قلق وارتباك ينتاب الكثير من المصانع الغذائية التى يدخل فى مكوناتها السكر بسبب الأسعار الكبيرة التى شهدتها هذه السلعة الاستراتيجية فى الوقت الذى عانى فيه الكثير من المنشآت الصناعة نتيجة صعوبة الحصول عليه خلال الفترة الماضية. منذ أكثر من شهر عانى أصحاب المصانع الغذائية من صعوبة الحصول على السكر من الأسواق نتيجة توفره فقط عبر منافذ البيع التموينية وأيضا عبر السلاسل التجارية للمواطنين فقط. • بداية المشكلة يدخل السكر فى كثير من المنتجات الغذائية التى تمثل أحيانا وجبات رئيسية لكثير من المصريين مثل المربى والحلاوة الطحينية ومنتجات البسكويت والكيك والعصائر والشيكولاتة وغيرها من السلع التى يقبل عليها الكثير من المصريين.. وجاءت أزمة السكر مع اقتراب مناسبة المولد النبوى التى يكثر فيها صنع الحلوى جعلها تزيد من حالة النقص فى هذه السلعة الاستراتيجية بالنسبة إلى المصريين. ومؤخرا بدأت المصانع فى استيراد السكر من الخارج لاسيما أن سعره قفز عالميا وهو ما جعل سعر الطن يصل إلى عشرة آلاف جنيه مما يعنى زيادة اضطرارية كبيرة فى الأسعار بغض النظر عن العوامل الأخرى التى زادت الأعباء على أصحاب المنشآت الصناعية مثل ضريبة القيمة المضافة وارتفاع أسعار الطاقة وتعويم سعر الصرف وصعوبة الحصول على قرض لارتفاع تكلفته. وكان سعر السكر قد وصل سعره بداية العام الحالى إلى ما يقرب من أربعة آلاف جنيه وكان صعبا على أصحاب المصانع أن يتحملوا القفزة الكبيرة فى السعر التى وصلت إلى 150% ليصل إلى عشرة آلاف جنيه وهو ما سينعكس بالسلب على السلع.. وتقوم صناعة السكر فى مصر على حصول شركات السكر على القصب والبنجر من المزارعين ثم تقوم بصناعته وتكريره كى يجرى طرحه فى الأسواق ولكن لا يكفى الإنتاج المحلى وتقوم الدولة باستيراد ما يقرب من مليون طن تقريبا كى تغطى حاجة المصريين. وفى الوقت نفسه فإن إحدى الشركات العربية التى تعمل فى العين السخنة قامت بتصدير كميات كبيرة من السكر إلى الخارج قد تصل إلى 250 ألف طن فى استغلال لارتفاع السعر عالميا. • معاناة الصناعة اعتبر رجل الأعمال محمد رأفت أبو رزيقة رئيس شعبة السكر سابقا فى غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات أن الأزمة ليست فى السكر وحسب وإنما فى الأعباء الأخرى التى زادت بداية من ضريبة القيمة المضافة والقفزة التى شهدتها أسعار الطاقة.. وأضاف أبو رزيقة أن الكثير من المصانع التى تعمل فى الصناعات الغذائية تقوم بتصدير منتجاتها إلى الخارج والارتفاع الكبير فى التكلفة سيعنى صعوبة المنافسة أمام المنتجات الأخرى لاسيما أن المستهلك عادة يذهب إلى المنتجات رخيصة الثمن طالما أن جودتها مناسبة مما يضر بالكثير من المنشآت الصناعية. وأوضح أبو رزيقة أن نفس المشكلة ستواجه المستهلك المحلى حيث أنه سيعزف عن شراء السلع كلما كانت غالية وهو غير قادر على دفع ثمنها مما سيقلل من الاستهلاك المحلى لها لأنه كلما زاد أسعار السلع انخفضت الشرائح التى تستهدفها. وأشار أبو رزيقة إلى أن مصانع المواد الغذائية فى مصر توفر عشرات الآلاف من فرص العمل ويجب أن تحقق المنشآت الصناعية أرباحا حتى تكون قادرة على الوفاء بالتزاماتها أمام الكثير من العمال الذين يعملون فيها وبالتالى يجب النظر عند اتخاذ أى قرار إلى مدى تأثيره على المجال الصناعى داخل مصر وانعكاساته على المجتمع. وأكد أبو رزيقة أن هناك سعرين فى السوق وهو سبعة جنيهات للسكر المدعم وعشرة جنيهات للسكر الحر أو غير المدعم فى الوقت الذى يعتبر فيه 60% من السلعة على الأقل مكون محلى وهو غير مرتبط بالدولار.. واختتم أبو رزيقة حديثه أن مصانع المنتجات الغذائية التى يدخل فيها السكر كأحد