صادق الرئيس التركي عبد الله جول على القرارات التي صدرت عن مجلس الشورى العسكري إحالة جميع قادة القوات المسلحة التركية بأفرعها الأربعة البرية والجوية والبحرية والدرك إلى التقاعد. وأجتمع مجلس الشورى العسكري لثلاثة أيام برئاسة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أدوغان، وانتهت أعماله السبت الماضي. وكان نائب رئيس الأركان الجنرال خلوصي أكار الذي تمت ترقيته ليصبح قائد القوات البرية ومن ثم رئيس الأركان في عام 2015 قد رافق أردوغان في زياراته المهمة لعدد من الدول في مقدمتها الولاياتالمتحدة ويعتبر أحد الشخصيات العسكرية المقربة من رئيس الوزراء التركي. وطبقا لقرارات المجلس تم تعيين الجنرال آكن أوزتورك بمنصب قائد القوة الجوية ، فيما يتسلم الأدميرال بولنت بوستان أوغلو منصب قائد القوات البحرية ، والجنرال ثروت يوروك ، قائد قيادة التوعية والتدريب، منصب قائد قوات الدرك "الجندرمة" خلفا لقائد قوات الدرك الحالي الجنرال بكير كاليونجي. وكان من المتوقع تسليم كاليونجي قيادة القوات البرية ومن ثم رئاسة الأركان في عام 2015 خلفا للجنرال نجدت أوزال ولكن تم إحالته للتقاعد فيما مثل أحد القرارات المفاجئة الصادرة عن اجتماعات مجلس الشورى العسكري. وقد أحيل كاليونجي للتقاعد بعد رفض الحكومة برئاسة أردوغان وعدم مصادقة رئيس الجمهورية جول في أعقاب ما تردد عن ذكر اسم كاليونجي في قضية آرغنغون بموجب اعترافات بعض المتورطين في القضية إضافة إلى إدراج اسمه في تقرير معد من قبل جهاز المخابرات التركي يزعم أن الجنرال كاليونجي قد قال إن للرجعية الدينية مخاطر كبيرة على الدولة وذلك خلال إحدى الاجتماعات الأمنية التي ترأسها أردوغان، إلى جانب مزاعم أخرى تشير إلى أن كاليونجي هو أحد معارضي عملية السلام الجارية بين الحكومة التركية والزعيم الانفصالي عبدالله اوجلان لتسوية القضية الكردية. ويشير مراقبون إلى أن الترقيات في صفوف الجيش التركي لم تعد تعتمد المعايير العسكرية المعتادة في الأعوام الماضية ولكن تركت لاختيارات رئيس الوزراء أردوغان وذلك بعد إحالة كاليونجي للتقاعد واختيار الجنرال خلوصي أكار الذي يتسلم رئاسة الأركان في 2015 حيث يتردد أن أكار "شخصية عسكرية تفكر وتخطط مثل المدنيين ولكن تتحرك مثل العسكريين وبانسجام كامل مع السلطة المدنية". ويرى المراقبون أن قيام أردوغان باعتماد الأسماء بدلا من المعايير العسكرية المعتادة يمثل دليلا أو معيارا للديمقراطية وبالتالي فإن تحديد أسم رئيس الأركان التركي في عام 2015 من الآن هو بمثابة رسالة تنم عن قوة الحكومة المدنية وأنها صاحبة القول الوحيد فيما يختص بأمور المؤسسة العسكرية. ومن جانب آخر يؤكد الإسلاميون أن أردوغان أصبح مسيطرا على الجيش تماما بحيث لا يمكن بعد الآن القيام بانقلابات عسكرية ضد الحكومات المدنية أو بمعنى آخر "رضخ الجيش أمام رئيس الوزراء أردوغان"، على حد وصفهم. ومن ناحية أخري ، أصدر القضاء التركي الاثنين، حكمه في قضية شبكة أرجينيكون الانقلابية، بإسقاط التهم عن 21 متهماً وبالسجن لفترات تصل إلى 20 عاما على البعض وذلك في سياق محاكمة 275 شخصا بينهم رئيس الأركان السابق للجيش التركي بتهمة التآمر لإطاحة الحكومة في تركيا، حسب ما أفادت شبكة "تي أن في" التلفزيونية الخاصة. وهذا أول حكم من سلسلة محاكمات مثيرة للجدل، تهدف منذ خمس سنوات إلى إحباط مؤامرات مفترضة ضد الحكومة الإسلامية المحافظة. واعتقل عشرات المتهمين بين جنرالات وصحفيين وزعماء عصابات إجرامية منذ 2007 يحاكمون منذ أكتوبر الأول 2008 في إطار هذه المحاكمة التي نددت بها المعارضة العلمانية. ومن بين المتهمين ال275، يوجد 66 حاليا في السجن وتجري المحاكمة في محكمة سيليفري على مسافة خمسين كلم غرب اسطنبول. ووجهت عشرات الاتهامات إلى شبكة "أرغينيكون" التي تحمل اسم السهل الأسطوري في آسيا الوسطى من حيث يتحدر الشعب التركي، تتراوح بين تدبير انقلاب عسكري ضد رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان وحزبه حزب العدالة والتنمية الذي يحكم البلاد منذ 2002، وبإضرام حرائق وحيازة أسلحة بصفة غير شرعية. والبيان الاتهامي الواقع في 2455 صفحة يتهم أعضاء الشبكة التي يعتبرها مجموعة من القوميين المتطرفين الذين يحاولون الاستيلاء على السلطة في تركيا، بالتخطيط لشن سلسلة من الهجمات وأعمال عنف سياسية على مدى عقود لإثارة الفوضى في البلاد. وطلب الادعاء إنزال أحكام قاسية بالانقلابيين المفترضين، والحكم بالسجن مدى الحياة على 64 منهم بتهمة "محاولة قلب النظام الدستوري بالقوة". ومن بين المتهمين قائد الأركان السابق الجنرال ايلكر بسبوغ الذي قاد الجيش التركي بين 2008 و2010 والذي ينفي كل التهم الموجهة إليه وتمت تبرئته. وفي حين تعتبر المعارضة العلمانية هذه المحاكمة الطويلة التي بدأت عام 2008 مطاردة تهدف إلى إسكات منتقدي حكومة أردوغان، فإن الأوساط المؤيدة للحكومة تشيد بها وترى فيها خطوة نحو الديمقراطية في تركيا حيث قام الجيش بثلاثة انقلابات دامية في 1960 و1971 و1980. واثنان من المتهمين مصطفى بلباي ومحمد هبيرال انتخبا نائبين لأكبر حزب معارض (حزب الشعب الجمهوري، علماني) في 2011 خلال اعتقالهما لكنهما ما زالا مسجونين.