منذ فترة وأنا أتابع بدقة نفقات الحكومة المصرية ونفقات المصريين الاستهلاكية والخسائر المفزعة التي يتحملها الاقتصاد المصري في بند الواردات بسبب الزيادات المتتابعة والهائلة في استهلاك المصريين السلعي, حيث وصلت قيمة استيرادها إلي أكثر من45 مليار جنيه سنويا لتحقيق وتوفير احتياجات المصريين السلعية وزيادة أرقام الواردات السلعية في الميزان التجاري سنويا, ولكنني توقفت عند رقمين خطيرين يحققان خسائر حقيقية للاقتصاد المصري ولميزانية البيت المصري وخطط التنمية أيضا وهما بندا المخدرات والمرور. فالمخدرات واستهلاكها وسوقها السرية في مصر أصبحت تتراوح بين17 مليار جنيه و37 مليار جنيه سنويا حسب إحصائيات الجمعية المصرية للحساسية والمناعة وتقارير وأرقام الأجهزة الحكومية المصرية مما يعكس التزايد الرهيب في استهلاك المخدرات بكافة أنواعها والقادمة من المغرب ولبنان وتركيا وبعض الزراعات المحلية بمصر, وهو ما دفع وزارة الداخلية إلي تشديد حملاتها اليومية علي سوق المخدرات السرية في مصر وتحجيم وضبط الأسواق مما دفع المدمنين إلي كتابة تعليقات بالشوارع للمطالبة بعودة واستقرار سوق المخدرات في مصر مثل ما حدث بالإسكندرية عندما كتب أحد هؤلاء المدمنين( يا توفروا المخدرات يا ترحلوا من البلد)! كما أن رقم خسائر الاقتصاد المصري من حوادث وكوارث المرور لا يقل فزعا عن خسائر اقتصادنا من كارثة السوق السرية للمخدرات في مصر فالأرقام متقاربة بالصدفة مع أرقام سوق المخدرات, فقد وصلت خسائرنا من أزمات وحوادث الطرق والمرور العام الماضي الي نحو2.5 مليار دولار أي ما يقارب15 مليار جنيه حسب تقارير مجلس الشوري الأخيرة وجمعيات المرور ووزارة النقل بعد ما رحل نحو7 آلاف شهيد وأضيف أكثر من35 ألف مصاب عام2009 ومن المتوقع زيادة رقم الوفيات الي9 آلاف قتيل وأكثر من40 ألف مصاب هذا العام بعد الزيادة الكبيرة في حوادث الطرق2010 مما سيزيد من خسائر الاقتصاد المصري حوالي20% هذا العام. وقد بلغت هذه الأرقام لخسائر مصر من السوق السرية للمخدرات وتعويضات وخسائر حوادث المرور ما يقترب من50 مليار جنيه وهو رقم يجعلنا نتوقف وقفة صريحة مع النفس, فليس من المعقول أنه في الوقت الذي لا تجد به ميزانية الدولة4 مليارات جنيه لتنفيذ مشروع ممر التعمير الجديد المقدم من ابن مصر البار العالم الدكتور فاروق الباز لنقل نسبة من سكان الوادي الي محور معيشي جديد لتخفيض الضغط السكاني الرهيب علي وادي النيل وإقامة مجتمعات جديدة نجد أنفسنا نخسر هذا المبلغ المفزع في استهلاك المخدرات وحوادث الطرق, والغريب, والمثير أن أرقام حوادث الطرق قد زادت مع تطبيق قانون المرور الجديد والذي كان بالطبع يستهدف تخفيض وتحجيم عدد الحوادث المرورية وأمان وسلامة المصريين مما يتطلب إعادة النظر في القانون وأساليب تطبيقه حتي لا تتفاقم الخسائر وتؤدي الي آثار خطيرة ومدمرة علي الاقتصاد المصري والإنسان المصري وسلامته حيث ان مصر من أكثر الدول العالمية في حوادث المرور اليومية والأولي افريقيا وعربيا, ومن أكبر عشر دول في العالم في زيادة نسب حوادث الطرق سنويا, وكذلك تطوير الطرق وتحسينها وتكثيف الإرشادات المرورية. وهذا كله يتطلب منا الآتي أولا سرعة التحرك الحكومي والشعبي لتخفيض عدد حوادث الطرق والمرور باستخدام الأساليب الحديثة وتكنولوجيا المرور الجديدة المراقبة بالكاميرات الديجيتال وغيرها من الوسائل الحديثة خاصة علي الطرق السريعة والدولية وتخصيص طرق خاصة للنقل الثقيل, وكذلك الاهتمام بالنقل النهري خاصة أن النقل النهري ممكن أن يحل كارثة حوادث المرور من وجهة نظري كما جاء في حديث وزير النقل للأهرام بتاريخ9/12 الماضي الذي أكد فيه أن المركب الواحد بالنيل( الصندل النهري) كما يطلق عليه ممكن أن ينقل حمولة46 عربة نقل مما يخفض الضغط علي الطرق خاصة طريق الموت, طريق الصعيد الزراعي, ويقلل عدد الحوادث, ثانيا ضرورة أن يشارك القطاع الخاص في تطوير طرق النقل في مصر والدخول بقوة في أسطول النقل النهري وتصنيع مثل هذه الوحدات المائية وإنشاء موان نهرية مما يعظم الاستفادة من نهر النيل في النقل أيضا فهو شريان الحياة الحقيقي في مصر وهو ما يجب الاهتمام به رسميا بوزارة النقل والإعلان عن هذا المشروع بالإعلام المصري مما يجذب مزيدا من الاستثمارات وكذلك فتح فرص عمل جديدة للشباب في هذا المجال الحيوي, ثالثا ضرورة استمرار الدولة في محاربة تسلل المخدرات بكافة أنواعها الي مصر, وكذلك ضرب السوق الخفية والسرية للمخدرات بكل قوة وحزم حتي نحمي أنفسنا وأولادنا من إدمان المخدرات ونقلل الخسائر المالية المباشرة خاصة مع الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد حاليا من زيادة نسب البطالة والعنوسة والارتفاع غير المبرر لأسعار الشقق السكنية في دولة مازال94% من أرضها لا يسكنها أحد!! فتوفير50 مليار جنيه سنويا من تجارة المخدرات وحوادث المرور يجب أن يكون هدفا حقيقيا للحكومة المصرية عام2010 وعام2011 مثل ما تفعل المؤسسات الاقتصادية العالمية لتوفير أموال لاستثماراتها وهذا لاستيراد مبالغ مهولة ضائعة علي الشعب المصري وحكومته يمكن أن تحل أزمة الشباب من بطالة وإسكان في أعوام قليلة, وتنقل البلاد الي حالة الاستقرار وتدعم اقتصادها, وكذلك جني ثمار نسب النمو الاقتصادي المرتفعة التي نقرأ عنها في الوقت الذي لا يشعر المواطن فيه بأي تحسن في أحواله المعيشية بل يشعر بمزيد من ضغط الحياة وارتفاع الأسعار وانخفاض جودة الحياة في جميع المجالات.