تثبت الوقائع والمستندات والصور التى ننفرد بها أن قرارات البابا شنودة لم تمنع الحجيج الأقباط عن زيارة المقدسات المسيحية داخل الأراضى الفلسطينيةالمحتلة .. فبشكل سنوى وفقاً لتقديرات إحدى شركات السياحة العاملة فى هذا المجال فإن الزيارات القبطية للأراضى المحتلة تتراوح ما بين 8 آلاف حاج فى الأوقات التى ليس بها توتر.. ويتناقص العدد فى أوقات التوتر إلى 5 آلاف حاج. وبحسب إحدى الوثائق التى حصلت عليها «روزاليوسف» لإحدى الرحلات الحديثة التى من المفترض قيامها نهاية الشهر الجارى «26 مارس» وتنتهى «4 أبريل المقبل تشمل الرحلة زيارة الأماكن المقدسة فى بيت لحم والقدس وأريحا والناصرة وطبرية مع أخذ بركة العماد من نهر الأردن وحضور صلوات أسبوع الآلام بكنيسة القيامة والتمتع بظهور النور الإلهى. فتتكلف الرحلة بالأتوبيس لبيت لحم ما يقرب من 4 آلاف جنيه وبنفس الوسيلة للقدس ما يقرب من 6 آلاف جنيه.. ويضاف 3 آلاف جنيه أخرى للفرد المسافر بالطائرة.. على أن تكون تكاليف الليلة الإضافية بأحد الفنادق «4 نجوم» أو «5 نجوم» مبلغ 2800 جنيه. ووفقاً لأحد مديرى الشركات السياحية رفض ذكر اسمه فهو ينظم هذه الرحلات منذ ما يقرب من 17 عاماً «منذ عام 1994».. وهى رحلات تشهد إقبالاً شديداً، خاصة من الأرثوذكس، إذ تصل أعداد الحجيج إلى 5000 مسافر.. وبعد تحديد السن العام الماضى حيث تم منع من هم أقل من 55 عاما تناقص عدد الأفواج التى تنظمها شركته فقط إلى 2000 سائح.. مضيفاً: إنه رغم نزولنا القدسالغربية إلا أننا نحرص على النزول فى فنادق عربية وليست يهودية. وأشار إلى أن هناك ما يقرب من 8 شركات فقط هى التى تنظم مثل هذه الرحلات منها «نيوترافل» وميامى وستيل وفى بعض المواسم «لاكى تورز» وأكد أن الأرثوذكس هم الأساس فى هذه الرحلات خاصة أن معظم الطقوس والعيد هو أرثوذكسى بكل معانيه، مشيراً إلى أننا نقوم بأخذ مشرفين على المجموعات من هنا ونعلم كل القواعد الخاصة بالكنيسة الأرثوذكسية ونوجه كل الوفود إليها. كل هذا الحج القبطى رغم قرار البابا منذ عام 79 الذى جاء بعد معاهدة السلام؛ والذى أكد فيه أن كل من يذهب إلى هناك سيكون محروماً كنسياً. وفى الحقيقة لم يكن الأمر سهلاً.. فصادفتنا الكثير من العقبات للوقوف على أشخاص يتحدثون عن زيارتهم للأراضى المقدسة.. فالخوف والرهبة سواء كان من السلطة الكنسية أو غيرها جعلتهم يخشون التكلم عن الزيارة «الفريدة» والتى غالبا ما لا تتكرر مرة أخرى فى حياتهم.. إلا أن منهم من يرى أن قرار البابا سياسى بحت لا علاقة له بالسلطة الدينية لذلك قرر فى المقابل أن يتحدث إلينا فى زيارته الذى اعتبرها من أجمل لحظات حياته. «جرجس بشاى جرجس» مدير عام مطار الداخلة سابقاً قال لنا إن القرار من وجهة نظره ليس دينياً لكنه سياسى، وبالتالى لأنه كان شغوفاً بزيارة الأراضى المقدسة فقد قام بزيارتها العام الماضى وقت عيد الفصح اليهودى الذى يسبق عيد القيامة بأسبوع. بحسب جرجس فإن الرحلة تكلفت 8000 جنيه قام بها مع إحدى شركات السياحة التى خيرتهم بين النزول بالقدسالشرقية التابعة للسلطة الفلسطينيةوالقدسالغربية التابعة لقوات الاحتلال الإسرائيلى إلا أنهم فضلوا القدسالغربية خوفاً من بعض السرقات التى سمعوا عن حدوثها بالقدسالشرقية. ويتم السفر عبر طريقتين: الأولى برية عن طريق طابا، ومنها يتم ركوب عبارة تحملهم.. إلى إسرائيل والثانية عبر رحلات جوية مباشرة.. وفى هذه الحالة يتم دفع نحو 2000 جنيه فوق سعر الرحلة الأساسى إذ تقوم شركة السياحة بعرض جميع الفنادق المتاحة سواء فى القدسالشرقية أو الغربية بأسعارها وتترك للحجيج حرية الاختيار.. ورغم أن تكاليف الإقامة بالقدسالغربية تتجاوز كثيراً تكاليف الإقامة بالقدسالشرقية إلا أن أغلبهم يفضل الذهاب إلى الغربية لأنهم يعتبرونها أكثر أماناً.. وأكثر راحة! سألنا بشاى عن الأماكن التى قام بزيارتها.. فقال لنا إنه خلال مدة الرحلة «8 أيام» قام بزيارة كنيسة المهد التى شهدت ميلاد المسيح، والقيامة التى بها قبر المسيح وعمود الجلد الذى جلد عليه ونهر الأردن الذى تعمد فيه وطريق الآلام الذى سار فيه حاملاً