يرجم الحجيج الشيطان خلال شعائر الحج. وكما قال الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله: لا بد أن نرجم الشيطان في أنفسنا رجما معنويا فلا نجعل له فيها مدخلا إذا حاول أن يوسوس لنا بمعصية فلا نستمع إليه، نرجمه بعصياننا لنزغاته حتي يبتعد عنا ويتركنا ولا يكون له علينا سلطان. ويواصل الشيخ الشعراوي قائلا: حين أمر الله إبراهيم أن يذبح ابنه لم يكن عنده إلا إسماعيل ثم بشر بإسحاق بعد ذلك. ورغم شدة الإبتلاء فإن إبراهيم وإسماعيل سلما الأمر لله واستجابا له. ولذلك وصف الله إبراهيم بأنه حليم أواب. (فلما أسلما وتله للجبين) - سورة الصافات، أي بدأ التنفيذ فعلا وأمسك إبراهيم بالسكين ليذبح ابنه، ولكن السكين لم تذبح. لأن السكين لا تذبح بذاتها وإنما بأمر الله لها، فكما قال الله تبارك وتعالي للنار التي ألقوا فيها إبراهيم عليه السلام: (قلنا يا نار كوني بردا وسلاما علي إبراهيم) - سورة الأنبياء ، فإنها لم تحرقه، كذلك أمر السكين ألا تذبح فلم تذبح. وفي ساعة الوفاء بالأمر نادي الله سبحانه إبراهيم كما جاء في قول الله تبارك وتعالي: (وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا) - سورة الصافات، إن الله سبحانه وتعالي يريد من خلقه أن يؤمنوا بحكمة أوامره، وأن يقبلوا علي تنفيذها برضا. ويوضح الشيخ الشعراوي: فإذا أقبلت علي تنفيذ الأمر بالرضا يرفع الله قضاءه، في كل أحداث الحياة التي تصيب الإنسان لا يرفع الله قضاءه إلا إذا رضي بالقضاء من ابتلي به. وساعة يرضي ويسلم بحكمة القضاء يرفع عنه. وإبراهيم صدق الرؤيا وما دام قد صدقها برضا نفس وقبول وتسليم بحكمة الله سبحانه فيما يأمر به رفع القضاء عنه وقيل له لا تقتل ابنك، وأتي الفداء بكبش نزل من السماء فكأن الله تبارك وتعالي هو الذي فدي إسماعيل بهذا الكبش. ليس هذا فقط ولكن الله سبحانه وتعالي بدلا من أن يميت الابن الوحيد لإبراهيم وهو إسماعيل بشره بغلام ثانٍ هو إسحاق. إذن فالذي يقبل من الخلق علي أوامر الحق الغيبية التي لا يعلم لها حكمة ثقة منه في حكمة الله سبحانه يكون جزاؤه كبيرا. وكلما كان الحكم أبعد عن تصور العقل، كان الإيمان أقوي في الصدور. «الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد». يرددها الحجيج وتمتلئ القلوب بها شغفا بما تولده من اطمئنان وسكينة نابعة مما تبعثه في النفس من وعي بأن العظمة لله وحده، وأن شرفا لنا أن نحمده دائما، ونرضي بحكمه شاكرين في السراء والضراء.