مجلس أمناء الحوار الوطني يتابع تنفيذ الحكومة الجديدة لتوصياته    مدرب البنك الأهلي: لن أخوض مباراة زد قبل مواجهة سموحة    بسمة وهبة تتنقد تقصير شركة شحن تأخرت في إرسال أشعة ابنها لطبيبه بألمانيا    برواتب تصل ل11 ألف.. 34 صورة ترصد 3162 فُرصة عمل جديدة ب12 محافظة    ملفات شائكة يطالب السياسيون بسرعة إنجازها ضمن مخرجات الحوار الوطني    بنها الأهلية تعلن نتيجة المرحلة الأولى للتقديم المبكر للالتحاق بالكليات    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الإثنين 1 يوليو 2024    13 فئة لها دعم نقدي من الحكومة ..تعرف على التفاصيل    برلماني يُطالب بإعادة النظر في قانون سوق رأس المال    مع بداية يوليو 2024.. سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم    التطبيق من 6:00 الصبح .. المواعيد الجديدة ل غلق وفتح المطاعم والكافيهات ب القليوبية    اتحاد العمال المصريين في إيطاليا يكرم منتخب الجالية المصرية في موندياليتو روما 2024    4 جنيهات ارتفاعًا في سعر جبنة لافاش كيري بالأسواق    رئيس هيئة نظافة وتجميل القاهرة يبحث مع العاملين مستوى النظافة بالعاصمة    بدء محادثات الأمم المتحدة المغلقة بشأن أفغانستان بمشاركة طالبان    الرئيس الكيني يدافع عن تعامله مع الاحتجاجات الدموية في بلاده    رودرى أفضل لاعب فى مباراة إسبانيا ضد جورجيا فى يورو 2024    زيلينسكي يحث داعمي بلاده الغربيين على منح أوكرانيا الحرية لضرب روسيا    انتخابات بريطانيا 2024.. كيف سيعيد ستارمر التفاؤل للبلاد؟    بحضور 6 أساقفة.. سيامة 3 رهبان جدد لدير الشهيد مار مينا بمريوط    يورو 2024 – برونو فيرنانديز: الأمور ستختلف في الأدوار الإقصائية    رابطة الأندية تقرر استكمال مباراة سموحة ضد بيراميدز بنفس ظروفها    موعد مباراة إسبانيا وألمانيا في ربع نهائي يورو 2024    عاجل.. زيزو يكشف كواليس عرض بورتو البرتغالي    بسيوني حكما لمباراة طلائع الجيش ضد الأهلي    بسبب محمد الحنفي.. المقاولون ينوي التصعيد ضد اتحاد الكرة    من هي ملكة الجمال التي أثارت الجدل في يورو 2024؟ (35 صورة)    امتحانات الثانوية العامة.. 42 صفحة لأقوى مراجعة لمادة اللغة الانجليزية (صور)    حرب شوارع على "علبة عصير".. ليلة مقتل "أبو سليم" بسبب بنات عمه في المناشي    مصرع 10 أشخاص وإصابة 22 فى تصادم ميكروباصين بطريق وادى تال أبو زنيمة    صور.. ضبط 2.3 طن دقيق مدعم مهربة للسوق السوداء في الفيوم    إصابة 4 أشخاص جراء خروج قطار عن القضبان بالإسماعيلية    شديد الحرارة والعظمى في العاصمة 37.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم    بالصور والأرقام | خبير: امتحان الفيزياء 2024 من أسئلة امتحانات الأعوام السابقة    التحفظ على قائد سيارة صدم 5 أشخاص على الدائري بالهرم    تحالف الأحزاب المصرية: كلنا خلف الرئيس السيسي.. وثورة 30 يونيو بداية لانطلاقة نحو الجمهورية الجديدة    بالصور.. أحدث ظهور للإعلامي توفيق عكاشة وزوجته حياة الدرديري    ربنا أعطى للمصريين فرصة.. عمرو أديب عن 30 يونيو: هدفها بناء الإنسان والتنمية في مصر    عمرو أديب في ذكرى 30 يونيو: لولا تدخل الرئيس السيسي كان زمنا لاجئين    «ملوك الشهر».. 