أخطاء كثيرة ومتكررة وقعت على شاشات القنوات الفضائية خلال الأيام القليلة الماضية، الغريب فى الأمر أن هذه الأخطاء وقعت من إعلاميين لهم ثقلهم الإعلامى والمهني، بل وسنوات من الخبرة الطويلة، وهو الأمر الذى تسبب فى حالة من الاستياء لدى العاملين فى الحقل الإعلامى والمشاهدين على السواء.. إلى حد قيام ثورة على مواقع التواصل انتهت بإيقاف برنامج ومذيعة تماما بعد فضيحة عصفت بها. فقد أثارت الإعلامية ريهام سعيد الغضب فى الشارع وعلى مواقع التواصل الاجتماعى بعد عرضها مقطع فيديو ينتهك الحياة الخاصة لفتاة تم التحرش بها فى أحد المولات بمصر الجديدة، التى عرفت إعلاميا ب «فتاة المول»، والبداية كانت لمقطع فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعى لفتاة تتعرض للتحرش والصفع على الوجه من شاب فى أحد المولات، وقامت ريهام سعيد باستضافة الفتاة لتروى لها الواقعة، ولكنها تعرضت لحملة تشويه متعمدة من ريهام سعيدة حيث فوجئت بريهام تنشر صورا خليعة لها لتوحى للرأى العام أن الفتاة مستهترة، وأنها ليست ضحية بل تستحق التحرش.. الفتاة التى تدعى «سمية عبيد» قالت إنها توجهت لريهام سعيد مقدمة برنامج «صبايا الخير» المذاع على فضائية النهار، لمساعدتها فى الحصول على حقها، لكنها فوجئت بها تعرض صورا عارية لها، تم سرقتها من هاتفها المحمول، بعد أن قام أحد المعدين فى البرنامج بأخذ هاتف الفتاة لشحنه، ومن ثم قام بنسخ صور الفتاة الشخصية دون علمها وعرضها. • إيقاف ريهام ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل سارعت ريهام سعيد بعمل مداخلة هاتفية مع قناة «المحور» للدفاع عن نفسها والرد على ما قالته الفتاة، إلا أنها بدأت حديثها بتجاهل الإعلامية «إيمان الحصري» مقدمة برنامج «90 دقيقة» موجهة حديثها لها قائلة «أنا لا أعرف اسمك ولا أعرف من أنت أصلا، ولكن أنا أتصل من أجل الدكتور حسن راتب رئيس القناة»، فردت الحصرى عليها قائلة «لما ما تعرفيش اسمى ايه بتتصلى ليه بالبرنامج؟ احنا طلبناكى لحق الرد لأننا برنامج محترم ومش لازم تعرفى اسمي»، فردت عليها ريهام سعيد قائلة: «أنا أتكلم زى ما أنا عايزة وأنت تسمعنى غصب عنك»، فطالبت إيمان الحصرى فريق إعدادها بإنهاء المداخلة مع ريهام سعيد وإغلاق الهاتف فى وجهها.. ودفعت هذه التصرفات المستفزة من قبل ريهام سعيد مستخدمى مواقع التواصل الاجتماعى إلى شن الحرب على ريهام فتم تدشين هاشتاج على تويتر بعنوان «موتى يا ريهام»، احتجاجا على انتهاكاتها للفتاة الضحية، كما طالبوا الشركات الراعية لبرنامج صبايا الخير بإيقاف إعلاناتها، وهو ما اضطر قناة النهار إلى إيقاف ريهام سعيد عن تقديم برنامجها «صبايا الخير» لحين انتهاء التحقيقات. • سقطة على مسئوليته لم تنته الأخطاء والسقطات المهنية فى العمل الإعلامى عند ريهام سعيد، حيث عرض الإعلامى أحمد موسى خلال تقديمه برنامج «على مسئوليتي» على قناة صدى البلد فيديو جيم على أنها لقطات لضربات روسية على مواقع داعش، وعلق أحمد موسى على الفيديو قائلا «إن روسيا بدأت الضرب الحقيقى فى سوريا عارضا مقاطع من المستوى الثانى للعبة (أباتشى أسليوت) وقال أمريكا كانت بتلعب مع الإرهابيين إنما روسيا مبتهزرش». ومن ناحية أخرى شهدت إحدى حلقات برنامج «العاشرة مساءً» على قناة دريم مشادة بالسباب بين الإعلامى وائل الإبراشى والمنتج كريم السبكي، فبعد تطور الحديث تدخل بالمكالمة أحمد السبكى والد كريم قائلا «العيب مش عليه العيب عليك أنت يا وائل يا إبراشى تستاهل اللى عملوه فيك فى أمريكا»، فرد عليه الإبراشى قائلا: هانتظر إيه من بلطجي، ليرد عليه السبكى بلطجى مين يا «.....». وبعد تلك الواقعة قال الإبراشى فى برنامجه، إن القضية مع أحمد السبكى لا تحتاج لتصالح لأنها مش شخصية هتصالح