اليوم.. حفل توزيع جوائز مسابقة هيكل للصحافة العربية لعام 2024    خدمة عملاء فودافون تكشف ل"مصراوي" حقيقة سحب أرصدة العملاء- صور    سعر الذهب في مصر اليوم الاثنين 23-9-2024 مع بداية التعاملات    أمريكا تحذر إسرائيل من دخول حرب شاملة مع حزب الله    جمال عبدالحميد: الأهلي يمتلك دكة قوية.. والثقة الزائدة «نقطة ضعف»    إيمي سمير غانم تتعرض ل أزمة صحية مفاجئة.. ما القصة؟    وفاة اللواء رؤوف السيد رئيس "الحركة الوطنية".. والحزب: "كان قائدًا وطنيًا"    ثمانية أيام راحة للاعبي المصري والفريق يستأنف تدريباته في الأول من أكتوبر المقبل    نائب رئيس الوزراء يكشف حقيقة ما تم تداوله بشأن الحالات المرضية في أسوان    تكثيف البحث عن شقيق اللاعب عمرو ذكي بعد تعديه على حارس عقار بالمنصورة    شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي على مدرسة تؤوي نازحين بالنصيرات    المهندس عبد الصادق الشوربجى: صحافة قوية فى مواجهة التحديات    حريمة حرب جديدة.. تغطية إخبارية لليوم السابع بشأن قصف مدرسة تؤوى نازحين فى غزة    طلب جديد لإيقاف القيد.. محامي حسام حسن يكشف تفاصيل صادمة بشأن أزمة المصري    وفاة اللواء رؤوف السيد رئيس حزب الحركة الوطنية    ملف يلا كورة.. منافس الأهلي.. مدرب المنتخب.. وموعد قرعة دوري الأبطال    "بالتوفيق يا فليبو".. صلاح يوجه رسالة لأحمد فتحي بعد اعتزاله    "زيلينسكي" يؤكد أنه سيعرض على الرئيس الأمريكي "خطة النصر الأوكرانية"    أطفال التوحد خارج مقاعد الدراسة..والأصحاء مكدسين فوق بعض بمدارس "المزور"    180 ألف راكب دراجات نارية يتجمعون عند ضريح فاطيما لمباركة خوذاتهم في البرتغال (فيديو)    بدء تشغيل شادر نجع حمادي الجديد في قنا بتكلفة 40 مليون جنيه    أول تعليق من سامو زين بعد تعرضه لوعكة صحية    عرض «كاسبر» يناقش القضية الفلسطينية في مهرجان الإسكندرية المسرحي الدولي ال14    رئيس غرفة صناعة الدواء: كل الأدوية تحتاج تعديل أسعارها بعد تعويم الجنيه    شعبة الأدوية توضح كيفية الحصول على الدواء الناقص بالأسواق    القبض على شخص قاد سيارته داخل مياه البحر في دهب    ارتفاع درجات الحرارة وأمطار.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس اليوم الإثنين    «بسبب علامة غريبة على وجه ابنته».. زوج يتخلص من زوجته لشكه في سلوكها بمنطقة بدر    «البحوث الزراعية» تكشف أسباب ارتفاع أسعار الطماطم والبطاطس (فيديو)    جدول مواعيد مباريات اليوم الإثنين والقنوات الناقلة    اقتحامات واشتباكات وإصابات.. ماذا يحدث في الضفة الغربية؟    رانيا يوسف: فيلم التاروت لم يكن يوما ممنوعا.. وحصل على موافقة الرقابة    رامي صبري يطرح أغنية «أهلي أهلي» تتر «تيتا زوزو» بطولة إسعاد يونس (فيديو)    «مراتي بقت خطيبتي».. أحمد سعد يعلق على عودته ل علياء بسيوني (تفاصيل)    بالمدفعية.. حزب الله يستهدف جنود إسرائيليين في موقع جل العلام    برلمانية أوكرانية: خسارة أوكرانيا لمدينة أوجليدار مسألة وقت    وفاة والد الإعلامي أحمد عبدون    