نعم.. نحن على سطح الكرة الأرضية نواجه فناء عالمنا.. من الممكن أن نكون مع هذا الشتاء أو ذاك الصيف الأخير، بدأ بعضنا يدرك أن التكاتف للتعامل مع التغير المناخى، ليس نوعا من «كليشيهات» النخبة أو لغة خطاب من جانب دول العالم الثالث حتى يكون هناك مسار للحديث مع دول الرفاهية. مجىء مصر وقيادتها بقادة دول العالم ، هو نقطة أساسية لوضع الجميع أمام مسئولياته من كابوس الهلاك على الأرض، هناك فاتورة والتزام، فاتورة مطلوبة فى المقام الأول من الدول الصناعية الكبرى المرفهة بمخلفاتها وانبعاثاتها السامة لتدفع الثمن دول تم وصفها بالفقر، هذه الفاتورة لدول وشعوب أخذت جانبا من الهلاك والدمار بتغيرات مناخية تسبب فيها دخان مصانع لدول كانت كالوحش تبحث عن المال على جثة الإنسان.
الالتزام الذى تريد أن تضعه مصر وقيادتها على دول تسببت فى تهديد استمرار الحياة على الأرض، ليكون فى ميثاق يتلخص فى اتجاه تلك الدول إلى الطاقة النظيفة والمتجددة للوصول إلى صفر انبعاثات كربونية وتوديع الوقود الأحفورى حتى تستمر الحياة على هذا الكوكب. متخصصون فى مجالات البيئة والمناخ والطاقة المتجددة، تناولوا دور مصر فى إنجاح قمة إنقاذ الأرض من خلال استخدامهم لغة الأرقام المتعلقة بأدوات التنفيذ التى تعمل القاهرة على إلزام الدول المتسببة فيما وصل إليه العالم فى تنفيذ تعهداتها لأن ضربة البداية للإنقاذ هى بالتأكيد من تلك البلدان، وفى هذا الصدد، فإن نسبة النجاح المتوقعة لتحقيق قمة «شرم الشيخ» أهدافها من الممكن أن تتعدى نسبة ال90 % لأن مصر تقدم نفسها بقوة فى إيجاد حلول واقعية لحل أزمات الطاقة والتمويل وتعمل على إحداث توازن، مشيرين إلى أن نسب التمويل المتعلقة بإنقاذ الطبيعة لما أفسدته اليد الصناعية التى كان منها ما هو متطرف فى تعامله مع البيئة، وهذه النسب والاعتمادات كلما زادت نجحت تلك القمة. ويقول د. أحمد سلطان الخبير فى شئون الطاقة، إن من أهم التحديات فى «كوب27» التى تعمل مصر على أن تكون التزاما لبلدان العالم هو عدم تأجيل الدول الصناعية الكبرى لخططها البيئية المتعلقة بخفض الانبعاثات الكربونية حتى تصل الى صفر فى 2050، مشيرا إلى أن هناك عوامل جعلت مدينة شرم الشيخ فى مهمة بمثابة تحديات مرتبطة بآمال للعالم أصبحت معلقة فى نجاح القمة 27 فى ظل وجود 26 قمة مناخ فى السابق، لم تحرز أى منها ما هو مأمول فى حين أن قمة شرم الشيخ فى هذه الظروف العالمية الصعبة وإيقان دول العالم أنها أمام منعطف خطير والمتغيرات العالمية الحالية ، جعلت «شرم الشيخ» ممرا آمنا لكل شعوب العالم فى تحديات تغيُّر المناخ وحل أوجاع البيئة فى كوكب الأرض. وأوضح «سلطان» أن ما يدعم صوت القاهرة بقمة شرم الشيخ فى تحديات ملف المناخ، أن مصر من أكثر الدول اهتماما بملف التغير المناخى وهذا واضح من حجم المشروعات التى تمت فى جميع القطاعات فى هذا المجال، تتمسك مصر فى حديثها للعالم بأن تلتزم كافة البلدان لا سيما المسئولة عن تضررات المناخ بتعهداتها والتزاماتها، والدولة المصرية من خلال رئاستها للقمة تؤكد أن تمويل التحول للطاقة الخضراء يعد تحديا رئيسيا، وأن أى عمل مناخى لن يتحقق إلا بشرط التمويل الكافى، وفى هذا الصدد، فإن نسبة النجاح المتوقعة من الممكن أن تتعدى نسبة ال90 % لأن مصر تقدم نفسها بقوة فى إيجاد حلول واقعية لحل أزمات الطاقة والتمويل وتعمل على إحداث توازن، نسب التمويل كلما زادت نجحت تلك القمة والأمر الرئيسى الذى تؤكد عليه مصر فى هذه القمة بعمل توازن بين العمل المناخى وأمن الطاقة؛ بمعنى أننا لن نستطيع فى ظل الأزمة العالمية إقناع الدول الكبرى الصناعية بالالتزام بتعهداتها فيما يتعلق بخفض استخدامات الوقود الأحفورى أو تمويل الدول النامية، ولكن يجب أن يكون هناك توازن أمن الطاقة وأمن المناخ. وشدد «سلطان» على ضرورة التحول السلس إلى الطاقة النظيفة الخضراء، دول أوروبا منذ عقود أخطأت فى تجاهل أمن الطاقة على حساب أمن المناخ، لافتا إلى أن الطاقة المتجددة تحتاج تكلفة وتكنولوجيا متطورة وأيضا توازنا إلى الطاقة المتجددة على حساب الوقود الأحفورى، ومصر تدخل قمة المناخ وهى تتصدر الدول التى تعمل على إتاحة الفرص للشركات العالمية فى البترول والغاز لعرض خططها الفعلية للتحسين البيئى وخفض الانبعاثات الكربونية فى تلك