الكثيرون بحثوا فى أسباب ظهور الكتاب الخارجى وبدايته ولم يعرفوا أنها انحصرت فى تلخيص المناهج التعليمية، وكان الظهور الأول لها عام 1961 فى ثلاثة كتب فقط هى «النصوص المقررة»، «النجاح»، «الصديق» وجميعها كانت مكملة للكتاب المدرسى، ومؤلفوها كانوا موجهين سابقين لدى وزارة التربية والتعليم، والملاحظ أنهم كانوا ملتزمين بالكتاب المدرسى من حيث المضمون، إضافة إلى الثبات الكامل بالعناوين الرئيسية والفرعية الواردة فيه بشكل كامل، مع تلخيص المنهج فى نقاط محددة تجذب الطالب. المفارقة التى تجسدت خلال الخمسين سنة الماضية أن سلاح التلميذ الذى كان يباع ب 25 قرشا أصبح الآن يباع فى السوق السوداء ب 250 جنيها، وكله من جيب الأسرة المصرية. المؤلفون الأوائل استفادوا من حالة الكتب المدرسية فى وقتها بسبب رداءة الطباعة والتجليد، وهو ما اختلف الآن بعد تطوير شكله واعتماده على الرسوم التوضيحية، حتى إنه أصبح من الملزم توافر شروط ومواصفات فنية فى الكتاب، منها أن يكون الورق المستخدم «أبيض 80 جرام»، ومراعاة الألوان والرسوم والمواصفات الإخراجية للكتاب. والمؤكد هذا لم يكن موجودا من قبل وكان السبب فى العزوف عن الكتاب المدرسى بشكله التقليدى مما جعلنا نلهث وراء «الكتاب الخارجى» الذى يحفز على التعلم الذاتى. حقبة الستينيات بدأت فيها دور النشر الكبرى التدخل فى صناعة الكتاب الخارجى للأرباح الخيالية التى تحققها هذه الصناعة كما يقول لنا «محمد عبدالسلام» - صاحب إحدى المطابع الخاصة - أن التكلفة الفعلية لطباعة كتاب خارجى مكون من 600 صفحة حوالى 9 جنيهات فى حين أنه يباع ب 28 جنيها، كما فى كتب اللغة العربية للثانوية العامة والمرحلة الإعدادية وكذلك فإن الكتاب المكون من «300 صفحة» تكلفته خمسة جنيهات يباع فى المكتبات ب 20 جنيها ككتب الرياضيات والعلوم والكيمياء للثانوية العامة. قائمة الكتب الأشهر التى عرفناها منذ الثمانينيات تشمل «الأضواء» فى اللغة العربية للمرحلة الإعدادية والثانوية التى يؤلفها منذ 40 سنة تقريبا «محمد صلاح فرج»، و«محمد عبدالحميد غراب» وانضم إليهما «د.إسماعيل شهاب» و«gem» فى اللغة الإنجليزية وكليهما يصدران عن دار نهضة مصر للطباعة والنشر، و«سلاح التلميذ» و«المعلم» فى اللغة العربية و«my teacher» بالإنجليزى والذى يؤلفه الشقيقان «عادل هود ودينا هود» و«Lproffessor» باللغة الفرنسية لمؤلفيه الثلاث «عبدالفتاح محمود» و«د.أمانى رمضان» و«يوسف الجمل»، ولقد زاد انتشار هذه الكتب مؤخرا بعد إدخال اللغات فى المدارس الحكومية بعد أن كانت قاصرة على مدارس اللغات. وكذلك المعاصر فى الرياضيات بعد أن كان «الممتاز» قديما فى الثمانينات و«المناطى» فى الفيزياء و«مبذل» فى الأحياء و«الامتحان» فى الدراسات الاجتماعية والعلوم التى تصدر عن المؤسسة الدولية للطباعة والنشر و«bit by bit» فى اللغة الإنجليزية وأخيرا التوقعات المرئية. ليس فى ذلك دعاية لهذه الكتب، وإنما هى التى بدأت حتى وصلت إلى هذا الانتشار ولكن من المؤسف عدم وجود أى بيانات أو إحصائيات رسمية سواء من اتحاد الناشرين أو غرفة الطباعة باتحاد الصناعات تؤكد حجم الإنفاق على الكتب الخارجية سنويا وإن بلغت مخصصات الإنفاق