ملف رياضة مصراوي.. قميص الزمالك الجديد.. مدرب منتخب مصر للشباب.. منافس الأهلي في إنتركونتيننتال    الأزهر يُعلن تكفله بكافة مصروفات الدراسة للطلاب الفلسطينيين بمصر    ماذا سيعلن وزير الصحة من مؤتمره الصحفى بأسوان اليوم؟.. تفاصيل    ميلان يحسم ديربي الغضب بفوز قاتل على الإنتر    هل يلوث مصنع كيما مياه النيل؟.. محافظ أسوان يجيب    تحذير بشأن حالة الطقس اليوم الإثنين: ظاهرة جوية وصفتها الأرصاد ب «الخطيرة»    انتداب المعمل الجنائي لفحص آثار حريق منزل بالجيزة    محمد عدوية وحمادة الليثي.. نجوم الفن الشعبي يقدمون واجب العزاء في نجل إسماعيل الليثي    رسميا بعد الارتفاع.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 23 سبتمبر 2024    بعدما سجل سعر الكرتونة 190 جنيها.. «بيض السمان» بديلا عن الدواجن    نائب رئيس جامعة الزقازيق يشهد افتتاح مهرجان حصاد أرز الجفاف"عرابي 3"    وكيل «صحة الشرقية» يجتمع بمديري المستشفيات لمناقشة خطط العمل    حملة 100 يوم صحة تقدم أكثر من 82 مليونا و359 ألف خدمة مجانية في 52 يوما    هل يجوز قضاء الصلوات الفائتة جماعة مع زوجي؟.. سيدة تسأل والإفتاء تجيب    بالصور .. الأنبا مقار يشارك بمؤتمر السلام العالمي في فرنسا    محمود سعد: الصوفية ليست حكراً على "التيجانية" وتعميم العقاب ظلم    بالفيديو.. خالد الجندي يرد على منكرى "حياة النبي فى قبره" بمفأجاة من دار الإفتاء    كيف تُحقِّق "التعليم" الانضباطَ المدرسي في 2024- 2025؟    الجامع الأزهر يتدبر معاني سورة الشرح بلغة الإشارة    "كلامه منافي للشرع".. أول تعليق من على جمعة على تصريحات شيخ الطريقة الخليلية    اللهم آمين | دعاء فك الكرب وسعة الرزق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السرقات الأدبية خطر يهدد الواقع الثقافى
نشر في صباح الخير يوم 17 - 11 - 2015

هناك خيط رفيع بين الحقيقة والخيال والعبقرية والجنون وبين السرقة الأدبية وادعاء ملكية الأفكار والنصوص، وتكشف الوقائع اتهام العديد من الكتاب والأدباء العرب بسرقة أفكار ونصوص الآخرين..وإذا كانت شبكة الإنترنت ساهمت فى نشر السرقة الأدبية واتساع مجالها لتشمل مختلف المجالات الأدبية والفكرية والعلمية، فإنها ساهمت أيضا فى كشف اللصوص بالبحث الواسع عن أصل النص على الشبكة، ويتوقع اختفاء السرقات الأدبية فى المستقبل بعد ظهور برامج جديدة.
تعدّ السرقة الأدبية نوعاً من أنواع الجنايات التى لا تقل أهمية عن سرقة الأموال، فالأول يسرق الأفكار والثانى يسرق الأرزاق.
فنجد فى المجتمعات الغربية أنّ السرقة الأدبية تعتبر سرقة سواء أكانت للفكرة أو للنص وتعتبر جريمة يعاقب عليها القانون، وقد تطال مشكلة السرقة الأدبية الناشر وحقوق المؤلف أيضاً.
وحتى تصوير الكتب يعتبر فى الدول المتحضرة سرقة الوسيط أن السرق هو (الأخذ من كلام الغير، وهو أخذ بعض المعنى أو بعض اللفظ سواءً أكان أخذ اللفظ بأسره والمعنى بأسره).
• مقال جميل فارسي
بالأمس القريب كان هناك مقال لصحفى سعودى يدعى «جميل فارسى» يتحدث فيه عن مصر.
