محافظ الجيزة يشهد احتفالية مديرية الأوقاف بالعام الهجري الجديد    ارتفاع أسعار الذهب في ختام تعاملات السبت.. وعيار 21 يُسجل 3230 جنيهًا    باحث علاقات دولية يكشف كواليس حوار بايدن الأخير: أثبت أنه غير قادر على خوض الانتخابات الرئاسية    شيكابالا يقدم واجب العزاء في أحمد رفعت.. صور    دون إصابات.. إخماد حريق عقار سكني بالعياط    إيلون ماسك يفجر مفاجأة بشأن تطبيق واتساب.. ماذا قال؟    ضبط تشكيل عصابي تخصص في اختراق تطبيقات شركات نقل خاصة وسرقة أموالها    نقيب السينمائيين ينعى مدير التصوير عصام فريد: مدرسة كل الأجيال    مصدر رفيع المستوى: مصر تستضيف وفودا إسرائيلية وأمريكية للتباحث حول اتفاق التهدئة بغزة    لميس الحديدى عن رحيل أحمد رفعت: خبر حزين فاجأ الشارع والوسط الرياضى    متخصص فى الشأن السودانى: قمة القاهرة نقطة فارقة فى مسار حل الأزمة السودانية    هل توفى أحمد رفعت بسبب الحزن؟ الطبيب المعالج يرد (فيديو)    قافلة طبية مجانية ضمن «حياة كريمة» في قرية الكشاكوة بكفر الشيخ لمدة يومين    تركي آل الشيخ: مصر تسبقنا في الخبرات الفنية.. وشراكتنا تهدف للتكامل    دعاء النبي وأفضل الأدعية المستجابة.. أدعية العام الهجري الجديد 1446    نادٍ إسباني يخطف صفقة مانشستر سيتي    هل هناك تغيير في موعد انتهاء تخفيف الأحمال ؟.. متحدث الحكومة يجيب    ننشر أقوال إمام عاشور بواقعة تعديه على فرد أمن مول بالشيخ زايد    من مسجد السيدة زينب.. بدء احتفال وزارة الأوقاف بالعام الهجري الجديد    من مقلب نفايات لمعلم عالمي.. صندوق التنمية الحضرية: حدائق الفسطاط ستكون الأجمل بالشرق الأوسط    المقاومة الفلسطينية تعرض مشاهد من أبرز عملياتها لقنص الجنود اليهود    ارتفاع واردات السيارات المستوردة بنسبة 5.3% فى مصر خلال أول 5 أشهر    شولتس يجري اتصالا هاتفيا برئيس الوزراء البريطاني الجديد    رسميًا.. وزير الصحة يعد بإنهاء أزمة نواقص الأدوية في هذا الموعد (فيديو)    3 قرارات.. نتائج جلسة المناقشة الثانية لمجلس نقابة المحامين    إستونيا تعلن تزويد كييف بمنظومات دفاع جوي قصيرة المدى    محافظ القاهرة يتفقد أحياء المنطقة الجنوبية    البابا تواضروس يشهد سيامة 24 كاهنًا جديدًا للخدمة بمصر والخارج    جامعة أسيوط تنظم حفل تخرج الدفعة رقم 57 من كلية التجارة    المروحة تبدأ من 800 جنيه.. أسعار الأجهزة الكهربائية اليوم في مصر 2024    توطين مليون يهودى فى الضفة «مخطط الشر» لإنهاء حل الدولتين    لأول مرة.. هروب جماعى لنجوم «الفراعنة» من أوليمبياد باريس    ضمن «حياة كريمة».. 42 وحدة صحية ضمن المرحلة الأولى من بني سويف    رانيا المشاط.. الاقتصادية    كلاكيت تاني مرة.. جامعة المنيا ضمن التصنيف الهولندي للجامعات    ناجلسمان يتطلع للمنافسة على كأس العالم بعد توديع ألمانيا ليورو 2024    عماد حسين: الحوار الوطنى يحظى بدعم كبير من الرئيس السيسي    خلال جولة رئيس الوزراء فى حديقة الأزبكية .. الانتهاء من أعمال التطوير بنسبة 93%    نتيجة الدبلومات الفنية 2024 (صناعي وزراعي وتجاري).. خطوات الحصول عليها    تأجيل محاكمة 3 مسؤولين بتهمة سرقة تمثال من المتحف الكبير لجلسة 7 أكتوبر    وزير الصحة يستقبل وفد من جامعة «كوكيشان» اليابانية لمتابعة الخطة التدريبية للمسعفين المصريين    أيام الصيام في شهر محرم 2024.. تبدأ غدا وأشهرها عاشوراء    انطلاق أولى حلقات الصالون الثقافي الصيفي بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية    هل نجح الزمالك في إنهاء أزمة إيقاف القيد ..