إنتهت الجلسة المطولة التي عقدها مجلس الأمن التابع للامم المتحدة يوم الثلاثاء حول الملف السوري دون اتفاق. وبحث المجلس إمكانية تبني قرار لإنهاء العنف المتواصل في سوريا، وسط دعوات غربية وعربية بضرورة اتخاذ خطوات فورية لحل الأزمة المتواصلة منذ عشرة أشهر في البلاد تشمل تنحي الرئيس السوري بشار الأسد. وفي مستهل الجلسة، حَض الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي مجلس الامن على اتخاذ "إجراء سريع وحاسم" مشيرا إلى أن الدول العربية تحاول تفادي التدخل الأجنبي في الأزمة السورية. "آلة قتل" من جانبه دعا رئيس وزراء قطر وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني المجلس إلى اتخاذ خطوات لوقف "آلة القتل" في سوريا. واتهم بن جاسم آل ثاني نظام الرئيس السوري بشار الأسد ب"قتل شعبه" وقال إن "جهودنا ومبادراتنا ذهبت أدراج الرياح اذ لم تبذل الحكومة السورية أي جهد للتعاون مع جهودنا ". ونبه رئيس الوزراء القطري الى أن " آلة القتل لا تزال تعمل والعنف يستشري في كل مكان". ودعا بن جاسم إلى اعتماد مشروع القرار الذي تقدمت به المغرب ويدعو إلى تسليم الرئيس السوري مهامه الى نائبه لانهاء العنف والبدء بمفاوضات لايجاد حل للازمة معتبرا ان عدم قيام مجلس الامن بذلك سيوجه "رسالة خاطئة" للنظام السوري تشجعه على الاستمرار ب"آلة القتل". ولكن روسيا والصين قالتا إن خطة الجامعة العربية ترقى الى تغيير نظام الحكم في دمشق بالقوة، وعبرتا عن معارضتهما للمقترحات العربية. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغيه لافروف "لا اظن ان السياسة الروسية تتضمن مطالبة رؤساء الدول بالتنحي." واضاف "بالتأكيد، نحن ندين بشدة استخدام القوة من قبل القوات الحكومية ضد المدنيين، ولكننا ندين بنفس الشدة نشاطات المجموعات المسلحة المتطرفة التي تهاجم المواقع الحكومية." من جانبه، قال المندوب الصيني الى المنظمة الدولية لي باودونغ "إن الصين تعارض بقوة الدفع باتجاه تغيير النظام في سوريا بالقوة، لأن ذلك يعد انتهاكا لميثاق الاممالمتحدة والمعايير الأساسية التي تحكم العلاقات الدولية." وفي وقت لاحق، نقلت وكالة رويترز عن فلاديمير تشيزوف، المندوب الروسي لدى الاتحاد الاوروبي، قوله إن مشروع القرار العربي لن يكتب له التوفيق في مجلس الامن ما لم ينص بشكل واضح على رفض التدخل العسكري الخارجي. وقال تشيزوف في تصريحات نقلتها وكالة انترفاكس الروسية "إن مشروع القرار يفتقر الى عنصر رئيس، هو الرفض القاطع لأي احتمال ان يستخدم (القرار) لتبرير التدخل العسكري الخارجي في الشأن السوري. لذلك، لا ارى املا في اعتماد مشروع القرار كما هو عليه الآن." وينظر الى تصريح تشيزوف بوصفه احدث مؤشر الى احتمال ان تقوم موسكو بنقض مشروع القرار اذا لم تدخل عليه التعديلات التي تطالب بها. مشاورات وقالت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون في وقت لاحق إن المشاورات حول منطوق مشروع القرار ستتواصل، واضافت "سنبذل جهودا مركزة ومتسقة في الايام القليلة المقبلة من اجل الوصول الى اتفاق في المجلس على اصدار قرار يبعث برسالة الى الرئيس الاسد ونظامه." وكانت كلينتون قد نبهت في وقت سابق الى تفاقم العنف في سوريا، مما يجعل البلاد على شفا حرب أهلية. وقالت كلينتون في كلمتها أمام المجلس إن "الدليل واضح ان قوات الاسد تبدأ الهجمات التي تقتل المدنيين لكن مع حمل المزيد من المواطنين للسلاح لمقاومة وحشية النظام فمن المرجح أن يخرج العنف عن السيطرة". ودعت كلينتون مجلس الأمن الذي يضم 15 عضوا إلى دعم مشروع قرار أوروبي عربي مؤكدة أنه في حال وقوف المجلس مكتوف الأيدي حيال ما يجري في سوريا فسيفقد صدقيته. وقالت إن " الاستخفاف بالجامعة العربية والتخلي عن الشعب السوري وتشجيع الديكتاتور على القيام بمزيد من التهور يزيد من تفاقم هذه المأساة ويمنعنا من تحمل مسؤولياتنا ويضعف صدقية الاممالمتحدة". وتقول مراسلة بي بي سي في الاممالمتحدة برباره بليت إن الدول الغربية كانت تأمل ان تخفف روسيا من معارضتها في جلسة يوم الثلاثاء. "الصمت المخزي" من جانبه دعا وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه المجلس إلى الخروج عن "صمته المخزي" بشأن سوريا من خلال تبني قرار يدعم خطة الجامعة العربية. وقال جوبيه : "اليوم نجتمع كي ننهي الصمت المخزي لهذا المجلس". وأوضح قائلا "من واجب هذا المجلس ان يتخذ قرارا حول حالات خطيرة كما هو الحال في سوريا وأن يتبنى سريعا ويدعم مشروع القرار" الذي يدافع عنه الاوروبيون والدول العربية ولكن تعرقله حتى الآن روسيا والصين. وأضاف جوبيه "يعود الى الجامعة العربية ان تطبق خطتها. أما مسؤوليتنا فهي أن نساعدها في تطبيق هذه الخطة بتوجيه رسالة واضحة الى النظام السوري بان المجتمع الدولي موحد خلف الجهود العربية". الموقف السوري وفي المقابل، رفض مندوب سوريا لدى الأممالمتحدةبشار الجعفري مشروع القرار العربي الذي يدعو الرئيس السوري إلى التنحي مؤكدا أن دمشق ستواجه "أعداءها". وأشار الجعفري في كلمته أمام مجلس الأمن إلى أن "سوريا ستواجه بحزم أعداءها" متهما الجامعة العربية بأنها "تلتقي مع المخططات غير العربية الهادفة لتدمير سوريا". في غضون ذلك رفض مندوب روسيا لدى الأممالمتحدة فيتالي تشوركين مشروع القرار الذي يدعو الأسد إلى التنحي عن السلطة معتبرا أنه يجب على الاممالمتحدة ألا تزج بنفسها في نزاع "داخلي". وقال تشوركين إنه ربما توجد "فرصة أخيرة لكسر دوامة العنف في سوريا. ولكن لا يجوز ان يفرض مجلس الامن شروط تسوية داخلية". وأضاف "نحن مقتنعون انه في الوقت الذي تحصل ازمة سياسية داخلية خطيرة فان المجتمع الدولي يجب ألا يدعو الى تأجيج الأزمة". وأشار إلى أن بلاده " تعمل منذ البداية كي يكون الشعب السوري قادرا على اتخاذ قراره بنفسه".