اتهامات متبادلة تتطاير بين منتجي السكر ومصنعي المواد الغذائية والحلوي حول أزمة ارتفاع أسعاره في السوق المحلية والفاعل بينهما هم كبار التجار الذين دأبوا علي تعطيش الأسواق وقت زيادة الطلب عليه في المواسم المختلفة خصوصاً في الفترة من يونيو حتي أوائل يناير من كل عام حيث تتوقف مصانع سكر القصب وسكر البنجر عن التشغيل في انتظار المحصول الجديد. أحمد الركايبي، رئيس الشركة القابضة للصناعات الغذائية يؤكد أن السكر المتوافر في المخازن يكفي حتي نهاية يناير حين يبدأ الإنتاج الجديد، وأن الشركة تحرص علي طرح كميات كبيرة من السكر في المجمعات الاستهلاكية بسعر 375 قرشا للكيلو. شهدت المجمعات إقبالاً متزايدا من الجمهور علي شرائه من المجمعات مما جعل الشركة تحدد الكميات المباعة ب 3 كيلو فقط لكل شخص حتي لا يتم الاتجار فيه خصوصا أن الأسعار في المحلات والسوبر ماركت تعدت حاجز ال 650 قرشاً. وألقي الركايبى بالمسئولية علي كبار التجار الذين قاموا بتخزينه واحتكاره لبيعه بأسعار مرتفعة. كذلك يقول المهندس حسن كامل حسن، رئيس شركة السكر والصناعات التكاملية: إن الشركة لديها مخزون كبير وتؤمن صرف سكر البطاقات الذي يصرف ل 64 مليون فرد بسعر 125 قرشا للكيلو. وتصل الكمية التي توفرها الشركة للبطاقات التموينية 106 آلاف طن شهريا وتطرح الكميات الأخري في المجمعات بواقع 3 آلاف طن يوميا، إضافة إلي الكميات الإضافية التي كانت تصرف خلال شهر رمضان. يشير كامل إلي أن المخزون يصل إلي 650 ألف طن سكر محلي، إضافة إلي 150 ألف طن مستورد وأن محصول هذا العام وفير. كان الدكتور أحمد نظيف، رئيس الوزراء قد وافق علي المذكرة التي قدمها المهندس رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة التي تضمنت إجراءات عاجلة لطرح كميات كبيرة في الأسواق المحلية للحفاظ علي أسعاره في السوق ومنعا لحدوث اختناقات في وجود السلعة. تضمنت تلك الإجراءات استمرار إعفاء السكر المستورد من الرسوم الجمركية حتي ديسمبر عام 2011 باستثناء الكميات التي تصدر. فى الوقت نفسه يتم استيراد سكر خام للتكرير، وقد وافق رئيس الوزراء أيضاً علي زيادة السكر الخام الذي تستورده شركة السكر بواقع 600 ألف طن لتصبح 1200 طن العام المقبل. ويصل الإنتاج المحلي من السكر إلي 1.7 مليون طن بينما الاستهلاك المحلي يصل إلي 2.6 مليون طن ويتم تعويض هذه الفجوة بالاستيراد. عبد المجيد محمد الغزاوي، مدير عام الأقسام الفنية والإدارية بشركة النوبارية لإنتاج السكر من البنجر، يلقي باللوم فى هذه الأزمة علي كبار التجار الذين استغلوا هذه الفترة التي تكون خلالها المصانع متوقفة ،بدءا من يونيو لحين تسليم المحصول الجديد اعتبارا من أواخر ديسمبر، وقاموا بسحب الكميات المطروحة في الأسواق وتخزينها في مخازنهم لتعطيش الأسواق وبيعه بأسعار مرتفعة.. لكنه يطمئن المستهلكين وأصحاب مصانع الحلوي والعصائر والمربات بأن السكر متوافر في المخازن إضافة إلي أن المحصول الجديد سواء من قصب السكر أو البنجر علي وشك وصوله إلى المصانع بداية من منتصف يناير بالنسبة للبنجر و 15 فبراير لسكر القصب وتستمر عملية الإنتاج حتي نهاية يونيو من كل عام، مشيراً إلي أن عدد هؤلاء التجار المحتكرين لايزيد على ستة تجار يتحكمون في الأسواق خصوصاً في المواسم مثل شهر رمضان والمولد النبوى. ويؤكد الغزاوى أن رئيس شركة السكر أصدر قراراً إلي الشركات الوطنية المنتجة للسكر بتوسيع حلقات التوزيع إلي صغار التجار خصوصاً أن الموسم الجديد لتوريد السكر علي الأبواب حيث تقوم بتوريد سكر البنجر 7 شركات بينهم 5 شركات وطنية تابعة لشركة السكر والصناعات التكاملية ومصنعين استثماريين أحدهما بالعامرية ويمتلكه آل ساويرس والآخر بالعين السخنة لتكرير خام السكر وتنقيته. أما المصانع المنتجة لسكر القصب فعددها 9 مصانع معظمها يتواجد في أبوقرقاص ونجع حمادي وجرجا ودشنا وإدفو وكوم أمبو وقوص حيث يصل الإنتاج السنوي من قصب السكر والبنجر إلي مليوني و757 ألف طن. الغزاوى يرى أن هناك سببا آخر للمشكلة وهو تذبذب أسعار