هل تتجه جامعة الأزهر إلي مزيد من الانغلاق الفكري والتطرف أم تتخذ منهجا جديدا تعليميا وفكريا؟ هل يصبح رئيسها القادم الذي يجري حاليا اختياره متفتحا أم يكون من دعاة التكفير والمصادرة؟ هل ينجح د.أحمد الطيب شيخ الأزهر في استمرار سياسة التنوير التي تبناها أم يسقط كل ذلك؟عدد من الأسئلة شغلتنا في «روزاليوسف» بعد أن طرحت الترشيحات عددا من أسماء المرشحين لتولي منصب رئيس الجامعة السنية الأكبر في العالم الإسلامي.. وبعد أن حظي اسم د. بكر زكي عوض الذي يعمل بكلية أصول الدين بنصيب لابأس به من نسبة الترشيح ليكون الرئيس الجديد للجامعة. المرشحون لتولي منصب رئيس الجامعة هم الدكتور محمد محمود أبوهاشم عميد كلية أصول الدين بالزقازيق، والدكتور عبدالله الحسيني هلال نائب رئيس جامعة الأزهر لشئون الطلاب، والدكتور إسماعيل شاهين نائب رئيس الجامعة لوجه بحري، والدكتور بكر زكي عوض الأستاذ بالجامعة. ومع كامل تقديرنا واحترامنا لشخص د.بكر إلا أننا سبق أن حذرنا من تفكيره واتجاهاته التي اكتوي بها المثقفون والصحفيون علي حد سواء من حملة الأفكار المعتدلة والتنويرية.. بل تم تكفيرهم ومصادرة كتبهم بفضل جهود ومناقشات وتقارير هذا الأستاذ.. بل كنا نحن في «روزاليوسف» أول من كشف عن الفكر التكفيري الذي وافق عليه بل تبناه في «رسالة التكفير» الشهيرة في نهاية عام 2006 بكلية أصول الدين بالمنوفية.. والتي اتهمت روزاليوسف السيدة والمجلة والكتاب بها بأنهم يحملون أفكارا كافرة علي حد قول الباحث في ذلك الوقت. وقفنا وتصدينا مع عدد من المثقفين والكتاب للأستاذ وأفكاره التخريبية في المجتمع المصري وللرسالة التي لم تستند لأسس البحث العلمي.. تصدينا للجنة التي ناقشت هذا البحث ووافقت عليه وأجازته لباحث جديد ومنحته درجة الدكتوراة لتعميده مكفرا لكل رموز المجتمع ومثقفيه ولكل من لا يرضي عنهم ولا يقبل فكرهم.. هو نفس الأستاذ أيضا الذي كتب تقريرا مفصلا طالب في نهايته بمصادرة رواية «الدنيا أجمل من الجنة» لمؤلفها خالد البري عضو الجماعه الإسلامية التائب. نحن أمام حالة جامعية تحتاج لمزيد من المناقشة والبحث قبل أن نسلم له عشرات آلاف من الطلاب الذين زرعت فيهم بعض الجماعات المتأسلمة بذور التطرف وتزكيها بمياه العنف لتطرح في النهاية «مكفرين جددا» كحصاد لأفكار أساتذتهم.. نحتاج في الفترة القادمة لأساتذة تنويريين يعيدون للأزهر وسطيته واعتداله.. ينزعون فتيل التطرف.. يسحبون عقول الطلاب من الجماعات التي اختطفتها.. يعيدون للجامعة قوتها ويرفعون اسمها. معركتنا مع التطرف مستمرة لم تتوقف وإن كانت إحدي حلقاتها في شهر ديسمبر عام 2006 عندما تلقينا دعوة لحضور مناقشة رسالة دكتوراة لأحد الباحثين لم ولن نذكر اسمه علي صفحاتنا بعنوان «مجلة روزاليوسف واتجاهاتها في ميزان الفكر الإسلامي» مقدمة من باحث في كلية أصول الدين بالمنوفية.. حضرنا المناقشة مسلمين وخرجنا منها كافرين ونهدم أصول الدين .. حضرناها للاحتفاء بالبحث والرسالة وعدنا من المنوفية محملين بكل الخطايا التي تهدم أركان الدين وتشوه علماء المسلمين.. حضرناها وشاهدنا كيف ساهم أربعة أساتذة من جامعة الأزهر أحدهم عضو في مجمع البحوث الإسلامية في تكفير أكثر من 80 عاما في خدمة الثقافة والتنوير.. أجاز الأساتذة الأجلاء الرسالة والبحث بمرتبة الشرف من الدرجة الثانية.. وحصل «المكفراتي» علي لقب دكتور وخرجنا نحن من الملة والدين بفضل بحث هش وأساتذة متواطئين. اللجنة كان عضوها الثاني د.بكر زكي عوض المرشح لرئاسة جامعة الأزهر وكان مناقشها الثالث د. محمود عمارة عضو مجمع البحوث الإسلامية ومشرفاها د.حسن عبد الحميد عميد كلية أصول الدين بالمنوفية ود. مرسي السويدي الأستاذ بالكلية. الجميع وافق علي الرسالة نشهد أن د. بكر كان معارضا لكثير من أفكار الباحث ومناقشا صلبا ومهاجما شرسا لفكرة هدم أصول الدين التي اتهم بها الباحث «روزاليوسف».. ولكن في النهاية ما هي الحصيلة؟ الجميع أجاز البحث ووافق علي ما جاء به من تكفير واتهامات شخصية للسيدة العظيمة فاطمة اليوسف وتكفير الكتاب وآرائهم الواردة بالمجلة. في ذلك الوقت كانت الجامعة مسرحا لعمليات عنف وأسلحة جماعات تتستر بالإسلام لتفرض كلمتها وسطوتها في الجامعة، وأتذكر أنني كنت في مكتب د.أحمد الطيب رئيس الجامعة وقتذاك، فحاصرنا طلاب جماعة الإخوان المحظورة، ورفضوا أن يخرج أو يدخل أحد مبني رئيس الجامعة حتي تتم إعادة زملائهم من طلاب الاتحاد الموازي الذي تعامل معه الطيب قانونا وقرر حله ومعاقبة القائمين عليه. بكر زكي عوض وزملاؤه من لجنة التكفير هل يصلحون لتولي مسئولية جامعة بحجم جامعة الأزهر؟ وهل يصلح مثل هذا الفكر الذي يعود بنا إلي عصور غابرة في مرحلة تتطلب اعتدال الجامعة ووسطيتها.. علينا أن نتخيل ماذا سيحمل الخريجون من أفكار إذا كان التكفير تم في رسالة المفروض أنها علمية وستكون مرجعا للأجيال القادمة فماذا سيكون حال المناهج.. ساعتها وقف معنا رئيس الجامعة وطلب إعادة تقييم الرسالة وحمل العميد مسئولية ما جاء بها من أفكار لأنه أيضا المشرف علي الرسالة.. فمن يقف لمثل هذه الأفكار إذا كان رئيس الجامعة هو من يكفر؟ وقتها سيصدر الحكم بل قد تتشكل جماعات لتنفيذ أحكام لجان التفتيش من طلاب الجامعة التي تكون قد صدرتها للمجتمع. لن نتجني علي د. بكر عوض إذا قلنا أنه المتسبب في مصادرة رواية قيمة تحارب التطرف والإرهاب وتساعد في تعليم الأجيال خطورة العنف الذي تتبناه هذه الجماعات بعد 8 أشهر فقط من إجازة رسالة التكفير. القصة تعود- كما نشرنا تفاصيلها في العدد رقم 4133 في 25 من أغسطس 2007 - لشكوي مقدمة من عدد من الأشخاص لمجمع البحوث الإسلامية ضد رواية «الدنيا أجمل من الجنة» لمؤلفها عضو الجماعة الإسلامية التائب «خالد البري»، وكالعادة في مثل هذه الحالات يسند المجمع قراءة الرواية وكتابة تقرير عنها لأحد أعضاء القائمة المسند لها هذه المهمة والمكونة من 60 شخصا من أساتذة جامعة الأزهر، وكان حظ الرواية العاثر أن تأتي من نصيب د. بكر زكي عوض - الذي قيل أنه مستشار لوزير الأوقاف- الذي أصدر فرمانا وتقريرا أدي في النهاية إلي مصادرة الرواية.. في حالات كثيرة يقرر المجمع إعادة الرواية لأستاذ آخر لكتابة تقرير جديد عنها في حالة الاختلاف علي التقرير الأول.. لكن المجمع في هذه الحالة اتخذ قراره بالمصادرة لأن التقرير الأول قام بالمهمة علي أكمل وجه(!!) وهو تقرير الأستاذ المرشح ليتولي منصب رئيس جامعة الأزهر في المرحلة القادمة!! بعد صدور العدد حضر إلينا في روزاليوسف د.بكر زكي عوض ليوضح بشكل غير رسمي حقيقة موقفه من رسالة التكفير، وأنه كان معارضا لما جاء بها لكنه اعترف بأن الرسالة أجيزت في النهاية كما أوضح موقفه من رواية «الدنيا أجمل من الجنة».. وأنه قام بعمله وطلبت منه أن يكتب هذا الكلام بشكل رسمي أو أن ننشره لكنه رفض بحجة أن هذه دردشة عادية وأنه سيرسل مايبرئ ساحته أمام الرأي العام وحتي الآن لم يصلنا الرد!! بعد أيام من صدور العدد جاءنا تعقيب من د.سالم عبد الجليل رئيس الإدارة المركزية لشئون الدعوة يؤكد فيها أن د. بكر زكي عوض ليس مستشارا لوزير الأوقاف بل يقوم بالإشراف علي ندوات معسكر أبو بكر الصديق الذي تقيمه الوزارة بالإسكندرية خلال أشهر الصيف .. لن نقيم محكمة تفتيش كما فعل هو لنفتش في ضميره وتفكيره وماذا يقدم لرواد المعسكر. هذه هي بعض أفكار وتقاطعات د.بكر زكي عوض أحد المرشحين لرئاسة جامعة الأزهر مع الثقافة والتنوير، قدمناها لمن يهمه الأمر في تحديد مصير ومستقبل جامعة المفترض بها أنها تقدم الاعتدال والوسطية للمجتمع والعالم.