مصدر يوضح    أجواء مميزة وطقس معتدل على شواطئ مطروح والحرارة العظمى 29 درجة.. فيديو    وزير الإسكان يتفقد مشروعات تنموية ببرج العرب بالإسكندرية    "مات أحمد رفعت وسيموت آخرون".. مالك دجلة يطالب بإلغاء الدوري وتكريم اللاعب    لطلاب الثانوية العامة، أفضل مشروبات للتخلص من التوتر    وزير الخارجية: مصر تسعى لدعم دول الجوار الأكثر تضررًا من الأزمة السودانية    خبيرة فلك: ولادة قمر جديد يبشر برج السرطان بنجاحات عديدة    مصر وسوريا تشددان على الرفض التام لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين.. الرئيس السيسى يؤكد ل"الأسد" مواصلة الجهود الرامية لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وإنفاذ المساعدات الإنسانية بصورة مستدامة    مفتى الجمهورية: التهنئة بقدوم العام الهجرى مستحبة شرعًا    ما الحكمة من اعتبار أول شهر المحرم بداية العام الهجري؟ الإفتاء تُجيب    ماذا يريد الحوار الوطنى من وزارة الصحة؟...توصيات الحوار الوطنى تضع الخطة    «في الساحل الشمالي».. شوبير يكشف عن أولى صفقات الأهلي (فيديو)    احتفالات السنة الهجرية الجديدة 1446 في العراق    «استحملت كلام كتير».. رد ناري من جمال علام على خروج إبراهيم عادل من معسكر المنتخب الأولمبي    تسنيم: بزشكيان يتقدم على جليلي في الفرز الأولي لأصوات الانتخابات الرئاسية الإيرانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نتيجة مباشرة لثورة يناير لماذا حطم شباب الأقباط سور الكنيسة؟
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 15 - 10 - 2011

من تحت ركام المأساة تظهر بارقة أمل، والسوابق تقول إن الجرح سيندمل مهما كان غائرا ومؤلما، ويبقى لنا استخلاص النتائج وتعلم العبر والتأمل فى المشهد الكلى، ومنذ قيام ثورة 52يناير فإن أحداث ماسبيرو لم تكن هى الأولى من نوعها وبحكم طبائع الأمور فإنها لن تكون الأخيرة، وبرغم أن الحوادث والمواجهات الطائفية تبدو كأنها سلسلة واحدة متصلة ومتشابهة منذ أحداث الخانكة 2791وحتى أحداث ماسبيرو إلا أن ثمة متغيرا جديدا فى المشهد القبطى وهو قيام ثورة 52 يناير والتى كان من بين آثارها الجانبية - الحميد - رغم كل ما جرى - خروج الأقباط خارج سور الكنيسة وانتفاء صفة البابا شنودة كممثل سياسى وحيد للأقباط المصريين.
والمعنى أن الثورة كما أدت لقيام المصريين بتحطيم البطريرك السياسى - الرئيس السابق مبارك - فإنها شجعت المواطنين من الأقباط على تحطيم سطوة البطريرك الدينى ممثلا فى قداسة البابا شنودة الزعيم الدينى والسياسى للأقباط خلال ما يقرب من أربعين عاما متواصلة.
وللمرة الأولى منذ قيام ثورة يوليو 1952 وفى أعقاب ثورة يناير نرى للأقباط حركة سياسية تعبر عن مطالبهم كمواطنين يرغبون فى إلغاء ما يعتبرونه نوعا من التمييز الدينى والحقوقى ضدهم، ومن خلال حركة بدأت صغيرة هى حركة اتحاد شباب ماسبيرو بدا أن للأقباط مظلة أخرى غير الكنيسة الأرثوذكسية يمكن أن يقفوا تحتها، هذه الحركة التى لابد أن تحظى باهتمام الباحثين فى الشأن الدينى والسياسى يبدو أنها تكبر على مدار الأيام وهى يمكن إذا تم ترشيدها وتقليص الطابع المتعصب والإثارى فى أدائها أن تكون بداية جيدة بل محمودة لعودة الأقباط للسياسة بعد ما يزيد على ستين عاما من اختفاء الأقباط من المشهد السياسى المصرى وتوارى التمثيل السياسى لهم إلا عبر بوابة الكنيسة والكهنوت الدينى.