السكر عالمياً ما بين الصعود والانخفاض لكن هذا لا يبرر الارتفاعات التى شهدتها السوق مؤخرا حيث وصل سعره إلي 5200 جنيه للطن أي بواقع 520 قرشا للكيلو بخلاف تكاليف شحنه وهامش الربح ليباع ب 550 قرشا للكيلو أو 6 جنيهات وليس 6.5 و 7 جنهيات كما هو الحال الآن. أما صناع وتجار المواد الغذائية والحلوي فأكدوا أن كبار التجار استغلوا رفع الأسعار عالمياً وقاموا بتخزين السكر وتعطيش الأسواق ليتحكموا في أسعاره. كما يقول حسن فندي رئيس شركة كادبوري لإنتاج الشيكولاته والحلوي، مشيراً إلي أن مثل هذه الفترة تشهد تزايدا في معدلات الاستهلاك حيث قفز السعر من 3540 جنيها للطن إلي 5850 ثم انخفض إلي 5600 جنيه للطن مؤكداً أن السكر يمثل نسبا متفاوته في صناعة الحلوي لكن أهم الأنواع الأكثر تأثراً بارتفاع الأسعار هي من الأكلات الشعبية التي يتناولها معظم الفقراء وطلاب المدارس. يضيف فندى أنه تقرر عقد اجتماع يضم أعضاء شعبة الحلوي وغرفة الصناعات الغذائية مع المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة لتفعيل المجلس الأعلي للسكر التابع للوزارة مؤكداً أن نسبة كبيرة من المصانع تعاني من الاضطراب والخوف من الاغلاق بعد ارتفاع الأسعار علاوة علي أن الصفقات التي أبرموها مع المستوردين معرضة للفسخ وتعرضهم لغرامات باهظة . ويطالب فندى بأن تقوم وزارة الصناعة بتخصيص حصص من السكر بأسعار مناسبة لمصانع الحلوى، مشيراً إلي أن الأزمة تكررت أكثر من مرة وأن استمرار تصاعد الأسعار يؤدي إلي زيادة أسعار المنتجات الغذائية التي يدخل في تكوينها السكر بنسبة حسب نسبة السكر المستخدم في السلعة . ويسانده فى الرأى علي حمزة نائب رئيس جمعية مستثمري الصعيد وصاحب إحدي الشركات المنتجه للمواد الغذائية أن أسعار كل المنتجات الغذائية القائمة علي السكر قد ارتفعت بشكل ملحوظ خصوصاً المربات والعصائر وإذا استمر هذا الحال حتي مطلع الربيع فإن الأسعار تتزايد بنسبة أكثر من 60 % لذا فإنه يطالب الحكومة بتخصيص حصص من السكر بأسعار مناسبة للمصانع لاستمرار نشاطها بدلاً من تعرضها للتعثر ثم الإغلاق. أما المهندس فرج عامر رئيس جمعية مستثمري برج العرب ورئيس مجموعة شركات فرجللو للعصائر والمنتجات الغذائية فيقول إنه لم يتأثر بالأزمة لأن عقد اتفاق مع إحدي الشركات الكبري لتوريد السكر بأسعار متفق عليها مهما ارتفع سعره، مشيراً إلي أن الشركات التي تشتري أولاً بأول من الأسواق هي الأكثر تأثر بهذه التقلبات السعرية . ويؤكد أن نسبة السكر في تصنيع العصائر والمربات تمثل أكثر من 40 % وبالتالي فإن ارتفاع أسعاره يزيد التكلفة الكلية للسلعة بنسبة 20 % بحد أدني وتزداد هذه النسبة وفقاً لمكونات السكر في السلعة المصنعة . ويطالب عامر بزيادة العرض عن طريق التوسع في زراعة السكر من القصب وكذا البنجر لأن نسبة كبيرة من زراع القصب هجروا زراعته نتيجة بخس أسعار بيعه و بالمثل البنجر. ويضيف علي حمزة أن مزارعي القصب في صعيد مصر تخلوا عن زراعته لانخفاض أسعار توريد المحصول رغم أن الحكومة رفعت أسعار التوريد في العاميين الماضيين وبالمثل للبنجر. ويشترط الفلاح قبل زراعته أن يتعاقد مع أحد مصانع السكر لشراء المحصول لأنه لايتداول في الأسواق مثلما الحال لبنجر. وعلي ذات الوتيرة يؤكد أحمد العبد صاحب محلات العبد للحلوي أن استمرار ارتفاع الأسعار يهدد العشرات من مصانع الحلوي بالتوقف مؤكداً أن المصانع والشركات المتخصصة قد أصابها ارتباكاً واضحاً في أنشطتها لضآلة الكميات المطروحة من السكر في الأسواق في الوقت الذي تزايد فيه الطلب علي السكر لاقتراب حلول المولد النبوي، حيث بدأت المصانع منذ أسبوع تقريباً في إنتاج حلوي المولد تمهيداً لطرحها في الموسم. ويؤيد العبد الرأى بأن احتكار كبار التجار لحصص الانتاج التي تنتجها المصانع الوطنية والاستثمارية أحد الأسباب الرئيسية للمشكلة، ويرى أنه لابد علي الحكومة أن تتوسع في حلقات توزيع السكر علي صغار التجار لتلبية طلبات مصانع الحلوي والمواد الغذائية حتي لا يقعوا تحت رحمة هؤلاء التجار المحتكرين.