الصليب؛ بالإضافة إلى قبر داود وبيت بطرس الرسول والمكان الذى رأى فيه أول رؤيا له والذى تم بناء عليها التبشير للأممين خارج إسرائيل؛ حيث إنه كان من المعروف أن بطرس الرسول يرفض دخول غير اليهوديين إلى المسيحية مباشرة.. فكان لابد أن يتهودوا أولاً ثم يصبحوا مسيحيين، إلا أن بولس الرسول قاوم هذه الفكرة إذ لايوجد مانع من التحول من الأمم إلى المسيحية مباشرة إلا أن بطرس قاوم الفكرة فظهرت له رؤيا أكدت له كلام بولس وتم بناء الكنيسة فى نفس المكان. ويتابع «جرجس» أول مكان قام بزيارته هو «العلية» أو بيت مرقس الرسول والذى تم فيه العشاء الأخير بين المسيح وتلاميذه.. وعندما قام الأتراك بدخول فلسطين اعتبروها جامعاً.. وعندما دخل الصليبون القدس قاموا بتحويلها إلى كنيسة مرة أخرى.. وفى النهاية حلاً لهذه المشكلة جعلوها مكانا للزيارة فقط وليس للعبادة. وأسفل «العلية» يوجد «قبر داود» وعند الدخول لزيارته وجدت «حاخام» يقوم بتلاوة المزامير عليه، إلا أنه عندما دخلنا صرخ فينا قائلاً «اذهبوا يا أولاد إسماعيل».. وهذا أكبر دليل على عنصريتهم ورؤيتهم لأنفسهم على أنهم شعب الله المختار ،مشيراً إلى أنه حضر عرساً يهودياً بالصدفة وأشار الدليل إلى أن العروس ترتدى باروكة لأنهم يقومون بحلق شعرها ليلة زفافها تماماً وذلك دليل على أن الزواج ليس هدفه الجنس وإنما الإنجاب وزيادة عددهم. هناك مقولة شهيرة فى إسرائيل تقول «حيفا فيها الصناعة؛ وتل أبيب فيها الخلاعة؛ والقدس فيها العبادة». ورغم وجود جامع عمر بن الخطاب على بعد 50 مترا فقط من كنيسة القيامة إلا أن هذا لا يضايق أحدا هناك بل على العكس تماماً فهناك ألفة بين الاثنين. أما أكثر الطوائف التى نالت حقها هناك فهم الروم الأرثوذكس حتى إنهم مسيطرون تماماً على المناطق المقدسة هناك وبداية قاموا بكتابة الصلاة الربانية التى تقال فى افتتاحية الصلاة بأكثر من لغة فى المكان الذى علمه فيه المسيح هذه الصلاة كما إنهم قاموا بوضع كنيستهم أمام قبر المسيح مباشرة.. أما نحن كأقباط أرثوذكس فما كان الهيكل فى الخلف وذلك بالرغم من أن الصلاة طقسها أرثوذكسى قبطى بحت! وبحسب ما رآه شهود العيان الذين زاروا القدس فإن يوم سبت النور، وهو ليلة العيد يقوم الجيش الإسرائيلى بالالتفاف حول الكنيسة ويمنع الكثيرين من الدخول إليها؛ ثم يقوم بتفتيش مطران الروم الأرثوذكسى جيداً وهو داخل للكنيسة حتى لايكون معه أى مصدر لضوء حرارى؛ وبعد ذلك يخرج المطران ومعه ثلاث شمعات مضيئة؛ ويقوم بإضاءة جميع الشموع بها. ومن المأكولات المفضلة للزائرين هناك «الطعمية» التى تصنع من الحمص، وتباع بخمسة شيكل أى بما يعادل جنيه ونصف الجنيه. بعض الحجيج المسيحى أبدى أسفه لنا من أنه لم يتمكن من زيارة المسجد الأقصى؛ حيث كان هناك بعض الصراعات بين الإسرائيليين والفلسطينيين أثناء وجودهم هناك كما هو الحال الآن لكنهم أعربوا عن سعادتهم بزيارة نهر الأردن إذ يقوم كل زائر «سيدة أو رجل» بارتداء جلباب أبيض وينزلون إلى النهر حيث المكان الذى تم فيه عماد المسيح.. وهو من المناطق العسكرية قرب الأردن.. ومياهه أصبحت راكدة.. ولا يغسل الحجاج الأقباط الجلاليب التى نزلوا بها إلى النهر مطلقاً.. فهى الأثواب التى يتم تكفينهم بها.. وهذا ليس طقساً دينياً إنما هو فعل شائع فى الأقباط عموماً. ومن الزيارات التى يقوم بها الأقباط كنيسة قانا بالخليل والتى حدثت فيها معجزة تحويل الماء إلى خمر حيث يباع النبيذ هناك على سبيل البركة وكذلك بيت بطرس الرسول فى صيدا والكنيسة التى رأى فيها الرؤيا فى «يافا» وورشة يوسف النجار فى الناصرة والتى عمل بها المسيح لفترة وجبل التجربة الذى جرب عليه المسيح لمدة أربعين يوما.. وتتم مشاهدة الجبل عبر «تليفريك» تم وضعه هناك.. ويوجد فوق الجبل دير للدومينيك التابع للروم الأرثوذكس أيضاً. بعض من عادوا من الرحلة تمكنا من محادثتهم ورفضوا ذكر أسمائهم قالوا لنا إن أهم شىء أن جواز سفرهم لم يختم فى تل أبيب وذلك حتى لاترفضه البلاد العربية بعد ذلك.. وهو عرف معمول به حيث تقوم السلطات المصرية بختم الرحلة «ذهاب وعودة» عبر التصاريح الأمنية.