بعد قليل.. نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد بدر بالسويس    محافظ المنوفية: حملات مكثفة على منافذ بيع السلع ضمن مبادرة حياة كريمة    وزير الإسكان يتابع الموقف التنفيذي لوحدات "سكن لكل المصريين" في 5 مدن جديدة    وزيرة التضامن الاجتماعي تترأس الاجتماع الأول للتحالف المالي الاستراتيجي للتمكين الاقتصادي    بمشاركة 4 محافظين وشركاء التنمية.. وزيرتا البيئة والتنمية المحلية تترأسان لجنة تسيير البرنامج الوطني لإدارة المخلفات الصلبة.. وزيرة البيئة: الدولة المصرية تولي اهتمامًا كبيرًا لحل هذه المشكلة    المالية: تحجيم الاستثمارات العامة بسقف لا يتجاوز تريليون جنيه    البلشي: استهداف استراحة الصحفيين فى لبنان تكشف الترصد لإصرارهم على نقل الحقيقة    انتخابات أمريكا 2024| اعترافات تكشف خرق سيادة القانون في عهد ترامب    الأونروا تواجه مزاعم الاحتلال.. كيف ردت على ادعاءات إسرائيل بشأن المناهج الفلسطينية؟    هل يلحق رامي ربيعة بمباراة العين الإماراتي؟ مصدر بالأهلي يرد    بعثة الزمالك تغادر الإمارات عائدة إلى القاهرة    ملابس خريفية ونصائح صحية.. كيف تتجنب نزلات البرد في هذا الطقس؟    صور| سقوط تشكيلين عصابيين وكشف غموض سرقة رواد البنوك    متروكة ومتهالكة في الشوارع.. رفع 47 سيارة ودراجة نارية بالقاهرة والجيزة    «أنس بوخش» يشارك لأول مرة في مهرجان الجونة| فيديو    الدورة ال32 لمهرجان الموسيقى العربية بوابة رسائل ودعم النجوم لفلسطين ولبنان    الموت يفجع الفنان راغب علامة    مسؤول سابق: علاقات الاتحاد الأوروبي بإسرائيل تخضع للتدقيق في المستقبل    انخفاض الطماطم وارتفاع الكوسة.. أسعار الخضراوات والفاكهة في سوق العبور الذيوم    أبوبكر الديب يكتب: مع اقتراب 2025.. هل يهدد الخطر اقتصاد العالم ؟    وزير الإسكان: 4 نوفمبر.. بدء تسليم قطع أراضي الإسكان المتوسط بالمنيا الجديدة    «منها 13 جديدًا أو إحلالًا».. الأوقاف تفتتح 23 مسجدًا    قوات الدفاع الشعبى والعسكرى تنظم عددًا من الأنشطة والفعاليات    إعادة محاكمة متهم بأحداث عنف الزيتون| غدا    حبس المتهم بإشعال النيران بمخزن والده لطرده من المنزل في الشرقية    جثة قتيل بالرصاص تثير لغزًا في أطفيح    وزير الصحة اللبنانية: وثقنا الاعتداءات الإسرائيلية على العاملين في المجال الصحي    قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات واسعة شرق القدس المحتلة    مقتل ضابطين وثلاثة جنود إسرائيليين وإصابة 20 آخرين في معارك جنوب لبنان    وفاة والدة الفنان أحمد عصام.. موعد ومكان الجنازة    محافظ أسيوط يشهد انطلاق مؤتمر اليوم الواحد الأدبي تحديات الأدب في عصر الرقمنة    كيفية غسل الميت للرجال والنساء.. اعرف الطريقة الشرعية    رئيس جامعة القاهرة يستعرض تقرير القافلة التنموية الشاملة بكفر طهرمس    هيئة الدواء: ضخ 47 مليون عبوة دواء من المضادات الحيوية وعلاج الضغط بالصيدليات    بحضور شيخ الأزهر .. بروتوكول تعاون بين «الرعاية الصحية» وبيت الزكاة والصدقات لعلاج