مستلزمات الإنتاج شعرت بالأزمة سريعا لأن خطوط الإنتاج لا تتوقف ولا يمكن القول إنها ستحتاج إلى وقت كى تبدأ فى التأثر. ومن جهته أكد حسن الفندى عضو مجلس إدارة غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات أن هناك طبقة من المستهلكين ستخرج تلقائيا من نطاق المقبلين على بعض السلع الغذائية بحيث يقلل من استخدامه لها نوعا ما بسبب الارتفاع الكبير فى الأسعار وهو ما يؤثر بالسلب على دورة رأس المال بالنسبة إلى المصانع والشركات العاملة فى هذا المجال. وكشف الفندى عن أن مصر لديها عجز بين الإنتاج والاستهلاك قرابة مليون طن تقريبا يجرى استيراده من الخارج وبالتالى فإن هذه المشكلة معروفة منذ سنوات لذا تسعى الحكومة لاستيراد هذه الكمية من السوق الخارجية كى تضمن عدم حدوث أى أزمات وبالتالى لا يوجد أى عنصر للمفاجأة يمكن أن نرجع إليه هذه الأزمة. وأضاف الفندى أن سعر السكر المكرر فى السوق العالمية يصل إلى 575 دولارا للطن الواحد وإذا ما جرى حسابه على سبيل المثال بسعر17 جنيها للدولار الواحد فإنه يبلغ عشرة آلاف جنيه مصرى وسيتأثر هذا الرقم بارتفاع وانخفاض سعر النقد الأجنبى فى البنوك.. واختتم الفندى حديثه أنه كلما ارتفع سعر السكر سيزداد الكثير من أسعار المنتجات والسلع الغذائية التى تقوم عليه وسيقلل الاستخدام لها لأن المواطن البسيط لن يستطيع شراءها طالما أن لديه الكثير من الأولويات الأخرى. • جذور سابقة من جهته أكد حسن كامل رئيس الشركة القابضة للصناعات الغذائية السابق أن القطاع الخاص بدأ فى الاستيراد العاجل للسكر من أجل تشغيل المصانع وأن هناك 60 ألف طن دخلت الميناء تمهيدا لضخها فى الصناعة لأنه كان ضروريا التحرك السريع كى لا تقف خطوط الإنتاج.. واعتبر كامل أن الحكومة لن تدعم مصانع الحلوى وبالتالى كان يجب أن تبيعه للمصانع على الأقل بنفس سعر التكلفة وهو عشرة آلاف جنيه للطن الواحد وهو مرتفع للغاية مقارنة بثمنه فى أول العام وهو 3850 جنيها.. وشدد كامل على ضرورة حماية الصناعة الوطنية خاصة الأغذية كى نساعد على بقاء المنشآت الصناعية وقدرتها على التصدير وإيجاد أسواق تروج فيها السلع التى تنتجها كى لا ندخل فى دوامة الكثير من الصناعات الأخرى المصرية التى تعرضت لأزمات صعبة. ويرى كامل أن الفلاح المصرى يجب دعمه من خلال منحه أسعارا تشجعه على الزراعة لأنه فى النهاية مواطن يتأثر بارتفاع أسعار الكهرباء والطاقة والقيمة المضافة والبنزين وتحرير سعر الصرف وبالتالى يجب مراعاته ومعرفة قدر المعاناة التى يتكبدها. وأوضح كامل أن أحد أسباب أزمة السكر فى مصر هو تأثر المحصول بالعوامل المناخية التى قللت من حجم البنجر والقصب وفى الوقت نفسه اتجهت بعض الشركات إلى التصدير بنحو 250 ألف طن حين بدأ السعر العالمى فى الارتفاع. وأشار كامل إلى أنه تقدم بمذكرات رسمية بشأن ضرورة حماية الصناعة الوطنية فمنذ عامين كانت أسعار السكر العالمية منخفضة للغاية وهو ما شجع البعض على الاستيراد لأن ثمنه أقل من السعر المتداول فى مصر من أجل تحقيق أرباح وهو ما انعكس بالسلب على الشركات الحكومية وبالتالى تكدست مئات الآلاف من الأطنان داخل المخازن وهو ما دفع بعض المزارعين للعزوف عن زراعة القصب والبنجر ولكن مع تحولات مؤشرات السوق العالمية للارتفاع بالنسبة لهذه السلعة الاستراتيجية بدأت الأزمة. وطالب كامل بضرورة دعم الفلاح باستمرار وهو ما بدأ يحدث بالفعل حيث سيجرى تسليم القصب مقابل 500 جنيه للطن وهو رقم سيساعد كثيرا فى اتجاه المزارعين بعد ذلك لزراعته فى الوقت الذى تبدو فيه مساحة الأرض المزروعة بالقصب والبنجر قليلة ولكن هناك أملاً بأن تكون إنتاجية الأفدنة مرتفعة بحيث تعوض ذلك النقص. •