الصناعات. وننتقل إلى د. يوسف محمد أستاذ الإعلام البيئى والتوعوى متحدثا عن أن «كوب 27» مؤتمر عالمى على أرض مصرية والعالم أجمع يهتم بتلك القضية وهى التغيرات المناخية لأنها قضية لا تضر دولة بعينها، ولكن كل ما هو متواجد على كوكب الأرض، وفى شرم الشيخ تم وضع المسؤولية أمام العالم كله وعلى رأسها الدول الصناعية الكبرى، وإذا صدقت النوايا فهناك تفاؤل بالتعامل مع الفرصة الأخيرة للمواجهة آثار تغير المناخ التى تهدد وجودنا كبشر. وتابع: «شرم الشيخ صنفت منذ العديد من السنوات بأنها مدينة نظيفة خضراء صديقة للبيئة خالية من التلوث والانبعاثات الكربونية وبالتالى هى من أنسب المناطق لاستضافة هذه القمة العالمية، وهذا يعكس اهتمام ودور مصر بالتنمية المستدامة والقضايا البيئية ومحاربة التغيرات المناخية، والاختلاف فى شرم الشيخ عن القمم الماضية هو الحرص والعمل على التحول من حسن النوايا إلى أن تكون هناك جدية فى التزام كل دول العالم بالتعامل مع أزمات تغير المناخ مع ظواهر غريبة منها أن أوروبا تشهد حرائق على سبيل المثال، الأمر الذى يعتبر دليلا بضرورة التزام الدول بمواجهة التغيرات المناخية وفى كوب 27 هى فرصة وإنذار أخير لدول العالم للتكاتف من أجل المواجهة لأن التغيرات المناخية أضرارها مميتة للكائنات الحية بمن فيهم البشر فى حين نجد تقارير عن اختفاء بعض المدن بسبب الآثار الضارة للوضع المناخى». واستكمل: «لاحظنا منذ تولى الرئيس السيسى اهتمامه بالقضايا البيئية ونجد ذلك فى كل خطاباته ومنها خطابه بالجمعية العامة للأمم المتحدة، ومطالبته كل دول العالم بالتكاتف لمواجهة تلك الظاهرة، وأيضا مطالباته مرارا وتكرارا بتوفير التمويل للدول الإفريقية لمواجهة التغيرات المناخية وكذلك دعم التنمية المستدامة فى تلك الدول التى هى من أقل الدول تصديرا للانبعاثات الكربونية ولكنها الأكثر تأثرا وتضررا». وأردف: «لا شك أن أهم القضايا هو الاعتماد على الطاقة المتجددة النظيفة وهى الاستثمار الأخضر والاعتماد عليها يقلل من الانبعاثات الكربونية، إذا لم يكن هناك إلزام للدول ستكون هناك مشكلة كبيرة لأن الأجواء مفتوحة على بعضها ولا يوجد مشكلة بيئية مقصورة على دولة بعينها، ولو هناك مشكلة بيئية فى دولة نامية سيتأثر العالم أجمع بها، قد تكون المصالح الاقتصادية متعلقة بدولة بعينها ولكن المشاكل البيئية فهى تخص وجود العالم أجمع». رئاسة مصر لهذه الدورة من «كوب 27» تعتبر تمثيلا لقارة أفريقيا واحتياجاتها وسط ملفات مهمة تعرضها «القاهرة» من «شرم الشيخ»، وأطر جديدة فى التنفيذ والحصول على التمويل للدول المتضررة من أجل التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة ومعالجة ما أفسدته الدول الصناعية فى الإضرار بالمناخ، وتخفيض النسب للانبعاثات الكربونية العالمية، ويتم العمل على ذلك حتى 18 نوفمبر فى ظل اجتماعات وفود ورؤساء العالم لاتخاذ قرار إيجابى خلال هذه الدورة يسهم فى تنفيذ تعهدات الدول الصناعية الكبرى، وذلك على حد قول أستاذ المناخ، د.على قطب ويفند «قطب» الحالة بالقول: «نعيش تطرفا مناخيا ناتجا عن زيادة نسب غازات الاحتباس الحرارى وملوثات ومخلفات جاءت من صناعات معينة لم تراع المواصفات البيئية مما جاء بآثار ضارة وقاتلة، لذلك يجب أن يصاحب التمويل للتحول من الوقود الأحفورى إلى طاقة صديقة للبيئية، بحوث فى التكنولوجيا الحديثة تعطى أجهزة تقوم على الطاقة البديلة مثل الشمسية والرياح. ويذهب د. وحيد إمام أستاذ علوم البيئة بجامعة عين شمس، بالقول إن الصينوأمريكا أكبر دولتين ملوثتين للعالم حيث تسببان 40 % من نسبة التلوث العالمى، لافتا إلى أن «كوب 27» جعل فرقاء يجتمعون على مائدة واحدة هى بكين وواشنطن لا سيما أنهما لم توقعا فى قمم كيوتو أو باريس أو جلاسكو على أى التزام بيئى. وأشار «إمام» إلى أن كل دولة من الدولتين تتحدث عن أن كلًا منهما لها استراتيجية فى التعامل مع التغيرات المناخية، وبالفعل تلك الاستراتيجيات تتسبب فى تخفيض الانبعاثات حيث نزلت أمريكا من 24 إلى 11 %، والصين انخفضت نسبة كبيرة أيضا ، ولكن المطلوب التعهد بمدة الوصول إلى الحياد الكربونى أى «صفر» انبعاثات فى وقت تعهد العالم بالوصول إلى هذه النسبة فى 2025، متسائلا: «هل الصينوأمريكا ستكونان ملتزمتين بذلك التاريخ؟!». 1