لم يكن فى تقديرى أن ألتقى يومًا بمشاهير النجوم، لأن خيالى فى فترة الطفولة والصبا أن هذه النجوم التى نراها على الشاشة أو نسمعها فى الإذاعة أو نقرأها فى المجلة والكتاب شخصيات خيالية أو بعيدة، بدليل أن اسمها «نجوم» والنجوم طبعًا لا يمكن أن نصل إليها وهى فى أى صورة عبارة عن نقطة وسط سماء زرقاء وهذه النقطة تشع منها عدة خطوط بيضاء أو صفراء فى اتجاهات مختلفة، وكان سؤالى فى فترة الصبا «هل يمكن لإنسان فنان أن يصبح نقطة نور تشع منها خطوط نور»؟ لكن عندما دخلت عالم فن الرسم رأيت هذا النور وشعرت به بداخلى كلما زادت عندى لحات الإبداع الحقيقية والتأمل الصادق فى الحياة، حتى فى مرحلة التحصيل كطالب فى الفنون الجميلة كان يزهو حولى بريق بسيط من هذا النور، وهى ذات الحالة مع الموسيقى والغناء والتمثيل والأدب والشعر حتى أنى بدأت فى هذه الفترة أتردد على الأوبرا وحفلات الموسيقى والمعارض التشكيلية ومهرجانات الشعر ولقاء الأدباء والاستماع إليهم. لذلك تولانى التوتر من مفاجآتى لأكون صدفة وجها لوجه أمام كوكب الشرق وكانت فى الأربعينيات تسجل فى قاعة خاصة فى ناد كبير وكنت بالصدفة فى زيارة لهذا النادى، وقالو لى إن فرقة أم كلثوم كاملة تسجل معها فى قاعة خاصة للحفاظ على الصوت لأنها مهيئة لهذا الغرض.. لذلك حملت نوتة صغيرة أو أوتوجراف ودخلت القاعة وتقدمت إليها وأنا مرتبك تمامًا لتوقع لى بكل سرور.. وأنا أكثر. - كنت لم ألتق بعد بنجمة السينما الساحرة نادية لطفى ولكنى اخترعت باباً فى «صباح الخير» اسمه «نقد فيلم» بالرسم فقط.. لذلك رسمت هذا الرسم، أنى أفتح الثلاجة لأجدها جالسة بداخلها، وكتبت تحتها أن الفيلم بطولة نادية لطفى. غضبت النجمة الكبيرة واتصلت برئيس التحرير حسن فؤاد وقالت له إنها تحترم الرأى الآخر وفن الكاريكاتير ولكن لابد من التوضيح أن هذا هو دورى فى الفيلم وليس الرسم يعبر عن أدوارى كلها.. واعتذرت فعلاً لها. أما لقاء عبدالوهاب الموسيقار الكبير مع الصحفية الألمعية منى سراج فقد وجدت صعوبة فى رسمه لأنه كان يخفى بروفيله الشمال ليعطينى بروفيلاً يحجزه للكاميرا ولريشة الرسام وتذكرته أيضاً عندما جاءنى صوته على التليفون يقول لى.. انت زعلت الست ليه برسمك يقصد كوكب الشرق أم كلثوم. أما قصتى مع «بلبل أفندى» الذى دخل غرفة الرسامين فى المجلة فى صحبة صاحبة المجلة السيدة الرائعة «روزاليوسف» وقالت لى.. عاوزاك يا ولد يا رسام ترسم لنا النجم الذى أمامك. بدأت أرسمه وكلما زادت لحظات الرسم انزعج وأراد أن يقف ويغادر الغرفة ولكنى أمهلته دون نتيجة. وكانت الفكرة أن تعطى صاحبة المجلة صفحة كاملة لفيلمه الجديد مع صورة فوتوغرافية أنيقة ولكنه لم يقتنع بأسلوب المجلة الجديد التى تعبر فى كل صفحة بالريشة فقط. وبخنى وعاتبنى الموسيقار محمد عبدالوهاب عندما رأى هذه النكتة فى «صباح الخير» وقال لى بالحرف الواحد ألا تخجل من نفسك أن ترسم نفسك وأنت نائم فى حفلة سيدة الغناء أم كلثوم رغم أن الحفلة فى قاعة سينما «قصر النيل» ازدانت بالمئات الذين يصفقون ويرددون كلماتها.. ثم أنهى المكالمة بقوله: لابد أن ترسم رسماً آخر الأسبوع القادم كنوع من الاعتذار. لكنى أجبته ولطفت من حالته قائلاً: أستاذنا الكبير فن الكاريكاتير ليس فى هذه الحالة موقفاً ولكنه مداعبة عندما تحب نجمًا بهذا القدر من الحب والإعجاب. جورج البهجورى