واختتم مقاله بقصيدة للشاعر سمير الأمير دون الإشارة إليه ويقول أول القصيدة:
مصر هي
بلاد الشمس وضحاها،
غيطان النور،
قيامة الروح العظيمة،
انتفاض العشق،
اكتمال الوحى والثورة
«مراسى الحلم»
العِلم والدين الصحيح،
العامل البسيط
الفلاح الفصيح،
جنة الناس البسيطة
وعلق الشاعر سمير الأمير يقول إن القصيدة له وإنه كان يجب الإشارة إليه ولاسمه ولكنه لا يجد أية جدوى من الكلام.
يقول سمير الأمير: «كثيرا ما أتساءل عن ماهية شعور سارقى الأعمال الأدبية والفكرية حين يرون أسماءهم منشورة إلى جوار أعمال لم يكتبوها. هل ينتابهم إحساس بالضآلة والدونية كونهم يعرفون أنهم يختبئون خلف الجدران العالية لأبنية شيدها غيرهم؟ هل يتوهمون كذباً واغتراباً أنهم أصحاب تلك الأعمال ومبدعوها؟ ربما كان الاحتمال الأخير صحيحاً، فبعض هؤلاء لديه الاستعداد للتشبث بما انتحله من غيره أكثر من صاحب العمل الحقيقى الذى قد يخجل من أن يقول إن العمل المنشور باسم فلان هو عمله لأن هذا (الفلان) قد يكون قد حقق من الشهرة ما يمنحه حصانة تشبه تماما تلك الحصانة التى تمنع رجال الشرطة من ملاحقة اللصوص الذين أصبحوا أعضاء فى البرلمان، وفى فوضى النشر التى نعيشها فى الوطن العربى يصعب على المرء أن يجد الوقت لتأمل مسيرة كاتب معين لمعرفة إن كان ما يكتبه هو نتاج طبيعى لتطوره ومواقفه أم أنه انتحله لكى يبدو عملاقا وكبيرا بغض النظر عن شعوره هو نفسه بدو ونيته إن كان ثمة شعور لدى هذا النوع من البشر؟ وقد لاحظت أيضاً أن مهنة الكتابة قد أصابها ما أصاب جوانب الحياة الأخرى فى المجتمعات العربية من سيطرة لغير الموهوبين على منافذ النشر وهؤلاء فتحوا الطريق أمام منتحلى الأدب وسارقى الأعمال الفكرية لتحقيق الشهرة التى أعطتهم حصانة تجعل من مجرد اتهامهم أمرا بالغ الصعوبة (وعلى رأى المثل البيض الممشش بيدحرج على بعضه).
بل أحياناً ما تكون الشهرة كبيرة بحيث تبدو فضيحة السرقة مجرد غبار على مرآة لامعة لا يلبث أن يزول بفعل اللقاءات التليفزيونية والأحاديث الإذاعية والصحفية وسطوة الإعلام الذى يجعل من (البوصة عروسة) وأذكر هنا كيف كتب صحفى عن فضيحة انتحال عمل أدبى مشهور للشاعر كامل الشناوى من قبل نجم من نجوم الكتابة فى عصرنا وكانت المسألة فى غاية الوضوح لأن الكاتب كان يورد عبارة من كتاب كامل الشناوى ثم يورد العبارة المنتحلة للكاتب المسرحى والسيناريست المعروف فلا تجد اختلافا يذكر إلا من قبيل الاختلاف بين عبارة «فحملت همومى ورحلت حزينا» وعبارة «وحملت همومى ورحلت مكتئباً»، كانت الصحيفة التى نشرت الفضيحة حكومية وبالتالى توقعت أن يثير المقال ضجة كبيرة ولكن الضجة التى تخيلتها لم تحدث إلا فى داخل أصحاب النفوس القلقة من أمثالى الذين يبحثون عن «جنازة ليشبعوا فيها لطما» ومازال الكاتب الهمام يتمتع بشهرة تجعلنى أخشى أن أذكر حتى أمام أمى أنه سارق لأعمال غيره لأن «أم سمير» التى جاوزت السبعين تعتبره نموذجا كان ينبغى على ابنها - الذى هو أنا - أن يحذو حذوه ويصبح مشهورا مثلهً لكى يرفع رؤوسهم فى البلد، بل إنها اتهمتنى أنا بمحاولة التشهير به بدافع الحقد عليه وعلى شهرته، ولم لا؟ ألم أخيب ظنها ولم أصبح مشهوراً مثله؟
وربما كان لاتساع مساحة الوطن العربى الجغرافية ولامتداد الصحراء العربية بين المشرق العربى والمغرب العربى ولوجود قطيعة معرفية نسبية بين الجانبين أثره فى تسهيل مهمة بعض منتحلى الأدب من المشرقيين الذين يسطون على المقالات النقدية لإخوانهم المغاربة وقد أدهشنى أن أحدهم نقل مقالاً كاملاً لأكاديمى مغربى دون أن يكلف نفسه حتى عناء تغيير العنوان أو استبدال كلمة بأخرى لها نفس المعنى وذلك حرصاً منه على عدم إضاعة وقته الثمين فهو ينشر مقالا كل يوم وليس لديه الوقت حتى لإتقان عملية الانتحال.
