لعبة الموت التى طالما كانت حكرا على الرجال، لم تعد كذلك، فقد اقتحمتها بنات حواء ليقفزن فوق الخوف، ومن ثم يصبحن «مظليات». القفز من ارتفاع 1500 قدم ليس أمرا بسيطا، إنه مواجهة مع الرعب، تحدٍ لنوازع النفس البشرية، رياضة لا يجرؤ على ممارستها معظم الرجال.. فكيف بالنساء؟! يقول كابتن محمود عبدالحميد مدرب فريق النساء للقفز بالمظلة: إن الفتيات يمارسن هذه الرياضة لرغبتهن فى تحدى مخاوفهن، موضحا أن هناك نوعين من القفز، الأول باراشوتينج وهو القفز الفورى، والآخر سكاى دايف وهو القفز الحر، وتقوم الفتيات بالنوع الأول فقط وذلك لضعف إمكانيات الاتحاد وعدم قدرته على توفير النوع الثانى. يختلف السكاى دايف عن الباراشوتينج فى التأهيل فقط، كما يقول الكابتن محمود، فللوصول إلى السكاى دايف يجب على الفتاة أن تحقق 300 قفزة. وعن مصاريف التمرين يؤكد أن كورس التمرين يكلف 1500 جنيه ولا يشمل سعر القفزة التى تصل إلى 500 جنيه للمرة، وهى أسعار مدعمة من الاتحاد فاللاعب يسدد إيجار الطائرة أما الاتحاد فيوفر المظلة. وغالبا ما يكون مكان القفز فى طريق مصر - إسماعيلية عند الكيلو 75 ويبلغ ارتفاع الطائرة ما بين 1500 قدم إلى 3000 قدم فوق سطح الأرض، ويتكون الفريق من الفتيات و6 كباتن تأمين مع الفتيات بالإضافة إلى كابتن يكون فى الانتظار على سطح الأرض وهى إجراءات ضرورية لابد من اتخاذها. ويضم التدريب جميع أنواع تمارين اللياقة من جرى وضغط حتى نصل باللاعب إلى القدرة على الجرى حتى 8 كيلو فى زمن قصير جدا ولا يمكن أن يقفز لاعب دون أن يحقق هذه الأرقام ثم يقوم بالقفز من أعلى برج يصل ارتفاعه إلى 34 قدماً وتبلغ مدة سقوطه إلى الأرض 20 ثانية. وبعدها يكون اللاعب قد أتقن ثلاث مراحل مهمة للقفز وتبدأ بالخروج من الطائرة ثم الهبوط إلى الأرض وأخيرا الوصول إلى الأرض. وغالبا ما يستمر التمرين حوالى شهرين حتى يتمكن المتدرب من القفز من الطائرة وهى المرحلة الأخيرة من التمرين ومكان التدريب غالبا ما يكون فى نادى الغابة وذلك لقلة عدد الأندية التى تمارس هذه الرياضة، فالغابة وبتروجيت والشمس هى فقط الأندية التى تضم هذه اللعبة. ومدة التمرين ثلاث ساعات أربعة أيام فى الأسبوع والقفزة مرة كل شهر وتكون من الساعة السادسة فجرا حتى الساعة الواحدة ظهرا. لينا رضا طالبة بالفرقة الرابعة فى كلية الفنون التطبيقية انضمت إلى الفريق فى فبراير 2004 بعد أن بحثت على الإنترنت عن مكان يدرب الفتيات على القفز بالمظلات وقررت أن تترجم أحلامها إلى حقيقة وأن تقفز من الطيارة. وفور انضمامها للفريق حققت النجاح الذى كانت تحلم به وحصلت على بطولة الجمهورية فى موسم 2015. وتقول إنها ذهبت إلى الأكاديمية لتقديم أوراقها مع أشقائها ووالدتها، التى أصرت على التعرف على الكابتن والتعرف على مكان التدريب حتى تطمئن، وبالفعل بعدما تعرفت على المكان والكابتن وافقت أن تجرب، كانت تعتقد أن ابنتها لن تتحمل وسوف تغادر الأكاديمية عن قريب، ولكن العكس هو ما حدث، فبالرغم من صعوبة التمرينات إلا أن لينا تحملتها حتى جاء ميعاد القفزة وحاولت والدتها إثناءها عن الفكرة ولكنها أصرت بشدة. وتروى لينا تفاصيل أول قفزة: كنا 64 فتاة وكنت خائفة من فكرة الوصول إلى الأرض وذلك لأن الوصول الخطأ يعرض للكسور، ولكن بمجرد فتح باب الطائرة واستعدادى للقفز نسيت كل مخاوفى وأنا أقفز فالإحساس بأنك محلق فوق الأرض كان وهمياً وشيقاً جداً، فضلا عن إحساسى بأننى حققت حلمى وتغلبت على مخاوفي. وحول رد فعل أصدقائها فى الكلية تقول إنهن لم يصدقن فى البداية أنها تقفز بالمظلة بالرغم من الصور التى كانت بصحبتها لكن مع مرور الوقت انضمت أخريات إلى اللعبة. وعن طموحاتها بعد بطولة الجمهورية تقول إن ممارسة النوع الثانى من القفز سكاى دايف «القفز الحر» هو خطتى المقبلة ولكن العائق الوحيد هو عدم قدرة الاتحاد على توفيره للفريق النسائى نظرا «لتكلفته الباهظة»، ولكن حلمى مع زميلاتى فى الفريق هو تكوين فريق نسائى لتمثيل مصر للقفز بالمظلات دوليا. أما سها خالد الطالبة بكلية الهندسة قسم عمارة 20 عاما فقد انضمت إلى فريق القفز بالمظلات فى يوليو 2011 عن طريق الصدفة، فهى كانت تمارس ألعاب قوى فى نادى الغابة وهو المكان الملاصق لرياضة القفز بالمظلات مما دفعها إلى الذهاب إلى مدرب الفريق للسؤال عن إمكانية انضمامها وبعدها انضمت. وتقول سها إن والدها ووالدتها تحمسا للفكرة وشجعاها على خوض التجربة بالرغم من المخاطر التى تحيق بممارستها للعبة ومع بداية ممارستها للعبة خضعت لكشف طبى للتأكد من سلامتها الصحية وقدرتها على تحمل مخاطر القفزة. وعن أول قفزة تحكى سها أنها كانت فى غاية السعادة فور فتح باب الطائرة وشعرت بالحرية وكأنها طائر يستعد للطيران فى المرة الأولى وبالرغم من أنها كانت المرة الأولى التى تركب فيها الطائرة إلا أنها كانت فى غاية السعادة والشوق للقفزة التى ظلت تتدرب لها لمدة شهرين حتى تتمكن من القفز.