صدمة كبيرة تعرضت لها الجمعيات الأهلية بعد القانون الذى جرت الموافقة عليه لتنظيم عمل هذه المؤسسات الذى لاقى الكثير من الاعتراضات ويهدد المساعدات التى تقدم إلى الكثير من الفقراء فى قرى الصعيد والمناطق النائية والأكثر فقرا. واعتبر الكثير من الجمعيات أن القانون يحد من قدراتها على ممارسة عملها فى مساعدة الفقراء فى المناطق التى بحاجة إلى خدمات بسبب الإجراءات التنظيمية التى تقيد من حركتها فى الوقت الذى يبلغ عدد هذه الجمعيات 48 ألف جمعية تقدم أكثر من 30% من إجمالى الخدمات والمساعدات للفقراء داخل مصر وذلك على مختلف الأصعدة سواء صحية أو إعانات للأسر الفقيرة أو ثقافية ومحو الأمية وإعادة تأهيل المواطنين للعمل فى مهمة حرفية وغيرها. • قيود عديدة جاء قانون الجمعيات الأهلية الذى جرى تقديمه من النائب عبد الهادى القصبى رئيس لجنة التضامن الاجتماعى بالبرلمان والذى لاقى تأييدا من أكثر من 200 نائب وذهب إلى مجلس الدولة لمراجعته قبل إقراره فى جلسة الثلاثاء الماضى ليضع الكثير من المعوقات أمام العمل الخيرى وهو ما يشكل تهديدا على الكثير من الفقراء داخل مصر. ومن أهم الأزمات التى جرى تفجيرها أن القانون يعارض الدستور بشأن إشهار الجمعيات حيث إن المواد الدستورية تنص على أن الإشهار يأتى بالإخطار فى حين أن القانون يضع ضوابط لقبول أوراق الجمعيات الأهلية فى حين أن قانون الحكومة الذى أرسلته ولم يناقش راعى ذلك. ومن بين النقاط التى أثارت الجدل هى ضرورة حصول الجمعية على موافقة مسبقة من الوزير المختص أو من يفوضه بشأن فتح فرع لها فى المحافظات أول القرى لتأدية الخدمة للفقراء فى حين أن قانون الحكومة الذى لم يناقش طلب إخطار الجهة الإدارية فقط سواء بفتح فرع جديد أو نقل المقر إلى مكان آخر والأزمة الحقيقية ستتمثل فى أن هناك 48 ألف جمعية تعمل فى المجال الخيرى والتى ستكون مطالبة مع كل حركة لها بأن تحصل على موافقة الوزير المختص أو من يفوضه وفقا للقانون. كما تسبب القانون الجديد فى مشكلة للجمعيات الأهلية حيث طلب ضرورة الحصول على موافقة من الجهة الإدارية عن القيام بأى نشاط يخالف نشاطها وهو ما يعنى وقوف الكثير من الجمعيات فى طابور طويل من أجل الحصول على الموافقات اللازمة بينما فى قانون الحكومة الذى لم يعتد به كانت تكتفى فقط بالإخطار لممارسة النشاط الجديد وتعتبر مضى 60 يوما من تاريخ إبلاغها بمثابة موافقة طالما لم يصدر أى اعتراض كتابى مسبب خلال هذه المدة. ومن بين النقاط الخلافية الموجودة فى القانون الذى جرت الموافقة عليه وجود عقوبات سالبة للحرية فى بعض المخالفات فى حين أن العمل الخيرى يجب أن تجرى صيانته وإتاحة الفرصة له دون أن يثير أى ومن الأمثلة على ذلك «تبدأ مدة العقوبة بالحبس لمدة سنة وحتى خمس سنوات وغرامة 50 ألف جنيه وحتى مليون جنيه» بينما فى القانون المقدم من الحكومة اكتفت فقط بالغرامة. واستحدث القانون جهاز الجمعيات الأهلية الذى يصدر بقرار من رئيس الجمهورية ويتكون من رئيس متفرغ بدرجة وزير لمدة ثلاث سنوات وعضوية ممثلين للجهات والوزارات المعنية وتتكون من ممثل لوزارة الخارجية وممثل لوزير الدفاع وممثل لوزارة التعاون الدولى وممثل للمخابرات العامة وممثل للبنك المركزى وممثل لوحدة غسيل الأموال وممثل لهيئة الرقابة الإدارية وممثل لوزارة العدل وممثل لوزارة الداخلية إضافة إلى الوزارة المختصة ويعقد مجلس إدارة الجهاز اجتماعا دوريا كل شهر