عقب أحداث طابا، وما حدث بها من هجمات فوجئنا بتصريحات إسرائيلية أشعلت الغضب في كرامة المصريين، فما بين حرب نفسية تستخدمها إسرائيل للضغط علي مصر.. وما بين إصرار المصريين علي طرد السفير الإسرائيلي. التقينا خبراء استراتيجيين في الشأن الإسرائيلي لنعرف ما توقعاتهم بشأن المرحلة القادمة؟! وما تحليلاتهم لما حدث في طابا. يقول اللواء سعيد الصالحي الخبير الاستراتيجي والمستشار بأكاديمية ناصر العليا المتخصص في الشئون الإسرائيلية: ما يحدث الآن من تصريحات إسرائيلية ما هو إلا حرب نفسية تشنها إسرائيل علي مصر، فإسرائيل الآن تختلق مواقف ومشكلات لدفع مصر إلي نقطة توتر، وهذا بسبب أن شهر سبتمبر القادم سيعرض فيه مشروع إقامة الدولة الفلسطينية علي الأممالمتحدة، وهذا يمثل تهديدا لإسرائيل، فما كان منها إلا اختلاق مواقف حتي تثبت للعالم أن فلسطين بكل ما تفعله لاتستحق أن تقيم دولة، وبما أن مصر الآن تعزز إقامة دولة فلسطينية وأتمت المصالحة علي أرضها فقد دخلت في الدائرة. لذا فيجب علينا أن نتوقع سيناريوهات لاختلاقات أحداث وأفعال ومواقف لعمل توتر في المنطقة. وبعد أن رأينا موقف الولاياتالمتحدة من القضية وتركها الساحة لإسرائيل تفعل بها ما تشاء، وتركيا التي تستخدم القوة الناعمة وتحايد الجميع وتلعب الدور الذي كنا نلعبه في عهد النظام السابق. فمصر الآن في المواجهة. لكني هنا أؤكد علي نقطة في غاية الأهمية وهي أن الضغوط الداخلية في مصر أقوي وأصعب من الضغوط الخارجية، فيجب أن نركز فيها ولا ننجرف وراء الأزمات التي تختلقها إسرائيل لاستفزاز مصر، بل علي العكس لابد أن نكشف تلك المخططات ونكشف إسرائيل، وعلينا أن نعي تماماً أن لعبة السياسة حرب إعلامية ونفسية. وأنا فخور جداً بالاعتذار الرسمي الذي تقدم به إيهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلي لمصر، وفخور أكثر باعتذار تركيا للشعب المصري الذي أبدي غضباً شديداً لما حدث، وخرج في مظاهرات أمام السفارة الإسرائيلية ونكس علمها، وأصر علي طرد السفير الإسرائيلي وأيضاً طلب تطوعه في الجيش المصري إذا قامت حرب فكل هذه الإرادة الشعبية أقلقت وأثارت خيفة إسرائيل كثيراً خاصة بعد أن رأي العالم كله ماذا يفعل إصرار المصريين. وهذه نقطة هامة جداً علي الإعلام المصري أن يبرزها في كل وسائله، أما عن موقف المجلس العسكري فهو موقف يتسم بالحيطة وأنا أنصحه بعدم الانجراف لما تختلقه إسرائيل. وعندما سألته عن الموقف العربي مما يحدث، وصمتهم المبهم. أكد لي أن موقفهم يسمي السياسة العربية الباردة وينم عن الضعف الشديد، بالإضافة إلي أن العرب أنفسهم خائفون من أن تصدر مصر لهم الثورة. ويحذر اللواء سعيد الصالحي من شيء خطير وهو المجموعات المختبئة خلف جبال سيناء والتي تمثل الخطر الحقيقي والتهديد الأصعب في وقتنا الراهن. ويعقب اللواء سامح سيف اليزل الخبير الاستراتيجي والأمني علي الأحداث قائلاً: إن ما حدث في أراضي سيناء من تجاوزات أسفر عنها قتل جنديين وإصابة آخر فرصة ذهبية لإعادة التفاوض مع الجانب الإسرائيلي في زيادة أعداد الجنود المصريين علي الحدود المصرية الإسرائيلية إلي ما يقرب من 4 آلاف جندي بعد أن كانت 750 جندياً وذلك لتأمين الحدود والسيطرة علي الأمن نظراً للأوضاع الحالية. وعلي الجانب الإسرائيلي أن يعي تماماً أن دم الشهداء الذين قتلوا ليس رخيصاً. ويضيف اللواء سيف اليزل أن الطامعين في مصر بعد ثورة 25 يناير زادوا، وما يحدث في سيناء من سيطرة عناصر مسلحة علي منطقة الشيخ زويد والعريش، وفرض أحكامها وتعطيل المحاكم المدنية خطر علي مصر كلها لا علي الثورة فقط. وأشار إلي تصريحات مدير المخابرات الحربية الإسرائيلية الذي أعلن منذ أيام قبل الأحداث مباشرة أن لديه أخبارا بأن مصر لاتستطيع السيطرة علي أمنها. وقال سيف اليزل: إن إسرائيل لديها خطة لعبور الحدود المصرية بدعوي تأمينها لاحتلال مسافة تتراوح بين 5 و7 كيلومترات من سيناء بدعوي تأمين حدودهم. ورداً علي سؤال ما إن كانت إسرائيل تقصد ما حدث أم لا؟ أجاب قائلا: لا، لم تكن هذه الهجمات مقصودة، وإنما كانت عن طريق الخطأ، ولاتعتبر اعتداء علي السيادة المصرية، فهناك مجموعة من المتسللين المشتبه تورطهم في هجوم إيلات دخلوا الحدود وبادروا بإطلاق النار علي دورية مصرية إسرائيلية مشتركة معا اضطر القوات المشتركة مهاجمتهم خاصة أن الجيش المصري يقوم بعملية تمشيط واسعة خلال الأيام الأخيرة. وقامت طائرة إسرائيلية من النوع (أباتشي) بإلقاء قنبلة علي المشتبه فيهم، فخرجت شظايا، بجانب نيران الهجوم المشتركة، فأدت إلي قتل نقيب شرطة وجنديين وإصابة آخرين، ولايزال التحقيق مستمراً وفي انتظار نتيجته. وعن تعامل مصر مع الموقف الراهن أكد اللواء اليزل أن هناك ثلاثة محاور للتعامل مع ما حدث أولها عسكري ويخص القوات المسلحة التي أرسلت لجنة لتفقد الوضع علي الأرض في سيناء، وهناك الطريق الدبلوماسي الذي طلب تفسيرات كاملة من إسرائيل، ثم هناك الطريق السياسي وهو ما ظهر في اجتماع للجهات المعنية مع مجلس الوزراء.