كشفت الأحداث الأخيرة عن استخدام عدد من أطفال الشوارع تحت سن 81 سنة فى التظاهر وأعمال العنف بميدان التحرير وبعض المحافظات، واستخدامهم فى أعمال البلطجة.. مما يفتح الباب حول العديد من الأسئلة المتعلقة بمنظمات المجتمع المدنى والمسئولة عن الاهتمام بأطفال الشوارع والتى تتلقى تمويلا أجنبيا ولا تقوم بدورها فى حماية هؤلاء الأطفال وقد أكدت دراسة حديثة صادرة عن مركز الدراسات الاقتصادية أن مصر حصلت خلال الفترة ما بين 5791 وحتى عام 1102 على مليار و004 مليون دولار منحا ومعونات من دول العالم لأطفال الشوارع. وقد كشف الفيديو الذى عرضه المجلس العسكري لأطفال الشوارع واعترافاتهم والصور التي بثتها المواقع الالكترونية لأطفال يرفعون علامة النصر بعد حرق تاريخ مصر مدى خطورة وجود هؤلاء الأطفال دون حماية. وقضية أطفال الشوارع قضية شائكة فالإحصاءات تؤكد أن هناك زيادة فى أعداد أطفال الشوارع تصل إلى مليون و007 ألف طفل سنويا مما يهدد المجتمع بكارثة.. وقد انقسمت منظمات المجتمع المدني بعد عرض صور أطفال الشوارع والتحقيق مع المتسببين فى أعمال الشغب إلى قسمين فبعضهم رأى أن الأطفال تم الزج بهم فى أحداث لا علاقة لهم بها وأن نشر صورهم سيثير الرعب فى المجتمع ويعمق الفجوة بينهم وبين المجتمع والبعض الآخر اعترف بحجم الكارثة وقلة عدد المنظمات العاملة فى هذا المجال وعدم وجود تمويل كاف لرعاية هؤلاء الأطفال حيث توجه أغلب التمويلات إلى الجمعيات الحقوقية وتغفل القضايا الاجتماعية التنموية. فقد رفضت المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة من خلال بيان صحفى لها اتهام الأطفال فى الشارع بأنهم مأجورون للعمل على تخريب مصر وإحراقها، وأدانت عرض شهاداتهم على وسائل الإعلام قبل بدء النيابات المختصة التحقيقات، كمحاولة للتأثير على الرأى العام فى مصر، وإبعاده عن الأسباب الحقيقية التى أدت لهذا المشهد المأساوي الذى ظهرت به مصر أمام العالم فى أحداث مجلس الوزراء، بما هو مخالف لجميع المواثيق والاتفاقيات الدولية، وأضافت المؤسسة أن قانون الطفل المصرى 621 لسنة 8002 فى المادة رقم 611 مكرر ب، يعرض من قام بهذا للمساءلة القانونية. ويؤكد الدكتور هاني هلال - رئيس الائتلاف المصري لحقوق الطفل: أن أطفال الشوارع غير مسئولين عن أحداث مجلس الوزراء الأخيرة. وأن دور أطفال الشوارع كان إيجابياً خلال ثورة 52 يناير، حيث شعروا للمرة الأولى فى حياتهم بأن لهم دوراً وقيمة فى المجتمع، حيث كانوا يساعدون الثوار فى ميدان التحرير ويوزعون الأطعمة ويجلبون الأدوية لمعالجة المصابين وساهموا فى نظافة الميدان.. وأوضح هلال أن أطفال الشوارع ضحايا للمجتمع بكل مؤسساته الحكومية وغير الحكومية وتأكيد فكرة اتهامهم بالبلطجة وأنهم مأجورون وإثارة المجتمع ضدهم هو أمر كارثى يقود مصر إلى الخطر ويعمق من أزمة ثقتهم فى المجتمع ويعمق من المسافة بينهم وبين المجتمع ويصعب مهمة منظمات المجتمع المدني فى إدماجهم في المجتمع. وعن قصور منظمات المجتمع المدني في احتواء أطفال الشوارع يشير هلال إلى أن المسألة ليست لها علاقة بقصور المجتمع المدني فى تأدية عمله ولكن لها علاقة بزيادة أعداد أطفال الشوارع وقلة أعداد المؤسسات التي ترعى هؤلاء الأطفال والتي تقل عن 02 جمعية هذا بخلاف عدم تفعيل الاستراتيجية الوطنية الخاصة والمطلوب ميزانيات أكبر من قبل الجهات المانحة والمفروض التوسع في عدد دور الإيواء على حساب التوسع فى دور الاستقبال النهاري والإحصاءات تؤكد وجود 08٪ من الأسر لديها استعداد للعمل على حل مشاكل أطفالها وإعادة دمجهم من جديد وحل مشاكلهم. ويوجد ثلاثة أنواع من المؤسسات التي تتعامل مع أطفال الشوارع وهى المؤسسات المغلقة وتختص بأطفال الأحداث من مرتكبي الجرائم والمحكوم عليهم ثم المؤسسات شبه المفتوحة التي تأوي من لم