المرضى غير القادرين    نصائح من خبراء نفسيين للتخفيف من التوتر    القاهرة الإخبارية: 28 شهيدا حتى الآن حصيلة اعتداءات الاحتلال على خان يونس    التصريح بدفن جثة جامع قمامة قتله زميله في المقطم    الآلاف يحتفلون بالليلة الختامية لمولد إبراهيم الدسوقي| فيديو    «الإفتاء» توضح عدد ركعات سنن الجمعة وحكم الصلاة دون أدائها (فيديو)    محافظ أسيوط يكرم الفائزين بالمسابقات العلمية الدولية ويطلب تنظيم مسابقة لأوائل الطلاب    ميدو: شيكابالا قائد بمعنى الكلمة..ولم يسعى لأخذ اللقطة    تشكيل أهلي جدة المتوقع لمواجهة الأخدود.. توني يقود الهجوم    ترامب: الرئيس الصيني سيتعامل مع هاريس كطفلة    مواعيد تشغيل مترو الأنفاق في التوقيت الشتوي    "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا".. موضوع خطبة الجمعة بمساجد الأوقاف اليوم    إدارة نوادي وفنادق القوات المسلحة تفتتح نادى النيل بعد انتهاء أعمال تطويره    بعثة الأهلي تصل إلى القاهرة بعد التتويج بالسوبر المصري    حمادة هلال ينعى والدة أحمد عصام    قوات الدفاع الشعبي والعسكري بالغربية تنظم عدداً من الأنشطة والفعاليات    أيهما أفضل أداء تحية المسجد والإمام يخطب أم الجلوس والاستماع؟.. لجنة الفتوى توضح    سوليفان: واشنطن لا تسعى لتغيير النظام في طهران    طريقة عمل الكيكة السريعة، لفطار مميز وبأقل التكاليف    محمد صلاح: الزمالك قدم مباراة قوية رغم الظروف.. وجوميز أخطأ في التشكيل منذ البداية    كولر أم محمد رمضان ؟.. رضا عبد العال يكشف سر فوز الأهلي بالسوبر المصري    ارقصوا على قبري.. سعاد صالح توجه رسالة نارية لفنان شهير    رد فعل شيكابالا عقب إهدار ركلة الجزاء في مباراة الأهلي والزمالك    مي فاروق تختتم مهرجان الموسيقى العربية بأغنية "ألف ليلة وليلة" لأم كلثوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وثائق ويكليكس كشفت : جمال مبارك سرق صغار المودعين فى البورصة

تفاصيل تلاعب جمال مبارك وهيرمس ووزراء لجنة السياسات والصحف القومية بصغار المودعين يوم الثلاثاء الأسود بالبورصة المصرية
وسط طوفان الاتهامات الموجهة لجمال مبارك.. يبقي اتهام ربما لم تتداوله التحقيقات حتي الآن.. وهي مسئوليته المباشرة عن خراب بيوت آلاف المتعاملين في البورصة في أزمة الثلاثاء الأسود 14 مارس .2006 رغم أن الأزمة هي صورة لما كان يحدث في مصر فهي نموذج لتزاوج رأس المال مع الحكم وفساد الصحافة.. ففي الأزمة التي استغلت فيها إحدي الصحف القومية عمل الجميع في اتجاه واحد وهو خراب بيوت الآلاف لصالح فرد واحد.. مرة لزيادة رأسماله المودع بالشركة وأخري لإثبات أن الرجل الذي انضم وقتها وباعترافه لفريق العاملين في هيرمس قادر علي فرض نمر جديد فهو ابن الرئيس.. ولم يقف الأمر عند حد التلاعب، بل إن العلاقة تعدت ذلك بكثير من خلال تدخل الحكومة بكاملها لمساندة نجل الرئيس المخلوع واستثماراته في الشركة من خلال عدد من الوزراء، بل امتد الأمر إلي تحول الشركة لمتحكم رئيسي في عمليات بيع القطاع العام وما شابها من فساد.