على الكتاب المدرسى فى عام 2005/2006 حوالى «2,1 مليار جنيه» تنفق سنويا على طباعة حوالى «170» مليون نسخة من الكتاب المدرسى فى مختلف المراحل التعليمية بدءا من الصف الأول الابتدائى وحتى ثالثة ثانوى فى مختلف المواد العلمية والأدبية تتنافس فى طباعتها المطابع «الحكومية» وأحيانا الخاصة وإن كانت الأولى هى المسيطرة على سوق الكتاب المدرسى. ونظرا لعدم وجود أرقام دقيقة عن حجم إنفاقنا على الكتب الخارجية فإنه يمكن اعتبار أن الطلاب الملتحقين بالشهادات العامة كالابتدائية والإعدادية والثانوية هم الذين يستخدمون الكتاب الخارجى وإذا افترضنا أن متوسط سعره يتراوح ما بين عشرة جنيهات وعشرين جنيها، وإنهم على الأقل يستعينون بكتاب واحد لكل مادة علمية مقررة بالتالى فنحن ننفق على الكتاب الخارجى فقط «8,208» مليون جنيه إذا كان سعر الكتاب عشرة جنيهات، أما إذا كان سعره عشرين جنيها فإن الرقم يصبح «4,417» مليون جنيه. الصراع الحادث حاليا بين الكتاب المدرسى والخارجى ليس وليد اليوم وإنما بدأ مع الستينيات حيث دخلت الدولة فى صراع مع الكتب الخارجية فى محاولة لتصفيتها فأصدرت قانون رقم 10 لسنة 1964 والذى نص على أنه لا يجوز طبع أو نشر أو بيع أو عرض كتاب يحتوى على كل أو جزء من المناهج التعليمية المقررة فى المدارس الحكومية أو الخاصة التى تديرها وتشرف عليها وزارة التربية والتعليم وحددت فى القانون عقوبة بالحبس لا تتجاوز الثلاثة أشهر مع دفع غرامة 500 جنيه وفى جميع الأحوال يتم مصادرة الكتب المخالفة. إلا أن هذا القانون لاقى رفضا من قبل أصحاب دور النشر خاصة بعد الاجتماع المطول الذى عقده الناشرون مع د.أحمد فتحى سرور عام 1988 لإقناعه بتغيير هذه المادة التى أضيفت مرة أخرى فى قانون رقم 29 لسنة 1982 ليتم إحياؤها بقرار وزارى لا رجعة فيه عام 1988 حيث أكد د.فتحى سرور أن مثل هذه المادة موجودة فى معظم قوانين العالم وليست قاصرة على مصر مبررا بأن التعليم من مظاهر سيادة الدولة وكل دساتير العالم بما فيها دستور مصر فيه نص على «إشراف الدولة على التعليم» وعلى حد قوله: «لما واحد عايز يفتح مدرسة خاصة، الدولة هى التى ستصرح له بذلك، يبقى برضه لما حد عايز يألف على مناهج الوزارة فهى عبارة عن الهيكل العظمى للكتاب فإذا ألفت كتابا فى الجغرافيا أو التاريخ فليس لى علاقة بالناشر وإنما مناهج الوزارة لا يجوز تعديلها فى هذه الحالة لابد من وجود ترخيص، وهذا ليس حجرا على الفكر ولا على الرأى لأنك دخلت مجال التعليم وهذه مسئولية الدولة بكاملها». وبالفعل انتهى هذا اللقاء الذى كان يعتبر أول مواجهة حقيقية بين وزارة التربية والتعليم وناشرى الكتب الخارجية بضرورة الحصول على ترخيص للنشر، إلا أن الكتاب الخارجى لا ينمى أى مهارة كما يقول لنا أحد مؤلفى كتب الوزارة - رافضا ذكر اسمه - إنه يقدم إجابات لكل الأسئلة والأنشطة التى يطرحها ولا يترك للطالب فرصة الابتكار والتخمين كما أنه يسعى فقط لتخمين أسئلة الامتحان والتى يضعها أحيانا واضعو الامتحان ولا يسعى للتركيز على الجانب التربوى وللأسف يعتمد عليه أغلب المدرسين فى تحضير مادتهم العلمية لتكاسلهم وعدم رغبتهم فى طرح طرق جديدة للابتكار فى الحل!!؟