بعد عام من سقوط نظام حسني مبارك الاستبدادي، بدا واضحا أن الثقافة الغربية تسعى للاجابة عن السؤال الكبير والمركب :"لماذا قامت ثورة 25 يناير الشعبية المصرية وإلى أين تتجه؟" ومن نافلة القول إن هذا السعى بتجلياته المتعددة من كتب وبحوث وطروحات وتحليلات يتجه فى المقام الأول صوب صانعى القرارات السياسية فى الغرب فضلا عن القارىء العادى . والمشهد من ضفاف الغرب يؤكد أن الثقافة الغربية لم تتخذ موقف الجمود أو المتفرج السلبى حيال ثورة يناير بتداعياتها الهائلة والربيع العربى ككل بأمواجه الهادرة وانوائه الصاخبة وإنما راحت كثقافة حية ترصد وتحلل وتستنتج متجاوزة صدمة العجز عن التنبوء قبل أن تقع الواقعة وتتساقط الأنظمة الباغية – حسب ما جاء في تقرير لوكالة أنباء الشرق الأوسط- ومع أن ثورة 25 يناير التى اطاحت بنظام استبدادى تبدو عصية على التنميط ومتحررة من التنظيرات الايديولوجية المسبقة أو القوالب الاعلامية الشائعة لحد الابتذال لم يتهيب الباحثون فى الغرب من التعامل مع هذه الظاهرة الجديدة فى تاريخ الثورات وبدأوا فى محاولة الاجابة على السؤال الكبير والمركب :"لماذا وإلى أين؟" . وفى كتابه الجديد "النضال من أجل مصر: من ناصر إلى ميدان التحرير"-يعقد المؤلف ستيفن كوك مقارنات بين ثورة 25 يناير 2011 التى يعتبرها علامة فاصلة فى التاريخ السياسى العربى وثورة 23 يوليو 1952 فيما يؤكد على أن كفاح الشعب المصرى مستمر . وستيفن كوك هو كبير الباحثين فى شؤون مصر والشرق الاوسط بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكى وكتابه الجديد الصادر عن دار نشر جامعة اكسفورد العريقة بمثابة دراسة عميقة عن مصر وبما يصفه ببحثها الدؤوب عن هويتها الوطنية وطريقها السياسى . كما ألهمت الثورة المصرية العديد من الكتاب الفرنسيين الذين تسابقوا فى تحليل الأسباب الإجتماعية والإقتصادية والسياسية للثورة ورصد وقائعها يوما بيوم بالإضافة إلى السير الذاتية لبعض الثوار المصريين وشهاداتهم. فعلى مدار العام الماضى ظهر العديد من الكتب من اهمها كتاب "مصر التحرير"، عن دار نشر "الدورادو" للصحفيين الفرنسيين كلود جيبال وتانجى سالون والذى يقع فى 240 صفحة من القطع المتوسط . ويبدأ الكتاب باستعراض لمشاهدات ميدان التحرير خلال الثمانية عشر يوما للثورة، قبل أن يحاول الكاتبان تفسير أسباب خروج المصريين للشارع، بقراءة لما جرى فى مصر قبل 25 يناير، كما يضم فصلا خاصا عن الشباب المصرى الذى أطلق عليه لقب "جيل الفيسبوك"، فيما تحدثا عن سقوط آل مبارك والشرطة، ومواقف الجيش المصرى، ووضع الإخوان المسلمين والأقباط، وظاهرة التدين فى مصر، ومحاولات وضع أسس ديمقراطية حقيقية . كما اصدر الكاتب والصحفى الفرنسى "روبير سولي" كتابه "سقوط الفرعون" عن دار نشر "ليزارين" والذى يتحدث فيه عن الثمانية عشر يوما التى غيرت وجه مصر. وصدر أيضا كتاب "مصر الحاضر...تحليل لمجتمع ما قبل الثورة" عن دار نشر "سندباد" للباحثين فانسان باتيستى وفرنسوا ايرتون، والذى يتناول الأوضاع والأزمات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية فى مصر قبيل الثورة. واصدرت دار نشر "ميشيل لافون" كتاب "مصر..بدايات الحرية" للناشطة السياسية المصرية شاهيناز عبد السلام، المقيمة حاليا فى باريس، والصحفى تانجى سالون، والذى تتحدث فيه شاهيناز تجربتها كناشطة سياسية فى عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك . كما كان للكتاب المصريين نصيب فى المكتبات الفرنسية فصدرت الطبعة الفرنسية من كتاب الأديب علاء الأسوانى "تأريخ الثورة الفرنسية" وهو عبارة عن تجميع للمقالات التى كتبها الأسوانى فى الصحف المصرية والعربية قبيل وخلال الثورة.