هل نحن على أبواب مرحلة جديدة من التعاون العربى المشترك؟.. الإجابة بالطبع.. نعم، فالتحركات والزيارات وتبادل الوفود بين عدد من الدول العربية وفى مقدمتها «مصر والسعودية والإمارات، والأردن»، تشير إلى مرحلة جديدة من التكامل العربى فى عدة مجالات يأتى فى مقدمتها التعاون العسكرى والاقتصادى. الأسبوع الماضى.. كان استثنائيا وكشف عن ملامح تعاون جديد تسعى مصر مع جيرانها العرب إلى بلورته فى عدة مشاريع مشتركة للتكامل مع غيرها من المشاريع القائمة بالبلدان العربية لدفع عجلة التنمية ومواجهة التحديات العالمية، خاصة مع ارتفاع فاتورة الحرب على الإرهاب التى تدفع ثمنها شعوب المنطقة، وانخفاض أسعار البترول عالميا. مع الإعلان عن زيارة ولى عهد أبوظبى الأمير محمد بن زايد إلى القاهرة، وما تحمله من رسائل هامة للتعاون والدعم المتبادل بين البلدين، أعلنت السعودية عزمها شق قناة جديدة على حدودها مع قطر من شأنها فصلها عن محيطها الخليجى وتحويلها إلى جزيرة بدعم إماراتى وتنفيذ مصرى. صفعة الكراكات المفاجأة فى قناة «سلوى» السعودية المزمع إنشاؤها بطول 60 كيلو مترا هو عزم السعودية الاستعانة بخبرات الشركات المصرية التى نفذت قناة السويس الجديدة، لتنفيذ مشروع القناة السعودية، لتكون الكراكات المصرية التى كانت طيلة عام كامل من عملها فى مشروع حفر القناة الجديدة التى بدأت فى 5 أغسطس 2014 مسار نقد وهجوم من قناة الجزيرة وضيوفها من قيادات جماعة الإخوان الإرهابية. وسائل الإعلام السعودية كشفت خلال الأسبوع الماضى تفاصيل مشروع قناة سلوى البحرية الذى تدرسه السعودية حاليا، ستمتد من منفذ سلوى إلى لسان خور العديد على طول الحدود السعودية القطرية بمسافة 60 كيلومترا، بعرض 200 متر وبعمق من 15 : 20 مترا، وسينفذه تحالف استثمارى سعودى يضم تسع شركات، ومن المتوقع اكتماله خلال 12 شهرا فقط، بتكلفة مبدئية 2.8 مليار ريال. القناة التى سيجرى حفرها بمعدات قناة السويس ستكون على طول الحدود مع قطر، وستلغى جميع الحدود البرية، إلا أنها ستكون داخل الأراضى السعودية على بعد نحو كيلو متر واحد من خط الحدود الرسمى مع دولة قطر، وتستعد الشركات المصرية لمهام شق القناة المائية الجديدة «سلوى» المحاصرة ل «قطر»، بعد أن أبدت السعودية رغبتها فى الاستفادة من الخبرات المصرية التى حفرت قناة السويس. عدد من الخبراء أكد أن إنجاز المشروع الكبير والعملاق «قناة السويس» فى فترة زمنية قليلة، بالإضافة إلى أن التجربة المصرية فى حفر قناة السويس الجديدة والتى أبهرت العالم، كان السبب الأول لاختيار السعودية لشركات مصرية لحفر قناة سلوى، فضلا على حرفية العمالة المصرية وسرعة إنجاز أعمال الحفر والإنشاءات المختلفة. الكراكات والمعدات المصرية ستكون أبلغ رد على الادعاءات والأكاذيب التى تسعى قطر عبر أبواقها الإعلامية وأنصارها من جماعة الإخوان والتى كانت طيلة الأربع سنوات الماضية لصرف أنظار العالم عن الإنجاز الذى حققه المصريون بحفر قناة السويس، وهو ما أدى لرفع التصنيف العالمى للقناة بزيادة طاقتها العددية والاستيعابية بما يمكن معه مواكبة التطورات الجديدة فى صناعة النقل البحرى، وأظهرت مؤشرات وأرقام رسمية صادرة من هيئة قناة السويس ارتفاع إيرادات القناة خلال عام 2017 بنحو 43.2 مليار جنيه مقارنة بنفس الفترة من عام 2016. مشروع القناة السعودية الجديدة يأتى كواحد من المشاريع العربية المشتركة بين مصر والسعودية والإمارات، فالمشروع الجديد تتولى تمويله شركات سعودية وإماراتية، وتنفذه أياد مصرية، وبدأت السعودية خلال الأيام الماضية إخلاء منفذ سلوى الحدودى مع قطر من قطاعى