كان الفساد هو الحاكم في كل التفاصيل وكان كل شيء يعد ليمر مرور الكرام وقتها،لولا أن التفتت صحيفة لم تكمل عامها الأول في ذلك الوقت هي الدستور لما يحدث وقررت فضح التلاعب لتكشف واحدة من أكبر عمليات النصب والتلاعب بحقوق صغار المستثمرين في البورصة لحساب شخص وشركته هو جمال مبارك.. أما الشركة فكانت شركة هيرمس التي سارعت بمجرد سقوط الرئيس المخلوع لنفي علاقتها بجمال مبارك ولتشير إلي أنه مجرد مستثمر عادي في الشركة متناسية اعترافه بنفسه وعلي صفحات إحدي الصحف القومية بأنه كان أحد العاملين بها.. ومتناسية أنها كانت طرفا في واحدة من أكبر عمليات التلاعب في البورصة المصرية والتي دفع ثمنها آلاف المستثمرين الصغار، بينما تحولت أموال المستثمرين المخدوعين إلي أرباح صبت في جيوب كبار الشركة لتتحول بعدها إلي واحدة من أكبر التجمعات الاقتصادية، فضلا عن دخولها كطرف رئيسي في عمليات بيع القطاع العام وعلي رأسها بيع الشركة المصرية للاتصالات، بل استحواذها وباعترافها نفسها علي 90% من عمليات طرح القطاع العام بخلاف التعاقدات التي منحها وزراء أمانة السياسات لها والتي بلغت في واحدة من التعاقدات أكثر من 150 مليون دولار.
تفاصيل أزمة الثلاثاء الأسود، وعلاقة نجل الرئيس بهيرمس التي يشارك فيها مجموعة من كبار المستثمرين منهم نجل كاتب شهير تصلح وحدها لتشكل بلاغا منفصلا عن علاقة السلطة بالبيزنس وعن تلاعب الكبار بصغار المستثمرين وهي الحملة التي قالت عنها وثائق السفارة الأمريكية أنها كشفت عن وجه آخر لجمال مبارك نجل الرئيس وأمين السياسات بالحزب الوطني وقتها. وقالت الوثيقة التي أرسلتها السفارة الأمريكية لوزارة الخارجية في واشنطن، أن حملة صحفية في جريدة «الدستور» كشفت تفاصيل جديدة عن ارتباط جمال مبارك بشركة هيرمس، وأشارت الوثيقة إلي أن الحملة اضطرت نجل الرئيس للسعي لتبرئة نفسه أمام الرأي العام بعد أن كشفت الوجه الآخر لأعمال أمين السياسات!
التفاصيل ننقلها في صورة بلاغ للنائب العام للتحقيق فيه يضاف إلي قائمة البلاغات حول بيزنس نجل الرئيس المخلوع وكيف تحولت دولة للتخديم علي فرد واحد وكيف شاركت الصحافة في لعبة الفساد؟ إنه بلاغ ضد نجل الرئيس والشركة التي كان طرفا فيها والمسئولين الذين شاركوا في التخديم علي الشركة وفي مقدمتهم أحمد نظيف رئيس الوزراء وقتها وكل من محمود محيي الدين وزير الاستثمار وبطرس غالي وزير المالية السابقين، وأيضا بلاغ ضد وسائل الإعلام التي شاركت في خداع الرأي العام ومنها برنامج علي التليفزيون المصري استضاف نجل الرئيس المخلوع وقتها لاستكمال سلسلة الأكاذيب وتبرير الجريمة فماذا حدث؟
للجريمة شقان: الأول هو زواج البيزنس بالسياسة، وهو ما سنكشف تفاصيله لاحقا.. والثاني وهو المتعلق بخراب بيوت الآلاف وبدأته صحيفة قومية بحوار علي صفحتين مع نجل الرئيس المخلوع يوم 25 يناير 2006 كشف فيه وقتها عن عضويته في مجلس إدارة شركة خاصة بإدارة صناديق الاستثمار المباشر، وهي شركة «المجموعة المالية هيرمس للاستثمار المباشر»، فيما بدا وكأنه إعلان للشركة التي كانت علي وشك طرح 16 مليون سهم جديد للتداول في البورصة.. وآتي الإعلان ثماره بعد نشر الحوار في صورة صعود غير مبرر في أسهم الشركة ليتضاعف سعر السهم من 135 جنيها قبلها بشهرين إلي أكثر من 280 جنيها ويزيد رأسمال الشركة التي لم يكن لديها أية أصول وقتها سوي مجموعة من المكاتب.. من 11 مليار جنيه إلي 22 مليار جنيه بعدها تم طرح الأسهم الجديدة بأقل من نصف الثمن لتبدأ دوامة هبوط لسعر السهم التي انتهت بسقوط البورصة المصرية يوم الثلاثاء الأسود وخسارة آلاف المستثمرين الصغار.