5 أبراج محظوظة في يوليو 2024 (تعرف عليهم)    محمد الباز يقدم " الحياة اليوم "بداية من الأربعاء القادم    في أول أعمال ألبومه الجديد.. أحمد بتشان يطرح «مش سوا» | فيديو    مدير دار إقامة كبار الفنانين ينفي انتقال عواطف حلمي للإقامة بالدار    من هنا جاءت فكرة صناعة سجادة الصلاة.. عالم أزهرى يوضح بقناة الناس    تعاون بين الصحة العالمية واليابان لدعم علاج مصابي غزة بالمستشفيات المصرية    علاج ضربة الشمس، وأسبابها وأعراضها وطرق الوقاية منها    ذكرى رأس السنة الهجرية 1446ه.. تعرف على ترتيب الأشهر    تيديسكو مدرب بلجيكا: سنقدم ما بوسعنا أمام فرنسا    وزير الري: الزيادة السكانية وتغير المناخ أبرز التحديات أمام قطاع المياه بمصر    رئيس الوزراء: توقيع 29 اتفاقية مع الجانب الأوروبي بقيمة 49 مليار يورو    أمين الفتوى: التحايل على التأمين الصحي حرام وأكل مال بالباطل    هل تعاني من عاصفة الغدة الدرقية؟.. أسباب واعراض المرض    فيديو.. حكم نزول دم بعد انتهاء الحيض؟.. عضو بالعالمى للفتوى تجيب    اعرف الإجازات الرسمية خلال شهر يوليو 2024    جامعة القاهرة تهنئ الرئيس والشعب المصري بثورة 30 يونيو    أبوالغيط يبحث مع وزير خارجية الصومال الأوضاع في بلاده    محافظ الإسكندرية يطلق حملة "من بدري أمان" للكشف المبكر وعلاج الأورام السرطانية    هل الصلاة في المساجد التي بها أضرحة حلال أو حرام؟..الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حازم صلاح أبوإسماعيل.. خطر علي مصر!
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 05 - 11 - 2011

«تكلم حتي أراك .. اكشف عن أفكارك حتي أستطيع أن أقرأ طالعي ومستقبلي في عهدكم الرشيد .. حتي أقرر كيف سأواجه أيامي تحت ولايتك؟.. كيف سأخوض معركتي ومن معي لنسقطك من كرسي الحكم قبل أن تختطف مصر من وسطيتها، وقبل أن تعبث في تركيبة اعتدالها .. وتغرقها في ظلام دامس لو وصلت لسدة الحكم؟
في كل مرة يظهر مرشح الرئاسة المحتمل «حازم صلاح أبو إسماعيل» علي الشاشات يضع حجرا لأساس دولة مغلقة بإحكام لا منفذ فيها ولا بصيص ضوء تتسلل منه أفكار الليبرالية والمدنية وحقوق الإنسان والحريات الخاصة .. كل مرة يكمل جزءا من بنيان مشروعه لاستنساخ دولة الملالي الإيرانية، أفكاره من زمن فات، يداعب ويداهن البسطاء تحت شعار براق وهو إقامة دولة «الحلال والحرام» وبها يشطر المجتمع إلي فسطاطي «الإيمان والكفر»، وينصب نفسه إلهًا يراقب ويحاسب العباد وليس رئيسا يدير شئون البلاد والعباد !
شإذا مددت تصريحات وأقوال الرجل علي استقامتها ستنتهي بك إلي دولة الجحيم .. حيث لا حرية تصان ولا مدنية تتحقق ولا مستقبل تنتظر .. ولا إبداع ينتج .. ولا رخاء يعم.. بل سيخرج من رحم أفكاره جنين مشوه لشكل الدولة المصرية التي ستتعرض لمتاعب ومصاعب وصراع قد يخلف عنه تمزق بنيتها التي استقرت عبر قرون واطمأن لها شعبها وزواره والمجتمع الدولي من حولنا، في هذا الحول الناتج من الوسطية إلي التشدد المنمق !