والحقيقة أن ثمة عوامل متعددة أدت إلى ما يمكن اعتباره تحطيم الأقباط لأسوار الكنيسة التى ظلوا يحتمون خلفها سياسيا خلال الأربعين عاما التى احتكر فيها قداسة البابا شنودة التمثيل السياسى للأقباط.
ولعل أول هذه العوامل هى الارتباط الوثيق بين الكنيسة الأرثوذكسية وبين نظام الرئيس السابق مبارك حيث جمعت البابا والرئيس ما يمكن تسميته علاقة (ضد -تحالفية) اعتبر فيها نظام مبارك أن البابا شنودة هو المتحكم الوحيد فى شئون الأقباط المصريين واعترف فيها البابا شنودة لمبارك بالشرعية السياسية، هذه العلاقة لم تخل على مدار سنوات طويلة من الشد والجذب واستخدام كل طرف من الطرفين لأوراق مختلفة فى الضغط على الطرف الآخر، لكنها فى النهاية بقيت علاقة استيعاب متبادل يطلق فيها الرئيس السابق يد البابا فى شئون الأقباط، ويعترف فيها البابا بالشرعية للرئيس بل ويؤيده ويشجع رجال كنيسته على تأييد سيناريو التوريث بشكل معلن وصريح.
وبشكل من الأشكال لا يمكن قراءة العلاقة بين النظام السابق والكنيسة دون النظر إلى الهاجس القبطى الدائم والذى يتعلق بالإسلاميين المصريين وإمكانية وصولهم للحكم، حيث اعتبرت الكنيسة أن قمع نظام مبارك للإسلاميين ومناصبته العداء للإخوان المسلمين هو أحد أهم ركائز تأييدها له.
فى كل الأحوال فإن ظهور تيار شبابى قبطى يرى أن أداء الكنيسة تجاه القضايا القبطية هو أداء مهادن عبر عن نفسه فى إرهاصات مختلفة سبقت ثورة يناير كان أولها التظاهرات القبطية فى أعقاب حادث نجع حمادى يناير 2010 حيث أعقب هذا الحادث أول مظاهرة للأقباط خارج أسوار الكاتدرائية القبطية فى العباسية حيث تظاهر الأقباط أمام دار القضاء العالى رافضين دعوات كنسية للتظاهر داخل أسوار الكنيسة.
هذا الميل للتعبير عن الغضب والسخط وعدم الاستماع لنصائح آباء الكنيسة عبر عن نفسه بصورة أكبر وأكثر حدة فى مصادمات العمرانية (نوفمبر 2010) والتى أسفرت عن مصرع اثنين من الأقباط وإصابة العشرات وتم القبض فيها على 156 قبطيا بتهمة مقاومة السلطات والاعتداء على الشرطة، وكانت هذه هى المرة الأولى التى يواجه فيها الأقباط السلطات بعيدا عن مظلة الكنيسة وخارج أسوارها، ورغم الطابع الإثارى والعنيف للأحداث التى واجه فيها الأقباط الشرطة للمرة الأولى منذ سنوات طويلة إلا أن أحداث ثورة 25 يناير رسخت هذا الخروج القبطى عن مظلة الرعاية الأبوية للكنيسة، حيث شارك الأقباط بفاعلية وربما بكثافة عددية فى أحداث ثورة يناير رغم توجيهات البابا شنودة بعدم المشاركة فى الثورة وإعلان التأييد التام للرئيس السابق مبارك، بل إنه بدا أن ثمة حرصا من المسلمين والأقباط معا لإظهار المشاركة القبطية فى الثورة والتكريس لدلالتها الرمزية عبر إقامة القداسات والصلوات فى ميادين التحرير المختلفة.
