الطريقة التي حصل بها قانون الجمعيات الاهلية علي موافقة البرلمان المبدئية تكشف لنا بوضوح الطريقة التي تعد وتصدر بها القوانين في مصر. والتي تعكس فشل الحكومة حتي في حشد الاغلبية حول مشروع قانون تعده وبه الحد الادني من التوازن. پكانت الجلسة قبل الاخيرة في ندوة "مناظرات خارج البرلمان" والتي نظمها المركز المصري للدراسات الاقتصادية بمدينة الاقصر تدور حول قانون الجمعيات الاهلية ومدي تأثيره علي النشاط الاهلي والمجتمع المدني في مصر. ووفقا لرواية الدكتور عاطف عبد القوي رئيس اتحاد الجمعيات الاهلية دعت غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي يوم 5 سبتمبر الماضي الاتحاد الي ابداء ملاحظاته ومقترحاته علي المسودة الاخيرة لمشروع القانون الذي اعدته الحكومة وعرض مقترحات الاتحاد علي الوزارة خلال اسبوعين. الا ان الوزارة اتصلت بالاتحاد مرة اخري لتستعجل المقترحات بعد ان علمت ان المشروع سوف يعرض علي مجلس الوزراء يوم 8 سبتمبر وبالفعل وافق مجلس الوزراء علي المشروع ليذهب الي مجلس الدولة.پ وفجأة يكتشف الجميع ان هناك مشروع قانون آخر تقدم به رئيس لجنة التضامن الاجتماعي بالمجلس" عبد الهادي القصبي" ليحصل علي موافقة مبدئية من البرلمان دون مشروع الحكومة الذي يقبع في مجلس الدولة. وعلي الرغم من ان مشروع الحكومة به الكثير من القيود علي العمل الاهلي الا ان مشروع "القصبي" يفوقه في ذلك ليقضي تماما علي العمل الاهلي بحسب ما اكد رئيس اتحاد الجمعيات الاهلية "عاطف عبد القوي" وعدد من اعضاء البرلمان المشاركين بالندوة.پ وفي مقدمة هذه القيود التي يذكرها "عبد القوي " ان العمل الاهلي وفقا لتعريفات المشروع يقتصر علي تنمية المجتمع بعد ان كان يشمل الرعاية والتنمية وحقوق الانسان. ايضا ينص القانون علي ضرورة ان يكون مقر الجمعية موثقاً بالشهر العقاري. في حين ان السفارات في مصر لا تمتلك مستندات موثقة لملكية مقراتها. فضلا عن ان المشروع ألغي بعض المزايا التي كانت تحصل عليها الجمعيات في القانون الساري مثل الاعفاء من 50% من قيمة استهلاك المياه والكهرباء والغاز والتليفونات باعتبارها تقدم خدمات مجانية للناس خاصة في مجال الصحة حيث تقوم الجمعيات الاهلية بنحو 30% من الخدمات الصحية في القاهرة والجيزة .پ وفيما كان يخلو مشروع الحكومة من عقوبة الحبس نجد مشروع لجنة تضامن النواب يغلظ العقوبات لتصل عقوبة من يجري بحوثا ميدانية بلا تصريح من الحكومة إلي السجن خمس سنوات الي جانب الغرامة المالية التي تصل الي مليون جنيه وفي الوقت الذي يتم فيه انشاء الجمعية بالاخطار فقط ينص القانون الجديد علي عدم جواز فتح فروع للجمعية بالمحافظات إلا بعد موافقة كتابية مسبقة من الوزير المختص. اما من ينقل مقر جمعيته دون اخطار فيعاقب بالحبس سنة والغرامة المالية.پ وفيما يتعلق بالحصول علي التمويل الاجنبي كان القانون الحالي يلزم الجمعية بعرض اتفاق التمويل علي اللجنة التنسيقية التي ترأسها وزيرة التضامن وتضم في عضويتها جهات امنية ورقابية. وطالما ان نشاط الجمعية ليس ضمن الانشطة المحظورة فكانت اللجنة تصدر القرار خلال 30 يوما اما بالموافقة او الاعتراض وتعتبر موافقة اذا لم يصدر القرار خلال 30 يوما. اما القانون الجديد فجعل الموافقة خلال 60 يوما كما اعتبر عدم الرد رفضاً للتمويل.پ "كله كوم "وتشكيل الجهاز القومي لتنظيم عمل الجمعيات الاجنبية غير الحكومية "كوم آخر" فالجهاز يضم في تشكيله وزارات العدل و الداخلية والخارجية والدفاع والتضامن والتعاون الدولي والبنك المركزي ووحدة غسيل الاموال والرقابة الادارية. ويصف النائب هيثم الحريري تشكيل الجهاز بأنه مجلس حرب مؤكدا ان قانون لجنة التضامن يزايد علي الحكومة حيث ان مشروع القانون الذي تقدمت به ومازال بمجلس الدولة يخلو من هذه المواد التي تهدف الي القضاء علي العمل الاهلي والتطوعي.پ من الآخر وكما يقول المثل الشعبي " لا بيرحموا ولا بسيبوا رحمة ربنا تنزل" فالجميع يعلم الدور الكبير الذي تقوم به الجمعيات الاهلية والخيرية في المجتمع خاصة في مجال الخدمات الصحية ومكافحة الفقر. وهو دور اصيل للدولة فشلت في القيام به وكان يجب ان تقوم بتسهيل وتشجيع العمل الاهلي في هذا المجال . بدلا من تهديد من يعملون به بالسجن والغرامةپ وبعيدا عن سمعة القانون السيئة في الخارج قبل الداخل وبصرف النظر عن الجهة التي تقف وراءه يبقي سؤال. اذا كان المشروع يستهدف بالاساس جمعيات حقوق الانسان التي لا يتجاوز عددها نحو 500 جمعية من بين 48 الف جمعية اهلية تعمل في مصر. "فلماذالا يسنون مشروع قانون خاص بهذه الجمعيات " والبركة في البرلمان".