بقدر ما تحمله هذه الليلة المباركة من ليالي شهر رمضان الكريم من قيم روحانية .. وبقدر ما تمثله من معانٍ عظيمة للأمة الإسلامية .. وبقدر ما يشهده الإسلام والمسلمون في أوطانهم وخارج الحدود من هجوم شرس يلقي بظلال رمادية كثيفة علي طبيعة الدين الإسلامي وتعاليمه .. ولا تجعل من المسلمين سوي صور للتطرف والإرهاب والمعاداة للآخر وربما المعاداة للحياة نفسها. جاءت كلمة الرئيس مبارك في الاحتفال بليلة القدر وهو يكرم حفظة القرآن الكريم من مصر والعالم الإسلامي لتنير نقاطا من الضوء الواضح، لتضع الجميع - خطابا دينيا ومنظمات إسلامية وكيانات إعلامية - أمام مسئوليات حقيقية فات وقت التهاون في تحمل أدوارها بعد أن بات المسلمون يخسرون معارك تقديم صورة الدين الإسلامي المؤكدة علي مر العصور في الاعتدال والوسطية. وأصبحت الجاليات الإسلامية تتعرض لصور من العدائية تتعارض مع طبيعة المجتمعات الديمقراطية المرتكزة علي مبادئ حقوق الإنسان في البلدان التي يعيشون فيها .. في أوروبا وأمريكا علي حد سواء. -- لم تتوقف كلمة الرئيس مبارك علي رسالة التهنئة للمسلمين في شتي بقاع الأرض في هذه الليلة المباركة «ليلة القدر» والتي كرم فيها الرئيس حفظة القرآن من مصر والعالم الإسلامي فقط. وإنما وضعت -الكلمة- تقديرا دقيقا لما يتعرض له الإسلام والمسلمون من حملات دعائية شرسة تشوه قيم الدين الحنيف في الاعتدال وتتطاول علي تعاليمه ورموزه وتستهدف مقدساته. وقد قال الرئيس مبارك: «تتوالي علي عالمنا الإسلامي هجمات شرسة تتستر وراء حرية الرأي والتعبير .. تشوه صور الإسلام وتعاليمه .. تتجاسر علي مقدساته .. وتغذي المشاعر المعادية للمسلمين وجالياتهم». بما يلقي بأعباء جسام علي المسلمين والدول الإسلامية في أوطانهم وخارج الحدود في ضرورة الانتباه إلي هذه الموجات من الاستهداف الواضح للدين الإسلامي وللمسلمين والتي باتت طافية علي السطح بغير ستار والتي انتقلت عبر الحدود وإلي الداخل من الأوطان. حين أصبحت الإساءة إلي الدين الحنيف والتطاول علي تعاليمه بما يؤذي المشاعر طريقا للشهرة ووسيلة للاسترزاق وكسب المال بغض النظر عن النتائج الشريرة والتي تتعارض مع تعاليم الدين الإسلامي نفسه من إيذاء للمشاعر الدينية والتشويش علي الثوابت الإيمانية والتشكيك في المرتكزات الوسطية للدين الحنيف عن جهل وافتراء وتحت دعاوي حرية التعبير. وقال الرئيس : «ومن المؤسف أن ينتقل هذا التطاول علي الإسلام من الغرب إلي بلداننا .. بإساءات يرتكبها البعض من أبنائنا .. ما بين طالب شهرة وطالب مال .. يؤذون مشاعرنا .. ويتطاولون علي الإسلام عن جهل وافتراء». وفي هذا السياق يأتي الدور المحوري للخطاب الديني المتجدد الذي يواجه هذا الاستهداف .. ويتعاظم دور الإدارة في تنقية وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية من محترفي الإساءة والتطاول علي الدين الإسلامي من طالبي الشهرة وطالبي المال علي حد سواء.. ومن دعاة الفتنة أيضا .. وهم أشد انتشارا علي شاشات الفضائيات. وفي هذا السياق أيضا يأتي الدور الرئيسي للمثقفين ودعاة التنوير، إذ لا مجال هنا للتردد وإمساك العصا من المنتصف .. فالشر قائم وينتظر المواجهة .. المواجهة الحقيقية. -- لم تتوقف كلمة الرئيس مبارك في الاحتفال بليلة القدر عند التقدير الدقيق لما يواجه الإسلام والمسلمين من حملات الاستهداف خارج الحدود واسترزاق - شهرة أو مال - داخل الحدود وإنما قررت وبشكل مفصل الثوابت التي ترتكز عليها دعائم هذا الوطن. - مصر الأزهر ستظل حصنا حصينا للإسلام ورمزا لاعتداله ووسطيته وسماحته. - مصر ستظل حافظة لوحدة أبنائها من المسلمين والأقباط .. موقنة بأن الدين لله والوطن للجميع .. واعية لمخاطر خلط الدين بالسياسة .. راعية لمبادئ المواطنة. - مصر ستواصل الإصلاح علي كافة محاوره .. من أجل دولة مدنية حديثة ومجتمع ناهض متطور .. تتصدي لقوي الإرهاب والتطرف .. وتصون مصالح الوطن أينما كانت. رسائل رئاسية صارمة في ليلة مباركة «ليلة القدر». محمد عبد النور