كان المشهد يوم الثلاثاء الأسود 14 مارس 2006 بالبورصة المصرية مفزعا.. صغار المستثمرين يتساقطون بسبب الخسائر التي طالتهم، لكن المشهد قبلها كان كاشفا عن طريقة إدارة المسرح لصالح صعود شخص واحد وكاشفا عن حجم الفساد الذي ضرب مصر.
كانت تصريحات الوريث - الذي كان يجري إعداد المسرح له وقتها - حول هيرمس قد جاءت في إطار رده علي التساؤلات التي طرحت حول استثماراته وطبيعتها في محاولة للإيحاء بكذب هذه التساؤلات، لكن جمال مبارك وهو يرد علي هذه التساؤلات أثناء إجراء الحوار لم يكن يدرك أن ردوده نفسها ربما تتحول بعد أقل من شهر ونصف الشهر إلي دلائل جديدة تثير تساؤلات جديدة حول طبيعة أعماله واستثماراته.. ليس فقط بسبب العلاقات النافذة بين الشركة التي قال إنه يشرف بعضوية مجلس إدارتها والحكومة المصرية التي فتحت أمامها بابا هائلا من التعاملات مع الحكومة من خلال وزراء يرأسهم جمال مبارك بحكم موقعه في الحزب الوطني، ولكن أيضا لأن هذه التصريحات جاءت بينما مؤشر البورصة يشير إلي تصاعد غير مبرر وغير معروف الأسباب لسهم الشركة.
وكان السؤال ما علاقة الحوار بالانهيار الحادث في البورصة المصرية والبيوت التي لحق بها الخراب، خاصة أن انهيار سهم هيرمس كان هو فاتحة الانهيار في البورصة بشكل عام.
وقتها جاءت الإجابة علي لسان أحد الذين خربت بيوتهم، مشيرا إلي أنه جمع تحويشة عمره ومكافأة نهاية خدمته التي بلغت 300 ألف جنيه، وأتي للبورصة بعد أن سمع التصريحات الحكومية حول انتعاشها، وأنه اختار سهم شركة هيرمس بعد أن شهد صعوده المستمر، خاصة أن الشركة هي شركة نجل الرئيس، وأنها هي التي تستحوذ علي أغلب عمليات وصفقات بيع شركات القطاع العام في البورصة - وهو تصرف مخالف لكل القواعد والأعراف المعمول بها في أسواق المال العالمية لم يكن يبرره إلا أنها شركة نجل الرئيس!.. وقال الرجل المخروب بيته إنه اشتري سهم هيرمس في ذروة صعوده وقبل أن يبدأ انهياره المروع بأيام قلائل، وبعد حديث جمال مبارك بأيام قلائل أيضا، ودفع في السهم 280 جنيها ليخسر كل ثروته في أقل من شهر ونصف الشهر بعد أن انهار سعر السهم يوم الثلاثاء الأسود عندما قابلته إلي أقل من 33 جنيها، وهكذا تحولت تحويشة العمر ومكافأة نهاية الخدمة بقدرة رجال هيرمس وكفاءة طاقمها المتميز وبركات جمال مبارك من 300 ألف جنيه إلي أقل من 40 ألف جنيه!
كان الرجل يواصل حكايته، بينما تنساب الدموع من عينيه علي عمره الذي أفناه وعلي مستقبل أبنائه الذي أصبح مجهولا ليسقط بعد أقل من خمس دقائق من حديثي معه مغشيا عليه ضمن عدد كبير من الذين سقطوا في هذا اليوم ندما وحسرة.. لم يكن الرجل وحيدا، وإنما نموذجا لآلاف المضاربين علي سهم الشركة التي كانت الأرقام تشير إلي أنها تتحكم فيما يقرب من 25% من قيمة البورصة وقتها.
