى شهدت منذ أيام دعوى خلع أقامتها زوجة وكان السبب الرئيسي الوارد فى عريضة الدعوى أن الزوج يعانى من أعراض "المراهقة المتأخرة" ! الدعوة حملت رقم 811 لسنة 2014، وأكدت الزوجة أن زوجها يبلغ عمره 40 سنة ولا يزال يعيش فى فترة المراهقة حيث أصبح يرتدى تي شيرتات وفانلات شبابية لا تتناسب مع سنه، وصبغ شعره باللون الأسود، ويتحدث فى الموبايل أكثر من اللازم مع فتيات، واكتشفت الزوجة أنه متزوج منذ فترة بفتاة صغيرة بزعم أنها ستعيد إليه شبابه ! وبعيدا عن دعوات الخلع التى تقع بسبب المراهقة المتأخرة وهى الدعوات التى تكررت كثيرا، فإن هناك الكثير من الجرائم التى أصبحت تقع بسبب هذه الظاهرة، حيث تشير التقديرات أن فئة المتحرشين من سن 25 سنة فأكثر تتجاوز المتحرشين الأصغر سنا ومن هم فى فترة المراهقة الحقيقية أى ما دون العشرين سنة، ويحدث ذلك بسبب الميل لمشاعر المراهقة مرة أخرى نتيجة الشعور بالحرمان! وهو ما يحدث فى جرائم الاغتصاب وبعض الجرائم التى تقع فى نطاق الأسرة! ومن الناحية النفسية تُصَنَف المراهقة المتأخرة على أنها ظاهرة نفسية، تصيب الرجال والنساء ولكنها تظهر لدى الرجال بصورة أكبر عند اقترابه من سن الأربعين وتسمى أحيانا بأزمة منتصف العمر، وتؤكد بعض الدراسات أن 25 بالمئة من الرجال يعانون من المراهقة المتأخرة، خاصة مع وجود خلل في العلاقة الزوجية، وعدم التوافق الثقافي والاجتماعي والفكري مع الزوجة، والاستقرار المادي والرغبة في التغيير، وتحمل المسئولية في سن مبكرة مع استمرار الزواج لسنوات دون وجود لغة حوار بين الزوجين أو اهتمامات مشتركة فيشعر الرجل بعد أن وصل لمرحلة النضج بالرغبة في أن يعيش حياته من جديد وقد يساعده على ذلك استقراره المادي فيبدأ بالبحث عن فتاة صغيرة وسرعان ما يتوهم الحب. وترتبط المراهقة المتأخرة عادة بمحاولة تجديد الشباب والتمرد على الشعر الأبيض، وارتداء ملابس شبابية لا تتناسب مع السن، والبحث عن امرأة أخرى، وتصفح المواقع الإباحية وهو الأخطر فى حالة المراهقة المتأخرة. ورغم ما يشاع عن المراهقة المتأخرة وما يرتبط بها من تصورات شعبية، إلا أن خبراء النفس والعلاقات الأسرية والزوجية لهم رأى آخر.. حيث تقول شيماء إسماعيل، خبيرة علاقات أسرية: إن المراهقة المتأخرة قد تستمر مع الشاب او الفتاة حتى سن 21 سنة فقط، أما ما بعد هذه السن فلا يعتبر مراهقة وإنما نطلق عليه "خلل سلوكى" وهذا الخلل يظهر بصورة واضحة لدى الرجال والنساء وبعض كبار السن ويتمثل فى خلل واضطرابات نفسية، وتؤدى هذه الاضطرابات عادة إلى انسحاب الشخص من الفترة العمرية التى يعيش فيها بحيث يرتد لسن الشباب ويمارس تصرفات لا تليق بعمره ولا بمركزه الاجتماعى ولا بمكانته، حيث يتصف فى هذه المرحلة بأنه شخص غير ناضج وهناك مشكلة فى نموه النفسى .. ومن الصفات الملازمة لهذا النوع من الخلل السلوكى أو "المراهقة" فى سن متأخرة الانفعال الشديد والتردد المستمر والحب المفاجىء، وتغليب العواطف على المنطق وقد يعانى الشخص فى هذه الحالة من مشكلات عاطفية شديد ويعانى من غياب الحب والحنان، ويشعر أيضا بأنه "مش لاقى نفسه" ومن هنا ينسحب تدريجيا لمرحلة المراهقة ويرتدى ملابس لا تناسب سنه ويقوم بتصرفات ليست مقبولة. وتذكر شيماء إسماعيل أن هذا الخلل السلوكى يقف وراء الكثير من السلوكيات السلبية، حيث يمتلىء ذهن المراهق بصور ومشاهد وتصورات ورغبات مكبوتة معينة يبحث عن تحقيقها فى الواقع فليجأ للتحرش مثلا أو ارتكاب الجرائم او خلافه بسبب الخلل السلوكى الذى يعانى منه، ولذلك المطلوب هو مقاومة هذا الشعور والميل للانضباط السلوكى بالرجوع للدين والعادات والتقاليد والأخلاق الحميدة.