استانفت محكمة جنايات شمال القاهرة اليوم الجلسة الختامية لمحاكمة الرئيس المخلوع حسنى مبارك ونجليه ووزير داخليته وكبار مساعديه وقضت فى ختام الجلسة بتحديد موعد النطق بالحكم على المتهمين بجلسة 2 يونيو المقبل .. وكان المستشار أحمد رفعت قد أعلن فى الجلسة الماضية أن جلسة اليوم ستكون الأخيرة قبل النطق بالحكم فى الاتهامات الموجهة للرئيس السابق ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى فىيما يتصل بتهمة قتل المتظاهرين وكانت النيابة العامة قد طالبت فى مرافعتها فى الخامس من يناير الماضى بتوقيع أقصى العقوبة على الرئيس السابق حسنى مبارك ووزير داخليته وهى الاعدام شنقا بتهمة قتل المتظاهرين والسجن 15 عاما مع الشغل لكل من علاء وجمال مبارك ومن جانبه طعن فريد الديب محامى مبارك فى تقرير لجنة الصحة بمجلس الشعب والذى يقضى بنقل مبارك إلى مستشفى سجن طره مؤكدا فى مرافعته أن هذا يعد تدخلا صريحا بين عمل السلطة التشريعية وسلطة القضاء خاصة وأن هيئة المحكمة هى التى قررت إيداع مبارك المركز الطبى فكيف تتدخل لجنة الصحة بمجلس الشعب وتفرض وصايتها على هيئة المحكمة وطالب الديب برفض تقرير النائب العام فيما يتصل بنقل مبارك .. ومن جانبه طلب المستشار أحمد رفعت من مبارك أن يدلى بتعقيبه على كل ما هو وارد بشأن المحاكمة قائلا أنه لم يفرق بين متهم وآخر وأن جميع المتهمين سواسية أمام القانون لكن مبارك اكتفى بعبارة " لا يا سيادة القاضى اكتفى بما سيقوله المحامى فريد الديب" وبعد رفع الجلسة للمداولة وعودتها استشهد مبارك ببيت الشعر الذى يقول " بلادى وإن جارت علي عزيزة وأهلى وإن ضنوا علي كرام". أما حبيب العادلى فقد ذكر فى تعقيبه أنه سيقول شهادة للتاريخ وأقسم على صدق ما سيقوله مستشهدا بالآية القرآنية الكريمة " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين".. وأكد العادلى فى سياق دفاعه عن نفسه أنه لم يكن مسئولا عن قطع الاتصالات وإنما تم ذلك بأوامر من الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء وقتها .. وذكر العادلى أنه لم يأمر بقتل أى مواطن وأنه جرى تنظيم أكثر من 980 مظاهرة فى عام 2010 لم يقتل فيها مواطن وشهدت بدايات عام 2011 نحو 120 مظاهرة وكانت تعليماتى دائما بضبط النفس وعدم اللجوء للعنف .. ونوه العادلى لمؤامرة كان هدفها تخريب جهاز الشرطة وإسقاط النظام وأن الربيع العربى مؤامرة وأن الإعلام كان مشتركا فى هذه المؤامرة عندما أشاع أن عدد قوات الشرطة 2 مليون بينما العدد الحقيقى لأفراد الأمن المركزى لا يتجاوز 120 ألف جندى فقط .. ونفى العادلى التهمة المنسوبة إليه بقتل المتظاهرين وإنما تم الاعتداء على الشرطة حسب قوله وكانت النتيجة احتراق وتدمير 150 مركز وقسم شرطة وكشف العادلى أنه قبل قيام الثورة كانت هناك محاولات ومساعى للحشد والتثوير ودفع الناس للخروج واشترك فى هذه المؤامرة أطراف وعناصر خارجية وداخلية ولفت العادلى الانتباه إلى أنه كان هناك تعاون بين أجهزة أمن الدولة وبعض التنظيمات السياسية وأن الجهاز سعى للحد من هذه المظاهرات ومنع التكتل والتجمع لكن وزير الداخلية لم يأمر باستخدام العنف ضد أحد واختتم العادلى شهادته بتوجيه الشكر للقوات المسلحة لمواقفها الوطنية فى حماية مصر خلال هذه الفترات العصيبة كما تقدم العادلى بالعزاء لأهالى الشهداء كما أكد أن الثورة بدأت سلمية