وكان السؤال الذي لابد من طرحه ما علاقة هيرمس بما حدث وهل يجوز أن تترك شركة للتحكم في البورصة بهذه الطريقة؟.. وما حقيقة ما حدث ويحدث في البورصة المصرية؟ وما علاقة كل ذلك بجمال مبارك؟ خاصة أن انهيار البورصة سبقه بيوم واحد انهيار غريب في سهم هيرمس، حيث كانت بداية التداول علي سهم هيرمس يوم الاثنين السابق مباشرة للانهيار أو سعر الفتح 128 جنيها ونصف الجنيه لينخفض إلي أقل من 45 جنيها مع إغلاق التداول في اليوم نفسه بانخفاض يصل إلي أكثر من 60% من قيمة أسهم الشركة، وهكذا انخفضت قيمة رأسمال الشركة القائدة للبورصة - كما كانوا يطلقون عليها - مما يقرب من 13 مليار جنيه إلي أكثر قليلا من 4 مليارات جنيه بخسارة تزيد علي 8 مليارات جنيه في أقل من يوم واحد، تحملها صغار المستثمرين وحدهم.. أما الكبار فهم في جميع الأحوال رابحون، وحول ذلك قال لي كل من دكتور جودة عبدالخالق - وزير التضامن الحالي وأستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وخبيرة البورصة عنايات النجار وقتها: الكبير لا يخسر إلا إذا كان غبيا.. هو عارف بيعمل إيه، لكن الصغار يعملون بعقلية المقامر في ظل غياب الوعي الاستثماري، والاعتماد علي نظرية قالوا لي، ولذلك فهم أول من يدفعون الثمن.
لم يكن غياب الوعي الاستثماري وحده سببا كافيا لتبرير ما حدث، وكان السؤال: أين دور إدارة البورصة والقائمين عليها مما يحدث؟ ولماذا لم تسارع إدارة البورصة بتنفيذ قواعد المضاربة وإيقاف التعامل علي سهم هيرمس رغم انخفاضه بهذه النسبة الكبيرة يوم الاثنين السابق للهبوط الكبير بها، كما فعلت في اليوم التالي مع أسهم الشركات التي هبطت بنسب تزيد علي 20% وهو جزء آخر من البلاغ الذي نقدمه للنائب العام، خاصة أن انهيار سهم هيرمس كان مقدمة لانهيار البورصة خاصة أن عددا من المستثمرين وقتها أشاروا إلي أن الانهيار الذي حدث كان محاولة للتغطية علي ما حدث في أسهم هيرمس.
ولعل نظرة سريعة علي مؤشرات صعود سهم هيرمس وحركة البيع والشراء عليه من خلال بيانات البورصة المصرية والرسوم البيانية حوله خلال السنوات الثلاث التي سبقت انهيار السهم تكشف حجم الجريمة، فطبقا لبيانات البورصة المصرية فإن سعر سهم هيرمس قبل ثلاث سنوات من الانهيار وقبل أن ينضم إليها جمال مبارك كعضو بمجلس إدارة إحدي شركاته التابعة بعام، وبالتحديد يوم 20 فبراير 2003 وبعد مرور أربع سنوات علي قيدها في البورصة كان ثلاثة جنيهات و77 قرشا بتراجع 123 قرشا عن سعر الاكتتاب عليه وهو خمسة جنيهات، وبعد عام كامل وبالتحديد في 19 فبراير 2004 تحرك سعر السهم إلي 8 جنيهات و12 قرشا بزيادة ثلاثة جنيهات عن سعر الاكتتاب عليه قبلها ب 5 سنوات، وكان ذلك تقريبا وقت انضمام جمال مبارك للشركة وبعدها بدأ السهم مرحلة الصعود الهادئ ليصل إلي 17جنيها و22 قرشا في 21 فبراير .2005 ومن الصعود الهادئ لمرحلة القفزات ليصل سعر السهم إلي 40 جنيها و53 قرشا في 21 أغسطس 2005 وبعد أقل من ثلاثة شهور، تضاعف سعر السهم ليصل إلي 83 جنيها و62 قرشا مع إغلاق يوم 21 نوفمبر 2005 ومع نهاية العام وصل سعر السهم إلي ما يقرب من 135 جنيها بزيادة ثمانية أضعاف علي سعر الإغلاق عليه في 21 فبراير 2005 ليرتفع رأس مال الشركة خلال عام 2005 فقط من «مليار و337 مليون جنيه إلي أكثر من عشرة مليارات و935 مليون جنيه»، رغم أنها لا تمتلك أصولا.