من المثير للسخرية أن بعض الأغبياء والحمقى من هؤلاء اللصوص قد وجد فى الانترنت مجالاً متسعاً للسطو على أعمال الآخرين المنشورة فى المواقع المختلفة ونشرها فى الصحف الورقية معتمدين على أن العدد الهائل للإصدارات اليومية والأسبوعية يجعل من الصعب على المحررين والقراء اكتشاف تلك السرقات لأنه لا أحد يتوقف لكى يشك فى أصالة ما يقدم له من أعمال نظراً لضيق الوقت وإلحاح الحاجة لملء الصفحات التى تجاوز عددها فى الصحف أعداد السكان!!! ولكن الأمر أيضا له جانب مختلف تماما لأن الإنترنت الذى جعل الإنتاج الإبداعى والأدبى متاحاً أمام الجميع وبدا أنه سهل للصوص الأدب مهمتهم الجليلة! هذا الإنترنت هو نفسه الذى سهل أيضاً للقلقين والمتشككين من أمثالى عملية التأكد من صدقية الأسماء المنشورة مع النصوص إذ يكفى أن تضع بعض عبارات من العمل الأدبى أو الفكرى على أى موقع بحث لتحصل فى ثوانٍ معدودة على نتيجة سلبية أو إيجابية بخصوص العمل الفكرى موضوع البحث، بل إن الأمر تطور فى الغرب إلى درجة أن هناك برامج ذكية مصممة خصيصاً لمقارنة النصوص ومن ثم اكتشاف اللصوص وتلك البرامج تستخدمها كبرى الصحف ودور النشر تجنباً لأخطاء تكلفها ملايين الدولارات لتعويض أصحاب الأعمال التى تم انتحالها حيث تؤخذ تلك القضايا فى الغرب على محمل الجد ولا يتم التسامح حيالها، الأمر الذى يبدو مختلفاً فى بلادنا السعيدة، وقد حدث منذ سنتين أن استشرت كاتباً مشهورا فى ما ينبغى عليّ فعله إذ كنت قد اكتشفت أن أحد معارفى من الكتاب يسطو على إبداعات الآخرين مما سبب لى أزمة نفسية جعلتنى أتشكك فى كثير مما أقرأه، فما كان من الكاتب الكبير إلا أن عنفنى قائلا إن هذا أمرا لا يعنينى من قريب أو بعيد وأنه طالما لم يلحق بى ضررا شخصيا فإن عليّ أن أدع الخلق للخالق وأن أقصى ما يمكننى فعله هو أن أنصح هذا المنتحل ألا يفعل ذلك مرة أخرى!
