يعد ممدوح الليثي من أهم المؤثرين في حركة الدراما المصرية بإسهاماته المتعددة ككاتب لأهم الأعمال التليفزيونية أو بإنتاجه مئات الأعمال التي تركت بصمة في تاريخ الدراما المصرية أثناء رئاسته لقطاع الإنتاج باتحاد الإذاعة والتلفزيون مثل «رأفت الهجان»، «دموع في عيون وقحة» و«ليالي الحلمية» وغيرها من الأعمال التي جعلت الدراما المصرية في المقدمة، يحدثنا عن دراسته في كلية الشرطة وحبه لصاحبة الجلالة والتليفزيون المصري منذ إنشائه حتي الآن. بداية لنتحدث عن أهمية التليفزيون بشكل عام ودوره الاجتماعي والثقافي والسياسي؟ أهمية التليفزيون بدأت تظهر منذ أول يوم لأنه أدخل البهجة والسعادة والثقافة والترفيه للشعب بأرخص السبل وبالمجان واعتبر التليفزيون أحد وسائل الاشتراكية لأنه من خلاله يتم توفير خدمة فنية وإعلامية مجانا للناس وخاصة البسطاء، كما أنه خلق ذوقا عاما بمتابعة الموضة، وبدأت سيدات البيوت في متابعة اهتماماتهن وبرامج المرأة والمطبخ والرجال يتابعون البرامج الاقتصاية والسياسية والصحية وهكذا نجح التليفزيون المصري منذ نشأته بجعل الإنسان مطلعا علي الحياة العامة، فالذي لا يقرأ الجرائد اليومية يتابع من خلال التليفزيون الأخبار والأحداث اليومية والسياسية فهو نقل بؤرة من الثقافة إلي الناس في منازلهم، أما بالنسبة للترفيه فالإنسان وهو مسترخ في منزله وبدون تكبد عناء الخروج من المنزل للذهاب للسينما مثلا يشاهد مايريده ويتمتع به. كما أننا لو أحصينا كل نوعيات البرامج التي يقدمها التليفزيون كالبرامج الاقتصادية والصحية والتعليمية خاصة التي أخذت مكان الدروس الخصوصية فهي درس للطالب بالمجان، هذا غير دوره الفعال في الخطاب السياسي وتوعية الجمهور وتوجيه الرأي العام، فهذا التلفزيون المصري العملاق منذ بدايته انطلق إلي آفاق بعيدة إلي كل الأمة العربية وهو صاحب الريادة الأولي في البث التلفزيوني وفي الثقافة التليفزيونية وبدأت الأمة العربية كلها تأخذ منه هذه العدوي التليفزيونية وتفتتح محطاتها التليفزيونية وتأخذ موادا من التليفزيون المصري وتعرضها في قنواتها. فحقق هذا انتشارا سريعا للدراما المصرية والبرامج المصرية والأفلام عبر شاشات الأمة بأكملها، فبدون شك أنه قام برسالة خطيرة وهذا هو حال مصر في كل المجالات، فعلي سبيل المثال أذكر يوم افتتاح مدينة الإنتاج الإعلامي والتي كان لي الشرف في المساهمة في إنشائها، خطاب وزير الإعلام للرئيس مبارك والذي قال له فيه «هذا المكان ستنطلق منه محطات تخاطب كل شعوب العالم بكل لغات العالم»، واتضح بالفعل بعد ذلك حقيقة ماقيل وقتها حيث بدأ من داخل مدينة الإنتاج الإعلامي بث فوق المائة قناة لكل لغات العالم والتي تخاطب كل الشعوب، وهذه أيضا هي رسالة التليفزيون المصري العملاق والتي قام بها ونفذت بكل حرفية وموهبة. من كلية الشرطة إلي مبني الإذاعة والتليفزيون.. كيف كانت هذه النقلة في حياتك؟ كنت أهوي الكتابة الصحفية والأدبية قبل دخولي كلية الشرطة وكنت أصدر مجلة المدرسة ومجلة الحائط، وفي كلية الشرطة كنت مسئولاً عن مجلة الكلية وبدأت حياتي فيها بحوار مع الأديب «طه حسين»، وأنا طالب وفي هذا الحوار اقترح هو علي تغيير كلمة «بوليس» إلي «شرطة» لأنها أقرب إلي الأدب العربي وأصح لغويا، وفعلا كتبت هذا في مجلة الكلية وبعدها بفترة صدر قرار جمهوري بتغيير اسم كلية البوليس إلي كلية الشرطة وأصبحت مساهما مساهمة إيجابية في هذه العبارة. وبعدها عملت في مجلتي (روزاليوسف وصباح الخير) وكنت أكتب في روزاليوسف مقالاً بعنوان «يا بوليس»، وفي صباح