ولأن الصعود كان غير مبرر فإن الانهيار كان محتما.. المثير أن الوقائع تشير إلي أنه مثلما تم الإعداد للصعود غير المبرر لسهم الشركة، فإنه أيضا تم الإعداد لتحقيق أكبر استفادة ممكنة من الهبوط المروع للسهم.. فبينما كان سهم الشركة يحقق أعلي تداول في البورصة المصرية، وبينما وصل أعلي سعر له إلي 285 جنيها فوجئ المتعاملون بالبورصة بقيام الشركة بطرح 16 مليون سهم جديدة للاكتتاب لتمويل عملياتها للاستحواذ علي 20% من بنك «عودة» أحد أكبر البنوك اللبنانية ورغم أن الشركة كانت قد استغلت دخولها في هذه الصفقة لزيادة سعر سهمها، وكانت المفاجأة الأكبر أن الشركة بدلا من أن تطرح الأسهم بالسعر المتداول في السوق الذي يزيد علي 270 جنيها طرحته ب 115 جنيها معلنة أن هذا هو السعر العادل للسهم وكأن الشركة كانت تقول للمتعاملين معها: ضحكت عليكم! خاصة أن كبار المؤسسين يحصلون علي السهم بسعر الاكتتاب الأول الذي بدأوا استثماراتهم عليه، وهو في حالة الشركة 5 جنيهات، أي أنهم سيربحون مهما كان معدل الانخفاض.
ويبقي السؤال: كيف ارتفع سهم هيرمس والذي لم يكن يتجاوز 8 جنيهات و12 قرشا - بزيادة ثلاثة جنيهات عن سعر الاكتتاب عليه خلال خمس سنوات - إلي 285 جنيها خلال العامين اللذين التحق فيهما نجل الرئيس بالشركة التابعة لها بزيادة تقترب من 275 جنيها تمثل 55 ضعفا من سعر الاكتتاب عليها قبل أن يبدأ سيناريو الهبوط والذي أجمع الكثيرون أنه كان أيضا معدا سلفا؟
تكشف أوراق هيرمس القابضة أن هيرمس للاستثمار المباشر التي كان نجل الرئيس المخلوع عضوا بمجلس إدارتها وقعت مع الحكومة، ممثلة في مركز تحديث الصناعة وبرعاية وزيرين من لجنة السياسات وقتها هما محمود محيي الدين وزير الاستثمار ويوسف بطرس غالي وزير المالية، اتفاقا قيمته 150 مليون دولار، هذا بخلاف تفاصيل أكثر عمقا ونفاذا في بدن الوطن والمواطنين.
حيث كشف خطاب وجهته الشركة القابضة إلي إدارة الإفصاح ببورصتي القاهرة والإسكندرية بتاريخ 6 مارس 2006 أن العلاقة بين شركة نجل الرئيس والحكومة كانت سمنا علي عسل وأن الأمور بينهما كانت تدار علي طريقة زيتنا في دقيقنا.. حيث كشف الخطاب الذي جاء ممهورا بتوقيع الأستاذة نيرمين أمين مسئول علاقات المستثمرين بالشركة وقتها حول إنجازات الشركة خلال 2005 عن حجم الامتيازات التي حصلت عليها من الحكومة، مشيرة إلي أن «قسم الترويج وتغطية الاكتتاب بالشركة نفذ 80% من عمليات السوق في مصر» وأوضح الخطاب العمليات التي نفذتها الشركة مشيرة إلي أن السبب في كل هذا الاستحواذ علي السوق يعود إلي نجاح المؤسسة - هيرمس - في استكمال العديد من العمليات الكبري خلال 2005 سواء في مجال الخصخصة أو عمليات الدمج والحيازة أو توسيع قاعدة الملكية وهو اعتراف من الشركة نفسها بالامتيازات التي حصلت عليها في عملية الخصخصة، ورغم ذلك فإن هذا لم يمنع جمال مبارك وسدنته وتابعيه وقتها من مهاجمة من يقولون إن الشركة حصلت علي امتيازات خاصة في بيع القطاع العام واتهامهم بأنهم مغرضون.
