• كان أكرم السعدني، أمينا عندما تعرض لحكاية السندريللا سعاد حسني التي مازالت نهايتها المفجعة محل الجدل، كان أمينا عندما ذكر أن سعاد باحت لي بقصة زواجها من عبدالحليم حافظ وأنه اضطر للتكذيب حفاظا علي حالتها المعنوية حينذاك ثم «اعتذاره» المتأخر علي حد تعبيره لي وقد غضبت من سعاد حين انبري أكثر من واحد يشكك في حواري معها منهم مجدي العمروسي ومحمود عوض وعصام بصيلة «رحمهم الله» وكان وجدي الحكيم - متعه الله بالصحة - يعرف الحقيقة ويعرف أن سعاد كانت تقرأ نصوص الحوار قبل النشر وكان يهمها إضفاء بعض الكلمات من عندي علي اثنين: صلاح جاهين وكمال الطويل، وقد كان من الممكن إذاعة الشرائط لولا أن النار التهمت أوراقاً كثيرة وحوارات مسجلة عندما تعرضت لحريق في شقتي، إن أكرم السعدني يعلم من سعاد كيف تقابلنا في باريس وكيف اتفقنا علي الحوار وكانت تسكن في فندق مغربي متواضع في أحد الشوارع الجانبية من الشانزليزيه وكان اللقاء في العاشرة مساءً، ويبدو أن سعاد كانت في حالة نفسية جيدة مهدت للبوح الذي سجلته بصوتها، وأنا لم أخطط لهذا الحديث ولكنه جاء صدفة بحتة، فأنا لم أكن أعرف أن سعاد في باريس، وكل معلوماتي أنها في لندن ولا أعرف أين تقيم إلا عندما التقينا وجها لوجه علي سلالم محطة المترو وهي التي أرشدتني لموقع فندقها الذي عرفته بمعاونة الأستاذ لبيب معوض المحامي، ولأني لم أخطط ولا أعرف خبر زواجها إلا منها، فقد كان سؤالي البريء: هل من المعقول أن تظهر سعاد حسني أخت عبدالحليم بينما تظهر زيزي البدراوي حبيبته؟ قالت سعاد وهي تضحك: «إحنا أخوات في السينما لكن حبايب في الحياة» فقلت لها «أنا أعرف قصة حبكما منذ كنتما في المغرب» فقالت سعاد «و.. اتجوزنا كمان» واستطردت سعاد تحكي دون أن تطلب وقف المسجل الذي كان يلتقط كل كلمة من اعترافات سعاد قالت إن حليم سأل طبيبه الكبير عن إمكانية الزواج فرد د. ياسين عبدالغفار إن هذا الزواج قد يعرض العندليب لموجات أكثر من النزيف ومع ذلك تحدي حليم طبيبه الصادق الخائف حقا عليه، وقالت سعاد إن حليم لم يكن يخفي أي خبر عن شقيقته علية شبانة، وقد علمت بالخبر وقالت له «ربنا يهنيك بس صحتك أهم» كانت علية تشير إلي كلام د. ياسين عبدالغفار الذي كانت الأسرة تثق فيه أكثر من أي طبيب آخر عالج عبدالحليم، يومئذ اندهشت أن حليم لم يصارحني وكنت قريبا منه وفيما بعد فهمت أن بعض أصدقاء حليم كانوا يحتكرون أخباره، ويرفضون أن غيرهم يخصه بخبر ما.. الغريب أن سعاد كانت في بيتها 18أ شارع يحيي إبراهيم في الزمالك أثناء نشر حوارها وكانت زوجة لكاتب السيناريو الموهوب ماهر عواد وكانت تقرأ التكذيبات ولا تتحرك، وأغلب الأمر - حسب رواية أكرم السعدني - أنها ندمت علي إجراء هذا الحوار وأنها قبلت تحت عامل نفسي معين، فلما شعرت بالندم استراحت لموجة التكذيب وخصوصا علية شبانة التي فاجأتني حتي إن الأستاذ لويس جريس سئل في التليفزيون فقال أنا أراه جيدا علي الشاشة «ما صدقتوش» أما عن نهاية سعاد حسني، فأنا لا أميل لفكرة حدوث جريمة ولكني لا أميل أيضا لعزمها علي الانتحار، لكني أتصور رحيلها كرحيل صلاح جاهين، كومة الأقراص التي تبلعها يوميا كافية لإخراس صوت الحياة داخلها، تماما مثلما حدث لصلاح، فقد أدت أقراص مقاومة الاكتئاب إلي دخوله في منطقة اكتئاب معتمة وكان الموت. رحم الله جاهين رباعية لم تتم، ورحم الله سعاد الربيع الذي التقي مبكرا بالخريف.