كشف البنك المركزي المصري في تقرير حديث له عن أن أرصدة البنوك المصرية في الخارج وصلت إلى ما يعادل 93.045 مليار جنيه مقارنة بنحو 78.9 مليار جنيه في نهاية يناير 2011 (الدولار يساوي 5.95 جنيهات مصرية تقريبا)، وهو ما يعتبره خبراء محاولة من البنوك المصرية لاتباع سياسات تحوطية؛ لتجنب المزيد من الآثار السلبية لثورة 25 يناير التي أطاحت بالرئيس المصري السابق حسني مبارك. ويرجع د. أحمد الأنصاري، أستاذ البنوك والتمويل بجامعة القاهرة، في تصريحات خاصة ل "العربية.نت" اتجاه البنوك المصرية لتوظيف احتياطياتها من العملات الأجنبية في الخارج بالرغم من تدني العائد على هذه الاحتياطيات في البنوك الخارجية إلى محاولة تجنب المخاطر الاقتصادية الناتجة عن التوترات السياسية في الداخل، إلا أن الأنصاري يحذر من أن ارتفاع أرصدة هذه البنوك في الخارج يشكل ضغطًا على احتياطيات مصر من النقد الأجنبي، وخاصة في ظل انخفاض إجمالي ودائع البنوك المصرية وانخفاض المراكز المالية لها. الأمان والربحية وقال الأنصاري إن من أهم العوامل التي تجبر البنوك على زيادة أرصدتها في الخارج هو انخفاض معدل الاستثمار في السوق المصرية بعد أحداث ثورة يناير، وتوقع عودة هذه الأرصدة بعد اختيار رئيس جديد للبلاد واستقرار الأوضاع في مصر. أما إسماعيل حسن -محافظ البنك المركزي المصري السابق ورئيس مجلس إدارة بنك مصر إيران للتنمية، فيقول في تصريحات خاصة ل " العربية نت": إن البنوك تتجه إلى تحويل بعض أرصدتها بالعملات الأجنبية كالدولار واليورو للخارج لفتح الاعتمادات المستندية لعملائها لدى البنوك بالخارج لتسهيل حركة التجارة المصرية مع العالم الخارجي، فضلا عن توظيف الأرصدة غير المستغلة في الداخل في بنوك بالخارج، مؤكدا أن تلك الأرصدة تتعلق باحتياطيات البنوك المصرية ولا تخص الأرصدة الخاصة بالعملاء. ومن جانبه أكد فتحي الليثي، مدير قطاع الاستثمار بأحد البنوك التجارية ل "العربية. نت" أن ارتفاع أرصدة البنوك المصرية في الخارج يرجع إلى رغبة البنوك في التحوط من بعض المخاطر الموجودة في السوق المصرية، مؤكدا أن البنوك المصرية عادة تفضل عامل الأمان على عامل الربحية في ظل الظروف الأخيرة، وخاصة بعد عودة الاعتصامات لميدان التحرير بوسط العاصمة المصرية القاهرة مرة أخرى، وهي الاعتصامات التي اضطرت بعض البنوك المصرية إلى إغلاق فروعها في منطقة وسط العاصمة المصرية القاهرة. أضاف أيضا أن البنوك المصرية تلجأ إلى الأسواق الخارجية لتوظيف موارد النقد الأجنبي في استثمارات بالعملة الأجنبية؛ مما يضمن قدرة البنوك على سداد ما عليها من التزامات بنفس العملات، خاصة في ظل وجود عمليات الإنتربنك الدولاري الذي أغنى البنوك عن استغلال هذه الأرصدة بشكل كبير في السوق المحلية. وأشار إلى أن وجود أرصدة للبنوك المصرية في الخارج يساعدها على سهولة فتح الاعتمادات وتوفير خطابات الضمان المطلوبة للعملاء بما يضمن استمرار التعاون مع الأسواق الخارجية وتوفير الأرصدة الضرورية لاستيراد بعض السلع من الخارج. أما محمد بدرة، المدير الإقليمي السابق لبنك المشرق، فيعرب ل "العربية.نت" عن اعتقاده بأن البنوك المصرية مجبرة على استثمار جزء من محافظها في الخارج في ظل امتلاكها لأرصدة كبيرة من العملات الأجنبية في السوق المحلية، في حين لا يوجد وعاء استثماري توظف فيه البنوك ما لديها من أموال بالنقد الأجنبي، مع انخفاض الطلب على القرض بالنقد الأجنبي بعد انكماش الاقتصاد المصري وانخفاض معدل السياحة وتراجع قطاع الصادرات، مشيرا إلى أن تحويل البنوك المصرية لجزء من أرصدتها لبنوك في الخارج وسيلة لتوظيف موارد النقد الأجنبي لدى هذه البنوك في استثمارات بالعملة الأجنبية؛ مما يضمن قدرة البنوك على سداد ما عليها من التزامات بنفس العملات.