في جزء آخر من الخطاب نجد مزيدا من الاعترافات «وقد ساعدتنا حصتنا الكبيرة - تقصد حصة هيرمس - في الطروحات العامة والإصدارات علي تعزيز حق الامتياز وتوسيع قاعدة عملياتنا وقد اتضح ذلك بصفة خاصة أثناء خصخصة الشركات المصرية للاتصالات حيث فتحنا ألفي حساب جديد في ثلاثة أيام.. وطبقا للخطاب أيضا فإن قيمة العملية التي حصلت عليها الشركة تبلغ 900 ألف دولار أمريكي».
ويكشف الخطاب في موضع آخر حجم الفائدة التي عادت علي الشركة من خلال اختيارها لإتمام مثل هذه العمليات مشيرا إلي أن حساب مؤشر هيرمس المالي ارتفع من 66 مليون جنيه خلال الربع الأول من عام 2004 - وهو الوقت الذي انضم فيه جمال مبارك للشركة حسب تصريحاته - ليتجاوز حاجز المليار جنيه بعد قيد الشركة المصرية للاتصالات في 14 ديسمبر .2005 ولم تكن الشركة المصرية للاتصالات فقط، بل إن الشركة فازت بالعديد من عمليات خصخصة وطرح أسهم القطاع العام للتداول في البورصة.
ولايقف ما كشفه خطاب الشركة من حقائق حول طبيعة العلاقة بينها وبين الحكومة عند هذا الحد، بل إن الخطاب كشف في إطار عرضه للإنجازات التي حققها مجلس إدارة الشركة، عن شكل العلاقة المتشابكة بين هيرمس للاستثمار المباشر التي يعمل جمال مبارك عضو مجلس إدارتها والشركة القابضة - حيث أشار الخطاب إلي أن مجموعة صناديق الاستثمار المباشر لشركة هيرمس القابضة نجحت في إنشاء صندوق جديد بقيمة إجمالية تبلغ 155 مليون دولار وهو «حورس 2» لترتفع الأصول المدارة للشركة القابضة طبقا للخطاب وإعلان ميزانيتها من خلال صناديق الاستثمار المباشرة إلي 500 مليون دولار أمريكي؟
ويظل السؤال: ما علاقة ذلك بشركة جمال مبارك ونفوذها في الحكومة؟
بالعودة إلي موقع وزارة التجارة الخارجية والصناعة ونشرتها نصف الشهرية الصادر في 31 يناير 2006 تظهر العلاقة بوضوح حيث يكشف الموقع أن صندوق «حورس 2» الذي يشير إليه الخطاب تم إنشاؤه بالتعاون بين مركز تحديث الصناعة وشركة هيرمس للاستثمار المباشر التي أعلن جمال مبارك أنه يعمل عضوا في مجلس إدارتها والمفارقة أن الذي حضر التوقيع ممثلا عن الشركة كان السيد ياسر الملواني رئيس مجلس إدارة الشركة الأم هيرمس القابضة والعضو المنتدب لها، أما الذي حضر من الجانب الحكومي فكان وزيري المالية والاستثمار «العضوين في أمانة السياسات» وعدد من رؤساء البنوك والمستثمرين.. وطبقا للاتفاقية فقد حصلت شركة جمال مبارك علي امتيازات بقيمة 150 مليون دولار.
إنها وقائع كاملة تكشف كيف كانت مصر تدار علي طريقة العزبة وهي وقائع بلاغ نتقدم به للنائب العام ضد كل من وردت أسماؤهم فيه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.