يرتكب جرما وليس له أهل ثم المؤسسات المفتوحة التي يطلق عليها دور الاستضافة وتستقبلهم نهاراً ويعودون للشارع ليلا. ويضيف هلال أن الائتلاف سيقوم بالضغط على أعضاء البرلمان القادم لتبنى مواقف تحمى حقوق الطفل عند صياغة الدستور والتشريعات الانتقالية التي ستخرج بمصر لعهد جديد. ويشير هلال إلى أن الائتلاف سيعمل على تجهيز مادة دستورية لحماية حقوق الطفل تعرض على اللجنة التي ستضع الدستور بالإضافة إلى تنسيق لقاءات مع مرشحي الرئاسة لعرض رؤية الائتلاف حول مستقبل الطفل فى مصر ومعرفة من سيتبنى قضايا الطفل وتغطيتها إعلاميا. فيكتور فكرى نائب المدير العام لجمعية كاريتاسيقول: إننا فى الجمعية ننفذ برنامجاً لحماية الأطفال يتردد عليه 002 طفل وأول خطوة في البرنامج أنها تستطيع أن تجعل الطفل يتحدث عن نفسه كما هو وأن يثق فى المجموعة التى معه والتى تتولى تدريبه وبعد أن يشعر بالثقة يبدأ فى التعبير عن نفسه بطريقة حقيقية دون خوف فعندما يبدأ فى الفضفضة عن مشاكله فإن أولى خطوات العلاج تكون قد بدأت وبعدها يتم بحثه مع الأسرة فيوجد أسر من مصلحتها أ لا يرجع الابن ونحاول وقتها إيجاد سبل تعويضه من خلال تمكينه نفسيا من خلال العلاقات الإنسانية والاجتماعية. وبحث الوضع النفسى والاجتماعى والصحى للطفل. ويوضح فكرى أن نسبة النجاح فى البرنامج إذا وصلت 05٪ فيعتبر نجاحاً. وعن الطرق التي تصل بها الجمعية للأطفال يقول فكرى: إن الجمعية لها سيارة مخصوصة وتصريح خاص من وزارتي الداخلية والشئون الاجتماعية وتقوم السيارات بالمرور في الشارع على أماكن إقامتهم وإذا كانت هناك إمكانية فإن بعض الأطفال يرجعون لأسرهم. وعن صلاحيات المؤسسات الاجتماعية التي يوفرها لهم القانون وهل لهم الحق فى أخذ الطفل بالقوة من أسرته إذا كانت غير أمينة عليه، يقول: إن المؤسسة لا تستطيع أن تأخذ الطفل بالإجبار إذا لم يسلمه أهله لكن يمكن أن أسلمه لإحدى الدور الخاصة بوزارة التضامن فى حالة إذا تبين أن أسرته غير أمينة على مصلحته لكن الأفضل أن يبقى الطفل مع أسرته لأنه يحقق مصلحة عاطفية واجتماعية.. وعن أسباب عدم السيطرة على أطفال الشوارع حتى الآن على الرغم من وجود جمعيات أهلية ومنظمات تعمل في هذا الإطار وتتلقى تمويلا دون جدوى، يوضح أن هناك أسباباً عديدة، فتزايد أعداد أطفال الشوارع مرتبط بالزيادة السكانية فكل سنة لدينا مليون و007 ألف مولود جديد بالشارع. ويشير إلى أن التمويل الخارجى يخضع للموضة فإذا كانت الأعوام الأخيرة كانت الموضة هى الديمقراطية والسياسة فإن ذلك كان له تأثير على الجمعيات التنموية الأخرى التى تهتم بالقضايا الاجتماعية فالتمويل له اتجاهات معينة. ويقول إن ميزانية جمعية كاريتاس تصل ل 54 مليون جنيه فى السنة كلها تمويلات من جهات دولية وأوروبية يخصص لبرنامج حماية الأطفال. وترى الدكتورة إيمان بيبرس رئيس جمعية نهوض وتنمية المرأة أن مشكلة أطفال الشوارع لا يمكن فصلها عن مشكلة الفقر والتفكك الأسرى ومن الظلم أن نلقى كل المسئولية على منظمات المجتمع المدنى وحدها ونغفل تفشى الفقر فى المجتمع فكفالة أى طفل تحتاج لمبالغ مالية كبيرة والجمعيات تحاول تأهيل الطفل وتأمين علاجه ولكن لابد من إدراك حقيقة أن الطفل فى الشارع يكسب أموالا كثيرة لذلك يتسرب من دور رعاية أطفال الشوارع والتى قد توفر له مكاناً صحياً وآمناً ولكن يظل مكسب الشارع أفضل بالنسبة له. وتقول بيبرس إن هؤلاء الأطفال إذا كانوا قد ارتكبوا جريمة بتحريض من أحد فهم ضحايا فطالما الطفل قاصر فهو ضحية فقد تعرض لعدوان جسمانى وبدنى منذ نعومة أظافره ولا يمكن أن نترك الفاعل الأساسي ونحمل طفل الشارع مسئولية كل ما يحدث فالمجتمع بشكل كامل مسئول مسئولية تامة عن رعاية هؤلاء الأطفال مؤكدة على أن استغلالهم فى فعل جريمة أو إثارة شغب هو دليل على فشل المجتمع.