والواقع أن سقوط نظام مبارك كان يعنى فى أحد جوانبه سقوط فكرة الوصاية الأبوية سواء للكنيسة أو حتى لجميع الرموز السياسية والفكرية المرتبطة بالنظام القديم والتى كانت تشكل جزءا منه حتى وإن كانت علاقتها به هى علاقة ضدية، ولعل شيئا من هذا قد حدث فى كيان مثل جماعة الإخوان المسلمين التى تعمد قطاع كبير من شبابها بنار الثورة ليعلنوا تمردهم على الوصاية الأبوية التى يمثلها مكتب الإرشاد باعتبارهم كانوا الفاعلين الحقيقيين فى الميدان وليس الآباء الأوصياء، وكما كان الحال فى كيانات كجماعة الإخوان وبعض الأحزاب القديمة كان الحال فى أوساط شباب الأقباط الذين سرعان ما فاجأهم حادث هدم كنيسة أطفيح 3 مارس 2011 والأحداث التى تلته، حيث كانت الواقعة الثانية لخروج الأقباط للمواجهة المباشرة فى الشارع حيث وقعت أحداث منشية ناصر والمقطم والتى نتج عنها وفاة عشرة من الأقباط وإصابة ما يزيد على المائة ليبدأ الأقباط أول اعتصام لهم أمام ماسبيرو وهو الاعتصام الذى طالبت الكنيسة القبطية المشاركين فيه بفضه عبر طلب صريح ومباشر للبابا شنودة ولعلها كانت مفاجأة أن أعلن المشاركون فى الاعتصام وبعضهم من قساوسة الكنيسة مثل القس «متياس نصر» أنهم لن ينفذوا نصيحة البابا شنودة عبر صياغات لفظية مختلفة تفاوتت فى رفض الطلب، هذا الاعتصام كان بداية تأسيس اتحاد شباب ماسبيرو،وهو أول كيان سياسى يعبر عن الأقباط العلمانيين منذ قيام ثورة يوليو ضم فى عضويته الأساسية ما يقرب من ألفى شاب قبطى وبعض المسلمين، وكان اللافت للنظر أن كل مؤسسى الاتحاد من الشباب القبطى العلمانى الذى شارك فى ثورة يناير بالمخالفة لرغبة الكنيسة، وكان من اللافت أنه يضم فى عضويته بعض الناشطين المسلمين مثل الناشط الحقوقى محمد عاطف، وعلى الرغم من أن الاتحاد ضم فى عضويته اثنين من القساوسة المتطرفين هما «فلوباتير جميل» و«متياس نصر» فإنه لايمكن اعتبار وجودهما تعبيرا عن ثمثيل الكنيسة ويمكن التعامل معهما على أنهما من الغنم الشاردة، فالأول أوقفته الكنيسة عن العمل لمدة ستة أشهر فى أعقاب انضمامه لحزب الغد - أيمن نور - بعد تأسيسه مباشرة، والثانى تقدم باستقالته وأعلن رغبته فى التفرغ للكتابة فى مجلة الكتيبة الطيبية، وعلى الرغم من استقلالية اتحاد شباب ماسبيرو عن الكنيسة فإن ثمة علاقة لا يمكن إنكارها وعصيان الشباب القبطى لرغبات البابا شنودة وأسلوبه فى معالجة الأحداث لم يمنعه من تكريم اتحاد شباب ماسبيرو من خلال سكرتيره الأنبا يؤانس، وهو ما يمكن معه اعتبار أن ثمة علاقة ندية تفاوضية بين الاتحاد وبين الكنيسة وهذه تختلف عن العلاقة الرعوية والأبوية التى كانت تسم علاقة البابا شنودة بكل الأقباط، ويمكن اعتبار اتحاد شباب ماسبيرو هو الذراع الراديكالية للأقباط والذى يتفق مع الكنيسة فى الأهداف ويختلف معها فى طرق تنفيذها.
وبالإضافة للعوامل السياسية الخاصة بالسقوط المعنوى لكل رموز العهد القديم فى عيون الشباب الذين شاركوا فى الثورة وانعكاس ذلك على الأقباط منهم، فإن ثمة عوامل معرفية وجيلية مختلفة منها ثورة الفيس بوك والإنترنت وقدرة الشباب القبطى على التفاعل من خلالها بعيدا عن سطوة الكنيسة ووجودها المكانى والرمزى ونمو العقلية النقدية فى أوساط الأجيال الشابة من المصريين وانعكاس هذه النظرة النقدية على رؤية الشباب للكنيسة.
وهكذا ورغم الطابع العنيف - نسبيا - لحركة مثل اتحاد شباب ماسبيرو فإنها ثمثل نواة جيدة لرغبة قبطية فى المشاركة فى الشأن العام،والأكيد أنه يوجد من بين عناصرها من يصلح لمشاركة أكثر نضجا وموضوعية فى الشأن السياسى المصرى إذا وجد المناخ الملائم والتشجيع المناسب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.