ربما فقدت هذه الكلمات بعد رحيل الناقد الكبير فاروق عبدالقادر وربما لا، لكنها فى كل الأحوال كلمة حق يجب أن تقال والمناسبة لم تكن رحيل الرجل ولكنها فوزه بجائزة الدولة للتفوق وفى رأيي أن كل ماحدث من أول ترشيح الرجل لجائزة (التفوق) ثم فوزه بها ثم نشر الصفحات الثقافية للخبر إما بطريقة محايدة أو بطريقة تعبر عن الفرحة بالرجل وبمن منحوه الجائزة كل هذا يستدعى أن نتوقف وأن يقول بعضنا للبعض الآخر (عيب).. يستدعى أيضا أن نتحدث كثيرا كلاما كبيرا وغليظا عن غياب المعايير وغياب القيم حتى فى المؤسسات التى يفترض بها أن تحتفى بالقمم وترعى القيم فاروق عبدالقادر قيمة كبيرة وشهاب مضىء لا يجب أن يفوز بعد خمسين عاما أو يزيد من العمل النزيه والمثمر والموهبة المتألقة بجائزة الدولة للتفوق ومن العيب أن يفوز بها فى فرع الآداب فى حين يفوز بها فى فرع الفنون المخرج خالد جلال والفارق أن خالد جلال الشاب الموهوب يستحق بالفعل جائزة التفوق التى هى الدرجة المحسنة من الجائزة التشجيعية لكن فاروق عبدالقادر كان يستحق جائزة مبارك فإن لم يكن فجائزة الدولة التقديرية فى الآداب ولعل الذين فازوا بها هذا العام على الأقل ليسوا أنصع اسما ولا أغزر إنتاجا ولا ألمع موهبة ولا أكثر عطاء ولا تجردا ولا إخلاصا ولا إسهاما من فاروق عبدالقادر، صحيح أننا سمعنا أن الناقد الكبير جابر عصفور عنف الموظف المسئول لأنه وضع اسم فاروق عبد القادر فى آخر كشف المستحقين لجائزة التفوق، ولكن الحقيقة أن هذا سبب غريب للغضب كان يليق بالمثقف الكبير أن يغضب لأن فاروق عبدالقادر موضوع أصلا فى كشوف الفائزين بالتفوق وليس فى كشوف مبارك أو التقديرية.. كان يجب أن يغضب أن جهة ما من الجهات الكثيرة لم ترشحه لهذه ولا تلك.. أما نحن أيضا فيجب أن نغضب حين نرى الرجل يفوز بجائزة كان يستحق مثلها منذ عشرين عاما على الأقل مادام الهدف منها هو التشجيع والتحفيز وليس التكريم على نهاية مشوار طويل وحافل ومشرف لا الرجل كان طالب جوائز ولا كان ممن تسعده المساعدات فى صورة جوائز كان يعف عن طلب جائزة يستحق ثلاثة أضعافها وأكثر دون أدنى مبالغة فما الذى حدث لنا رحم الله فاروق عبدالقادر فقد كان عفا عفيفا ,وغنيا مستغنيا وكان وسط المثقفين كما كان أبو ذر الغفارى رضى الله وسط الصحابة ينطبق عليه قول الرسول (ص) رحم الله أبا ذر يمشى وحده ويقاتل وحده ويبعث يوم القيامة وحده كان وحيدا جدا لأنه كان شريفا جدا والشرفاء هذه الأيام يشعرون بالوحدة ولا تطاردهم الجوائز رحم الله فاروق عبدالقادر وأغناه عن جائزة التفوق التى لم يكن يستحقها بكل تأكيد.