مع مين. وقال المنتج أحمد السبكى بإن ما حدث بينه وبين الإعلامى وائل الإبراشى عبارة عن «أنه رد الغلط بغلط»، موضحا أن الإبراشى هو من بدأ الهجوم عليه فى حلقة كاملة دون أى سبب، وحينما تحدث معه فى مداخلة هاتفية قال لى «أنت بلطجي» وهو ما استفزه وجعله يخرج عن شعوره. • الخاسر مصر وأكد الدكتور سامى عبد العزيز، عميد كلية الإعلام الأسبق والخبير الإعلامي، أن ما يحدث على الساحة الإعلامية من أخطاء، وما سيحدث فى الفترة المقبلة، سببه الأساسى خلط الأوراق بين دور الإعلامى والناشط السياسي، وقتها اختلط الحابل بالنابل، وانطلقت ألسنة الإعلاميين بما لا تشتهى السفن.. وأضاف عبدالعزيز، أن الخاسر فى النهاية هو الإعلام المصري، وليس الإعلامى الذى وقع فى خطأ، بالإضافة إلى أن مصر ستكون الخاسر أيضا جراء هذه الأخطاء، لأننا الآن نحاول بناء علاقات جديدة مع الدول، وهذا الأمر يحتاج لدور دبلوماسى وليس إعلاميا، وليقوم الإعلامى بدوره ويترك للدبلوماسى دوره. وأكد الخبير الإعلامي، أنه على الإعلامى التفرقة بين مخاطبة الرأى العام الداخلي، والرأى العام الدولي، مؤكداً أن حل هذه الأزمة وضبط برامج «التوك شو» يأتى عن طريق تفعيل ميثاق الشرف الإعلامى بشكل كامل، حتى يتم السيطرة على مثل هذه الأخطاء التى يقع بها المذيعون. • أدبيات التعامل ويتفق معه فى الرأى الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، أن بعض الوقائع التى حدثت مؤخرا من مذيعين مصريين، تؤثر سلبيا على مصر، مؤكداً أن كلية الإعلام تقوم بتدريس بعض المواد مثل مادة البروتوكول والمراسم، حتى يجيد المذيعون التعامل مع الدبلوماسيين وكبار الشخصيات.. وأضاف أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة أن هناك أدبيات للتعامل مع الشخصيات المستضافة فى برامج «التوك شو» ويفتقد لها مذيعون كثيرون فى الساحة الفضائية المصرية، والأدلة على ذلك كثيرة فى الفضائيات المصرية.. وطالب الدكتور صفوت العالم، رؤساء القنوات بأن تكون لديهم آليات وضوابط لضبط البرامج، مشيراً إلى ضبط حديث المذيعين عن الدول والشعوب الأخرى، ولا يجب أن يكون المذيع عنصريا أو يلعب على توجهات أخرى، ويتعلم كيف يكون دقيقاً فى مصطلحاته ويكون لديه فهم وإدراك وحس عند مخاطبته شعب آخر. • تراجع الوعي فيما قال الخبير الإعلامى ياسر عبدالعزيز: إن الاعلام المصرى يعانى من أزمه خطيرة عمرها سنوات، موضحا أن أحد مظاهر هذه الأزمة هو الانخفاض الحاد فى المستوى وتراجع الوعى بالمعايير المهنية، وأضاف أنه فى الآونة الأخيرة حدثت أخطاء إعلامية فادحة، ومتكررة، ومن بينها ما يؤثر فى العلاقات الخارجية المصرية تأثيرا سلبيا.. وتابع أن أهم أسباب هذه الأخطاء هو غياب وعى بعض الإعلاميين بالمعايير المهنية وسطوة النجومية واستسلام وسائل الإعلام لبعض النجوم الذين يمتلكون شعبية، بالإضافة إلى غياب الكوادر المهنية، ومواثيق الشرف الإعلامي، التى يحد الالتزام بها من وقوع مثل تلك الأخطاء، مضيفا عدم وجود آلية للمحاسبة وإخضاع الأداء للتقييم. • الأمن القومي وقال دكتور حسن على عميد إعلام بنى سويف، إن كثيراً من المذيعين ليسوا على معرفة بشئون الأمن القومى المصري، مضيفا أن أخطاء الإعلاميين نتيجة لجهل الكثيرين منهم بالمصالح العليا للبلاد ومقتضيات الأمن القومي، وطالب الإعلاميين بضرورة الحصول على دورات تدريبية فى الأمن القومي.. وتابع أن غياب تفعيل ميثاق الشرف الإعلامى وسياسات التحرير وراء خطأ الإعلاميين، مؤكدا أهمية المحاسبة الذاتية من المؤسسة الإعلامية للإعلاميين العاملين بها، طبقا لقواعد السلوك وسياسات التحرير فى كل قناة، كما أنه على الدولة مسئولية وضع مواصفات لكل من يشغل وظيفة مذيع سواء فى الإعلام الحكومى أو فى الفضائيات الخاصة. •