أو كلما دعت الحاجة لذلك بناء على طلب رئيسه أو أى من أعضائه ولا يصح انعقاد مجلس الإدارة إلا بحضور أغلبية أعضائه ولا تتخذ قراراته إلا بأغلبية ثلثى عدد الأعضاء ويعتبر الموضوع المعروض على الجهاز مرفوضا إذا لم يتوافر النصاب اللازم لاتخاذ القرار, ويبطل كل عمل أو قرار على خلاف ذلك. كما يثور حول اشتراط القانون ضرورة تحويل الأموال التى تزيد على عشرة آلاف جنيه عن طريق البنك, أما التى تقل عن ذلك فيمكن استلامها بإيصال فى الوقت الذى لا يملك فيه الكثير من المصريين حسابات بنكية كذلك فإن البعض يرى أن هذا الاشتراط لا معنى له لأنه يمكن للمتبرع الذى يرغب فى التبرع بمبلغ 12 ألف جنيه على سبيل المثال أن يحرر إيصالا بتسعة آلاف وآخر بثلاثة ولا يكون قد خالف القانون. • تضييق الخناق أكد النائب أحمد الطنطاوى أن لديه قناعة شخصية برفض التمويل الأجنبى من الخارج ولكن طالما أن القانون نظم وسائل وطرق قبول مثل هذه الأموال، ولكن القانون الذى جرت الموافقة عليه من البرلمان استهدف كل الجمعيات العاملة فى مصر فى حين أن تشديد الرقابة يجب أن يتمثل على 1% فقط من الجمعيات التى تتلقى أموالا خارجية لاسيما أن الكثير من المؤسسات الخيرية تعمل بقوة داخل مصر وتقدم خدمات تصل إلى 30% للمصريين وعددها يقترب من 50 ألف جمعية. وأضاف الطنطاوى أن القانون فيه توسيع لدائرة الاشتباه لمن يعمل فى العمل الخيرى فى حين أن قانون الجمعيات الأهلية هو المنتج الأول الذى يقره البرلمان من داخل مجلس النواب ولم يأت من الحكومة ولكنه كان أكثر تشددا فى مواده من القانون الذى أعدته الحكومة عن الجمعيات الأهلية، واستكمل الطنطاوى حديثه بأن الحكومة تدرك جيدا حجم المخاطر التى تحيط بالعمل الخيرى ومع ذلك فإنها جاءت بقانون أكثر مرونة من المقدم من النائب عبد الهادى القصبى الذى جرى إقراره من البرلمان. ومن جهته أكد النائب هيثم الحريرى أنه ليس ضد قانون ينظم عمل الجمعيات الأهلية داخل مصر ولكنه ضد القانون الذى حصل على موافقة البرلمان وجرى تقديمه من النائب عبد الهادى القصبى لأنه يؤمم العمل الأهلى والخيرى داخل مصر، وأشار الحريرى إلى أنه إذا كانت الأزمة فى بعض الجمعيات الحقوقية فيمكن إغلاقها أو مراقبتها بجميع الطرق القانونية الممكنة ولكن تضييق الخناق على العمل الخيرى سيؤدى إلى الكثير من المشاكل لاسيما أن اقتصادها الذى يجرى استثماره داخل المجتمع يصل إلى عشرات المليارات من الجنيهات. وأضاف الحريرى أن هناك الكثير من العقوبات جرى التشدد فيها مثل عقوبة الحبس لمدة خمس سنوات بسبب مخالفات قد لا تستحق هذه العقوبة وهو ما يضيق الخناق على العمل الخيرى. • ضرر للفقراء اعتبر الدكتور محمد صفوت قابل عميد كلية التجارة بجامعة المنوفية الأسبق أن قانون الجمعيات الأهلية يحد من قدرات المؤسسات الخيرية فى العمل داخل القرى والنجوع والمناطق الأكثر فقرا بسبب ضرورة الحصول على الكثير من الموافقات قبل مساعدة المحتاجين. وأوضح قابل أن الجمعيات الخيرية لها الكثير من الأدوار الداعمة للفقراء كذلك لها الكثير من المواقف الداعمة للفقراء وبالتالى يجب تيسير مهمتها والعمل على إيجاد الكثير من الطرق لدعمها كى تواصل عملها. وأضاف قابل أن العراقيل الإدارية والمخاوف من البيروقراطية فى الحصول على الموافقات اللازمة للاستمرار فى ممارسة النشاط قد تحد من قدرات الكثير من المؤسسات الخيرية على العمل بقوة كما كانت فى السابق. •