إن الأمر خطير جدا والدليل على ذلك أنه أصاب البحث العلمى فأصبحنا نسمع عن الأبحاث المسروقة فى الجامعة ولم لا؟ وإذا كان أساتذة الجامعة فى أقسام اللغات الأجنبية يقومون بتصوير كتب النقاد الأجانب وبيعها للطلاب البعض ووضع أسمائهم عليها دون أدنى خجل، فهل يمكن القول إن مجتمعاتنا لديها قابلية للتسامح مع الانتحال والغش أم أن الناس يعتبرونها قضية من قضايا الترف التى لا مجال للتركيز عليها فى ظل التداعى العام لقيم المجتمع وأسس الاجتماع على جميع الأصعدة؟
يرجع انشغالى بمصطلح «بلاجياريزم» لسببين، السبب الأول هو اعتقادى أن بعض القائمين على تحرير الصحف فى الوطن العربى ربما لا يدور بخلدهم أن حالة الفساد التى تعيشها المجتمعات العربية على المستوى الاقتصادى والاجتماعى والسياسى قد ألقت بظلها أيضاً على العاملين بالكتابة من صحفيين ومبدعين والسبب الثانى هو أننى أعتبر أن السرقات الأدبية أو الانتحال أبشع وأكثر فساداً من كل أنواع الفساد التى قد أصابت مجتمعاتنا العربية فى العقود الأخيرة لأننا هنا بصدد سرقة الأفكار والأدمغة أو قل إن الفساد هنا يصيب «الرأس مباشرة».
ويعتمد هؤلاء اللصوص من الكتبة (إذ لا يجوز أن نطلق عليهم كلمة «كُتّاب» - يعتمد هؤلاء على أن أصحاب الأعمال المنتحلة أو المسروقة هم من النبلاء الذين لا يقع بروعهم أن أحدا سوف تمتد يده لتسرق خلاصة فكرهم ونزف وجدانهم وعقولهم، أود أن أقول أيضاً إن هؤلاء اللصوص يشبهون أقرانهم من اللصوص العاديين كونهم يبحثون عن الشهرة السريعة دونما بذل لأى جهد تماماً كما يبحث التاجر الفاسد عن الثراء السريع وكما يغش الطالب فى الامتحان ليحصل على درجات لا يستحقها، والسرقة الأدبية ليست مجرد نسخ نصوص أو استعارة أفكار الآخرين كما يظن الكثيرون وكما كنت أنا أعتقد قبل زيارتى للموقع الذى يقدم تعريفا واضحاً «للسرقة الأدبية» ويزود العاملين بالصحافة بأدوات لاكتشاف أصالة المواد التى يقدمها الكتاب للنشر ولمنع المنتحلين من انتحال أفكار وإبداعات غيرهم ولذلك أرى أن على الناشرين والعاملين بتحرير الصحف زيارة هذا الموقع على الإنترنت للاستفادة بما يقدمه من معلومات فى هذا الصدد وعنوان الموقع هو http://www.plagiarism.org/index.html
ويذكر الموقع تعريفات قاموس ويبستر لمصطلح «الانتحال أو السرقة الأدبية» كما يلى وأنا هنا أترجم - عن الإنجليزية ما ذكره الموقع نقلاً عن قاموس ويبستر:-
1- يعد من قبيل السرقة الأدبية أى نقل لأفكار أو كلمات شخص من قبل شخص آخر بقصد نسبتها إلى نفسه.
2- استخدام أى منتج فكرى دون الإشارة إلى المصدر.
3- تقديم عمل سابق يخص آخرين، على أنه جديد وأصيل.
بل إن القانون الأمريكى يعتبر مجرد ذكر عبارة أو فكرة فى مقال أو كتاب لشخص آخر دون وضع علامات التنصيص من قبيل الانتحال أو السرقة الأدبية.
