الثورة أولا هو الشعار الذي اتفقت عليه جميع الأحزاب السياسية والقوي الشعبية وائتلافات الثورة، وجميع أبناء الشعب في جميع محافظات مصر، بعد أن أصبح واضحا للجميع أن الثورة تعود إلي نقطة الصفر، فبعد أن دفع الشهداء دماءهم ثمنا للحرية ولتحقيق العدالة الاجتماعية والقضاء علي الفساد لم يتحقق حتي الآن شيء من ذلك فلم نر المحاكمات العادلة لرموز النظام السابق ولم تتحقق العدالة الاجتماعية كما وقعت أعمال عنف كثيرة ضد المتظاهرين، وما تبع ذلك من صدور أحكام بالبراءة لعدد من رموز النظام السابق كما تم تأجيل محاكمات الضباط المتهمين بقتل الثوار. هذا ما أدي إلي ذهاب الآلاف إلي الميادين العامة التي شهدت أحداث الثورة مطالبة بالقصاص والتطهير والحفاظ علي الثورة المصرية من السرقة حتي لا ترجع إلي الخلف وكانت أحداث الأيام الماضية خير دليل علي أن الثورة مازالت مستمرة، بعد احتشاد الملايين في ميدان التحرير وانتشار المئات من الشباب لتشكيل اللجان الشعبية علي مداخل الشوارع المحيطة بالميدان لتأمينه من البلطجية، وهو ما أشاد به الجميع، ولم تتوقف المليونية علي ميدان التحرير فقط بل شملت ميادين أخري في المحافظات المختلفة مثل ميدان الأربعين بالسويس، والقائد إبراهيم بالإسكندرية، وتوحد الجميع تحت شعار «الثورة أولاً» في إشارة صريحة إلي أن الثورة مستمرة مالم تتحقق المطالب. - رحيل المخلوع يقول عبدالله مصطفي بكالوريوس هندسة: أجمل ما في الثورة أنها جعلتنا يدا واحدة لتحقيق مطالبنا التي تمثلت في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، وزاد عليها المطالبة بتغيير النظام ورحيل المخلوع، لكن اليوم بعد مرور ما يزيد علي خمسة أشهر علي رحيله، وجدنا أننا لم نحقق من أهداف الثورة شيئاً إلا خلع المخلوع وإفشال موضوع التوريث، ثم بدأت كل الفئات والتيارات بعد ذلك تبحث عن مصالح شخصية ومكاسب خاصة فرأينا الإخوان يسعون لتشكيل أحزاب، وتقسيم تورتة البرلمان كما لو كانت هي المسئولة عن ذلك وأصبحوا يتهمون من يقول الدستور أولا بالتعصب وتعالت صيحاتهم بالانتخابات أولا في حين نادت النخبة من المثقفين بالدستور أولا فاختطلت الأمور وأصبحت الرؤية ضبابية وغير واضحة لكن يوم الجمعة 8/7 كانت عودتنا إلي ميدان التحرير للمطالبة بالحفاظ علي الثورة أولا من خلال التأكيد علي المطالب القديمة وبعض المطالب الجديدة التي ظهرت بسبب الأحداث في الفترة الماضية فكانت هذه الجمعة للمطالبة بالقصاص والتطهير وإلغاء المحاكمات العسكرية وتحقيق العدالة وسرعة الحسم في القضايا المتعلقة بحقوق الشهداء. - العدالة فين أحلامنا اغتصبوها فالثورة التي طالبت بالعدالة الاجتماعية لم تقدم شيئا إلا تغييرات شكلية في القيادات السياسية، لكن التغيير الاجتماعي لم يحدث بعد ولذا عاد رجال النظام القديم أو أشباههم فعادت نفس الممارسات القمعية ولم ينته الظلم فالثورة مستمرة، هكذا تحدث معي هاني السنديوني من محافظة الغربية وأضاف: الثورة اليوم يقوم بها الشباب لكن لا أحد يعلم ربما تكون ثورة الغد للمهمشين وأصحاب المطالب الفئوية والقادمين من العشوائيات، لأن النظام الحالي في الشهور الماضية بدلا من أن يعمل علي حل مشاكل الناس زادت المعاناة وارتفعت الأسعار. وقال السنديوني الثورة التي قامت لتحقيق العدالة الاجتماعية لم تحققها بعد في حين تعالت الأصوات بالإصلاحات السياسية الدستور أم الانتخابات، ولم يتحدث أحد عن العدالة الاجتماعية وهي فوق القانون والدستور. - لم