فى اهتماماتنا الأساسية التى يجب أن تتقدم أجندة العمل السياسى أمام برلمان ما بعد «25 يناير»، أعتقد أن نظام الإدارة المحلية فى مصر «زمان» والذى نقلته «اليابان» حرفياً فى أوائل القرن الثامن عشر، ومازالت تعمل به حتى الآن!! فقد أرسل إمبراطور «اليابان» بعثة إلى مصر عام «1817» لنقل نظام الإدارة المحلية، حيث ذاع صيت «مصر» كدولة تتحول إلى الحداثة، وتحدث عنها المجتمع الدولى، كدولة من الدول الكبرى بعد تولى «محمد على باشا» الحكم عام «1805»، وشرع فى إرسال بعثات إلى دول العالم وخاصة «فرنسا»، وقام على الاهتمام بهندسة الرى فأنشأ الترع والسدود والخزانات والقناطر، وأسس أكبر أسطول بحرى فى المنطقة، ونشط المجتمع هو وأبناؤه من بعده، حيث شق «الخديوى سعيد» «قناة السويس» وافتتحها «الخديوى إسماعيل»، وأنشأ «القاهرة الخديوية»، ونقلت مصر نقلة نوعية. وقد كان لوفد «الجايكا» فى مصر وهى مؤسسة يابانية تعمل فى مجال التخطيط، حديث بين أعضائها والأعضاء المصريين المشاركين من مصر، فى وضع مخطط للقاهرة فى الثمانينيات من القرن الماضى، حيث صرحوا بأن النظام المتبع فى إدارة الأحياء والمدن فى اليابان، منقول من «مصر»، وأن شيخ الحارة «المشهور» فى النظام المصرى «القديم» وربما مازال معمولاً به فى بعض الشياخات فى الريف، هذا النظام مازال معمولاً به فى «اليابان»، شيخ الحارة هو المسئول عن الحى، وكل مربع سكنى له مدير، أو إدارة محلية من بعض السكان، وبعض موظفى الإدارة المحلية، يقومون على حل المشاكل الحياتية واليومية للحى، وعلى ناصية المربع السكنى، «كشك زجاجى» هو مكتب دائم للمسئول عن المربع السكنى، ولا يسمح لأحد السكان الجدد فى الحى أن ينتقل من حى إلى حى، دون إثبات حسن سلوكه من الحى المنقول منه، ويتطلب ذلك أن يعلم «شيخ الحارة» كل شىء عن السكان سواء من المقيمين أو المنقولين إلى الحى من مناطق أخرى، وتطورت بطبيعة الأمر فى أحياء المدن اليابانية هذه الأنظمة بمعاونة الأجهزة الحاسبة «الكمبيوتر». ولعل هذا النظام الذى كان يتبع فى الأحياء فى «مصر»، هو تحت مسمى الشئون القروية والبلدية، والتى صدرناها أيضاً إلى البلاد العربية التى كنا نقوم بإرسال بعثاتنا الطبية، والتعليمية، إليها، وكذلك استعانة هذه الدول بالخبراء المصريين فى التخطيط والقانون والعدل وأيضاً فى تكنولوجيا البناء، لقد صدرنا نظم الإدارة المحلية إلى دول سبقتنا الآن فى الحداثة والمدنية!! ولعل ما ظهر فى مجتمعاتنا من عبث، وعشوائيات، وسلوك غير متحضر فى الشارع المصرى، وكله جاء نتيجة اندثار الاهتمام بالإدارة المحلية فى بلادنا، والتى جاء الوقت اليوم لكى نستعيد ما صدرناه للآخرين، وبخلنا على أنفسنا حتى بالاحتفاظ به فى متاحفنا!! هذا يدخل فى إطار الاهتمام من برلمان ما بعد 25 يناير، بشأن قانون الإدارة المحلية ويدخل أيضاً ضمن اهتمامنا، بضرورة إعادة النظر فى تقسيم مصر إدارياً، طبقاً لنظام المحافظات الذى جاء مع العثمانيين وبداية حكم «محمد على باشا». يجب مراجعة هذا التقسيم ونظام الحكم فيه الذى اعتمد على مكافأة نهاية الخدمة لموظفى الدولة من بعض القطاعات مثل القوات المسلحة، والقضاء والجامعات والداخلية، كمكافأة نهاية خدمة من النظام لمسئول سابق فى خدمة سابقة، وهذا ما لا يستحقه الوطن ولا يستحقه المنصب المهم، الذى يدخل فى أولوياته، إدارة أصول المحافظة أو الإقليم، ووضع الهدف الرئيسى «التنمية الجزئية»، التى تتكامل مع بقية الأقاليم، لكى تصب فى التنمية الشاملة والمستدامة للوطن، وهذا حديث آخر تعرضنا له فى مقالات تحت عنوان «مصر كوربريشن» أو «الأقاليم الاقتصادية» بديلاً عن محافظات مقسمة على أساس سياسى، هذا ما يجب أن تهتم به المؤسسات الدستورية المصرية والتى جاءت بإرادة شعبية حرة!!