عندما كتبت قبل ايام مقالا بعنوان مبارك فى ذمة التاريخ .. ثم اعقبته بمقال اخر عنوانه بلاش ذمة التاريخ انا راضى ذمتك انت تعليقا على تعليقات القراء .. كانت المعلومات المتوفرة لدىّ من مصادر – أصدقها – تقول إن الرئيس السابق قد انتهى بالفعل .. وأن اعلان الخبر لن يتاخر لأكثر من ساعات .. لذلك كانت العاطفة غالبة على كلماتى المتعلقة بشخص الرئيس السابق .. الذى اعتبرته فى ذمة الله .. ولم يكن يدور فى ذهنى ان ما كتبته يمكن تفسيره على انه شكل من اشكال الثورة المضادة او انه دعوة لاجهاض ثورة 25 يناير .. بوضوح كنت اكتب عن رجل بلغنى انه مات .. وكنت ارى ان وفاته فى هذا التوقيت تحمل بعدا ايجابيا لانها ترفع ما قد تعتبره بعض الجهات حرجا عندما تطلب تجميد امواله او محاسبة عائلته .. لكن يبدو والله اعلم ان معلومات المصادر التى بنيت عليها موقفى لم تكن دقيقة بالقدر الكاف .. ولأن ما بنى على باطل فهو باطل فإننى لا اجد حرجا فى مراجعة موقفى وتصحيحه اذا لزم الامر .. فإذا كان مبارك قد مات فليتولاه الله .. وليس هناك من هو أعدل منه سبحانه وتعالى .. واذا كان حيا فاسمحوا لى ان اعيد نشر مقتطفات من مقال نشرته قبل سنوات فى عز مجده وسطوته وجبروته وكان عنوانه : احنا فى رقبة مين .. كتبت فيه : زمان وانا صغير سمعت او قرأت – مش فاكر بالضبط – القصة المشهورة عن سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه ومتعنا بلقائه فى الجنة ان شاء الله ، التى قال فيها "والله لو عثرت بغلة فى الفرات لخشيت ان يسأل الله عنها عمرا" يعنى الى هذا الحد- وأكثر - كان سيدنا عمر بن الخطاب يشعر بمسئوليته تجاه شعبه وناسه الذين جعله الله واليا عليهم ومسئولا عنهم ، وكما تعلمون حضراتكم فإن التعليم فى الصغر كالنقش على الحجر ، ومن هنا ثبتت هذه القصة فى دماغى ، وتركت بداخلى انطباعا لا يقبل الشك بأن كل واحد " كبير المقام "يكون مسئولا عن الناس الذين يعيشون تحت جناحه ، و ملتزما بتحقيق مطالبهم الحياتية المشروعة التى لابد لكى تتحقق أن يتم ذلك برعايته وتوجيهاته وتشجيعه ، عشان كده تجد السادة الوزراء والمسئولين متعودين" دايما " يقولوا : بناء على توجيهات الرئيس ، وتنفيذا لتعليمات الرئيس .. وهكذا ، وهم بذلك لا ينافقون ولا يتجاوزون وانما يقولون ما يجب ان يكون هو الحقيقة ، وطبعا لان البلاد كبيرة والعباد كتيرة والمسئوليات ليس لها حدود ، ولان الحاكم يريد ان ينام كل يوم مطمئنا على الناس المحكومين عشان لما ربنا يسأله عنهم يوم القيامة يعرف يرد ،كان لابد من ظهور مساعدين ومعاونين لسيادته سواء فى شكل محافظين او وزراء او ما الى ذلك .. والمفروض ان احنا كشعب ليست لنا علاقة باختيار هؤلاء المعاونين ، وبالتالى ملناش دعوة اذا كانوا كويسين ولا وحشين لان ربنا فى الاخر حيحاسب اللى اختارهم .. ومن ثم يجب عليه ان يتوخى الحذر والدقة والحيطة - بشرط متكونش مايلة -لانهم ممكن يودوه امام الشمس مش وراها لان وراها برضه جايز يبقى فيه ضل ، ولذلك أيضا فلا لوم على الرجل الذى يختار هؤلاء الناس- اذا شعر لاى سبب وفى اى وقت أن اختياراته خاطئة- فى ان يغيرها فورا ويختار اشخاصا آخرين ليعينوه على تحمل مسئولياته .. أليس كذلك ؟ طيب .. وبما ان ذلك كذلك ، فأنا عندى شوية أسئلة لا اعرف لها إجابة ، استأذنك فى ان اطرحها عليك لنفكر معا أو لتفكر انت لوحدك .. اولا : لما حضرتك تعانى من البطالة ويتمزق نعل حذاءك القديم المتهالك لتبحث عن عمل فلا تجد ، وانت ماشاء الله بنى ادم محترم ربنا كرمك على سائر خلقه يعنى مش بغلة زى اللى كان سيدنا عمر خايف ان ربنا يسأله عنها ، فمن يتحمل ذنبك ؟ ثانيا : لما تعرف ان هناك 10.7 مليون شخص لايمكنهم الحصول على احتياجاتهم الأساسية الغذائية بسبب الفقر حسبما جاء فى تقرير للأمم المتحدة يرسم صورة سيئة للأوضاع الاجتماعية فى مصر، فمن الذى يتعلق هؤلاء فى رقبته ؟ ثالثا : لما تحصل مذبحة كالتى حدثت فى بنى مزار بالمنيا واصابت الناس بالرعب والهلع والفزع .. فمن الذى سيقف امام الله متهما بأنه فرط فى واجبه تجاه تحقيق الامن لهؤلاء الناس بغض النظر عن كون الجانى مريضا نفسيا اذا كان هو بالفعل القاتل ؟ ومن المسئول اساسا عن ان يترك هذا المريض يعيش بين الناس حرا طليقا ؟ ثم نأتى للسؤال الاهم : كم مريضا من هذا النوع يعيشون بيننا كقنابل موقوتة مستعدة لارتكاب المجازر فى اى لحظة ونحن لا نعرف ؟ هنا ممكن حضرتك تسألنى : وهل تعتقد ان الحاكم مسئول ايضا عن هؤلاء ؟ وأقول لك : نعم أعتقد لان سيدنا عمر رضى الله عنه قال: لو عثرت بغلة لخشيت ان يسألنى الله عنها ، وانا اصدق سيدنا عمر ! وقد ختمت هذا المقال الذى نشرته فى صحيفة الدستور بهذه الجملة : اريد ان اذكرك بمسئولياتك انت التى اهملتها وابتعدت عنها ولم تعد تتحمل منها شيئا .. فالرسول صلى الله عليه وسلم قال فى حديث صحيح : " كلكم راع ٍ ومسئول عن رعيته ، فالأمير الذى على الناس راع وهو مسئول عنهم ، والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم ، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهى مسئولة عنهم ، والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته " اذن حضرتك عليك مسئولية - ومسئولية كبيرة ومباشرة – وهناك اشخاص ذنبهم فى رقبتك انت ايضا ، وهناك اوضاع لن تتغير الا اذا بدأت انت بالتغيير ، لان الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم ، والذى استطيع ان اعدك به : انك إن بدأت فسوف تنجح ، وإن اتقيت الله سيجعل لك -ولنا- مخرجا من كل الازمات والبلاوى التى نعيش فيها ويرزقنا من حيث لانحتسب ، لان ربنا قال .. وصدق الله العظيم فيما قال .. اما الذى نحن فيه فمن اعمالنا ، فاللهم برحمتك لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا .. وساعدنا يا ربنا لنكون شعبا فاضلا ومن ثم نستحق ان ترزقنا بحاكم فى عدل عمر ؟ - ممكن ؟ - ايه؟ .. مش بعيد على ربنا ! محمد عبد لله