ما زالت إيداعات واستثمارات البنوك العاملة في السوق المصري بالخارج تمثل لغزا محيرا للخبراء فبينما يؤكد مسئولو البنوك أنها في الحدود الآمنة وانها لا تعكس خطرا بقدر ما تعكس إدارة رشيدة لأموال البنوك حتي لا تبقي راكدة في الخزائن يؤكد الخبراء انها تمثل ضغطا كبيرا علي احتياطيات النقد الأجنبي بما يتطلب مزيدا من الدقة والحرص والرقابة من قبل المركزي للسيطرة علي جنوحها منذ بداية الثورة وكانت إيداعات البنوك العاملة بمصر لدي البنوك في الخارج قد شهدت زيادة مطردة في أشهر ديسمبر ويناير وفبراير بواقع 3.4 مليار دولار فقد زادت من 59 مليار جنيه في نوفمبر الماضي إلي 3.87 مليار جنيه في نهاية فبراير الماضي وهذا ما شكل ضغطا أيضا علي الاحتياطيات الدولية لمصر مع الوضع في الاعتبار أن أشهر ديسمبر ويناير وفبراير كانت ثورة تونس أولا في شهر ديسمبر مع ارتفاع وتيرة احتجاجات المصريين في شهري ديسمبر ويناير، وسرعان ما تحولت إلي ثورة 25 يناير والتي انتهت باعلان تنحي مبارك عن السلطة في 11 فبراير وبلغت حجم الارصدة نهاية مارس الماضي حسب تقرير البنك المركزي لشهر مايو نحو 3.92 مليار جنيه مقارنة بنحو 9.78 مليار جنيه في نهاية يناير ،2011 بزيادة قدرها 4.13 مليار جنيه، مقارنة بنحو 1.4 مليار جنيه في الفترة من أكتوبر حتي ديسمبر 2010 ويشكل ارتفاع أرصدة البنوك في الخارج ضغطا علي الاحتياطيات الدولية لمصر التي فقدت 5.9 مليار دولار في النصف الأول من العام الحالي، ليسجل 7.26 مليار دولار بنهاية شهر يونية الماضي من مستوي 36 مليار دولار في ديسمبر الماضي. عامل الأمان من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي الدكتور حمدي عبدالعظيم أن الارتفاع الملحوظ في حجم أرصدة البنوك المصرية بالخارج يرجع إلي تحوط البعض منها خاصة الأجنبية من تداعيات الأزمة الاقتصادية في مصر، وتفضيل توظيف ما لديها في الخارج. وأشار إلي أنه رغم انخفاض الفائدة في البنوك بالخارج بشكل كبير مقارنة بمعدلات الفائدة محليا فإن البنوك فضلت عامل الامان علي عامل الربحية في ظل الظروف الأخيرة بهدف تأمين نفسها. وتساءل ما إذا كانت هناك أموال خرجت من مصر بشكل غير معروف في هذه الفترة؟ وأضاف أن ارتفاع أرصدة البنوك في الخارج شكل ضغطا علي الاحتياطيات الدولية لمصر، لافتا إلي أن الأموال التي خرجت بدأت في الازدياد من ديسمبر الماضي بعد الثورة التونسية وليس بعد ثورة يناير في مصر، لتشهد منذ نهاية نوفمبر حتي نهاية مارس نحو 3.33 مليار جنيه بما يعادل أكثر من 5.5 مليار دولار. تغيرات كبيرة ومن جانبه، أكد الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي أن هذه الزيادة تعود إلي ما يحدث من تغيرات كبيرة في سوق العملات الدولية طوال الشهور الماضية وسط مخاوف من تراجع أكبر للعملة الأوروبية اليورو، بعد أحداث إيرلندا واليونان والبرتغال وغيرها من الدول التي من المتوقع أن تعلن عن سياسات تقشفية خلال الأيام القادمة علي اثر الأزمة المالية. وأشار إلي أن ارتفاع أرصدة البنوك المصرية في الخارج يرجع إلي رغبة البنوك في التحوط من بعض المخاطر الموجودة في السوق المصرية، مؤكدا أن البنوك المصرية عادة تفضل عامل الامان علي عامل الربحية في ظل الظروف الأخيرة، خاصة بعد عودة الاعتصامات لميدان التحرير بوسط العاصمة المصرية القاهرة مرة أخري، وهي الاعتصامات التي اضطرت بعض البنوك المصرية إلي إغلاق فروعها في منطقة وسط العاصمة. أضاف أن البنوك المصرية تلجأ إلي الأسواق الخارجية لتوظيف موارد النقد الأجنبي في استثمارات بالعملة الأجنبية، مما يضمن قدرة البنوك علي سداد ما عليها من التزامات بنفس العملات خاصة في ظل وجود عمليات الانتربنك