يحدث شيء أحد الثوار يقول: للأسف لم يحدث شيء، لم يصدر حكم عادل في حق قتلة الشهداء الذين تعرض أهلهم لضغوط للتنازل عن حقوق شهدائهم والرئيس السابق مازال يعيش في شرم الشيخ، ووزير الداخلية تمت محاكمته علي الفساد المالي قبل أن يحاكم علي قتل المتظاهرين والأمر بإطلاق الرصاص الحي عليهم، كما أخلت المحكمة سبيل بعض الضباط المتهمين بقتل الثوار في السويس والشرقية وعادوا إلي أعمالهم بل تمت ترقيتهم إلي مناصب أعلي وأضاف النجار أن جهاز الشرطة يحاول العودة إلي قمعه القديم، ولذا نطالب في جمعة الثورة أولا بمحاكمات سريع لجميع رجال الشرطة المتورطين في قتل الشهداء، وإعادة هيكلة وزارة الداخلية وإقالة منصور العيسوي، ووضع حد أدني للأجور وحد أقصي يقرب الفوارق بين الطبقات الرئيسية، وأضاف أن ثلاثين عاما من الظلم لن تنتهي بثورة محدودة لمدة أيام ولكن الثورة مستمرة. - ليست ثورة سياسية وفي أنحاء الميدان قام مجموعة من الشباب بتوزيع استمارات لاستطلاع رأي الجمهور حول المطالب التي دفعت الثوار إلي النزول لميدان التحرير مرة أخري، وكانت الإجابات هل للحفاظ علي حق الشهداء، أم العدالة الاجتماعية، أم الدستور، أم تطهير الداخلية، وكانت أغلب استمارات الاستطلاع تشير إلي العدالة الاجتماعية. وعندما سألت أحد الشباب الذي قام بالتوقيع في استمارة الاستطلاع علي خانة العدالة الاجتماعية، وسبب اختياره لذلك قال: إن الثورة قامت بدافع العيش والحرية والعدالة الاجتماعية ولم تكن هناك أي مطالب حول طبيعة الدولة أو شكلها مدنية أم دينية ولكننا بعد ذلك بدلا من تحقيق العدالة اتجهنا إلي اتجاهات لم نطالب بها «مدنية أم دينية» الدستور أم الانتخابات ومع ارتفاع الأصوات التي نادت بتحديد شكل الدولة، ومعركة الدستور أولا أم الانتخابات أولا، ضاع الجانب الاجتماعي والاقتصادي من الثورة لتصبح ثورة سياسية فقط وعندما يتحرك أي شخص للمطالبة بحقوقه الاقتصادية تعلو أصوات المسئولين ليقولوا إنها مطالب فئوية. وأضاف: لم تقم الثورة من أجل إجراء انتخابات نزيهة أو تشكيل برلمان أو حكومة جديدة فقط، ولكنها قامت لإحداث تغيير جذري في المجتمع، وإقامة دولة مدنية علي أسس من العدالة والحرية والكرامة، وهذا لم يتحقق حتي الآن. - لن أترك الميدان وآخر يحمل لافتة ورقية مكتوباً عليها «قمنا بالثورة من أجل الحرية فواجهنا قانون منع التظاهر والاعتصام، قمنا بالثورة من أجل العدالة الاجتماعية فجاءت الموازنة الجديدة تقضي علي أحلامنا، ولذلك عدت للميدان مرة أخري ولن أتركه حتي تتحقق مطالبنا في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية. وقال شوقي مغنم من سوهاج حاصل علي دبلوم صنايع: يتم التعامل مع مطالبنا بتجاهل غريب كل المسئولين يقولون دعونا نعمل حتي تدور عجلة الإنتاج، والآن مرت علينا خمسة أشهر ولم نر أي نتائج لهذا الإنتاج وعندما تطالب بحقوقك يقولون لا توقفوا عجلة الإنتاج ومع أي وقفة أو احتجاج نسمع كلاماً غريباً عن خسائر البورصة وانخفاض عدد السياح وقلة في الإنتاج وكأن كلمة الإنتاج أصبحت فزاعة لإرهابنا حتي نلتزم الصمت، ومع ذلك طال صمتنا لمدة خمسة أشهر حتي نري عوائد الإنتاج وهذا لم يحدث حتي الآن فهل نحن مطالبون بالصمت لمدة ثلاثين عاما أخري حتي نحصل علي حقوقنا وأضاف: لي أكثر من ستة أشهر وأنا لا أعمل ولا أجد القوت لأسرتي، ولذا أقول أين العيش الذي نادت به الثورة التي رفعت شعار «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية».