عودة المدارس 2024.. محافظ القليوبية يشهد طابور الصباح وتحية العلم    الرابط المعتمد لنتيجة تنسيق الثانوية الأزهرية 2024 عبر الموقع الرسمي فور إعلانها    عقب إلقائها قصيدة شعر.. وزير التعليم يشيد بموهبة طالبة بإحدى مدارس قنا (فيديو)    محافظ الإسكندرية يصدر حركة تنقلات بين قيادات ديوان عام المحافظة    برلماني: منتدى شباب العالم أصبح على أجندة مجلس شباب الأمم المتحدة    إنفوجراف| أسعار الذهب اليوم الأحد 22 سبتمبر    البورصة المصرية تستهل بداية التعاملات بارتفاع جماعي لكافة المؤشرات    وزير قطاع الأعمال يشارك في افتتاح ملتقى "بناة مصر" في دورته التاسعة    إصدار شهادات تجديد سريان تصاريح وتراخيص توزيع وبيع الطاقة الكهربائية لبعض الشركات    ليتشيانج: مصر والصين شريكان في تحقيق التنمية المشتركة    ترامب يحسم موقفه من دعوة هاريس لمناظرة ثانية.. فماذا قرر؟    بث مباشر مباراة مانشستر سيتي وآرسنال بالبريميرليج    قرار من جوميز بشأن قائمة الزمالك التي ستسافر إلى السعودية لخوض السوبر الأفريقي    مفاجأة بشأن مصير «جوميز» مع الزمالك بعد السوبر الإفريقي    أخبار الأهلي: مفاجأة بشأن أشرف داري.. شوبير يكشف تشكيل الأهلي أمام الزمالك في السوبر الإفريقي    إنفوجراف| حالة الطقس المتوقعة غدًا 23 سبتمبر    سقوط ديلر بحوزته كوكايين ب10 ملايين جنيه بالقاهرة    تغيب مجدي شطة عن جلسة محاكمته بالاتجار والتعاطي في مواد مخدرة    إصابة 12 شخصاً في حادث تصادم بالشرقية    «عدم انتظام ضربات القلب».. تطورات الحالة الصحية للفنانة آثار الحكيم    الليلة.. حفل غنائي لمجد القاسم على هامش مهرجان الغردقة السينمائي    الأكثر عدوى.. الصحة العالمية توضح كيفية الوقاية من متحور فيروس كورونا الجديد إكس إي سي؟‬    ضمن مبادرة "بداية جديدة".. اتحاد شباب كفر الشيخ ينظم قافلة طبية    مكون سحري في مطبخك لعلاج الإمساك بسهولة    محافظ بورسعيد يحيل 10 مدرسين ومدير للنيابة الإدارية    مليون جنيه في 24 ساعة.. ضربة أمنية لتجار العملة الصعبة    محافظ الدقهلية يتفقد مجمع مدارس طلخا في أول يوم دراسة..صور    أسعار البيض اليوم الأحد تنخفض في الأسواق (موقع رسمي)    وزير الشباب والرياضة يشيد بحرص القيادة السياسية على تطوير المنظومة الرياضية    السوبرانو داليا فاروق وعازف الجيتار موريلياس يتألقان في "رودريجو.. روح إسبانيا" بدار الأوبرا    جامعة قناة السويس تشارك فى منتدى بكين الثقافي بالصين    في ذكرى الانتهاء من أعمال نقله.. معبد أبو سمبل| أيقونة السياحة المصرية بأسوان    مصرع وإصابة 47 شخصا إثر وقوع انفجار في منجم للفحم شرقي إيران    الصناعة: السبت المقبل اجتماع مع مستثمري محافظة قنا ضمن اللقاءات الدورية مع أصحاب المصانع    طرح 70 ألف وحدة سكنية ضمن مبادرة "سكن لكل المصريين"    لترشيد الكهرباء.. تحرير 148 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق    مزاجك من أمعائك- إليك السر    موعد مباراة العين الإماراتي وأوكلاند سيتي في افتتاح بطولة كأس القارات للأندية 2024    بمختلف المحافظات.. رفع 54 سيارة ودراجة نارية متهالكة    ب«التكاتك والموتوسيكلات».. توافد طلاب البحيرة على المدارس في أول أيام العام الدراسي الجديد    "كلامه منافي للشرع".. أول تعليق من على جمعة على تصريحات شيخ الطريقة الخليلية    مدارس دمياط تكرم أبناء شهداء الشرطة في أول يوم دراسي "صور"    خطيب المسجد النبوي يُحذر من الشائعات والخداع على وسائل التواصل الاجتماعي    أسعار الخضروات اليوم الأحد 22 سبتمبر 2024 في الأقصر    "دعونا نواصل تحقيق الإنجازات".. كولر يوجه رسالة لجماهير الأهلي    الشيخ أحمد ترك لسارقي