مازلت أذكر أبلة ليلي وعينيها تطق شرارا.. ترفع يدها وتتلاعب بأصابعها ومن ثم تعتصر الهواء في قضبتها وهي تصرخ فينا »روحكم في إيدي».. تهددنا بأنها تتحكم في درجات أعمال السنة والسلوك والنجاح والرسوب.. وكنا مازلنا أطفالا خلعنا للتو مريلة الابتدائي.. نصدقها ونخشاها وهي لا تجد غير التهديد طريقاً لقهرنا وإحكام سيطرتها علي الفصل.. واستمر الحال علي ما هو عليه حتي رأيناها مدحورة مذعورة أمام لجنة للتحقيق.. وعندها سقطت الأسطورة. ليس دفاعاً عن طلاب الأزهر الذين اضطرهم أستاذهم علي خلع بنطلوناتهم أمام زملائهم كشرط لنجاحهم ولإثبات نظرية في مخيلته وحده ولكن إذا كان هذا حال مدرسة إعدادي بلا أي سلطات إلا بضع درجات ووراءها جيش من الرقباء فما بال الأستاذ الجامعي وبعضهم - وهم والحمد لله قلة - يرفع شعار »أنا ربكم الأعلي» وكلمته لا ترد ولا تصد وتقديراته بلا رقيب ولا حسيب وكلنا وللأسف لدينا حكايات لطلاب باتوا في كلياتهم أعواما لم يتخرجوا انتظاراً لعفو أستاذ. إن ما حدث مع طلاب الأزهر ما هو إلا قهر الرجال الذي نعوذ بالله منه وإن كنا لا نرضي بأي حال من الأحوال عن تخليهم عن كرامتهم فربما التمسنا لهم العذر مع حداثة السن وذل الحاجة للنجاح والإفلات من سيطرة أستاذ لا نجد له عذراً لقمع الطلاب وإذلالهم.. كما لا نجد مبرراً لمعاقبة الطلاب الذين قاموا بتصوير فيديو الواقعة ونشرها علي مواقع التواصل الاجتماعي فهو نوع آخر من القمع ومصادرة الحريات.. فما حدث ما هو إلا حادث فردي لا ينال من جامعة الأزهر ومكانتها وكونها منارة للعلم ومركز إشعاع للعالم الإسلامي كله.