دراسة حديثة تؤكد أن مصر تعد ثاني دول العالم في زيادة حالات الطلاق فيها بعد السعودية، فما هي الأسباب التي وصلت بنا إلي ذلك؟ هذا ما سنحاول معرفته من المستشار مصطفي الشريف المتحدث الرسمي باسم المأذونين في مصر، والذي يطالب بإنشاء نقابة لزملاء مهنته أملا في أن تكون عاملا مساعدا في القضاء علي ظاهرة ارتفاع معدلات الطلاق في مصر. ما العلاقة بين إنشاء نقابة للمأذونين وتحجيم ظاهرة ارتفاع حالات الطلاق؟ النقابة سيكون دورها إرشادي خاصة لما لدور المأذون نفسه من أهمية كبيرة في المجتمع، بحكم كونه رجل علي درجة كبيرة من العلم والثقافة والوعي، مما يتيح له فرصة نصح أي زوجين يقدموا علي الطلاق والأضرار المترتبة عليها وضرورة أن يعطوا أنفسهم فرصة أخري كمحاولة لإصلاح الأمر. و لكن هذا ما يحدث بالفعل .. فأين الجديد؟ لا، الأمر لم يعد مثل زمان، فنظرا للحالة الصعبة التي وصل لها حال المأذون اليوم فأصبح ما يعنيه هو أن يحصل علي أجره، صحيح هو يحاول الإصلاح ولكن ليس كما ينبغي أو على الأقل بالطريقة التي يمكنه بها إرجاع الزوجين عن تلك الخطوة. من واقع خبرتك الكبيرة في العمل بتلك المهنة .. ما هي أكثر الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق؟ أسباب كثيرة جدا، وهي بالمناسبة تختلف مع الزمن والظروف، ولكن هناك نقطة مهمة لابد أن نشير إليها وهي أن الأسباب الاقتصادية تعد من أقل العوامل التي تؤدي إلى الطلاق، وليس كما يتصور البعض أنها تكون أحيانا عاملا رئيسيا يؤدي إليه، أما الأسباب الأخرى فهي عادة ما تكون توقعات الزوجين من بعضهما حيث يبدأ كل طرف منهما حياته مع الأخر، وهو متوقع منه أن يبذل أقصي ما في وسعه ليسعده دون أن يفكر ما الذي يمكن أن يفعله هو الآخر ليسعد شريكه، فضلا عن أن الموبايل والإنترنت لهما دورا أيضا حيث سهلا الخيانة الزوجية والتي عادة ما تصل بالزوجين إلى الطلاق، وهناك بعض الأعمال الدرامية التي قد تقلب البيت لساحة معركة دائمة مثل المسلسلات التركية بكل ما تحمله من صورة رومانسية حالمة للزواج مما يدفع بعض الزوجات إلى مطالبة أزواجهم بأن يعاملوهن بنفس الطريقة التي يشاهدونها دون أن يدركوا أن الحكاية كلها مجرد تمثيل، وأن الواقع مختلف تماما. هل هناك شريحة اجتماعية معينة عادة ما تكون معدلات الطلاق فيها أكبر؟ عادة ما تكون معدلات الطلاق أكبر في الشرائح الاجتماعية العالية، حيث يتصور الطرفين أن الطلاق أصبح شيئا بسيطا وسهلا، ولكنهما بعد الطلاق يكتشفا صعوبة الأمر، فضلا عن أن صبرهما علي بعضهما البعض يكون ضعيفا لذلك فمعظم حالات الطلاق في هذه الطبقات تكون ما بين السنة الأولي إلى الخامسة في الزواج، وهناك نقطة أخري هامة بالنسبة لتلك الشرائح الاجتماعية وهي أن الأبناء لا يدركون قيمة وقدسية الزواج لأن الآباء عادة لم يحرصوا علي تعليمهم إياها، وهنا يأتي دور النقابة أيضا وهو التوعية بقدسية الزواج وضرورة احتمال المشاكل التي تواجهه في البداية. ولكن هناك حالات يصبح الطلاق فيها حلا لا مفر منه؟ هذا حقيقي وإلا ما شرعه الله، فهناك حالات تستحيل فيها العشرة فعلا وبالتالي يصبح الطلاق حلها الوحيد، بدلا من أن ينتهي الأمر بنهاية مأساوية للطرفين، ولكن علينا أن نتأكد أولا أن الحياة و الاستمرار فيها أصبح مستحيلا بالفعل. هل أصبحنا نعاني من مشكلة عنوسة بالفعل أم أن الحكاية كلها ليست أكثر من ضجة إعلامية ودرامية؟ أولا أنا معترض علي كلمة عنوسة لما يترتب عليها من ظلم كبير يقع علي الفتاة والرجل أيضا لأن مصطلح عانس يطلق علي كل من تأخر زواجه سواء كان شابا أو فتاة، ومن خلال تجربتي الطويلة في هذا المجال أستطيع أن أجزم أن جزءا كبيرا من هذه المشكلة سببه مغالاة أسر البنات في متطلبات الزواج، بالإضافة إلى أنه هناك نسبة كبيرة من البنات يخترن عدم الزواج برغبتهن نظرا لأنهن لم يجدن الرجل المناسب أو المواصفات التي يبحثن عنها. هناك عددا من الجمعيات تطالب بالزواج الثاني .. فما رأيك؟ الزواج الثاني فاشل بنسبة 95% لأن الأصل في الإسلام أن تكون الزوجة واحدة، أما التعدد فهو الاستثناء طبقا للشروط التي يتم عليها التعدد اعتمادا علي قول الله تعالي "فإن خفتم آلا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدني ألا تعولوا" لأن شروط التعدد ليست بالبساطة التي يتصورها البعض بالعكس فهي صعبة جدا، وعلي من يقدم علي تلك الخطوة أن يفكر ألف مرة، خاصة إذا لم تكن عنده الأسباب التي تستدعي ذلك. أيهما أبقي زواج العقل أم القلب؟ لابد أن يتوافرا معا، فالحب قبل الزواج أو علي الأقل القبول يجعل كل طرف أكثر صبرا علي الآخر، أما الحب الذي يأتي بعد الزواج فعادة ما يكون أقوي وأبقي.