عندما يعلن جهاز الإحصاء أن خسائرنا في مجال السياحة بلغت أكثر من480 مليون دولار خلال شهر فبراير فهو رقم مفزع وعندما يعلن وزير المالية سمير رضوان أننا نخسر مليار دولار شهريا في ظل غياب السائحين فإننا أمام رقم آخر مفزع خاصة أن مصر تحتاج إلي كل جنيه يمكن أن يدخل خزينة الدولة ويحرك المياه الراكدة فيها أمام سيل من المطالب التي تصب معظمها في دائرة تحسين الأجور. وأمام هذه الأرقام المفزعة أشعر بالإشفاق علي وزير السياحة منير فخري عبدالنور الذي تولي المهمة في ظروف هي الأصعب بالتأكيد وأمامه تحدٍ واضح وهو إعادة المليار دولار إلي مصر شهريا وبمعني آخر إعادة الحياة إلي السياحة في مصر. ورغم أننا نملك مقومات سياحية لا حصر لها ورغم أن دولاً عديدة رفعت الحظر التي كانت قد فرضته علي السفر إلي مصر فإن هذا لا يعني تدفق السائحين وإنما الأمر شديد التعقيد خاصة أن السياحة مجال حساس جدا لأي حدث فما بالكم بعدم استقرار الحالة الأمنية حتي الآن والتي تعتبر بمثابة حظر غير مباشر علي قدوم السائحين.. فالمشهد الذي حدث في استاد القاهرة ليلة مباراة الزمالك والأفريقي التونسي والمشهد الذي حدث في ميدان التحرير ليلة جمعة المحاكمة والتطهير وغيرهم من المشاهد التي يراها العالم وتحمل مؤشرا علي حالة عدم الاستقرار حتي الآن كلها بمثابة ضربات قوية توجه لعودة السياحة.. تلك العودة التي نحتاجها اليوم قبل غد. والرقم المفزع لخسائرنا في مجال السياحة يتعلق بشكل رئيسي بحياة الآلاف ممن يعتمدون في دخولهم علي عالم السياحة بدءاً من المنشآت السياحية الضخمة وانتهاءً بأصغر شخص يعتمد دخله علي الإنفاق الأجنبي السياحي.. وهو ما يعني أن خسائر السياحة ليست خسائر موازنة فقط وإنما خسائر شخصية للآلاف حتي إن هناك من تم تسريحهم من العمل بفنادق ومنشآت سياحية وهناك من قبلوا العمل بأنصاف أجورهم. وإذا كانت معظم الدول قد قامت برفع الحظر عن السفر لمصر فإن الكرة الآن أصبحت في ملعبنا وعلينا أن نبذل مزيدا من الجهد من أجل الجذب السياحي وهو ليس مسئولية وزارة السياحة وحدها وإنما مسئوليتنا جميعا أن نسعي إلي الاستقرار وتحسين الصورة لنبعث برسالة إلي العالم كله أنه بإمكانكم أن تأتوا إلي مصر وأنتم آمنين. ولأن الأنظار كلها تتجه إلي ميدان التحرير باعتباره رمزا للثورة والوطنية والديمقراطية وحرية التعبير حتي إن معظم المسئولين الأجانب حرصوا علي زيارته عندما جاءوا إلي مصر بعد الثورة فإن أول رسالة من أجل إعادة السياحة لابد أن تخرج منه ولذلك علينا أن نعيد لميدان التحرير استقراره وسلمية مظاهراته.. علينا أن نتجنب تكرار المشهد المفزع الذي حدث ليلة جمعة التطهير الذي تناقلته كل الفضائيات فكان بالتأكيد ضربة جديدة للسياحة تؤخر عودتها وتزيد من خسائرها.