الكهرباء: «خصيمكم 105 ملايين يوم القيامة» (فيديو)    ساعات برندات وعُقد.. بسمة وهبة تكشف كواليس سرقة مقتنيات أحمد سعد في فرح ابنها (فيديو)    اللهم آمين | دعاء فك الكرب وسعة الرزق    اليوم.. إسماعيل الليثي يتلقى عزاء نجله في «شارع قسم إمبابة»    حرب غزة.. الاحتلال يقتحم عنبتا شرق طولكرم ويداهم عدة منازل    وزير الخارجية يلتقى المفوض السامي لحقوق الإنسان بنيويورك (صور)    حزب الله يستخدم صواريخ «فجر 5» لأول مرة منذ عام 2006    والد أشرف داري يكشف موقفه من مباراة الزمالك في السوبر الإفريقي    أمامك اختيارات مالية جرئية.. توقعات برج الحمل اليوم ألحد 22 سبتمبر 2024    نتنياهو يدعو بن غفير وسموتريتش لمشاورات أمنية عاجلة    مش كوليرا.. محافظ أسوان يكشف حقيقة الإصابات الموجودة بالمحافظة    وزير الخارجية: نرفض أي إجراءات أحادية تضر بحصة مصر المائية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024 في محافظة البحيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التأثير السلبي للإعلام


كتب المستشار : أيمن محمد عبد الحكم
أصبح للإعلام الآن سلطته وآلياته الذاتية في تناول سائر القضايا عموما والأطروحات المجتمعية علي وجه الخصوص، التي من بينها أخبار وتغطيات التحقيقات والقضايا والمحاكمات.. فأصبحنا نقرأ في الصحف تغطية خبرية إعلامية لقضايا منظورة أمام المحاكم تدخل فيها عناصر الإثارة الإعلامية المطلوبة لتحويلها لمادة مستهلكة إعلاميا، وتتلو التغطية الإعلامية كتابات وتعليقات في الصحف وبرامج الفضائيات، بل المنتديات والشبكات الاجتماعية بما يجعل الحكم القضائي محل تعليقات جريئة - ولن أقول متجاوزة - ولم نعهد هذا الأمر من قبل، إنه أمر جديد وخطير علي طرق تدبيرنا للحقيقة.
إن من القضاة من يطالب الآن وبحق بتغليظ عقوبة نشر أمور من شأنها التأثير الإعلامي علي القضاء المنوط بهم الفصل في أنزعة مطروحة أمامهم وتوسيع النص بشموله أي وسيلة نشر أخري ليس الصحف والمجلات فحسب، بل بأي وسيلة أخري يتم خلالها تناول القضايا المنظورة أمام القضاء بما يؤثر بالقطع علي حيادية القاضي، لكونها جريمة مؤثمة قانونا «بموجب المادة 187 من قانون العقوبات».
ورغم أنه مثلما يحرص القضاة علي استقلالية القضاء، فهم بوصفهم ضمير الأمة يحرصون علي عدم الافتئات علي حرية واستقلالية الإعلام بجميع صوره، فما الذي يضير القضاء في أن يغطي الإعلام القضايا المنظورة - بحيادية وتجرد ومهنية - ودون استباق الأحكام وعقد المحاكمات الموازية كما نجدها الآن بما يسمي برامج «التوك شو» من استضافة بعض القانونيين أو أصحاب الفكر واستدراجهم للتعليق والتوقيع لما يجب أن تكون عليه إجراءات المحاكمة، بل توقع العقوبة المفترضة علي المتهمين قبل إدانتهم بحكم نهائي من قاضيهم، فأي عبث هذا، وأي إكراه معنوي يمارس علي القاضي، وأي تشهير وتنكيل بحق المقدمين للمحاكمة، والتي تكفل لهم جميع الدساتير والقوانين محاكمة عادلة منصفة.
انظروا يا أولي الألباب في الأنظمة القضائية الأخري التي يعتمد حكم الإدانة في القضاء الجنائي فيها علي هيئة المحلفين وليس علي القاضي - كالنظام الأمريكي - ففيه تلجأ السلطات القضائية إلي عزل المحلفين بشكل كامل عن الإعلام طيلة أمد نظر القضية المعروضة إن كانت تلك القضية متناولة من قبل الإعلام، والعزل هنا يعني حجب كل وسيلة إعلامية عن المحلفين من صحف ومجلات وراديو وتلفاز، فلما تلجأ السلطات لتلك الطرق القاسية علي المحلفين الجواب: لأنها الأصوب، من الناحية الحقوقية القانونية، لضمان عدم تأثرهم في تكوين قناعاتهم بأي مؤثر خارجي خلافا للمعروض عليهم من معطيات القضية المنظورة، هذا عن المحلفين من سائر الناس فما بالكم بالقاضي!