وأصبحت ثورة لكنها لم تكن كذلك فى بدايتها. أما اللواء أحمد رمزى مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن المركزى السابق والمتهم بقتل المتظاهرين فقد أكد فى رده على الاتهامات المنسوبة إليه بأنه حظر استخدام السلاح لمنع المظاهرات وقال أنه قام بتعنيف الضباط لمنع حمل الأسلحة فى مواجهة المتظاهرين لكن قوات الأمن المركزى انهارت تماما عصر يوم جمعة الغضب وتم إحراق ما يزيد عن 150 سيارة من سيارات الأمن المركزى مما أصاب القوات بالشلل ومنعها من التحرك فانسحبت من الميدان وفر الكثير من عساكر الأمن المركزى وأكد اللواء أحمد رمزى أن قوات الأمن المركزى ليست مدربة على استخدام العنف وإنما مدربة على مواجهة الشغب وأنها تستخدم فى تأمين المسيرات والمباريات ولا تعرف كيف تستخدم السلاح. وحول الصعوبات التى تواجه هيئة المحكمة فى النطق بالحكم فى تلك القضية يقول المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق والخبير القضائى الكبير: هذه المحاكمة تتميز بأنها تحميل دائرة للجنايات لنظر قضية بها نوعان من الاتهامات تتعلق بشعب بأكمله مع أنه من المتعارف عليه بأن دوائر الجنايات تنظر فى جرائم القتل فيكون هناك جانى واحد أو إثنان أو ثلاثة على الأكثر ويكون هناك مجنى عليه أو إثنان أو ثلاثة وبالتالى يكون إثبات الأدلة وسماع أقوال الشهود أمر سهل لكننا هنا كنا أمام محاكمة فريدة من نوعها عندما يكون هناك ما يقرب من ألف قتيل وألف وخمسمائة شاهد و30 ألف ورقة أو يزيد وعندما يكون المتهم حكام البلاد فنحن هنا أمام محكمة غير عادية بالمرة وربما لم تتكرر فى التاريخ الإنسانى أن يعاقب رئيس دولة ونظامه أمام قاضيه الطبيعى وليس أمام محكمة ثورية أو حتى أمام محكمة لها طابع خاص ولهذا فالحكم على القضية لن يكون سهلا .. ومن ناحية أخرى فإنه تم إتلاف السى ديهات الخاصة بأوامر إطلاق النار على المتظاهرين وعوقب من فعل ذلك من رجال الشرطة فضاعت أدلة كثيرة كان يمكن أن تخفف العبء على عدالة المحكمة. ويضيف المستشار حامد الجمل أن المحكمة لم تكن بصدد مناقشة تهمة واحدة وإنما وجدت نفسها أمام تهم عديدة من قتل للمتظاهرين وفساد وإهدار للمال العام وهذا كان يحتاج للفصل من البداية فليس هناك صلة موضوعية بين هذه التهم العديدة أيضا نحن أمام محاكمة نظام بأكلمه تسبب فى انهيار حياة المصريين وفرض الطوارىء وانتشرت البطالة وأزمة الإسكان واعتقل الآلاف من المواطنين بلا أدنى ذنب وتم نهب الثروة القومية للبلاد لحساب عائلة الرئيس المخلوع وحاشيته ولهذا كان ينبغى أن يحاكم مبارك ونظامه على هذه التهم فى دائرة أخرى تختص بفساد النظام بمعزل عن الدائرة التى يحاكم فيها بتهمة قتل المتظاهرين. ويؤكد المستشار حامد الجمل أنه لن يكون من السهل إصدار الحكم على الإطلاق وأنا مشفق على هيئة المحكمة ويكفى أن نتصور أن المحكمة مطلوب منها مطالعة ما يزيد عن 30 ألف ورقة متعلقة بالقضية وسماع أقوال الشهود ومرافعة النيابة وخلافه ودراسة أدلة القضية. وحول الأحكام المتوقعة يؤكد المستشار حامد الجمل أن القضية لها طبيعة خاصة وطالما كان هناك قتلى يجب أن يكون هناك مجرمون مدانون وإذا أثبتت هيئة المحكمة بكافة وسائل الاستدلال والأدلة المنطقية والشفهية والوسائل المادية أن المتهمين تسببوا فى قتل المتظاهرين عمدا مع سبق الإصرار فإن العقوبة المنتظرة هى الإعدام ..