الجوازات والجمارك بالمنفذ، وتسلم حرس الحدود السعودى إدارة المنطقة بالكامل. وكشفت صحيفة «الوطن» السعودية عن أن مشروع «قناة سلوى» يحمل «أكثر من رسالة: ففيما يبدو للمشروع وجه اقتصادى مثمر ومجز، عبر تنشيط المنطقة وجعلها واحدة من الوجهات السياحية، خصوصا أن تكلفته لن تكون كبيرة جدا نظرا لطبيعة المنطقة الخالية من العقبات الجغرافية المعيقة لشق القناة، فإن له وجها سياسيا بتحويل قطر إلى جزيرة صغيرة معزولة عن محيطها الخليجي، وهو ما يثبت ما يمكن لدول المقاطعة، أن تلحقه بالنظام القطرى من أضرار جسيمة لو غلبت مصالحها الشخصية المشروعة، على رغبتها فى التنازل عنها مراعاة للأشقاء. صفعة جديدة مشروع القناة السعودية يوجه صفعة قوية لقطر، مثلما كانت قناة السويس صفعة لجماعة الإخوان، لاسيما بعد الدعم السعودى والإماراتى لمشروع القناة، وإعلانهما ضخ استثمارات كبيرة فى مشروع محور قناة السويس، وهو ما كشفت عنه زيارة ولى العهد السعودى محمد بن سلمان إلى القاهرة الشهر الماضي، وزيارة محمد بن زايد ولى عهد أبو ظبى الأسبوع الماضى. وبحسب عدد من المقربين من دوائر صنع القرار فى الدول الثلاث فإن الأيام والأسابيع القادمة ستشهد الإعلان عن العديد من المشروعات المشتركة، وهو ما كشف عنه الكاتب الصحفى الكويتى أحمد الجارالله، مشيرا إلى أن هناك تحالفا اقتصاديا بين مصر والإمارات، ومصر والسعودية سيتم الإعلان عنه قريبا. وقال الجار الله: «يوجد ترابط اقتصادى قوى سيعلن عنه بين الإمارات وبين مصر وبين مصر والسعودية ومعها مملكة البحرين سيكون هناك نوع من المزج بين القوة الاقتصادية وبين الكثافة البشرية»، مشيرا إلى أن الترابط سيعتمد على صناعات هذه الدول بحيث تغطى ما يتم استيراده من الخارج. الصناعات العسكرية وفى ظل التحدى الذى تواجهه دول المنطقة فى حربها على الإرهاب، يأتى التعاون العسكرى من أهم ملفات التعاون المشترك، وهو ما يظهر جليا فى تأكيدات زعماء الدول على الوقوف صفا واحدا فى ظل التهديدات التى تواجه الأمن العربي، وهو ما أكد عليه الرئيس السيسى وولى عهد أبو ظبى خلال لقائهما بالقاهرة الأسبوع الماضى. وكشفت مصادر مطلعة عن أن التعاون العسكرى كان حاضرا فى مباحثات السيسى وبن زايد نظرا لما يمثله الملف من أهمية كبرى للجانبين لتأمين أمن المنطقة فى ظل التهديدات التى تحيط بها، حيث تشارك مصر والإمارات فى عدة تدريبات عسكرية مشتركة كان آخرها «زايد 1 و 2» شملت كافة أفرع القوات المسلحة بين البلدين. يأتى ذلك بالتزامن مع استقبال وزير الإنتاج الحربي، محمد العصار، اللواء طيار إسحاق البلوشى رئيس الإدارة التنفيذية للصناعات وتطوير القدرات الدفاعية بدولة الإمارات، وبحث معه أوجه التعاون المشترك بين الجانبين فى مجالات التصنيع المختلفة وخاصة العسكرية. وأكد الجانبان على أهمية التعاون المشترك فى تبادل الخبرات وتكنولوجيا التصنيع والمعلومات الفنية فى المجالات المختلفة، والاستفادة من الإمكانات التصنيعية والتكنولوجية والبشرية المتوفرة لدى الطرفين من أجل تلبية احتياجات القوات المسلحة والأجهزة الأمنية للدولتين. «نيوم» تعاون عابر للقارات ويمثل مشروع «نيوم» – السعودى المصرى الأردني- واحدا من أهم مشروعات التعاون العربى والتى من المقرر أن تفتتح مرحلته الأولى بحلول عام 2025، بحسب ما أعلن عنه ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان خلال زيارته إلى مصر، وهو عبارة عن مدينة استثمارية ضخمة، قيمتها 500 مليار دولار، على مساحة 26 ألفًا و500 كيلومتر مربع. ووقعت السعودية اتفاقية مع مصر لتطوير أكثر من 1000 كيلومتر مربع من الأراضى