لما وضعت الثورة أوزارها، وتنحي الرئيس السابق، وجرت مياه كثيرة تحت جسور الدولة الجديدة، كان أن ظهر «حازم صلاح أبو إسماعيل» في شهر مايو، طل علينا من شباك مغارته التي اختفي فيها بعيدا عن ميدان التحرير والثوار ليبشرنا بنفسه مرشحا وهاديا للأمة ورئيسا للدولة بعباءته الإسلامية، يسبقه تاريخ طويل من الدعوة التي انتظم فيها من خلاله درسه الأسبوعي كل يوم سبت عقب صلاة المغرب بمسجد «أسد بن فرات» بالدقي ومنه ذاعت شهرته وزاد أتباعه ومريدوه!
- علي ذمة الإخوان
الرجل المتلحف بالإسلام غشنا، وأنكر عنا علاقته بجماعة الإخوان المسلمين وخرج يقول لموقع «اليوم السابع» عند إعلان خبر ترشحه للرئاسة أنه ليس عضوا فيها ولا في مكتب الإرشاد أو مجلس شورتها وأن ترشحه علي قوائم الإخوان في انتخابات مجلس الشعب 2005، وفي نقابة المحامين يرجع لعلاقة التعاون بينه وبينهم، مشيراً إلي أنه سبق له أن ترافع عنهم في قضاياهم وحضر مؤتمراتهم !
«أبوإسماعيل» طمس نصف الحقيقة فيما هو ظاهر عن ترشحه علي قوائم الإخوان في انتخابات الشعب ونقابة المحامين، أما الغاطس من الحقيقة أنه كادر إخواني أصيل فوالده الداعية الإسلامي «صلاح أبوإسماعيل» واحد من كبار رجالات الإخوان والمنتمي لها فكرا وتنظيما وكان علي صلة وثيقة بعمر التلمساني وترشح علي قائمة الإخوان وقت تحالفهم الشهير مع حزب الوفد في قائمة موحدة في انتخابات 1985، وأصبح نائبا وقبلها كان نجله «حازم» الطالب في كلية الحقوق - تخرج فيها 1984 - عضوا نشطا في جماعة الإخوان وأحد مسئولي شعبة الطلبة في جامعة القاهرة وتولي مهمة استقبال الطلاب الجدد ودعوتهم للانضمام إلي الجماعة قبل أن ينتقل نشاطه التنظيمي إلي شعبة الدعوة !
حتي درسه الأسبوعي في مسجد «أسد بن فرات» هو أحد نشاطات الإخوان في الدقي التي يقيم فيها وينتسب لشعبتها والمسئول عنه وعنها المهندس «أشرف عبد السميع» أحد كبار مسئولي الجماعة في الجيزة، وليس أدل علي علاقته بالجماعة ترشيحها له علي قائمتها في انتخابات نقابة المحامين 2001 التي حققت طموحه المؤجل لسنوات رغم اعتراضات عدد من محاميي الإخوان علي شخصه بسبب ذاتيته ودورانه في فلكه الخاص بعيدا عن التنسيق الجماعي، ومع ذلك تجاوزت قيادات الإخوان عن الأمر بسبب الظرف التاريخي وقتها، حيث كان محبوسا عدد من رجالها التي تعتمد عليهم في مجلس النقابة مثل «مختار نوح» و«خالد بدوي» قريب السمت من «حازم صلاح أبوإسماعيل» فكلاهما داعية وكلاهما يستطيع حشد أصوات لقائمة الإخوان عبر خطابهما وهو ما تحقق ليدخل مجلس النقابة في هذه الدورة والتي تلتها حتي صدر حكم حل المجلس.
لم يعرف طيلة وجوده في مجلس النقابة عن تأثير له يذكر أو نشاط يمكن رصده، بل كان حضوره باهتا لجلسات المجلس وهو ما تثبته المحاضر حيث كان أكثر المتغيبين، فلم يكن له دور أو خدمة أو مساهمة في العمل النقابي ويكتفي بحشد أصوات للإخوان في الانتخابات!