ويحذر الموقع أيضاً طلاب المعاهد الصحفية من أن جريمة السرقة الأدبية عقوبتها الرسوب والطرد من المعاهد وأقسام الصحافة ويقدم موقع «لصوص مشهورين» وعنوانه على الإنترنت:-
http://www.famousplagiarists.com/hallofshame.htm يقدم صفحة بعنوان غرفة العار تحتوى على أسماء بعض أشهر سارقى الأعمال الأدبية والفكرية ويصفهم بعبارة «أسوء الأسوأ» worst of worst ومن الطريف أن الموقع يضع اسم «أسامة بن لادن» ضمن غرفة العار بسبب ما يقال عن سرقته لقصيدة تنتمى لشاعر أردنى يدعى «يوسف أبوهلاله» كما جاء بمقال كتبه جودس شولفيتز بالنيويورك تايمز بعد 11 سبتمبر (والحقيقة أن بن لادن كان قد قرأ القصيدة فى شريط فيديو ظهر فيه ويقال إن الشاعر الأردنى كان يعمل بالتدريس بالمملكة العربية السعودية لمدة عشرين عاماً وهو من المعجبين ببن لادن وربما ذكر الموقع أسمه من ضمن سارقى الأدب لكونهم لا يعلمون أنه من الممكن للشخص العربى أن يقرأ شعراً دون أن يذكر مؤلفه، أو ربما كان وجوده فى غرفة العار ضمن الحملة على الإرهاب).
ولكن المثير أيضاً هو وجود الزعيم الأسود «مارتن لوثر كنج» ضمن الغرفة وذلك بسب اللغط الذى دار فى الصحافة العالمية حول رسالته للدكتوراة ويعترف الموقع بعظمة «مارتن لوثر» كزعيم سياسى وشخصية تاريخية ولكنه ينحى باللائمة على الذين يدافعون عن أخطائه فى رسالة الدكتوراه التى تمثلت فى عدم الإشارة إلى بعض مصادر فكرته.
• تناول الموضوع فى الصحافة العربية
ومع انتشار استخدام الانترنت واستشراء ظاهرة السرقة الأدبية حذرت بعض الصحف العربية من تلك الظاهرة فنشرت صحيفة السياسة الكويتية مقالاً للدكتور أحمد البغدادى بتاريخ 3/5/2005 تناول فيه البعد التاريخى للجريمة فذكر كتاب ابن وكيع «المنصف للسارق والمسروق».
وذكر بيت طرفة بن العبد «ولا أغير على الأشعار أسرقها... عنها غنيت وشر الناس من سرق» وأوضح الدكتور أحمد البغدادى الفرق بين التأثر الفكرى وتوارد الخواطر والسرقة الصريحة وتحدث عن اتهام ابن الرومى للبحترى بسرقة أربعمائة بيت من أبى تمام، غير أنه اختتم مقاله بسؤال يبدو غريباً فقال «هؤلاء الشعراء الكبار سرقوا - كما يتهمهم البعض - مئات الأبيات الشعرية، فماذا يعنى سرقة بعض الفقرات من مقالات؟!
بعدها تناولت جريدة «الشرق الأوسط» الموضوع فى عددها الصادر بتاريخ 28/6/2005 ونصحت الصحف باستخدام برنامج «ترنتن Turnitin» وقالت الجريدة إنه واحد من أشهر برامج مقارنة النصوص وقد تم تطويره ليساعد فى الكشف عن السرقات الأدبية، كما نشرت مجلة «أقلام» الثقافية التى تصدر فى غزة مقالاً «لسامر سكيك» تحدث فيه عن تعرض قصائده للسطو من قبل محترفى السرقات الأدبية واقترح تطبيق قانون «من أين لك هذا؟» على هؤلاء الذين أسماهم «الأسطوريين» الذين ينشرون أعمالاً قد لا تتسع أعمارهم وخبراتهم لكتابتها، وأنا أتفق معه تماماً لأن المرء كثيراً ما يتعجب حين يقرأ بعض الدراسات التى تحتاج لثقافة موسوعية وخبرة متخصصة ثم يجد أنها موقعة بأسماء مدعى الثقافة وأنصاف الموهوبين، لكن الأمر لا يستمر طويلاً إذ سرعان ما تنكشف سرقاتهم وتفضح المصادر التى سرقوا منها ما يدعون أنه