جنوبسيناء، لتكون ضمن مشروع «نيوم»، وبموجب هذه الاتفاقية، سيتم تأسيس صندوق مشترك بالمناصفة تزيد قيمته على 10 مليارات دولار، على أن تكون حصة المصريين من خلال الأراضى المؤجرة على المدى الطويل. ومن المقرر أن يضم المشروع إنشاء سبع نقاط جذب بحرية سياحية، ما بين مدن ومشاريع سياحية، فضلا عن إنشاء 50 منتجعا على البحر الأحمر و4 مدن صغيرة فى مشروع البحر الأحمر، إضافة إلى ذلك سيتم تطوير المناطق بين نيوم ومشروع البحر الأحمر، وخلق 3 وجهات سياحية أخرى بين جزر وشواطئ تشمل 15 وجهة بحرية ومئات المنتجعات. مشروع نيوم يشمل 9 قطاعات استثمارية متخصصة وهي: «مستقبل الطاقة والمياه ومستقبل التنقل ومستقبل التقنيات الحيوية ومستقبل الغذاء ومستقبل العلوم التقنية والرقمية ومستقبل التصنيع المتطور ومستقبل الإعلام والإنتاج الإعلامى ومستقبل الترفيه ومستقبل المعيشة الذى يمثل الركيزة الأساسية لباقى القطاعات.. وتمتاز منطقة المشروع بأنها نقطة التقاء تجمع أفضل ما فى المنطقة العربية، وآسيا، وإفريقيا، وأوروبا وأمريكا. سيناء أمن العرب كما وافق رؤساء صناديق التمويل العربية على توفير التمويل اللازم، لخطة إعمار سيناء التى يتم تنفيذها حالياً، باعتبار أن المنطقة تمثل بعداً رئيسياً فى الأمن القومى المصرى والعربى، حيث وافق مجلس إدارة الصندوق العربى للإنماء الاقتصادى والاجتماعى، على 3 منح بقيمة 825 دينارا كويتيا بما يعادل 2.8 مليون دولار، كما وقعت مصر والكويت على اتفاق لاستكمال تمويل مشروع إنشاء 5 محطات تحلية مياه بمحافظة جنوبسيناء بقيمة 100 مليون دولار أمريكى. واتفقت مصر والبنك الإسلامى للتنمية على دعم عدد من مشروعات التنمية فى سيناء، خاصة مشروع تحلية المياه، والترتيبات لإنشاء مكتب إقليمى للبنك فى مصر، لخدمة دول الجوار العربى - الأردن والسودان ولبنان والعراق وسوريا، فضلا عن التعاون فى إطار الصندوق الجديد للعلم والابتكار والتكنولوجيا الذى أطلقه البنك الإسلامى للتنمية بقيمة 500 مليون دولار، من أجل دعم مشروعات الشباب فى مصر من خلال الصندوق الاستثمارى لريادة الأعمال ومبادرة «فكرتك شركتك»، كما يعتزم البنك ضخ استثمارات بنحو 3 مليارات دولار خلال 3 سنوات (2018-2020)، لدعم عدد من المشروعات التنموية فى مصر. فى انتظار قمة الدمام ويبدو أن التحركات العربية نحو التكامل الاقتصادى فى طريقها للتحقق، بعدما اتفق المشاركون فى ملتقى مجتمع الأعمال العربى الذى عقد بالأردن الأسبوع الماضى على تفعيل العمل المشترك بين الدول العربية من خلال تكتل اقتصادى قادر على المنافسة، وإحياء قرار السوق العربية المشتركة، وتنسيق المواقف والسياسات العربية تجاه منظمة التجارة العالمية، والاتحاد الأوروبى والتكتلات الاقتصادية العالمية الأخرى. وكشف تقرير لجامعة الدول العربية عن زيادة تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى الدول العربية بنسبة 25 %، لترتفع من 24.6 بليون دولار عام 2015 إلى 30.8 بليون عام 2016، وكذلك زيادة قيمة تدفقات الاستثمارات العربية البينية، ووصلت التكلفة الإجمالية لمشاريع الاستثمارات العربية البينية إلى 22.2 بليون دولار عام 2016. يأتى ذلك فى الوقت الذى يتطلع فيه الاقتصاديون إلى أن تتبنى القمة العربية فى الدمام الأسبوع الجارى قرارات من شأنها زيادة التعاون البينى بين الدول العربية، خاصة مع دخول اتفاقية استثمار رؤوس الأموال العربية بين الدول العربية لتتماشى مع التطورات فى عالم الاستثمار وجذب الاستثمارات الأجنبية حيز التفعيل، وإقرار اتفاقية تجارة الخدمات بين الدول العربية والتى انضمت إليها عشر دول حتى الآن.