في هذه الأثناء وتحديدا في 2005 قررت الجماعة ترشيحه أيضا علي قائمتها في انتخابات مجلس الشعب في دائرة الدقي التي غاب عنها «مأمون الهضيبي» لوفاته ليواجه حازم الوزيرة السابقة «آمال عثمان»، وقد أعلنت النتائج بفوزه وتمخضت النتائج الرسمية عن إعلان فوز آمال عثمان وقد اتهم الإخوان الحكومة بوجود تلاعب في النتائج، وقد حدث الأمر ذاته في انتخابات 1995 وحصل في كل منهما علي حكم قضائي متميز رصد صورة التزوير الفاضحة في كل منهما وقضي في كلتا المرتين بإثبات نجاحه بأغلبية كبيرة جدا من الأصوات ثم قاطع انتخابات .2010
لماذا يداري عنا نجل «أبوإسماعيل» علاقته بالإخوان ويتبرأ منهم بهذه الفجاجة وكل مقرب من الجماعة يعرف أنه كان ولايزال علي ذمتهم؟ وأن غموضا يكتنف الأمر ولا يليق بداعية إسلامي أن يخفي الأمر عن الشعب الذي يبتغي صوته حتي لو كان الدافع أو المبرر هو لعبة السياسة .. أليست الشفافية خطابه .. والصدق منهجه .. والأمانة دستوره؟! مرشح الرئاسة الإسلامي أخفي عنا لقاءه بمرشد الإخوان وقيادات الجماعة «خيرت الشاطر» و«محمود عزت» واستأذن منهم قبل ترشحه خشية أن يلقي نفس مصير «عبدالمنعم أبو الفتوح» الذي ترشح علي غير رغبة الجماعة وخرج عنها رسميا .. حيث توجه «حازم صلاح أبو إسماعيل» إلي رأس جماعة الإخوان وأعطوه الضوء الأخضر وقالوا له نصا: «علي بركة الله»، وما جري في اللقاء أن أبلغوه أنه ليس مرشح الإخوان وإن سئل عن علاقته بهم وتاريخه معهم يرجع ذلك للعلاقات الطيبة مع الجماعة!
لم يعد الإخوان وصمة، ولا الانتماء لهم جريمة، ولكن حفاظا علي قرارهم بعدم ترشيح أحد منهم علي منصب رئيس الجمهورية ظل ثابتا شكلا، وإن اختلف موضوعا .. فقرار الرفض المعلن لترشح «عبد المنعم أبو الفتوح» كان وراءه اعتراض علي شخصه تحديدا، أما بالنسبة «لحازم صلاح أبو إسماعيل» فهو أداة وبالون اختبار لقياس الأمر فهو مرشح تجهيز المسرح، وتهيئة الأجواء، ووسيلة ضغط بالاستفادة من مريديه كورقة تلاعب بها الإخوان القوي السياسية والحكومة والمجلس العسكري!
حبيب السلفيين
اختلط علي البعض تصنيف «حازم صلاح» بين خطابه الديني الأقرب للسلفية ومنهم أغلب مريديه، وبين انتمائه السياسي للإخوان الأكثر اعتدالا .. فالمتابع لدروسه وعظاته يجده يتبني أفكارا تتجاوز في تشددها منهج الإخوان وتتماس إن لم تكن توازي كبار مشايخ السلفية وخلقت له شعبية لا بأس بها في أواسط البسطاء وحتي المعتدلين .. لكن حقيقة الأمر كما أسلفنا أنه إخواني شكلا وإن كان سلفيا موضوعا، يقف في منطقة وسطي بين التيارين بشكل مقصود وممنهج دفعته له جماعة الإخوان واستغلته وغيره من كبار الدعاة أمثال د. جمال عبد الهادي ود.عبد الستار فتح الله ليقوما بحلقة الوصل وفتح قنوات اتصال مع التيار السلفي والتواصل معهم.
الإخوان تصنف سياسيا كجماعة لها بنيان تنظيمي علي عكس السلفية كتيار أو حركة تتعامل مع الجماهير لا يحتويها تنظيم وإنما لها أتباع ومريدون وعلماء ومشايخ ويتولي حازم أبوإسماعيل ومن علي شاكلته في الإخوان تبني خطابهم والتواصل معهم والظهور علي قنواتهم للتأثير فيهم والاستفادة من حشدهم في الأقاليم تحديدا!
دولة المايوه
لو رأي التونسيون مصيبتنا في «حازم صلاح أبو إسماعيل» لهانت عليهم بلوتهم في «راشد الغنوشي» .. كلاهما يمثلان التيار الإسلامي.. ولكنهما أشبه بقضيبي قطار لا يلتقيان أبدا.
