لست من هواة الاحتفالات بأي مناسبة جماعية. لا أحب الأعياد.. دينية أو غير دينية . تنفرني كلمات المجاملة المستهلكة الموروثة، منذ آلاف السنوات..من عصور لاأنتمي إليها، فكراً، وسلوكاً، وزياً، ولغة. وإذا كانت تلك الكلمات المجاملة المستهلكة الموروثة، مختلطة ب "دم" الخرفان، أو "دم" أي كائن آخر.. يزداد نفوري، ولاانتمائي. آلاف المسلمات والمسلمين يجرون وراءهم في زهو، وتعال، "الخرفان"، استعداداً لوضع رقابها تحت السكاكين، والسواطير. أصوات "الخرفان" قبيل "الذبح"، أسمعه كالصراخ المستميت.. أنين مكتوم، منذ آلاف السنين.. يريد أن يعيش دون تهديد، لكن الأنين يدرك أنه في معركة خاسرة.. ولا أحد سيدافع عنه. صوت "الخروف" كان أشد من صوت الرعد الذي وافق أول أيام العيد. أرسلت السماء المطر، ليغسل دماء "الخرفان" التي ملأت الميادين والشوارع ومحلات الجزارة والمجازر. لكن ماء المطر لم يكن كافياً لإخفاء رائحة الدم.. وغسل بقايا "الخرفان" البريئة. "الدم" الذي غطي الشوارع، يغضبني.. من بعيد، أو من قريب، رائحة الخروف ، رائحة "دمه".. و»لحمه".. و "خوفه"، لاشيء، يزيلها. "هي"، "موجودة"، رغم رش الماء، رغم سقوط المطر.. رغم المواد المطهرة.. رغم السوائل المعطرة. "هي"، "موجودة"، في العقول، والقلوب، والنفوس، علي الملامح، وبين ثنايا الملابس.. ومختلطة ب زعيق الميكروفونات. في هذا التوقيت المحدد، تنضم "ضحايا" "الخرفان" كل سنة، إلي ملايين "الضحايا" من "البشر" التي تملأ العالم، في كل مكان. في كل بلد من هذا العالم، الذي يدعي "التحضر" ويتشدق بنبذ "العنف" ويدعو إلي "السلام".. هناك الملايين من البشر، الضحايا.. نساء.. ورجال.. وأطفال.. الذين يموتون يومياً، "ضحايا" الفقر المدقع، أو المجاعة.. أو غياب الحد الأدني من أساسيات البقاء علي قيد الحياة. وهناك نساء ورجال وأطفال يموتون يومياً "ضحايا" ازدهار حركات إحياء الأصوليات الدينية، والعرقية، والعنصرية، الإرهابية التي انتشرت في العالم كله، وأصبحت واحدة من السمات الأساسية، التي تحكم العالم، وتحركه، وتصنع إعلامه، وأسلحته "الذكورية"، "البلطجية"، "الدموية"، "النووية" المناقضة لكل ما يدعو إليه من قيم العدالة، والحرية، والحق، والسلام. أول "ضحايا" عالم كهذا، تجيء "النساء"، ثم "الفقراء من النساء".. ثم "الفقراء من الرجال".. ثم "سكان بيوت الصفيح" و "المهمشات" و "المهمشين"، ثم "الأقليات" من كل نوع، وبكل شكل، ثم "الخرفان". هناك منظمات كثيرة تدافع عن حقوق النساء. وهناك جمعيات لمكافحة الفقر. وهناك منظمات عديدة لحقوق الإنسان، وحقوق المهمشين، والمهمشات، وهناك جمعيات لحماية حقوق الأقليات، محليا، وعالمياً. لكن "الخرفان" لديها موعد مع "الذبح".. لديها عقد مبرم مع "الموت" لم توقع عليه.. وليس لديها منظمات، أو جمعيات، أو نقابة تضامن، أو اتحاد خرفان أو رابطة للخروف.. أو منتدي للخرفان.. ولاتستطيع الخرفان عقد مؤتمر تقول فيه رأيها.. وتعلن عن حقها في الحياة. وإذا كان هناك مثل هذه الجمعيات للخرفان، فالعضوية ستكون مقصورة علي السكاكين، والسواطير، وآلات الذبح. لا أحب المناسبات الجماعية.. لا أحب كلمات المجاملة المستهلكة الموروثة.. لا أحب الأعياد، دينية، أو غير دينية. ولا أحب ذبح الخرفان. من بستان قصائدي بعد موتك المفاجئ راح صوتي من تشنج البكاء راحت صحتي لأن الأقدار بخلت عليك بالشفاء كنت "بيتي" أصبحت تائهة بين الدروب مشردة كنت "جلدي الواقي" أصبحت مع كل خطوة مهددة كنت "الوردة" الجميلة ماتت.. فأصبحت بين الأهل "يتيمة"