بين سواعد مرفوعة لله وأرجل تدب فى الأرض بعزم الأبطال، تُحكى قصص رجال أشداء أفنوا حياتهم وخسروا أطرافهم وأرواحهم فداء للوطن وتمسكًا برفعته واستقلاليته، وذلك ضمن أحداث عمل فنى مبنى على أحداث حقيقية يُعرض خلال موسم رمضان الحالى وهو مسلسل (الكتيبة 101). والذى تغوص فيه كمشاهد فى عالم تعرف القشور عنه، تقرأ خبرًا فى جريدة أو تشاهد لقطات من بطولات على شاشات التليفزيون تسرد جزءًا بسيطًا من نضال إخوتنا وأبنائنا وجيراننا، فبطل العمل هنا يتمثل فى أكثر من عنصر، أبدع فيهم صناع العمل، فإذا تحدثنا عن الجمل الحوارية للمؤلف «إياد صالح» فتسمع حوارًا مكتوبًا بإتقان، حوارًا له معنى وهدف وفى بعض الأحيان يجيب عن أسئلة تدور فى أذهان معظمنا ومنها على سبيل المثال سؤال طرح على لسان والد الضابط «خالد» الذى يقوم بدوره «آسر ياسين» حين سأله « إنتو ليه مش بتخلصوا من العيال اللى بتعمل عمليات إرهابية تطلعوا الطيارات وتساووهم بالأرض» وكان رد الضابط «خالد»، «دول مش عيال دول عناصر مدربة منهم كانوا عسكريين فى جيوش وموجودين وسط الأهالى وده بيصعّب عملية الاستهداف». أما عن حركة الكاميرا فى العمل لمدير التصوير «محمد مختار»، فترى حركة hazy أو مهزوزة للكاميرا فى مشاهد المعارك كأن الكاميرا بين صفوف الضباط والتكفيريين، واحدة منهم، مما يحقق الواقعية والتعايش أكثر مع الحدث، إلى جانب الإضاءة وتلوين المشاهد فتلاحظ أن اللونين الأزرق والرمادى يغلبان على مشاهد المعارك والمداهمات الليلية مما يعكس مشاعر الحزن والموت، وعلى جانب آخر استخدام الألوان الدافئة مثل الأصفر والذهبى فى مشاهد بيت الضابط «نور» الذى يجسد شخصيته «عمرو يوسف» ليُشعرك بالدفء الأسرى ومحبتهم لبعضهم البعض. كل تلك العناصر لن تحقق لك متعة المشاهدة بدون رسم متقن للشخصيات وأداء مميز لفنانى العمل ومنهم الضابط «خالد» الذى يقوم بدوره «آسر ياسين»، ضابط ذكى هادئ لا يكشف أوراقه لأى شخص، عينه تنطق بالدهاء ويتحدث أكثر من لغة مما يعكس الثقل الفكرى له، وأيضًا الضابط «نور» الذى يقوم بدوره «عمرو يوسف» فهو صاحب حماس وشجاعة وحب لوطنه ولزملائه فى الكتيبة، يتلون بين مشاعر الحنان والحب مع أهله وأحبائه، ومشاعر الشدة والقسوة مع أعداء الوطن التكفيريين، ناهيك عن شخصية الدكتور «وحيد» التى يجسدها «فتحى عبدالوهاب» شخصية مركبة يغلب عليها الخبث وتغليب المصلحة الشخصية على أى شىء آخر مهما كان، وغيرهم من شخصيات تفردت بصفات ولزمات، ولذلك فإن ذلك التنوع بين الشخصيات يُثقل العمل الفنى ويُمتع المشاهد، فلا يصيبه الملل أو إيقاع بطىء يتحكم بأحداثه.