الغنوشي رغم اعتراضات الليبراليين عليه في تونس لايزال خطابه معاصرا، برجماتيا يتفهم لغة العصر، وكيفية مخاطبة العالم من حوله، وحاضرا في المشهد الدولي .. ناضل لمشروعه متنقلا بين تركيا ولندن أثرت في رؤيته للإسلام الوسطي المتماشي مع مجريات العالم الحديث ولا يصطدم به .. وقدم رؤية إسلامية مطمئنة للداخل والخارج علي السواء.
«الغنوشي» بدأ عهده عند عودته بزيارات المدن السياحية الساحلية واجتمع مع أصحابها ومستثمريها والعاملين فيها وطمأنهم علي نشاطهم السياحي وعلي الحريات وعلي السماح بكل أوجه الخدمات والحريات السياحية من ارتداء المايوه وإباحة الخمور حفاظا علي نشاط اقتصادي يقوم عليه عصب الاقتصاد التونسي، وبعد أن حظي حزبه بالأغلبية في انتخابات المجلس التأسيسي ألقي خطابا يتحدث عن تونس الجديدة التي تستوعب كل التيارات.
أما هنا، ف «حازم» جرنا 1000 عام إلي الوراء حيث يرقد مع أهل الكهف .. طل علينا «أبو إسماعيل» - لا فض فوه - مستنكرا حق السائحة في ارتداء المايوه علي الشاطئ واعتبر الأمر يمس شرف كل مصري وإننا إن سمحنا بذلك فنكون أشبه بمن يتاجر في عرضه ليأكل !! بل أعلن في حال فوزه بمنصب الرئاسة أنه سيغلق صالات القمار ويمنع الاختلاط بين السائحين وشرب الخمور والملاهي الليلية والرقص الشرقي فيها واختزل شرف المصريين فيها، فأصبح علي كل منا أن يحمل نفسه وزر ارتداء أي سائحة لباس بحر ويعتز بشرفه ويدافع عنه.
اللافت أنه يبرر ويروج لآرائه المتطرفة أسوة بدول أجنبية مثل إسرائيل التي أغلقت صالات القمار وولاية تورنتو الكندية التي أقرت قانونا يمنع ارتداء الملابس الفاضحة في الشوارع حيث انتقي منهم ما يعزز به أفكاره .. لكن هل يستطيع أن ينقل علمانيتهم الكاملة إلي مصر ؟!
حجة باهتة وحق يراد به باطل أراد به أن يقضي علي صناعة يعمل فيها 3-4 ملايين مواطن وتدر علي الدخل القومي ما يزيد علي 12 مليار دولار سنويا وهي موجهة للأجانب بالأساس فصالات القمار يحظر أصلا علي المصريين دخولها، أما الشواطئ فلا يجوز أن تتحدي ما استقر عليه المجتمع الدولي في ارتيادها بالمايوه وأما من لا يريد أن يطلع علي هذه المشاهد أن يمنع أهل بيته من الظهور فيها، فكل مواطن مسئول عن نفسه وإلا سيضطر حازم صلاح أبو إسماعيل أن يؤسس فرقا للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتجوب الشواطئ لتراقب وتمسك بكل مختلط أو مرتد المايوه !
من وراء حجاب
اختزال مخل وتزيّد في غير محله أن يصور ارتداء المايوه للسائحة أو حتي المواطنة هو تعرٍ وتجارة للجنس وليس تدخلا في الحريات الخاصة التي تقرها كل القوانين والاتفاقات الدولية حيث إنه حسب الثقافة الغربية مجرد لباس يناسب البحر والتمتع بالشمس الدافئة والطبيعة الساحرة في بلادنا.
قامت الثورة ليزيد هامش الحريات الفردية والخاصة، لا أن يفرض علينا زياً، ونرتدي حسب خطوط الموضة الإسلامية التي يضع حدودها نجل «أبوإسماعيل» الذي اعتبر الحجاب قضية شعب، وأنه بصدد إصدار تشريع يخص زي المرأة لأنه حق المجتمع عليها! هكذا تصور أن دولة الإسلام هي تكفين النساء وتغطية أجسادهن وليست دولة العلم والعمل.. فلا يعقل بعد 25 يناير أن نعود خطوات إلي الوراء، أن تتراجع الحريات، أن يتدخل رئيس الجمهورية إلي غرف النوم، وأمام المرايات، والتفرغ لملاحقة كتف مكشوف أو جديلة تسللت من وراء حجاب!