القاضي لا يقضي بعلمه الشخصي
ففي الوقت الذي يلتزم القضاء بحياديته واستقلاله، فإنه يسعي إلي تحقيق العدالة، دون تغليب أي طرف من هذه الأطراف علي الآخر، معتمدا في ذلك علي ما يتوافر أمامه من أدلة وأسانيد في القضية، ولا يمكن للقاضي بأي حال أن يعتمد أو يستند لما تعرضه وسائل الإعلام من طرح بشأن قضية ما أو حتي يعتقدها صحيحة، كما لا يمكن أيضا اعتماد وجهات النظر والآراء التي يقوم الإعلام بالتركيز عليها لأنها تعتبر خارج إطار الدعوي المنظورة، إذ إنه من القواعد القانونية المستقرة وتأكيدا لمظاهر الحيدة، يجب أن يقتصر القاضي في استدلاله - فقط - علي الأدلة المطروحة أمامه والمقدمة من الخصوم، وفقا للطريق الذي رسمه القانون لتقدمها، ومن ثم فلا يستطيع القاضي الاستناد لعلمه الشخصي بواقعة معينة متعلقة بموضوع النزاع، ولا يستطيع أيضا أن يبني حكمه علي دليل تحراه بنفسه خارج منصة القضاء وجلسة المحاكمة، ومن ثم فلا مجال للإعلام في تبرير أو خلق صورة متناقضة أو متعارضة مع النص العقابي.
والدفع باتجاه تشكيل رأي أو حشد باتجاه معين مخالف لهذه المصادر، وبالتالي الإساءة إلي القضاء، كما أنه يؤثر بالسلب نفسيا وعمليا علي حسن أداء القضاء لمهمته النبيلة، وبالتالي يساهم الإعلام وفقا لهذا عن قصد أو حتي دون قصد في الإضرار بقضية العدالة ككل.
ومن ثم فقد نص قانون العقوبات في مادته رقم 187 علي جزاء الجهة التي تنشر أمورا من شأنها التأثير في القضاة التي أنيط بهم الفصل في دعوي مطروحة أمام جهة من جهات القضاء، كما نص أيضا علي جزاء كل من نشر بإحدي طرق العلانية أخبارا بشأن محاكمة قرر القانون سريتها أو منعت المحكمة نشرها أو تحقيقاً قائماً في جناية أو جنحة أو وثيقة من وثائق التحقيق أو أخبارا بشأن التحقيقات، وما يجري في الجلسات العلنية للمحاكم بسوء قصد ونية وبغير أمانة مهنية بمخالفة قرار المحكمة بسرية ما يجري من تحقيقات في القضية المنظورة أمامها، فبات من الضروري معرفة الإعلام بواجبه في هذا الشأن وتجنب الخوض في تفاصيل القضايا المطروحة أمام القضاء، ويقع علي عاتق الإعلام الالتزام بالمهنية تجنبا للتأثير علي ضمانات وإجراءات المحاكمة العادلة، ومن هنا يتعين حجب المعلومات عن الإعلام تجنبا لتلك النتائج التي تؤثر ليس علي مسار القضية المطروحة فحسب، وإنما علي القاضي بشكل غير مباشر وتمثل نوعا من الإكراه المعنوي عليه، بل علي العدالة بشكل مباشر.
ووفق ذلك ينبغي أن تكون المعلومات المتوافرة أمام القضاء بعيدة - مؤقتا - عن الإعلام، وهذا الحجب من واقع الاستقلالية التي يتمتع بها القضاء، وهو أمر واجب التقدير والاحترام والالتزام به من الكافة، لأن التحليلات والاستنتاجات التي تنشرها وسائل الإعلام في تناول قضية معينة لم تزل معروضة ومنظورة أمام القضاء ستؤثر سلبا في تكوين قناعة ووجدان القاضي.. وتتعارض أيضا مع الاعتبارات والضمانات التي وفرها القانون للمتهم في ضمانات المحكمة المنصفة العادلة ويسبقها سرية التحقيق، وهذه السرية توفر الحماية للمتهم من كل تشهير يقع عليه.
فالمتهم بريء حتي تثبت إدانته وأن نشر أي معلومات متعلقة بتحقيقات النيابة العامة قد تضر بمصلحة طرف من الأطراف، ولهذا جعل القانون جلسات التحقيق سرية، بينما جعل جلسات المحاكمة علنية، بعد أن توافرت الأدلة، وقد تعقد المحكمة جلساتها بشكل سري خلافا لمبدأ العلنية في بعض الأحوال المنصوص عليها قانونا، ومن مقاصد العلنية هنا أن يثق الجمهور بحسن سير وأداء القضاء في تحقيق العدالة والتطبيق السليم للقانون بما يحقق الردع العام.
وعليه فالقضاء ملزم بالتمسك بالاستقلالية والحياد كمبدأ ثابت من الثوابت القضائية، يمارس مهامه بتجرد وحياد، ملزم بحسم القضية المعروضة أمامه - فقط - بأدلتها، دون أن يرزح تحت نير قيود وضغوط الإعلام.
وأخيرا فإن ترسيخ هيبة السلطة القضائية واحترام استقلاليتها لا يكون بانغلاق القضاء كليا علي الإعلام، إذا ما نظرنا إلي الجانب الإيجابي لدور الإعلام المتوازن الذي لا ينتهك المحظورات، فقد بات من الضروري وجود تنسيق إعلامي بين عمل السلطة القضائية والمؤسسة الإعلامية، مثلما نجد أن رقابة الإعلام تعزز قوة ومنعة القضاء، باعتبار أن الإعلام بوابة المعرفة في نشر الثقافة الإنسانية.
القاضى بمحكمة جنايات شبرا الخيمة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.