الخير مقالاً بعنوان «حكايات المخبر المجهول»، وتخرجت بعدها وعملت ضابط بوليس فبعدت عن الصحافة، ثم قدمت وأنا ظابط في معهد السينما قسم السيناريو، ودرست لمدة ثلاث سنوات وأصبحت كاتب سيناريو متخصصا وكتبت بعدها مسلسل «جريمة الموسم» عام 64 إخراج نور الدمرداش وكان 13 حلقة فقط وكان يذاع بمعدل حلقة واحدة كل أسبوع لذلك كان هناك مجال لتناول الحلقة فبعد أن تذاع اليوم مثلا يكتب عنها النقاد لمدة أسبوع لحين إذاعة الحلقة الجديدة، ولم تكن حلقات يومية تستهلك بسرعة.. ثم كتبت مسلسل «شرف المهنة» عن عامل سويتش تليفونات يتجسس علي المكالمات وكان قد كتبها إحسان عبد القدوس.. ثم قدمت فيلم «تاكسي» عن سائق تاكسي وقصص مختلفة تدور معه وكان هذا عام 66 ونال هذا الفيلم الجائزة الأولي في الدراما في مهرجان التليفزيون الدولي. وقدمت بعدها للتليفزيون أعمالا كثيرة مثل (الكنز ، المتهم الرابع، حقنة بنج) وفي أواخر السبعينيات قدمت «أنا لا أكذب ولكني أتجمل، استقالة عالمة ذرة، ومسلسل سيدة الفندق ليسرا وكمال الشناوي، مسلسل مبروك جالك ولد لنيللي ومحمود عبدالعزيز، وأيوب لعمر الشريف».. وفوق ال 200 فيلم أبرزهم «الطريق إلي إيلات» من إخراج إنعام محمد علي و«ناصر 56» للمخرج محمد فاضل. وأنتجت عشرات المسلسلات أثناء تولي رئاسة قطاع الإنتاج مثل «ليالي الحلمية» و«رأفت الهجان» و«دموع في عيون وقحة». ماهي أهم المراحل خلال هذا المشوار الطويل وحياتك في هذا المبني العريق؟ لعل أهم المراحل في حياتي كانت سنة 1992 عندما نلت جائزة الدولة التقديرية، وأعتبرها مرحلة مهمة جدا خاصة أن سني لم يكن كبيرا وقتها وكنت شابا، وبدون أدني شك من اهم مراحل حياتي في هذا المبني هي فترة رئاستي لقطاع الإنتاج باتحاد الإذاعة والتلفزيون والتي أعتبرها مرحلة خصبة جدا، حيث كان هناك قيمة ضخمة جدا للدراما المصرية ولم يكن يضاهيها أحد سواء داخل مصر أو خارجها ووصلنا بالدراما المصرية إلي أوج عظمتها وأنا سعيد جدا بهذه الفترة لأن العالم كله أصبح يقلدنا ويحاول تقديم مسلسلات ناجحة علي مستوي المسلسلات التي نقدمها وأفلاما كأفلامنا. من هم النجوم الذين تألقوا وسطع نجمهم في هذه الفترة؟ كل المواهب الكثيرة الموجودة الآن علي الساحة هي التي قدمها قطاع الإنتاج وعددهم لا يحصي، عادل إمام، محمود عبدالعزيز، نور الشريف، يسرا، إلهام شاهين، إلي الجيل الجديد أحمد السقا وحتي محمد سعد بدوره في الطريق إلي إيلات، فكل من يعمل في الساحة الفنية في مصر دعمه التليفزيون المصري وقدمه للإعلام العربي، ونال حظه وشهرته من خلال الإعلام المصري، وكل العناصر الفنية خلف الكاميرا من مخرجين ومصورين وكتاب سيناريو ومهندسي ديكور ومونتيرين قدمهم الإعلام المصري. هل سحبت الفضائيات البساط من تحت أقدام التليفزيون المصري؟ - لا لم تسحب البساط من تحت أقدامه ولو توافرت الإمكانيات المادية لكنا تطورنا بشكل أكبر خاصة أننا لا تنقصنا الموارد البشرية والخبرات، ومازالت القنوات المصرية قنوات ناجحة وعليها إقبال واللهجة المصرية هي المحببة والقريبة للجميع وكذلك المسلسل والفيلم المصري. أخيرا ما المشروع الذي تمنيت تنفيذه ولم يسعفك الوقت ومازال في خططك؟ - فيلم عن حرب أكتوبر وعنوانه (وبدأت الضربة الجوية)، وأنا أعتقد أنه من أهم ما كتب عن حرب أكتوبر ونستعرض فيه الاستعداد والترتيب والتخطيط للمعركة بعد 6 سنوات من الهزيمة في 67 وكيفية التخطيط لهذه العملية الكبيرة، وأعتقد أن هذا هو قمة النجاح ويبرز الفيلم كيف استعددنا للمعركة والشراك والخدع السرية حتي حققنا بها النصر.