خطورة «حازم أبوإسماعيل» أنه يعبث في بنية المجتمع المصري وتركيبته الاجتماعية الوسطية، يلعب في مناخ الاعتدال الذي ألفناه، ليضيق علينا المساحات، ويحصي علينا الأنفاس، إن وصول هذا الرجل بأفكاره إلي السلطة هو قمة الخطيئة، والخطورة علي حاضر مصر ومستقبلها وعلي أمنها القومي الذي صانها لقرون لمجرد أنها اختارت الوسطية والاعتدال دستوراً.
غزوة الصناديق
في دائرة مستديرة نظمها مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالتعاون مع منظمة «الجوباش» التابعة للأمم المتحدة ورأسها د. قدري سعيد وحضر فيها حازم أبوإسماعيل وممثلو بعض القوي السياسية، وكانت تناقش في يومها الأول فكر الإخوان والتيارات الإسلامية، فكان «حازم» مدافعا عن أفكار الإسلاميين عموما، والسلفيين بشكل خاص وعن حقهم في استخدام الشعارات الدينية ومداعبة مشاعر الجماهير بل وصل إلي آخر مدي حين دافع عن محمد حسين يعقوب واستخدامه للفظ غزوة الصناديق عند إجراء الاستفتاء، وبرر ذلك بأنه جرت العادة أن يستخدم وصف الانتخابات بالمعركة الانتخابية، وأن «يعقوب» أبدل كلمة «معركة» بكلمة «غزوة» والأمر لم يكن يستحق هذه الضجة!
الرد المفحم جاء من ناشطة سياسية تدعي سلمي حامد قالت له: إن تبريره غير صحيح، وفي غير موضعه، لأن المعركة تكون بين أنداد أما الغزوة فهي تعبير مقصود به المسلمون في مواجهة غير المسلمين!
وسواس
يبدو حازم صلاح أبوإسماعيل موسوسا بطبيعته، لا يثق في أحد متشككا من أي شيء.. حتي المحامين في مكتبه يشتكون من طباعه لدرجة أنهم يعانون عند سفره بسبب إصراره علي إخفاء كل الأوراق والقضايا والإغلاق عليها كما لو كانت سرا حربيا.. خصوصا أنه غير حاسم.. فكثيرا ما يتصدي لمشروعات وأفكار يدرسها ونتيجة خوفه من اتخاذ قرار بشأنها يحفظها في الأدراج حتي لا يتحمل المسئولية في حالة إخفاقها!
أكذوبة الدولة الدينية
حازم صلاح أبوإسماعيل هو أسير الأبنية السلفية القلقة، والمصمتة.. فهو لا يضع تعاريف محددة، ولا يفاضل بين النظم المختلفة، ولا يلتزم موضوعات البحث، ولا يتخذ مناهج واضحة، ولا يسير في سياقات منتظمة، ولا يعمل في اتجاهات متجانسة، وزاد من ذلك بل ضاعف منه أنه ممن عمدوا إلي احتكار الفكر الإسلامي.. يداعب العامة ببريق الألفاظ.. يلاعب الجهال برنين القوافي.. يستثير الجماهير بزائف الشعارات!
أما قوله وغيره بأن الإسلام دين ودولة.. فهو قول أقرب إلي الشعارات التي لا تستند إلي أساس علمي ولا تقوم علي سند تاريخي، فالإسلام عقيدة وشريعة لم تكن دولة ولم تأمر بذلك وليست الدولة ركنا فيها أو أساسا لها.
فالدولة الإسلامية أو بالأحري نظام الدولة في الإسلام نظام تاريخي، أي جزء من التاريخ وليس نظاما عقائديا بحال، والذي يخلط بين العقيدة والتاريخ يخلط بين الدائم والمتغير، ويمزج بين الصفاء والتعقيد.. إن العقيدة مثالية صافية، أما التاريخ فهو جماع النشاط البشري بكل ما فيه من نقائص، ودمج العقيدة في التاريخ خطأ ما بعده خطأ وسوء لا يدانيه سوء!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.