إبداعهم. وكانت جريدة «القاهرة» قد سبقت تلك الجرائد بنشر مقال فى عددها الصادر فى 24/4/2001 دافع فيه الكاتب من طرف خفى (أو هكذا بدا لى) عن الاقتباس الذى يراه مختلفاً عن السرقات الأدبية قائلاً: «ومن المعروف أن الكاتب حين يعلن أفكاره ويجاهر بها فى كتبه ومقالاته، تصبح تلك الأفكار ملكاً للقراء وعرضة للاقتباس».. وأضاف الكاتب: «لكن اقتباس الأفكار لا يكفى وحده لإطلاق صفة السارق على المقتبس».. وأنا هنا أختلف معه لأن تجاهل المقتبس لذكر مصادر اقتباسه أو حتى مجرد إغفاله لعلامات التنصيص يُعد جريمة سرقة كاملة الأركان.. وعلينا أن نفرق هنا بين «التناص» الذى ينطوى على تقاطع الأفكار وهو شيء مشروع، وبين «التلاص» وهو نقل الأفكار كاملة.. ولا تنفى إعادة صياغة الجمل التهمة عن الكاتب السارق بأى حال من الأحوال. والغريب أن الكاتب ختم مقاله بما يشبه الثناء على بعض الكُتاب السارقين قائلاً: «كم من الكتابات المسروقة بدت أجمل فى الحلة التى أسقطها السارق عليها حتى إن النص الأصلى غدا تقليدا مسبقاً للنص المسروق»: ولعل ذلك من أغرب ما قرأت فى هذا الموضوع ولكن لم الاستغراب إذا كان ابن المعتز المتوفى سنة 292 هجرية قد تحدث عن ما أسماه «السرقات المحمودة والسرقات المذمومة» ولكنها على أى حال وجهة نظر جديرة بالتأمل المشوب بالحسرة فى زمن أصبح فيه كل شيء مجرد وجهة نظر!!
ولعل أفضل ما قرأت من كلمات فى هذا الموضوع هى كلمات الشاعر الفرنسى العظيم ألفرد دى موسيه: «كم أحتقر كذَبة الأدب ومزيَّفيه! قد لا تكون كأسى كبيرة، لكنى لا أشرب إلا من كأسى».
وكتب المهندس والمناضل السياسى الاشتراكى أحمد بهاء الدين شعبان يقول: «دفعتنى واقعة انتحال أحد الكتاب السعوديين لقصيدة من أعمال الشاعر المطبوعة والأديب والناقد المصرى المتميز، «سمير الأمير». المقيم بالمنصورة؛ إلى أن أقضى وقتا ممتعًا للغاية، على فضاء شبكة الإنترنت، ومواقع صفحات التواصل الاجتماعى، مستمتعًا بفيض كتابات شاعرنا العميقة، وقصائده «العامية والفصحى» البديعة، وهو إنتاج يشير إلى شاعر وأديب ومثقف متمكن، وفنان مبدع، فى حاجة إلى إعادة تقديم للواقع الأدبى والفكرى المصرى، مثله مثل العشرات من المبدعين الممتازين خارج العاصمة، أو ما اصطلح على وصفهم ب «شعراء وأدباء ومثقفى الأقاليم». وهو وصف - من وجهة نظرى - جارح إن لم يكن وصفاً بذيئاً يعكس لدى مستخدميه نظرة استعلانية، عنصرية، لا تخفى على لبيب، تنظر إلى الوطن مقسوما إلى فسطاطين:
• فسطاط أهل الجنة
الذى يضم أدباء ومثقفى ومبدعى «أولاد البطة البيضاء» المميزين، الذين يتباهون بالريشة الذهبية على رءوسهم المباركة. وستجدهم على الأرجح فى العاصمة المدللة «القاهرة» ووصيفتها المميزة «الإسكندرية» وقليل نادر من المواقع الأخرى.
• فسطاط أهل الجحيم أو «أولاد البطة السوداء»
وهم الغلابة المحرومون من عطف سدنة مثقفى «الدولة»، أو نظرة تفاهم وتفهم لمبدعى باقى المليون كيلو متر مربع، هى مساحة المحروسة -حفظها الله- والذين لا يلقون إلا الإهمال، وبعض فتات الموائد الثقافية العامرة فى العاصمة، لإسكات الأفواه المتذمرة، ولذر الرماد فى العيون!
•••
ولا أقصد بهذا الكلام وزيراً أو غفيراً. فهذا الحال «المايل» قائم ومستمر، ربما منذ رحيل المثقف الكبير وخادم الثقافة المصرية والعالمية الحقيقى الضابط «نعم الضابط. رغم أية ملاحظات موضوعية وغير موضوعية» «ثروت عكاشة»، العظيم الذى حاول بإخلاص، ومن ورائه إرادة عظيم آخر، هو «جمال عبدالناصر»، أن يخرج بالثقافة الحقة من أبهة القصور إلى رحابة الساحات والقرى والعزب والكفور.
نجح «ثروت عكاشة»، أو لم ينجح، مثله مثل «عبدالناصر»، لا يهم، المهم شرف المحاولة، ونبل القصد، والنتيجة التى أشعت النور فى ظلام ريف مصر وصعيده، وأنجبت لنا الآلاف من المبدعين الكبار، من زوايا هذه الأرض الطيبة، نباهى بهم الأمم يوم القيامة، ومنهم شاعرنا وناقدنا: «سمير الأمير»، الذى ينتمى إلى أسرة مبدعة بالسليقة، عميدها الشاعر والمناضل الكبير، الأستاذ «سمير عبدالباقى»، والجيل الأحدث من الأبناء والأحفاد: «فيروز» و«لينا» وغيرهما.
ولعل هذه الواقعة أن تكون مناسبة طبيعية لإثارة قضية وضع الثقافة خارج العاصمة، ودور مبدعى المحافظات النائية والطرفية والفقيرة والمحرومة والمهمشة! ولست أغالى إذا ما قلت إن هذه القضية المهمة، هى واحدة من أهم القضايا الملحة الآن.
ولو سألنا أنفسنا لماذا يستفحل الإرهاب. وهو قضية القضايا، وسؤال الساعة اليوم، فى هذه المناطق بالذات، أى المناطق المحرومة، ليس وحسب من التقدم الاقتصادى والاجتماعى، وإنما أيضا من الثقافة والفكر، والرعاية والدعم، لأدركنا أن العنف والتطرف والتكفير والتخوين، إنما يحتاج إلى بيئة حاضنة ينتعش فيها ويترعرع بين حناياها!.. هى بيئة الفقر والإملاق، بوجهيه: المادى، والفكرى ومن هنا فإن أى تفكير فى مواجهة ناجعة للإرهاب لا تضع الثقافة والفكر والإبداع على رأس جدول أعمالها. مواجهة - للأسف الشديد - محكوم عليها بالفشل!
•••
ومن واجب مسئولى الدولة، إذا كانوا جادين بالفعل، فى السعى لهزيمة الإرهاب والتخلف، والنهوض الفعلى بشعبنا وبلادنا، أن ينظروا نظرة جديدة، ملؤها الاحترام والتوقير، والاهتمام والتقدير، للأدباء والمبدعين فى كل محافظات الوطن، لا فرق بين العاصمة والمناطق النائية، بل أن تنفق على العمل الثقافى فى هذه المناطق أضعاف ما تنفقه على العاصمة المتخمة ذلك أن كل جنيه يصرف على تشجيع الإبداع فيها إنما يسهم فى إغلاق بوابة من بوابات الدم والخراب والقتل والتدمير فى مصر كلها».
إلى متى سنظل هكذا نخلط الثمين بالغث دون أن نبالى.. يجب أن نشير على السارق حتى يعرفه الجميع وحتى يأخذ غيره الدرس، فاللسرقة الأدبية تاريخ قديم، حيث كان عند الشعراء العرب من يغربل كلامهم ويتعقبهم لرد المعانى لأصحابها السابقين فى المعنى والفكرة.
فكانوا يرون أنّ السرقة هى عارٌ يصيب الشاعر، ونجد السرقة الأدبية قديمة عند الرومان واليونان، حيث يعترف (هوراس) بتقليده ل«أركيلوكس» و(اليكوس)، وأيضاً أشار إليها (أرسطو) باستخدام الشعراء النقل عن الأقدمين.
مهما اختلف شكل أو لون السرقة، تظلّ سرقة وكذباً، ولو برّر لها قبلاً أرسطو باعتبارها استعارة وعلى حدّ قوله: «الاستعارة هو من علامات العبقرية». •


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.